أمر التغيير في عقود المقاولات العامة وغاياته ـ القانون والتطبيق ـ
أمر التغيير في عقود المقاولات العامة وغاياته ـ القانون والتطبيق ـ
أمر التغيير في عقود المقاولات العامة وغاياته
- القانون والتطبيق-
الدكتور محمد صباح علي
رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والأقتصادية
استنادا إلى ضوابط وتعليمات تنفيذ العقود الحكومية والشروط العامة لإعمال الهندسة المدنية والشروط العامة لعقود الفيدك التي منحت جهة التعاقد صلاحية إصدار أمر التغيير على ما يحدث خلال إقامتها للأعمال الإنشائية، الذي يجعل منها بفعل هذه القوانين ومن خلال المهندس الذي يمثل جهة التعاقد في الموقع أو المقاول أن تستخدمه في أحيان كثير في غير المجال المعد من أجله مما ينشئ تكلفة مالية جديدة أو يقللها – من النادر ذلك- والذي يكون في أساسه ناتج عن خطأ في إعداد الدراسة والتصميم والذي يكون عقبة عند التنفيذ مما يكون الخيار الأسهل. ولكل ما تقدم نحاول في هذه الدراسة بيان دوافع لجوء الإدارة لأمر التغيير وغاياته الأخرى. وكالآتي:
أولا: المقصود بأمر التغيير
هي عمليه تعديل أو تغيير أو أضافه أو حذف في بند أو أكثر سواء كان جزئيا أو كليا في الكشف الهندسي أو الفني الخاص بعمل ما، أو تنفيذ مشروع ما بهدف الوصول إلى تنفيذ كل الأعمال المطلوبة و المستحدثة وبما يتوافق مع متطلبات سير العمل وجودته وخروجه في النهاية حسب المواصفات المطلوبة والقياسية والمحددة والمخطط لها سابقا بواسطة المتخصصين فى هذا المجال. وكذلك حسب الإمكانيات المتاحة والميزانيات المختلفة والمحددة للإنشاء وتنفيذ هذا العمل. ويعرف أيضا بأنه: أمر يصدر بشكل خطي من صاحب العمل إلى المقاول بحذف أو إلغاء كميات من بنود العقد بشكل جزئي أو كلي حسب ما يريده صاحب العمل بشرط إلا يزيد على20%من قيمة العقد. وأخيرا يمكن بيان تعريف أمر التغيير استنادا إلى أعمام وزارة التخطيط المرقم 19613 في 7/10/2012 بأنه: أمر صادر عن جهة التعاقد(صاحب العمل)، لإجراء تغيير في شكل أو نوعية أو كمية الأعمال أو أي جزء منها لمعالجة أمور غير متوقعة أو في حالة التقييم الهندسي وإجراء زيادة أو نقص في الكميات أو حذف أو إضافة جزئية إلى الأعمال إذا كانت هناك حاجة ملحة للتغيير، ولرب العمل من اجل ذلك الحق أن يصدر أمر تحريري بموجبه يأمر المقاول القيام بالعمل موضوع أمر التغيير وعلى المقاول أن يقوم بتنفيذه ولا يعتبر أمر التغيير معطلا لنفاذ المقاولة أو مبطلا لها. والواضح من خلال ما تقدم من تعاريف تُبين أمر التغيير يمكن لنا استنتاج الآتي:
- أن امر التغيير ينصب على إضافة أو حذف بند أو فقرة أو جزء من/ أو على ( جدول الكميات) الذي تم وضعه من قبل الفنيين المتخصصين وتم التعاقد على ضوئه، والذي يوجه غالبا من قبل صاحب العمل إلى المقاول بإجراء التغيير أو في بعض الحالات بطلب من المقاول إلى صاحب العمل.
- اللجوء إلى أمر التغيير أساسه هو الخطأ غير المقصود الذي نشأ في مرحلة التصميم الأساسي على الورق، وأصبح واقعا لا يمكن تلافيه خلال التنفيذ مما يتعذر الاستمرار بالتنفيذ الصحيح دون إجراء ذلك التغيير الذي تتحمله الإدارة من مبلغ الاحتياط وبنسبة لا تتجاوز (20%).
- أوامر التغيير تكون للمشاريع التي على الموازنة الاستثمارية حيث أن مشاريع الموازنة الجارية لا يرصد لها (مبلغ احتياط) الذي يستخدم لصرف مبالغ أوامر الغيار، وان نسبة الاحتياط هي 10% من مبلغ العقد حسب تعليمات تنفيذ الموازنة الاتحادية.
