الاقتصادية

أزمة الموازنة العامة للدولة خلال الخمس سنوات الأخيرة 2015/2014 – 2019/2018

أزمة الموازنة العامة للدولة خلال الخمس سنوات الأخيرة 2015/2014 – 2019/2018

إلهامي الميرغني

2019 / 3 / 7

الموازنة العامة ليست مجرد موازنة بين إيرادات ومصروفات عامة للحكومة.بل هي موازنة بين خيارات سياسية واجتماعية تعكس انتماءات الحكومة الآنية والمستقبلية وانحيازها الاجتماعي.توضح الموازنة ممَن تُجبى الإيرادات وعلى مَن تُنفق المصروفات.
لذلك فإن السياسة المالية عبارةٌ عن الأدوات والوسائل التي تقوم الحكومة من خلالها بالتحكم بمستويات نفقاتها العامة ومعدلات الضرائب، وذلك بغرض ضبط الإقتصاد القومي والتحكم به.
المواطن فى النهاية هو المتأثر الأول بالموازنة سلبا أو إيجابا، فقد ينتج عنها تحمله مزيد من الأعباء الناتجة عن زيادة الأسعار وتخفيض الدعم وزيادة الضرائب والرسوم، أو إيجابا بتحسين الخدمات العامة كالصحة والتعليم والنقل والمواصلات إذا ما قررت الحكومة والبرلمان توجيه مزيد من النفقات لتحسين جودة هذه الخدمات بما يعود فى النهاية على المواطنين.أو تقليل الانفاق العام وترك المجال للقطاع الخاص بحيث تصبح الخدمات العامة كالتعليم والصحة سلع لا يحصل عليها الا من يملك ثمنها.
لذلك تعكس الموازنة الانحيازات الحكومية لو كانت النسبة الأكبر من الإيرادات تُجبى من الفقراء والنسبة الأكبر من المصروفات تخصص للطبقات الأكثر غنى والأحياء الأكثر غني، فهذا مؤشر لميل الحكومة للطبقات الغنية.والعكس صحيح إذا كانت تحصل الضرائب من الأغنياء وتخصص النسبة الأكبر للإنفاق علي الخدمات العامة للفقراء ، فهذا مؤشر لميل الحكومة للطبقات الفقيرة أو إعادة توزيع الثروة .
عند مَنح المستثمر الأجنبي إعفاءات ضريبية في صناعات يمكن للمستثمر الوطني أن ينمو ويكبر فيها، فيشير ذلك لمناصرة الحكومة للشركات الأجنبية الكبرى وإهمال الصناعة الوطنية.
لو اقترضت الحكومة لتزيد من إنفاقها الآني، فهذا يشير لإرضاء أو استرضاء الجيل الحالي على حساب الأجيال القادمة التي ستسدد القروض.
حينما تقلل الحكومة من نسبة إنفاقها على المصروفات الجارية وتزيد من الإنفاق على الاستثمارات التنموية لتدر نفع عام في المستقبل (السد العالي كمثال)، فهذا يدل على رؤية مستقبلية وميل لتحفيز الجيل الحالي لصنع حياة أفضل للأجيال القادمة.
كل هذه خيارات صعبة، وبالأخص مع قلة الإيرادات العامة والتي تقلص من حيز الحركة المتاح لصانع القرار، ولكن الأكيد أن لكل من هذه الخيارات كلفة ومكاسب تختلف من طبقة اجتماعية إلى أخرى، ولكنها في نهاية الأمر خيارات تعكس الانتماءات السياسية والوطنية والطبقية للسلطة الحاكمة.
لذلك فإن الموازنة العامة هي التجسيد العملي للسياسة المالية للدولة.وهي تعكس دور الدولة في مختلف القطاعات الاقتصادية وتوجهات التنمية وكيف يتم تمويلها.والمفترض ان هذه الموازنات يتم اعدادها وفقاً لما قرره دستور مصر لعام 2014 من معايير والتزامات مالية .
