القانونيةالمقالات والبحوث
الإطار القانوني لعقود المشاركة بين القطاعين العام والخاص
مارس 11, 2021
2 35 دقائق
الإطار القانوني لعقود المشاركة بين القطاعين العام والخاص
إعداد
محمد صبـاح علي
دكتور في القانون العام
مدرس القانون الإداري والمالي
ر. مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية
الملخص
تناول البحث الإطار القانوني لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص وذلك في مبحثين، حيث أنصب البحث على بيان وتحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتحديد القانون الواجب التطبيق وتعيين جهة القضاء المختص في الفصل بين المنازعات الناشئة عن تطبيق عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث تم مناقشة الآراء الفقهية التي قيلت بصدد التكييف القانوني لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص و بيان أثر ذلك على الدول ذات القضاء المزدوج والموحد، ونظم البحث بيان مفهوم هذا العقد وتمييزه عن العقود المشابهة له مع تقييم عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص من خلال تسليط الضوء على مزاياه وعيوبه.
Reseach title:The legal framework for participation contracts between the public and private sectors.
Researcher Name: Mohammed Sabah Ali (Doctor of Public Law)
Abstract
The research dealt with the legal framework for public-private partnership contracts in two fields. The research focused on the legal nature of public-private partnership contracts, defining the applicable law, and appointing the competent court to resolve disputes arising from the application of public- Where they discussed the jurisprudential views that were said regarding the legal adaptation of public-private partnership contracts and the impact of this on countries with dual and unified jurisdiction. The research explain the concept of this contract and distinguished it from similar contracts with the evaluation of the partnership contract Between the public and private sectors by highlighting the advantages and disadvantages.
المقدمة:
تلجأ الدول إلى إبرام عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل إقامة البنى التحتية والمرافق العامة والمنشات الحيوية، تلك المرافق التي لا تستطيع الدول إقامتها بمفردها أو يتعذر عليها بسبب ندرة السيولة المالية المتوفرة لديها أو بسبب ضعف الإمكانات التكنولوجيا وقلة توفر الخبرات والطاقات البشرية التي تستطيع تصميم وتنفيذ مثل هذه المشاريع الحيوية، ومن اجل تجاوز كل الصعوبات التي ذكرت تذهب الدول إلى إبرام عقود مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريعها مقابل حصول الأخير على بدل مالي يغطي قيمة ما أنفقه من تمويل للمشاريع المقامة على ارض الدولة، وتعد عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص من العقود ذات الطابع الاقتصادي التي تتعلق بالتوجهات الاقتصادية لسياسات الدول، وخططها في تنفيذ مشاريعها؛ الأمر الذي يضفي على هذه العقود نوع من التعقيد والتداخل في تحديد التكييف القانوني له بسبب تعدد العلاقات الداخلية، وتداخلها والذي ينتج عنه صعوبة مطلقة ابتداءً في إطلاق الوصف القانوني عليه، وهذا ما دعانا نبحث عن الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحديد الآراء التي قيلت في سبيل تحديده هل هو من عقود القانون العام أم الخاص؟ وإكمال البحث من خلال ما ينتج عن ذلك من تحديد دائرة القضاء المختص للفصل في المنازعات الناشئة عن عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي تزاحمه نتيجة للخلافات الفقهية بين جهتي القضاء العادي والإداري الأمر الذي يستلزم تقديم الأدلة التي تثبت أحقية أي من القضائيين في تولي المنازعات الناشئة عنه، على أن هذا التحديد تبدو أهميته واضحة في الدول ذات القضاء المزدوج إي الدول التي توجد لديها جهتي للقضاء أحداها تختص بالفصل في المنازعات الناشئة عن الأفراد وهي جهة القضاء العادي بالإضافة إلى القضاء الإداري الذي يختص بالمنازعات التي تكون الدولة أو إحدى مؤسساتها طرفاً فيها، والنموذج من الدول على القضاء المزدوج فرنسا، ويختفي هذا التمييز في الدول التي تأخذ بنظام القضاء الموحد وهي الدول التي لا تقيم تفرقة في قضائها بين الجهات سواء الأفراد أم الإدارة وتخضع لنظام قانوني واحد يفصل في منازعاتها ومن هذه الدول انجلترا وأمريكا، فتحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص تكمن أهميته الواضحة على تحديد القانون الواجب التطبيق والجهة القضائية المختصة بالفصل فيها، وهذا ما سنبينه في جوانب البحث التي يستلزم منا عرض جميع الاتجاهات الفقهية في الدول ذات القضائيين المزدوج والموحد لتحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
أهمية الموضوع
يكتسب الموضوع أهميته من الدور الذي يلعبه عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والذي أصبح محط نظر لكثير من الدول في الاستعانة بالقطاع الخاص في إقامة مشروعات البنية الأساسية لها، الأمر الذي يدعونا للوقوف على دراسة هذا النوع من العقود وبيان النظم القانونية التي تتزاحم على تطبيقه، خصوصاً مع اختلاف الأنظمة القانونية للدول التي تبنت هذا النوع من العقود وأثره على الدول التي طبقت عقود الشراكة على أراضيها وهي ذات تجربه حديثة في تطبيقه.
مشكلة البحث
تبدو مشكلة البحث واضحة في عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الأمر الذي يدعونا إلى القول بأنها مشكلة مستمرة، وقيد بحث دائم إلا وهي مشكلة تحديد الطبيعة القانونية لعقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فهذا النوع من العقد ينشئ ويتكون وفي داخله شروط وتفاصيل عقدية عديدة كل موضوع منها له وصفه القانوني الخاص، بالإضافة إلى تبادل التأثير بين المستثمر والإدارة في شروط العقد، والأصعب من ذلك هي كيفية إثبات سلطات الإدارة داخل عقد الشراكة ليأخذ صفة العقد الإداري واختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات الناشئة عنه مع توفير الضمانات للمستثمرين في هذا النوع من العقود الذي يتميز بضخامة حجم الأموال المنفقة إذا ما استأثرت الدولة بسلطات عديدة على حساب المستثمر كضمان لحماية المصلحة العامة دوام انتظام سير المرافق العامة بانتظام واطراد خصوصاً في ظل غياب تنظيم تشريعي مقنن لهذه العقود المستحدثة لدى عدد من الدول.
أهداف البحث
يهدف البحث إلى بيان الآتي:
1- تحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في الدول ذات القضاء المزدوج والموحد.
2- تعيين الجهة المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عن عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
3- بيان القانون الواجب التطبيق على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
4- بيان مدى أهمية اعتبار عقود الشراكة من قبيل العقود الإدارية.
منهجية البحث
أعتمد البحث المنهج التحليلي والمقارن في بيان الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص من خلال تحليل آراء الفقه التي قيلت بصدده ومقارنتها مع الدول التي طورت هذا النوع من العقود والتي تعتبر صاحبة الفضل في إسناد عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى ميدان العقود الإدارية وكذلك الاستفادة من الدول ذات التنظيم التشريعي لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
خطة البحث
تم تقسيم البحث إلى مقدمة ومبحثين مع خاتمة البحث التي تتضمن أهم النتائج والتوصيات التي توصل إليها البحث وكالآتي :
المبحث الأول: مفهوم عقد الشراكة
المطلب الأول :التعريف بعقد الشراكة ونشأته
المطلب الثاني: تمييز عقد الشراكة عن العقود التي تشتبه به
المطلب الثالث: مزايا وعيوب عقد الشراكة
المبحث الثاني: التكييف القانوني لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص (p.p.p)
المطلب الأول: الآراء الفقهية في تحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام
والخاص.