- يخضع امر التغيير في نشؤه و لحين استكماله إلى إجراءات شكلية تتمثل في صورة إعلام من ممثل صاحب العمل (جهة التعاقد) إلى المقاول المتعهد بتنفيذ المشروع بضرورة هذا التغيير، ثم تسير إجراءات استكماله من جهة التعاقد بشكل أمر نهائي يخضع للتدقيق على الجوانب المالية لسعر الفقرة المراد أضافتها او حذفها، والقانونية المتمثلة بإجراء ملحق للعقد يخص الكميات التي انصب عليها أمر التغيير.
- عدم اللجوء إلى أمر التغيير إلا في حدود ضيقة وملحة مع ضرورة عدم المضي باللجوء إليه في كل الأحوال على ان لا يؤثر أمر التغيير على وقف العمل أو إنهائه.
ثانيا: أسباب اللجوء إلى أمر التغيير
من المسلمات التي لا نقاش فيها أن الأعمال الهندسية والإنشائية الكبيرة لا يمكن انجازها بصورة دقيقة دون حدوث مشاكل ومعوقات سابقة ولاحقة، وهذه المشاكل عديدة ولا يمكن حصرها أو التنبوء لها، لكن في امر التغيير قد يكون هناك وبشكل واضح بعض القصور أو النقص الذي يمكن تفاديه لو قام المهندس والمصمم بعناية أكثر على مخططاته الأساسية لو راعى الفنيين حسب ما تقضي به الخبرة أثناء وضع جدول الكميات للفقرات والمواد التي وضعت من قبلهم بشكل دقيق لا افتراضي، وهذا كله يكون ضمن الشخص المتوسط الفطنة والذكاء، ولا تحتاج إلى شخص خارق الفطنة والذكاء، ولنا بيان الأسباب التي تدفع الإدارة إلى اللجوء لامر التغيير نبيها في النقاط التالية:
- النقص والأخطاء التي ترافق إعداد وتهيئة التصاميم الأساسية والخرائط والمواصفات الفنية للمشروع وجداول الكميات.
- عدم الدقة في إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروع، أو تُعد على شكل لم يراعي فيه الحداثة والواقعية وفق شكلها الحديث.
- عدم بذل العناية اللازمة في تحديد الكلفة التخمينية.
- عدم استكمال متطلبات تهيئة موقع العمل والاطلاع عليه.
- السرعة في إنهاء التصاميم المعمارية المتعلقة في الفكرة التصميمية أو المخططات التنفيذية، الأمر الذي ينتج عنه حدوث اختلاف في مستندات التصاميم فتكون المخططات مختلفة عن جداول الكميات ومواصفاتها.
- الحاجة إلى تطوير بمخططات المشروع الأصلية نتيجة لتغيير الفكرة لدى ممثل صاحب العمل مما تستدعي الحاجة إلى تعديلات ضرورية.
- طلب زيادات أو امتدادات للمشروع وبالتالي تشمل الزيادة جدول الكميات والأسعار الجديدة للمواد المطلوب أضافتها.
- استبدال فقرات وبنود بفقرات وبنود أخرى بناء على رؤية ممثل المهندس (ممثل جهة التعاقد)، وينتج عن ذلك الاستبدال نقاش على السعر والمواصفة المراد استبدالها بين جهة التعاقد والمقاول.
- إلغاء بعض البنود الواردة في المستندات العقدية، التي يستلزم خصم قيمتها من أعمال العقد الكلية، ولكن يجب أن يكون الإلغاء بالقدر الذي يسمح به العقد وحسب النسبة المسموح بها في إلغاء الكميات المحددة من الأعمال الكلية للعقد.