وعندما يجري الحديث عن تعديل الدستور نتساءل عن وضع السياسة المالية وتطور أرقام الموازنة العامة للدولة خلال الخمس سنوات الماضية منذ تطبيق الدستور.واذا أردنا متابعة ما تم خلال الخمس سنوات فعلينا ان نميز ما بين فترتين الأولي قبل توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وما ترتب عليه من إلتزمات أي حتي اعداد موازنة 2016/2017 . والمرحلة الثانية اعتباراً من موازنة 2017/2018 وما بعدها اي خلال تنفيذ اتفاق الصندوق وتعهدات الحكومة في خطاب النوايا برفع الدعم وتحويل الشركات العامة للقطاع الخاص والتخلي عن تقديم الخدمات العامة وإطلاق يد القطاع الخاص بلا رقابة.
لقد بررت الحكومة قرض الصندوق بأنه يستهدف رفع معدلات التنمية وتخفيض عجز الموازنة العامة للدولة وتخفيض المديونية وتحقيق المزيد من الاستقرار المالي.هل تحقق ما وعدت به الحكومة وبررت به اتفاقها المجحف مع الصندوق؟!
تطور استخدمات الموازنة
– بلغت استخدامات الموازنة 1.1 تريليون جنيه عام 2014/2015 وارتفعت لتصل إلي 1.7تريليون جنيه في موازنة العام الحالي 2018/2019.
– يوجد حديث متكرر عن تضخم عدد موظفي الحكومة وقلة انتاجيتهم وفتح باب المعاش المبكر لهم لتخفيض اعدادهم .لذلك صدر القانون رقم 81 لسنة 2016 والمعروف بقانون الخدمة المدنية والذي جمد أجور موظفي الحكومة وأوقف علاوات غلاء المعيشة السنوية بينما تفجرت موجات التضخم والغلاء بعد تعويم سعر صرف الجنيه.ونشاهد الآن حركات المعلمين التي تطالب بحساب العلاوات علي اساسي المرتب في 2019 وليس في 2014.
– خلال الفترة انخفضت نسبة أجور موظفي الحكومة الي الناتج المحلي الاجمالي من 8.6% عام 2014/2015 إلي 5.1% في موازنة 2018/2019 . كما انخفضت أهمية الأجور الي إجمالي المصروفات في الموازنة من 26.3% إلي 18.7% وبما يعكس تآكل قيمة الاجور الحقيقية أمام موجات الغلاء وخاصة منذ 2017 وحتي الآن.
– أهمية شراء السلع والخدمات الي اجمالي المصروفات ظلت ثابته وتمثل 4.2% من المصروفات لكن تراجعت اهميتها الي الناتج المحلي الإجمالي من 1.4% إلي 1.1%. وهو البند الذي يشمل شراء الطباشير والاقلام للمدرسين والأدوية والمستلزمات الطبية للأطباء وقطع الغيار والصيانة والأوراق والمستلزمات المكتبية للموظفين. فعندما نعاني من نقص هذه الاحتياجات فإن السبب يرجع إلي نقص المخصص لشراء السلع والخدمات في الموازنة.
– فوائد الديون كانت قبل 2014 تمثل 26% من المصروفات ولكنها بلغت 25.2% في السنة الأولي ووصلت إلي 38% في الموازنة الحالية . أما اهميتها للناتج المحلي فقد أرتفعت من 8.3% إلي 10.3% بما يوضح ان السياسات المالية المتبعة لم تخفض الديون وفوائدها بل زادت علي مستوي القيمة وعلي مستوي الأهمية لباقي المصروفات وبالنسبة إلي قيمتها الي الناتج المحلي.
– كان تخفيض الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية أحد شروط قرض الصندوق وقد تم رفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات والوقود والكهرباء والمياه ويستكمل الباقي في أول يوليه 2019. لذلك انخفضت اهمية الدعم الي اجمالي المصروفات من 29.6% إلي 23.3%. وانخفضت اهميته للناتج المحلي من 9.7% إلي 6.3%. وانفجرت موجات الغلاء ليتزايد عدد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بلا حماية اجتماعية.