المطلب الثاني: الآثار المترتبة على تحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام
والخاص.
المبحث الأول
مفهوم عقد الشراكة
وتعد عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص (Partnership public private) الذي يشار لها اختصاراً بعقد (PPP) من أساليب التعاقد الحديثة, والتي تتم من خلال مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مرافق البنية التحتية الضرورية وذلك بتمويل المرافق الخدمية ومشروعات البنية الأساسية التي تحتاج إلى استثمارات باهظة قد يصعب الإدارة تدبيرها.
ولأجل الوقوف على مفهوم هذا العقد وتمييزه عن بقية العقود التي قد تشتبه به وما يتميز به هذا العقد وعليه سوف نقسم هذا المبحث إلى ثلاث مطالب وكالآتي:ـ
المطلب الأول:ـ تعريف عقد الشراكة ونشأته
المطلب الثاني:ـ تمييز عقود الشراكة عن العقود التي يشتبه بها
المطلب الثالث: مزايا وعيوب عقد الشراكة
المطلب الأول
التعريف بعقد الشراكة ونشأته
تعد عقود الشراكة من العقود الحديثة نسبياً في المعاملات الاقتصادية سواء كانت دولية أم محلية, وعليه سنقسم هذا المطلب إلى فرعين وكالآتي :
الفرع الأول: نشأة عقد المشاركة
الفرع الثاني: تعريف عقد الشراكة
الفرع الأول
نشأة عقد المشاركة
بعد التطور في أساليب إدارة المرافق العامة ظهر أسلوب جديد إلا وهو عقد المشاركة, وبدأ الاهتمام بهذا النوع من العقود منذ تسعينات القرن المنصرم ,إذ نجد جذوره في المملكة المتحدة البريطانية تحت مسمى عقود مشاريع التمويل الذاتي Private Finance intiative ، إذ يشير مفهوم هذه العقود إلى مشاركة القطاع الخاص الحكومة في الإنشاءات العامة والاستغلال والصيانة في مقابل عوض مالي محدد يحصل عليه المتعاقد من الجهة الإدارية في صورة مبالغ شهرية أو نصف سنوية, فالتطبيق الفعلي كان عام 1992 إذ هدفت الحكومة إحداث إنشاءات بنية أساسية في المجالات الحيوية التي تخدم المواطن وتوفر له الإطار البيئي والصحي والاجتماعي المناسب, كون أن هذه المجالات من أهم المجالات التي تهتم بها الإدارة الحديثة( ).
وقد عد هذا الاسلوب من التعاقد ذات اهمية كبيرة في بريطانيا إذ بلغت عدد عدد المشاريع المنفذة بهذا الاسلوب للفترة الممتدة من سنة 1992 إلى سنة 2010 (667) مشروعاً ( ).
كما أن ما يعكس أهمية هذا الاسلوب من اساليب التعاقد في بريطانيا هو أنشاء عدد من الهيئات والمؤسسات الإدارية لهذا الاسلوب من اساليب التعاقد, وهذه المؤسسات والهيئات هي كالاتي:
أولاً: (Terasury taskforce)
تعد هيئة (Terasury taskforce) أول هيئة أنشئت في بريطانيا في مجال عقود المشاركة, إذ تأسست في أيلول من عام 1997, وتهدف هذه الهيئة تقديم الدعم والمساعدة للوزارات من خلال تحديد الاولوية بالنسبة الى المرافق التي تنفيذ بهذا الاسلوب من اساليب التعاقد, كما أن لهذه الهيئة الدور الفعال في إرساء العقود بهذا الاسلوب من مقارنة تكلفة المشروع مع تكاليف التي قد تترتب فيما لو نفذ بأسلوب أخر( ) .