ثالثا: الأساس القانوني لأمر التغيير
إذا أردنا تتبع الأصل القانوني لإجراء أمر التغيير أو الغيار أو التعديل، التي تعد بحسب طبيعتها واحدة من حيث الموضوع بالرغم من تنوع ما يطلق عليها من أسماء حسب نقل ترجمتها أو اللفظ السائد المعمول به داخل البلد، أو التسمية التي تحددها الجهة المختصة بالتعاقدات الحكومية داخل الدولة. ويكمن الأصل القانوني لهذا التغيير فيما يلي :
- الوضع القانوني الدولي ويكون في الشروط العامة لعقود الفيديك التي منحت صلاحيات واسعة للمهندس كممثل لرب العمل، بإدخال أي تغييرات أو تعديلات، أو تغيير في الجدول الزمني للتنفيذ، أو تسلسل ذلك التنفيذ، إلا أن صلاحيات المهندس ليست مطلقة في هذا المجال، فصلاحياته لا تمتد لإحداث أعمال إضافية على الأشغال وقد تكون أوامر التغيير من المهندس صريحة بموجب أمر تغيير كتابي، أو ضمنية وذلك من خلال طلب يحتوي ضمناً تغييراً لا يقره المهندس كتابةً، وتعتبر أوامر التغيير الضمنية من قبل المهندس من أكثر أسباب نشوء النزاعات في عقود المقاولات. وتعـطي شروط الفـيدك للمھنـدس سلطات واسعـة جـداً فـي تعـديل الأعـمال وإصدار أوامر التغـييروفق البند ( 1-15 ) من الشروط التي نصت ” للمھنـدس أن يجري أي تغـيير فـي شكل أو نوعـيـة أو كميـة الأعـمـال أو أي جزء منھا متى كان ذلك ضروريا ً فـي رأيه وتكون له تحقيقـا لھذا الغرض أو إلى سبب آخر يراه منـاسبا فـي أن يصدر تعـليماتـه إلى المقـاول الذي عـليه أن يلتزم بھا ليقـوم بأي مما يلي:- (أ- زيادة أو إنقـاص كميـة أي عـمل يشمله العـقـد . ب – حـذف أي عـمل ” ولكن ليس بھدف تنفـيذ العـمل المحذوف بمعـرفة رب العـمل نفـسه أو بمعـرفة أي مقـاول آخر ” . ج – تعـديل طبيعـة أو جودة أو نوعـيـة أي عـمـل . د – تغـيـير المنـاسيب والخطوط وموقـع وأبعـاد أي جـزء من الأعـمال . ه- تنفـيـذ عـمـل إضافـي من أي نوع لازم لإتمـام الأعـمـال . و- تعـديل أي تسلسل معـين أو ترتيب زمني لتنفـيـذ أي جـزء من الأعـمـال . ولا يعـيب مثل ھـذا التغـيـير العـقـد أو يبـطله وإنما يتم تقييم أثر مثل ھذه التغـييرات وفـقـا للبنـد ( 25). غـير أنه إذا ما كان صدور تعـليـمات بتغـيير الأعـمال قـد اقتضاه تقصير المقـاول أو إخلاله بالعـقـد أو لسبب يكون المقـاول مسئولا عـنه فـيتحمـل المقـاول أي تكلفة إضافـية تنجم عـن ھذا الإخلال.
- نصوص عقد المقاولة التي أجازت على حق رب العمل في إدخال أية تعديلات أو تغييرات على الأعمال و يلتزم المقاول بتنفيذها مع حفظ حقه في التعويض.
- ما درج عليه العرف من افتراض وجود اتفاق واضح بين المقاولين والاستشاريين حول دواعي التغيير ونتائجه والوسائل المتبعة للتقليل من النتائج على المشاريع . وفى كثير من الأحيان يكون صاحب العمل هو المسؤول الأول عن أوامر التغيير في المشاريع إما عن طريق تغيير الخرائط الأساسية أو إبدال نوعية المواد المستعملة.
رابعا: أنواع أوامر التغيير
تنحصر أوامر التغيير التي تصدرها جهة التعاقد ضمن نوعين، يمكن لنا بيناها وفق الآتي:
- امر التغيير الموجب، الذي تجريه جهة التعاقد بمنح المقاول مقابل مالي يمثل ما تم إضافته من تغييرات على التصميم الأساسي، أو ما استبدلته من فقرات أو كميات جديدة خلافا للكميات الأصلية.
- امر التغيير السلبي ويمثل أي خصم مالي من المقاول أو من القيمة التعاقدية الكلية للمشروع، الناتجة عن حذف وإلغاء فقرات أو أجزاء من جدول الكميات بعد قيام جهة التعاقد بالاستغناء عنها وحسب النسبة المحددة للإلغاء التي تسمح بها الأعمال الكلية للتعاقد. ويتم ترقيم أوامر التغيير ثم تجميعها لتضاف قيمتها الكلية النهائية إلى قيمة التعاقد الكلية.
خامسا: شروط اللجوء إلى أوامر التغيير
بالإضافة إلى ما ورد بالمادة (15) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (1) لسنة 2008 وتعليمات تنفيذ الموازنة الاتحادية التي حددت اللجوء إلى أوامر التغيير في الأحوال التالية:
- معالجة أمور غير متوقعة خاصة في بداية الأعمال كتحديد مسار خدمات غير مرئية مدفونة تحت الأرض.
- حالة التقييم الهندسي خلال التنفيذ من قبل المهندس المقيم وبناءً على ما تم تأشيره، أو مقترح من المقاول والذي يؤدي إلى ” أ. التسريع والتعجيل لإكمال العمل وتقليص مدة العقد، على أن لا يؤدي ذلك إلى التدني في المواصفات الفنية للمشروع. ب. تحقيق تخفيض في كلف المشروع أو الأعمال لمصلحة جهة التعاقد”.