– تم زيادة الاهتمام بالاستثمارات العامة من 8.5% من المصروفات إلي 10.4% وكانت أهميتها للناتج المحلي تبلغ 2.8%.
– لو تأملنا توزيع الاستثمارات في موازنة العام الحالي نجد 15.8 مليار موجه لإنشاء مباني سكنية و 25.5 مليار جنيه لإنشاء مباني إدارية و 58.3 مليار جنيه لتشييدات وانشاء الكباري والطرق و 26.1 مليار جنيه لآلات والمعدات ووسائل نقل .
– لقد تم تخفيض مصروفات الموازنة لتصبح 27% من الناتج المحلي في موازنة 2018/2019 بعد أن كانت 32.8% في موازنة 2014/2015.ويرتبط بذلك تراجع دور الدولة في الخدمات والمرافق العامة وإطلاق يد القطاع الخاص لتغطية الفراغ الذي تركته الدولة .
– كان من المتوقع سداد 215.9 مليار جنيه أقساط قروض في 2014/2015 وهي تمثل 9% من الناتج المحلي الاجمالي وارتفعت الي 276 مليار جنيه تمثل 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي.
– بلغت الفوائد واقساط الديون 414.9 مليار جنيه في موازنة 2014/2015 وهي تمثل 41% من استخدامات الموازنة العامة للدولة و 17% من الناتج المحلي الإجمالي .ورغم إدعاءات صندوق النقد الدولي وتصريحات الحكومة أرتفعت قيمة الاقساط وفوائد الديون خلال أربع سنوات لتصل إلي 817.3 مليار جنيه تمثل 15.5% من الناتج المحلي الاجمالي وتمثل 47.4% من إجمالي استخدمات الموازنة . وبذلك تسببت هذه السياسات في ان تلتهم الديون والفوائد ما يقرب من نصف استخدمات الموازنة رغم كل التخفيضات التي تمت للدعم وتجميد الأجور وزيادة الضرائب والرسوم .

تطور الإيرادات العامة
– أرتفعت قيمة الايرادات العامة من 548.6 مليار جنيه في موازنة 2014/2015 تمثل 22.8% من الناتج المحلي إلي 989.2 مليار جنيه تمثل 18.8%من الناتج المحلي . رغم تطبيق ضريبة القيمة المضافة كشرط لصندوق النقد الدولي لم ترتفع قيمة الايرادات إلي الناتج المحلي بل انخفضت وهو ما ينعكس علي تطور عجز الموازنة.وفي ظل انحياز الحكومة للمستثمرين ورجال الأعمال ورفض فرض ضرائب تصاعدية أو ضرائب علي تعاملات البورصة والتوسع في الضرائب غير المباشرة كضريبة القيمة المضافة التي يدفعها الفقراء ومحدودي الدخل.
– ضخت دول الخليج والعديد من دول العالم منح لمساندة الدولة بعد 30 يونية وقد وصلت قيمة المنح في موازنة 2014/2015 إلي 23.5 مليار جنيه ولكنها عادت للانخفاض في السنوات التالية .
– يمثل بند الإيرادات الأخري أحد مصادر الإيرادات العامة وهو يشمل الفوائض والأرباح التي تحققها الجهات الحكومية والهيئات العامة الاقتصادية وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام وكذلك إيرادات الخدمات الحكومية . وقد أرتفعت قيمة هذا البند من 160.8 مليار جنيه الي 217.7 مليار جنيه .
– ضريبة القيمة المضافة ارتفعت من 105.5 مليار جنيه في موازنة 2014/2015 إلي 320.1 مليار جنيه في موازنة العام الحالي وهي تمثل 32.4% من الإيرادات الضريبية.