ثانياً: (Partnership UK)
حلت هيئة (Partnership UK) لتحل محل هيئة (Terasury taskforce) , بغية تكوين هيئة تعمل وفق نظام القطاع المختلط وتضم أعضاء من القطاعين العام والخاص. وفي شهر آذار من عام 2001 تم بيع 51% من الاسهم للقطاع الخاص وبقاء 49% من الأسهم للقطاع العام, أصبحت هذه الهيأة تعرف بهيأة (PPP) ، ولا يقتصر نشاط هذه الهيأة على ما كانت نشاط (Partnership UK) وإنما تتدخل هذه الهيأة بوصفها طرفاً متعاقداً يتحمل كافة حقوق والتزامات المتعاقد مع الإدارة( ) .
ثالثاً: Public Private Partnership(4PS)))
أسست هذه الهيأة في عام 1996 لتتولى مهمة تقديم المساعدات للإدارات المحلية التي تنفذ المشروعات بأسلوب المشاركة بين القطاعين العام والخاص, وتولت هذه الهيأة دراسة كل حالة ستخضع لنظام المشاركة , كما تقوم هذه الهيئة بإعلان ونشر المشاريع التي نفذت عن طريق عقود المشاركة وحققت نجاحاً في التطبيق، إضافة إلى ذلك فقد تولت هذه الهيأة عقد دورات تأهيلية للجهات العامة في مجال عقود المشاركة بغية تكون مؤهلة فنياً عند التفاوض على المشاريع المزمع تنفيذها عن طريق عقود المشاركة( ) .
رابعاً: ((Private Finance units (PFUS)
تعد Private Finance units (PFUS)) وحدة مركزية للوزارات في بريطانيا, إذ تهتم بالجوانب المختلفة لعقود المشاركة التي تبرمها هذه الوزارات، فكل مشروع يراد تنفيذه عن طريق هذا الاسلوب يخضع للدراسة من قبل هذه الوحدة للتأكد من مدى إمكانية تحقيق الهدف من إبرامه وامكانية تنفيذه وجدواه ( ) .
اما نشأة عقد المشاركة في فرنسا فأن نشأته تكون عندما قنن المشرع الفرنسي هذا الاسلوب بالأمر المرقم(559/2004) الصادر بتاريخ 17/يونيو/2004 تحت مسمى الأمر المتعلق بعقود المشاركة Les contrats de partenarait , ومن ثم صدرت بعد ذلك عدة مراسيم من اجل تحديد مجالات تطبيق هذا الامر, إذ أجاز للأشخاص المعنوية العامة وأشخاص القانون الخاص إبرام هذا النوع من العقود ومنها المرسوم المرقم (1145/2004) الخاص بتحديد طرق الإعلان التي يمكن استخدامها عند الرغبة بإبرام هذا النوع من العقود, والمرسوم المرقم(119/2004) الصادر في 19/اكتوبر/2004 الخاص بإنشاء مؤسسة خبراء تساعد على تطبيق هذا النوع من العقود. هذا وقد ذهب المجلس الدستوري الفرنسي إلى أن عقد المشاركة وأن كان عقداً يشتمل على الإنشاء والاستغلال والإدارة, فإن ذلك لا يعني مخالفة أي قاعدة دستورية, إذ عد هذا النظام القانوني لهذا الأسلوب من التعاقد نظام مستقل عن القواعد العامة في إبرام العقود والتي يضمها تقنين الأشغال العامة تبرره المصلحة العامة والاعتبارات الفنية والاقتصادية للمشروع, وبغية ضمان كفاءة وفاعلية هذا النظام فقد أصدر المشرع الفرنسي هيئة خبراء تساعد على تطبيق هذا النوع من العقود, وهذه الهيئة تتبع وزارة الاقتصاد والمالية وتنحصر مهمتها في تقويم الخبرة في مجال عقود المشاركة مثل تقديم العون للأشخاص المعنويين عند التفاوض واعداد العقود وكراسات الشروط ومتابعة تنفيذ العقود, وأن هذه الهيئة تتدخل بشكل اجباري بالنسبة إلى عقود الدولة عند التقييم المبدئي للمشروع المراد تنفيذه بنظام المشاركة( ).