- تحسين في كفاءة الأعمال لجهة التعاقد.
- تفادي ضرر كبير من الناحيتين الاقتصادية والمالية.
- أن لا يكون التغيير معطلا لبنود العقد أو يؤثر على نفاذ المقاولة واستمرارها أو على السير الزمني لتنفيذ المشروع.
- يجب دراسة طلبات التغيير المقدمة من المقاول بصورة فنية واقتصادية معمقة لسد الباب أمام المقاول من استغلال الثغرات التعاقدية التي يقف وراء امر التغيير من تبديل بعض الفقرات التي لا تحقق ربح أو إلغاء فقرات فيها خسارة مع الأخذ بنظر الاعتبار مبدأ الربح والخسارة بالفقرات الوافرة.
سادسا: حدود الصلاحيات المالية الخاصة بأمر التغيير
لم ترد الصلاحيات المالية الخاصة بأمر التغيير مطلقة، بل عمل على تحديدها على سبيل الحصر بنسبة معينة، مع تحديد الجهات المعينة التي لها الإذن بممارسة هذه الصلاحيات وفق الآتي:
- يحدد مبلغ الاحتياط بنسبة (10%) من الكلفة التعاقدية للمشروع ، مع مراعاة الصلاحيات التي ترد بموجب تعليمات تنفيذ الموازنة الاتحادية.
- حددت صلاحية الوزير المختص لإضافة أعمال مستحدثة لأوامر التغيير بنسبة لا تتجاوز (10%) من مبلغ الاحتياط، وما زاد عن ذلك ولغاية نسبة (15%) تكون من صلاحية وزير التخطيط، وإذا جاوزت النسبة عن (15%) ولغاية (20%) تكون من صلاحية لجنة الشؤون الاقتصادية، ويتم تغطية نسبة الزيادة من الفقرات الوافرة أو المناقلة من التخصيصات لمشروع أخر أو الحصول على مبالغ أضافية من الموازنة التكميلية، على ان تقدم جهة الإدارة التبريرات اللازمة للتغيير مع بيان الحاجة لذلك.
- ضرورة تعديل كلف مكونات المشروع – موضوع امر التغيير- وضمن حدود (الكلفة التعاقدية + مبلغ الاحتياط)، مع الأخذ بنظر الاعتبار توفير التخصيصات السنوية اللازمة وأعلام وزارة التخطيط.
- إذا أدى أمر التغيير إلى إضافة أعمال جديدة تتطلب تكاليف أضافية فتؤخذ من مبلغ الاحتياط للمقاولة وبنسبة لا تتجاوز (10%).
سابعا: آلية احتساب قيمة التغييرات
ان احتساب مبلغ التغييرات التي تجري أثناء اللجوء إلى امر التغيير تخضع لضوابط أو آلية معينة يأخذ بالحسبان عند وضعها الموازنة بين الإدارة (صاحب العمل) والمقاول، التي تقوم على مبدأ لا ضرر ولا ضرار، ويمكن لنا بيان هذه الآلية بشكل الآتي:
- على المهندس ممثل جهة التعاقد تحديد المبلغ الذي يمكن أضافته أو إنقاصه من كلفة المشروع المتعلق بأي زيادة او نقصان عن الأعمال التي تحذف بأمر من المهندس، وفي حال كانت هذه الزيادة او النقصان تتعلق بأعمال وردت لها فقرة في جدول الكميات المسعر، فيكون احتساب قيمتها وفقا لما يلي:
- في حال وقع التغيير على جزء من فقرة في جدول الكميات المسعر، فتعتمد هنا أسعار المقاولة للفقرة الأصلية المطلوب تغييرها أساسا للتسعير على ان يطرح او يضاف إليها فرق كلفة المواد او العمل. ب. في حال تغيير فقرة او فقرات واردة في جدول الكميات المسعر، فيجري احتساب الفقرة او الفقرات البديلة على أساس الكلفة الحقيقية مع الأخذ بنظر الاعتبار ربح وخسارة المقاول من كل فقرة تقرر تبديلها.
ج. إذا وقع التغيير على فقرة من جدول الكميات المسعر فيطبق عليها سعرها في المقاولة بحد 20% بالزيادة والنقصان من الكميات الواردة إزائها في جدول الكميات المسعر بعد ان يتم الاتفاق بين المهندس والمقاول على سعر جديد لا يتجاوز النسبة المذكورة. د. في حال حصول تخفيض على فقرات جدول الكميات المسعر بنسبة تتجاوز (20%) من الكميات الواردة إزائها في جدول الكميات المسعر فسيتحق المقاول تعويض عما فاته من ربح متوقع عن التخفيض الذي تجاوز النسبة المذكورة مع مراعاة مصلحة الإدارة من حيث الخسارة.