– يوجد ضعف في كفاءة أجهزة التحصيل الضريبي بحيث ان التحصيل الفعلي يقل عن تقديرات الموازنة ففي عام 2014/2015 كانت الايرادات الضريبة مقدرة في الموازنة بنحو 364.3 مليار ولكن المحصل الفعلي كان 305.9 مليار جنيه ، وفي عام 2016/2017 كان المتوقع 624.2 مليار جنيه ولكن ما تم تحصيله فعلياً بلغ 462 مليار اي أقل بحوالي 30% من تقديرات الموازنة وهو ما يؤدي الي عدم توافر الموارد واللجوء للقروض المحلية والأجنبية لتوفير الموارد.
– الضرائب علي دخول الأشخاص الطبيعية يقدم نموذج لانحيازات النظام الضريبي فالموظفين والعمال سددو ضريبة دخل عام 14/15 بلغت 23.8 مليار جنيه بينما وصلت في العام الحالي الي 45.5 مليار جنيه. والحقيقة ان العمال والموظفين هم الفئة الوحيدة المعروف أجورهم سواء في الحكومة أو القطاع الخاص . ورغم ذلك يدفع العمال والموظفين ضريبة إضافية كدمغة أجور ومرتبات كانت 2.9 مليار ووصلت الي 4.5 مليار في العام الأخير.
– جداول ضريبة الدخل في الموازنة تعكس الخلل الواضح وغياب العدالة فالعمال والموظفين يسددون 45.5 مليار جنيه ولا يوجد لديهم فرص للتهرب إضافة لضريبة الدمغة بينما اصحاب الورش والمحلات التجارية والشركات الصغيرة لا يسددون سوي 29.2 مليار جنيه واصحاب المهن الحرة من أطباء ومهندسين ومحامين ومحاسبين وفنانين ولا عبي كرة قدم يسددون 2.6 مليار جنيه فقط كضرائب . أي ان ما يسدده العمال والموظفين كضريبة دمغة فقط يقترب من ضعف ما يدفعه كل المهنيين في مصر.
– كذلك لا تتجاوز ضريبة الثروة العقارية 792 مليون جنيه فقط في الوقت الذي يوجد فيه 6 مليون شقة مغلقة بخلال الفلل والشاليهات التي لا يسكنها اصحابها الا بضع ايام في السنة ولا يسددون عنها اي ضريبة.
تعكس هذه الأرقام غياب العدالة الضريبة وتحمل العمال والموظفين والفقراء العبئ الضريبي الأعلي سواء كضرايب قيمة مضافة أوكضريبة أجور ومرتبات.وتتوسع السياسة المالية في منح الاعفاءات الضريبية والجمركية للمستثمرين ورجال الأعمال وتهدر ايرادات ضريبية كان يمكنها تغطية الاحتياجات وتقليل الاقتراض.
تطور عجز الموازنة
– العجز النقدي: هو الفرق بين المصروفات (الأبواب الستة الأولي فى جانب الاستخدامات) والإيرادات ( الأبواب الثلاثة الأولي فى جانب الموارد) ، وهذا المؤشر يعكس قدرة الإيرادات المتاحة للدولة من ضرائب ومنح وإيرادات أخري على تغطية أنشطتها المختلفة ومن بينها الإنفاق الاستثماري.
– أرتفعت قيمة العجز النقدي من 240.8 مليار جنيه تمثل 10% من الناتج المحلي لتصل إلي 434.8 مليار جنيه تمثل 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي .
– العجز الكلى: يمثل العجز النقدي مضافاً إليه صافي الحيازة من الأصول المالية كالتالي : صافي الحيازة من الأصول المالية = ( الباب السابع في الاستخدامات ” حيازة الأصول المالية المحلية والأجنبية ” مطروحاً منه مساهمة الخزانة العامة في صندوق إعادة الهيكلة – الباب الرابع في الموارد ” متحصلات الأقراض ومبيعات الأصول المالية ” مطروحاً منه حصيلة الخصخصة .
– أرتفعت قيمة العجز الكلي من 239.9 مليار جنيه تمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي إلي 438.6 مليار جنيه تمثل 8.4% من الناتج المحلي .
– العجز الأولي :هو العجز الكلي بدون حساب فوائد القروض.