وفي مصر فإن نشأة عقد المشاركة جاء بعد الاتفاق مع كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي استهدف معالجة إحداث تغييرات جذرية في هيكل الانتاج القومي في إطار الاصلاح الاقتصادي, التي تستند إلى تقليص دور الدولة وتدخلها المباشر في النشاط الاقتصادي, إذ يقع عبئ إحداث التغيير المطلوب على القطاع الخاص, إذ يعد القطاع الرئيسي في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية( ), وعلى ضوء ذلك تم إصدار (قانون قطاع الاعمال العام) رقم 203 لسنة 1991, إذ سمح هذا القانون تصفية الشركات الخاسرة مع المتخصصين بهدف تحرير وحدات قطاع الأعمال العام من سيطرة الحكومة, وأدى هذا النظام إلى تطبيق نظم الإدارة المتبعة في القطاع الخاص أي تطبيق معايير الكفاءة الاقتصادية في نطاق السوق, رأت الدولة أن افضل طريقة لتمويل المشروعات هو عن طريق (B.O.T) نظام البناء والتشغيل وإعادة التأهيل لما يوفره هذا النظام من تمويل من دون اعباء على ميزانية الدولة أو اللجوء إلى الاقتراض الخارجي, بيد أن الدولة أخذت من عقد المشاركة كنظام آخر يعطي للدولة فرصة المشاركة والرقابة في المشروعات من دون أن تتخلي عن الملكية, غير أن الاخذ بهذا النظام واجه صعوبات بسبب القصور التشريعي , إذ لا تصلح التشريعات المعمول بها كقانون التزام المرافق العامة وقانون المناقصات المزايدات للأخذ بها في عقود المشاركة, وهذا ما أدى إلى قيام المشرع إلى إصدار قانون رقم (14) لسنة 2009 بتعديل قانون المناقصات والمزايدات رقم (86) لسنة 1998 إذ أضاف مادة نصت على ( يجوز أن يكون التأمين النهائي للمشروعات التي يتم التعاقد عليها بين الجهات التي تسري عليها أحكام هذا القانون وبين القطاع الخاص أو قطاع الأعمال العام في مجال البنية الأساسية بما لا يقل عن 2%ولا يجاوز5%من نسبة الأعمال المتفق على تنفيذها سنوياً طبقاً للبرنامج الزمني للتنفيذ, ويتم تحديد نسبة التأمين النهائي بالاتفاق مع السلطة المختصة ووزارة المالية قبل طرح المشروع ويلتزم صاحب العطاء المقبول بأداء التأمين المشار إليه خلال ستين يوماً من تاريخ إخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول وقبول عطائه ويجوز بموافقة السلطة المختصة مد هذه المهلة بما لا يتجاوز ثلاثين يوماً التي تم إداء التأمين عنها وذلك بناء على شهادة تصدرها السلطة المختصة بشرط اداء التأمين النهائي عن الأعمال التي سيتم تنفيذها خلال السنة التالية)( ), وعلى هذا الأساس أنشأت الوحدة المركزية للشراكة مع القطاع الخاص ووزارة المالية, وهي مركز للخبرة مهمتها تقديم ونشر سياسة المشاركة بين القطاعين العام والخاص, والسعي لتطوير الممارسة الخاصة لتنفيذ المشروعات ولعب دور حيوي في تقديم المشروعات الأولى, وسعت الوحدة إلى كسب مساعدة ومعرفة الخبراء المحليين والدوليين إذ عدت هذه الوحدة إدارة من إدارات وزارة المالية تم تكليفها بالإشراف على هذه السياسة وتنفيذها ( ).