2- إذا تضمن امر التغيير أعمال لا توجد لها فقرات متشابهه او مقاربة في جدول الكميات المسعر، عندئذ يتم عقد اجتماع بين المقاول والمهندس لغرض التناقش والحوار على السعر الذي يحقق مصلحة الإدارة وفي حال عدم الاتفاق على تحديد السعر، يقوم المهندس بوضع السعر الذي يراه معتدلا ومناسبا وبما لا يضر بالمقاول. وللمقاول في حال عدم قبول السعر المحدد من قبل المهندس ان يستمر بتنفيذ الأعمال الموكلة إليه، وله في سبيل ذلك الاعتراض أمام المهندس بخطاب تحريري يثبت فيه المطالبة بزيادة الأسعار دون ان يؤثر على سير العمل.
ثامنا: رأينا الخاص
أصبح واضحا مما تقدم أن أمر التغيير تلجأ إليه الإدارة لأمرين: الأول، في حال خطئها القائم على عدم الدراسة الدقيقة للمشروع والاستعجال دون التأكد والتدقيق الذي يجنبها اللجوء إلى امر التغيير لو أولت الموضوع عناية في مراحل التخطيط والإعداد، في حين يكون الأمر الثاني، ضمن باب التغيير والتطوير على فكرة المشروع الأساسية نتيجة الوفرة المالية او التوسع في مجال العمل. وفي المجال العملي يكون الأمر الثاني محدود جدا في حين يكون الأمر الأول هو الغالب، أي توظيف القانون لمعالجة الخطأ الواقع . وباتت الإدارة تلجأ إلية لغرض منفعة المقاول على حساب المشروع. فالأصل أن لا يتم اللجوء إلى أمر الغيار إلا في أضيق الحدود من اجل حماية المصلحة العامة والحفاظ على المال العام. لوجود حماية مقررة لهذه الأخطاء في نصوص القانون المدني وتحديدا المادة (871) التي نصت على ( 1- إذا اقتصر المهندس المعماري على وضع التصميم دون أن يكلف بالرقابة على التنفيذ يكون مسؤولا عن العيوب التي أتت من التصميم، وإذا عمل المقاول بإشراف مهندس معماري او بإشراف رب العمل الذي أقام نفسه مقام المهندس المعماري فلا يكون مسؤولا إلا عن العيوب التي تقع في التنفيذ دون العيوب التي تأتي من الغلط او عدم التبصر في وضع التصميم). فنصت المادة آنفا على التعويض نتيجة تقصير المصمم والمنفذ في عملهم، كما أن الإدارة تتراخى في تنفيذ بنود العقد الاستشاري في حال إبرامه مع مكاتب استشارية حكومية التي تكون في أحيان كثير هذه الجهات الحكومية بمثابة وسيط تنفذه شركات خاصة لقاء مبلغ مالي يعود للإدارة مستفيدة في ذلك من تعليمات تنفيذ الموازنة التي تشترط التعاقد مع الجهات الحكومية. والجدير بالإشارة ان تتم معالجة الأخطاء في أحيان كثيرة من خلال أوامر التغيير وما ذلك إلا انتهاك لنصوص القانون والتجاوز على المال العام بحيلة قانونية شرعية. لذلك نرتأي في حال اللجوء إلى أمر التغيير عدم الاكتفاء برأي المهندس ( ممثل جهة التعاقد) ولا الاعتماد على المكتب الاستشاري، بل يفترض عرض الأمر على جهة فنية عليا أكثر اختصاصا تعين من وزارة التخطيط -أو عن طريق مكتب استشاري آخر يكون بمثابة الحكم-، أكثر خبرة ودقه تعزز بزيارة ميدانية لموقع العمل ومطابقة الخرائط مع التنفيذ بحيث لا يكون الأمر مطلقا لجهة التعاقد في ذلك، كون وزارة التخطيط وعلى مدار فترة تنفيذ المشروع تقدم كافة الاستشارات في مجال التنفيذ العقدي والمالي للمشروع التي تعتبر ثانوية من حيث الأهمية إذا ما قورنت مع أوامر التغيير التي يتم هدر المال العام من خلاله بحيث تجبر جهة التعاقد على المعالجة أكثر من اللجوء إلى امر الغيار الذي بات حلا سهلا ويخبأ في مضمونه عيوب وغايات أخرى كثيرة .