– وقد أرتفعت قيمة العجز الأولي من 40.9 مليار جنيه إلي 102.7 مليار جنيه .
هكذا لم تؤدي السياسة المالية للحكومة وبرنامج التثبيت الذي فرضه صندوق النقد الدولي إلا للمزيد من عجز الموازنة والغلاء والبطالة نتيجة عجز القطاع الخاص بكل ما يحصل عليه من اعفاءات ومميزات علي توفير فرص عمل تستوعب الداخلين الجدد لسوق العمل.وزيادة الاعتماد علي الخارج في مختلف القطاعات.
التوسع في الديون والاغراق في التبعية
مؤكد أنه توجد أزمة عميقة في موارد الموازنة ولكن علاج أزمة التمويل يجب ان تكون من القطاعات السلعية في الزراعة والصناعة ومن نظام ضريبي عادل يأخذ من اصحاب الدخول المرتفعة ليمول الفئات الأدني ويوفر وسائل الحماية الاجتماعية .ونستطيع ان نؤكد بالأرقام أنه منذ 30 يونيه 2013 يوجد توسع غير مبرر في الاستدانة المحلية والخارجية رغم تأثيراتها العميقة علي الأداء الاقتصادي.والكارثة الكبري أن هذه القروض لا يتم توجيهها للاستثمار وتوفير فرص عمل منتج وقيمة مضافة حقيقية بل يتم إنفاقها علي الاستهلاك المباشر والمشاريع التي تسمي كبري أو قومية وهي غير ضرورية ولن تحقق دخل يكفل سداد الفوائد والاقساط التي تلتهم ما يقرب من نصف استخدامات الموازنة .إن القروض المحلية والأجنبية عبئ علي الجيل الحالي والأجيال القادمة.
– كانت الديون المحلية تبلغ 1.3 تريليون جنيه في 30/6/2013 ولكنها واصلت الارتفاع حتي وصلت إلي 3.6 تريليون جنيه في 30/6/2018 أي انه تم اقتراض 2.3 تريليون جنيه خلال خمس سنوات ذهب اغلبها لتغطية الواردات الاستهلاكية ولم يوجه اي منها لمشروعات انتاجية في ظل تاكل الرقعة الزراعية وزيادة الاعتماد الغذائي علي الخارج وتوقف أكثر من سبعة الاف مصنع عن العمل.
– لقد اصبحت مهمة البنوك تجميع المدخرات واقراضها للحكومة وتراجع دورها في تمويل التنمية والمشروعات في ظل الفوائد المرتفعة التي تحصل عليها من أذون وسندات الخزانة التي تتصاعد بشكل مبالغ فيه .
– إضافة الي ذلك أرتفعت الديون الخارجية من 43.2 مليار دولار في 30/6/2013 لتصل الي 92.6 مليار دولار في 30/6/2018 . أي أنه خلال الخمس سنوات الأخيرة تم اقتراض 49.4 مليار دولار أي أكثر من كل الديون الخارجية السابقة علي 30 يونية . اضافة الي ان القروض كانت حتي نوفمبر 2016 بسعر 6 جنيهات و8 جنيهات وارتفعت الي 18 جنيه بعد التعويم بما يضاعف من العبئ الموجود علي الاقتصاد المصري والأجيال التي ستتولي السداد.
– بلغت الديون الخارجية في يونية 2017 أكثر من 1.7 تريليون جنيه إذا اضفنا اليها الديون المحلية 3.6 تريليون تصبح إجمالي المديونية 5.3 تريليون جنيه بينما الناتج المحلي المتوقع في 2018/2019 يبلغ 5.2 تريليون جنيه وبذلك اصبحت الديون أكبر من الناتج المحلي.
– ذلك بخلاف القروض الجديدة التي ابرمتها الحكومة منذ يوليو 2018 وحتي اخر فبراير 2019. والتي تعكس عمق الأزمة التي تكبل الشعب المصري سواء الجيل الحالي أو الاجيال القادمة وتبدد ثروة مصر علي مشاريع لا تحقق عوائد تضمن سداد هذه الديون وفوائدها.