اما نشأة عقود المشاركة في العراق فأننا نجد جذورها إلى الثلاثينات من القرن الماضي وذلك عندما تولى المصرف الزراعي تأسيس شركة السمنت العراقية المحدودة في إطار ترويجه لفكرة الاستثمار الحكومي الأهلي المشترك في مجالات صناعية متطورة ( ) , والسند القانوني للمشاركات هو قانون الشركات العامة رقم (22) لسنة 1997(المعدل) في المادة (15/أولاً) والتي بينت للشركة العامة استثمار الفوائض النقدية بالمساهمة في الشركات المساهمة أو المشاركة معها في تنفيذ أعمال ذات علاقة بأهداف الشركة داخل العراق واستحصال موافقة مجلس الوزراء إذا كان المشروع خارج العراق.
كما ورد في البند (ثانياً) من المادة المشار اليها انفاً باشتراط استحصال موافقة مجلس الوزراء عند استثمار الفوائض النقدية في الشركات والمؤسسات العربية والأجنبية أو المشاركة معها في تنفيذ إعمال لها علاقة بأهداف الشركة خارج العراق، أما البند (ثالثاً) من ذات المادة فقد بينت للشركة حق المشاركة مع الشركات والمؤسسات العراقية والعربية والأجنبية الرصينة لتنفيذ أعمال ذات علاقة بأهداف الشركة داخل العراق. ويلحظ على هذا البند الاخير أنه لم يشترط أن تكون المشاركة بالفوائض النقدية , لذا قد اوضح مجلس الدولة في أحدى قراراته بأن للشركات العامة حق المشاركة مع الشركات والمؤسسات العربية والأجنبية من غير الفوائض النقدية (أي حتى ولو كان من رأس المال العيني للشركة أو المشاركة في الإنتاج مقابل تأهيل الشركة أو تقديم مواد أولية )( ) .
الفرع الثاني
تعريف عقد الشراكة
عرف هذا العقد بتعاريف عديدة ومختلفة سواء على مستوى التشريع أم على مستوى الفقه, فقد عرف المشرع الفرنسي عقد المشاركة في بأنه (عقد إداري يعهد بمقتضاه احد أشخاص القطاع العام إلى أحد أشخاص القطاع الخاص القيام بتمويل الاستثمار المتعلق بالأعمال والتجهيزات الضرورية للمرفق العام وإداراتها واستغلالها وصيانتها طوال مدة العقد المحددة في مقابل مبالغ مالية تلتزم الإدارة المتعاقدة بدفعها إليه بشكل مجزأ طوال مدة الفترة التعاقدية، وتتولى مؤسسات من القطاعين العام والخاص العمل معاً لإنجاز مشاريع أو تقديم خدمات للمواطنين وخصوصاً في المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية)( ).
أما المشرع المصري فقد عرف عقد المشاركة, ونظم أحكام عقد المشاركة بأنه (عقد تبرمه الجهة الإدارية مع شركة المشروع وتعهد إليها بمقتضاه بالقيام بكل أو بعض الأعمال المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون) . وقد عرفت المادة ذاتها شركة المشروع التي تتعاقد معها الجهة الإدارية بأنها (الشركة المساهمة المصرية التي يؤسسها صاحب العطاء الفائز ويكون غرضها الوحيد تنفيذ عقود المشاركة)( ).
أما تعريف عقد المشاركة من جانب الفقه فقد عرف بأنه (عقد إداري يعهد بمقتضاه احد أشخاص القانون العام الى احد أشخاص القانون الخاص القيام بمهمة إجمالية تتعلق بتمويل الاستثمار المتعلق بالأعمال والتجهيزات الضرورية للمرفق العام وإدارتها واستغلالها وصيانتها طوال المدة المحددة في العقد في ضوء طبيعة الاستثمار أو طرق التمويل، وذلك في مقابل مبالغ مالية تلتزم الإدارة المتعاقدة بدفعها إليه بشكل مجزأ طوال مدة الفترة التعاقدية ) ( ).
وعرف ايضاً بأنه (نوع من العقود تبرمه جهة عامة مع شريك من القطاع الخاص لتصميم منشأة عامة أو بنائها او تجهيزها أو تشغيلها أو صيانتها و يتقاضى الشريك بموجبه أتعابه من المال العام أي من موازنة الدولة في صورة مبالغ تلتزم الإدارة المتعاقدة بدفعها إليه بشكل مجزأ طوال المدة التعاقدية)( )
ومن جانبنا يمكن أن نعرف عقد المشاركة بأنه أحد أساليب التعاقد الإدارية التي تعهد الجهة الإدارية بموجبه إلى أحد أشخاص القانون الخاص للقيام بتمويل مشروع استثماري من حيث القيام بالأعمال والتجهيزات الضرورية له واستغلال وإدارة المشروع وصيانته اثناء فترة التعاقد, مقابل ذلك تلتزم الإدارة بإعطاء المشارك مبلغ مالي متفق عليه مسبقاً في العقد تدفع له على شكل دفعات محددة.
المطلب الثاني
تمييز عقد الشراكة عن العقود التي تشتبه به
أن تحديد مفهوم عقد الشراكة تمييزه من غيره من العقود الأخرى، إذ قد يختلط هذا العقد بغيره من العقود، عليه سنحاول التمييز بين العقد موضوع البحث واهم العقود التي قد تشتبه به, إذ سنحاول تمييز عقد الشراكة من كل مما يأتي:
الفرع الأول: تمييز عقد الشراكة عن عقد البوت
الفرع الثاني: تمييز عقد المشاركة عن عقد الإشغال العامة
الفرع الأول
تمييز عقد الشراكة عن عقد البوت
يعرف عقد البوت(B.O.T )بأنه (تلك المشروعات التي تعهد بها الحكومة إلى إحدى الشركات وطنية كانت أو أجنبية وسواء أكانت من شركات القطاع العام أو القطاع الخاص وتسمى شركة المشروع وذلك لإنشاء مرفق عام وتشغيله لحسابها مدة من الزمن, ثم نقل ملكيته إلى الدولة أو الجهة الإدارية)( ).
قد يتشابه عقد البوت مع عقود المشاركة من حيث أنهما يعدان من مصادر تمويل مشاريع البنية الأساسية والمرافق العامة للدولة, إذ يهدفان إلى رفع الكاهل عن عاتق الدولة فيما يخص تمويل المشاريع, كما أنهما يتشابهان من حيث الإجراءات التي تسبق إبرام هذين النوعين من العقود كإجراءات العلانية والمنافسة, ويتشابهان ايضاً في أنهما يعدان من العقود ذات الطبيعة المركبة إذ ينطويان على مجموعة متعاقبة من المراحل تبدأ بالتصميم ومن ثم الإنشاء والتمويل والتشغيل والصيانة( ).
وعلى الرغم من وجود تشابه ما بين عقد الشراكة وعقد البوت إلى درجة قد يعدان وجهان لعملة واحدة بيد أن ثمة أوجه اختلاف بين هذين النوعين من العقود تميز كلاً منهما عن الآخر ومن هذه الاختلافات هي:
أولاً: من حيث اقتضاء المقابل المالي
في عقد البوت يكون الاقتضاء المالي نتيجة استغلال المشروع سواء كان المقابل المالي الذي يحصل عليه المتعاقد يتخذ صورة رسم يدفعه المنتفعون من خدمات المرفق أم صورة مبالغ مالية تدفعها الإدارة, بينما في عقود المشاركة يتقاضى المتعاقد المقابل المالي من الجهة التي تعاقد معها بصورة اقساط دورية( ).