– سبق أن أوضحنا ان موازنة 2018/2019 تضمنت سداد 817.3 مليار جنيه تمثل 15.5% من الناتج المحلي الاجمالي وتمثل 47.4% من إجمالي استخدمات الموازنة وذلك بالاضافة الي الحصول علي قروض جديدة خلال السنة تبلغ 438.8 مليار جنيه بزيادة 67.4 مليار جنيه عن العام الماضي .
ويستمر التمويل بالقروض وتحمل اعباء وشروط المقرضين التي تطالب بالمزيد من الغاء الدعم وتراجع دور الدولة وبيع الأصول المملوكة للدولة واطلاق الحرية للقطاع الخاص وما تعكسه هذه السياسة من انحياز علي حساب الغالبية من الشعب المصري الذي يفقد عناصر قوته الاقتصادية ويصبح ألعوبة في يد الدائنين .
التصنيف الوظيفي والالتزامات الدستورية
أخرج دستور 2014 موازنة القوات المسلحة التي تشمل وزارة الدفاع ووزارة الانتاج الحربي من الموازنة العامة للدولة لتصبح موازنة مستقلة غير خاضعة للرقابة البرلمانية ولا يعرف الشعب المصري شئ عن مصادر ايراداتها ومصروفاتها.
وربما الحديث الذي يتردد حول ان العاصمة الإدارية الجديدة لا تمول من الموازنة العامة هو نتيجة أن الأراضي التي يقام عليها المشروع ملك القوات المسلحة رغم ان الأصل أنها ملك الشعب المصري.
كما خصص الدستور 3% من الدخل القومي للإنفاق علي الصحة و4% للانفاق علي التعليم قبل الجامعي و2% للإنفاق علي التعليم الجامعي و 1% للانفاق علي البحث العلمي . ولم يتم تنفيذ هذه التعهدات منذ 2014 وحتي الآن.ويتم التحايل عليها بطرق مختلفة.
وإذا تابعنا تطور الانفاق علي القطاعات الاقتصادية وفقاً للتصنيف الوظيفي نجد الآتي:
– يشمل قطاع الخدمات العامة مجلس النواب، رئاسة الجمهورية،رئاسة مجلس الوزراء، المجالس التخصصية ،دواوين عموم المحافظات،الجهاز المركزى للمحاسبات،وزارة المالية ومصالحها، وزارة الخارجية،قسم الدين العام. وقد أرتفع الانفاق علي القطاع من 238.1 مليار جنيه عام 2014/2015 إلي 674.4 مليار جنيه عام 2018/2019.وخلال الخمس سنوات أرتفع الانفاق علي الخدمات العامة بقيمة 436.3 مليار جنيه وبلغ التغير حوالي 283% عن 2014/2015.
– قطاع النظام العام وشئون السلامة العامة والذي يشمل وزارة الداخلية ،وزارة العدل ،مصلحة السجون،المحكمة الدستورية،هيئة قضايا الدولة،دار الإفتاء المصرية، صندوق تطوير نظام الأحوال المدنية ، الهيئة العامة لصندوق أبنية دور المحاكم والشهر العقاري من 46.1 مليار جنيه إلي 61.7 مليار جنيه.أي ان الانفاق زاد 134% بقيمة 15.6 مليار جنيه خلال الخمس سنوات الأخيرة.
– قطاع الشئون الاقتصادية ويشمل وزارات الزراعة والصناعة والاستثمار والقوي العاملة والتموين والري والموارد المائية والكهرباء والبترول والنقل والاتصالات والمعلومات والسياحة والجهات التابعة لها . ارتفع الانفاق الحكومي من 39.9 مليار جنيه إلي 61.2 مليار جنيه .فرغم ان هذا القطاعات الاقتصادية المفترض ان تكون مصدر ايرادات للدولة لم يزيد الانفاق الحكومي عليها الا بمبلغ 21.3 مليار جنيه خلال خمس سنوات .
– قطاع حماية البيئة الذي يشمل هيئة نظافة القاهرة والجيزة وجهاز شئون البيئة وجهاز تنظيم المياه والصرف الصحي وارتفع نصيبه من 2 مليار إلي 2.2 مليار فقط وهو ما يفسر تراجع مستوي النظافة وردائة مياه الشرب وتقادم شبكة الصرف الصحي.
– قطاع الاسكان والمرافق المجتمعية تراجع نصيبه من الانفاق بنسبة 6% عن العام الماضي رغم ارتفاع الانفاق عليه من 20.4 مليار الي 53.4 مليار . فقد تم تجميد هيئة تعاونيات البناء والاسكان واطلقت يد شركات العقار الخليجية والمصرية لنشهد ارتفاع خيالي في اسعار الوحدات السكنية .
– قطاع الصحة ارتفع الانفاق عليه من 37.2 مليار جنيه الي 61.8 مليار جنيه .وتراجعت اهمية الانفاق علي الصحة إلي باقي القطاعات من 5% إلي 4%.
– قطاع الشباب والثقافة والشئون الدينية ارتفع من 27.9 مليار جنيه الي 35.3 مليار جنيه.
– قطاع التعليم أرتفع من 92.3 مليار جنيه إلي 115.7 مليار جنيه .وانخفض إجمالي الانفاق الحكومي علي التعليم مقارنة بباقي القطاعات من 13% إلي 8%
– قطاع الحماية الاجتماعية أرتفع من 187.4 مليار جنيه الي 298.9 مليار جنيه .
– باقي القطاعات الوظيفية ارتفعت من 41.7 مليار جنيه الي 59.3 مليار جنيه .
– خلال خمس سنوات ارتفع الانفاق علي الخدمات العامة 436.2 مليار جنيه وعلي النظام العام 15.6 مليار جنيه وعلي الصحة 24.5 مليار جنيه وعلي التعليم 23.4 مليار وهو ما يعكس توجهات وانحيازات السياسات المالية للخدمات العامة وما تضمه من قطاعات وما تم توجيهه للصحة والتعليم.
يوضح التقسيم الوظيفي للموازنة انحيازات السياسة المالية للانفاق علي رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والقضاء الذي ارتفعت حصته من الانفاق من 32% عام 2014/2015 إلي 47% في موازنة 2018/2019 وبذلك يصبح ما يقرب من نصف الانفاق موجه لقطاعات الخدمات العامة بينما تراجعت اهمية الانفاق علي الصحة والتعليم. وهو ما يفسر التدهور الذي نعيشه في التعليم والصحة نتيجة سوء توجيه مصروفات الموازنة وانحيازها الواضح لقطاعات علي حساب قطاعات أخري بخلاف القطاعات التي تعمل خارج رقابة ومتابعة الموازنة العامة للدولة.
إن العبث بالدستور بعد سنوات من تجاهل الاستحقاقات الدستورية في الانفاق علي التعليم والصحة والافراط في المزايا والحوافز لبعض القطاعات بأرقام وزارة المالية المنشورة علي موقعها الالكتروني يعكس انحيازات اجتماعية واضحة ومحددة. كما أن السقوط والإفراط في دوامة الديون المحلية والخارجية واهدار تنمية وتطوير القطاعات الانتاجية هو ناتج هذه السياسة المالية التي تحول مصر الي تابع لتوجيهات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والجهات المقرضة.كذلك فإن انحيازات السياسة الضريبية واضحة وتتوسع في الضرائب غير المباشرة التي يدفعها الفقراء ومحدودي الدخل وترفض فرض ضرائب تصاعدية علي الدخل أو ضرائب علي تعاملات البورصة.
لذلك نرفض هذه السياسات المالية . ونرفض العبث بالدستور …….. #

#.   عن الحوار المتمدن…..


facebook sharing button
twitter sharing button
pinterest sharing button
email sharing button
sharethis sharing button

زر الذهاب إلى الأعلى