ثانياً: من حيث استغلال المشروع
تلجأ الجهة الإدارية إلى عقد المشاركة من أجل تنفيذ أشغال عامة على اساس مشاركة ما بينها وبين القطاع الخاص, ويمنع على الشريك الخاص استغلال هذا المرفق ويكون حق الاستغلال مناط بالجهة الإدارية وحدها, بيد أن في عقد البوت تبرم من أجل تنفيذ أشغال عامة أو إنشاء وإدارة مرفق عام إذ يحق للملتزم استغلال المرفق فترة العقد من أجل أن يحصل على مقابل ما انفقه من إنشاء وتجهيز وتشغيل( ).
ثالثاً : من حيث ملكية المشروع
تختلف عقود المشاركة عن عقود البوت في إن المتعاقد في عقد البوت يقوم بإنشاء المشروع وإدارته ثم ينقل ملكيته إلى الدولة في نهاية المدة المتفق عليها في العقد, أما في عقود المشاركة تظل ملكية المشروع قائمة في يد الإدارة التي تقوم بتسديد الثمن مجزأ إلى المتعاقد طوال مدة المشروع( ).
الفرع الثاني
تمييز عقد المشاركة عن عقد الإشغال العامة
يعرف عقد الأشغال العامة بأنه ( العقد المبرم ما بين شخص معنوي عام وبين أحد الأفراد أو الشركات بقصد القيام بعمل من أعمال البناء أو الترميم أو الصيانة في عقار عام, ويتم العمل لحساب الشخص المعنوي بقصد تحقيق المنفعة العامة في نظير المقابل المتفق عليه وفقاً للشروط الواردة في العقد)( ).
قد يلتقي عقد الشركة بعقد الاشغال العامة من جوانب معينه بيد أنه يختلف عنه في جوانب أخرى, إذ يتشابهان من حيث تنفيذ كلا العقدين يتطلب المرور بعدة مراحل أو عمليات مكملة لبعضها البعض( ). كما أن في العقدين تلتزم الجهة الإدارية بدفع مقابل ما قام به المتعاقد من أعمال, سواء ارتبط هذا الثمن بالأعمال التي نفذها المتعاقد فعلاً كما في عقد الأشغال العامة أو حصل عليها المتعاقد في مرحلة لاحقة للتنفيذ وأثناء التشغيل في صورة مبالغ مالية دورية كما هو الحال في عقد الشراكة ( ).
اما اوجه الاختلاف ما بين العقدين فيمكن تحديد أهم أوجه الاختلاف بين عقود الشراكة وعقود الأشغال العامة بما يأتي :-
أولاً: من حيث مدة العقد
تفترض أن تكون مدة العقد في عقد الشراكة طويلة في الغالب, إذ قد تصل في بعض الأحيان الى ثلاثين سنة أو قد تزيد عن ذلك ( ). أما بالنسبة للمدة في عقود الأشغال العامة فهي تكون في الغالب قصيرة واقل بكثير عما هو عليه في عقد الشركة ويوعز ذلك إلى طبيعة تنفيذ العقد ( ).
ثانياً: من حيث تحديد الالتزامات العقدية
يختلف العقدين من حيث طبيعة الالتزامات محل العقد، ففي عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص فأنه يكون من غير السهل تحديد مدى الالتزامات الملقاة على عاتق المتعاقد بدقة لحظة إبرام العقد وذلك بسبب طبيعة هذا النوع من العقود المركبة إذ يتضمن العديد من المراحل وعلى الكثير من الالتزامات ولاسيما في مشروعات البنية الأساسية الكبيرة, أما في عقد الأشغال العامة فأنها تكون محددة بطبيعتها إذ ترد التزامات العقد بصورة محددة سلفاً في العقد المبرم ما بين الإدارة والمتعاقد ( ).
ثالثاً : من حيث توزيع المخاطر
وتختلف عقود الشراكة عن عقود الإشغال العامة كذلك في مسألة تبني مبدأ توزيع المخاطر، إذ تقوم عقود الشراكة ما بين القطاع العام والخاص على مبدأ توزيع المخاطر بين الإدارة المتعاقدة والمتعاقد معها، بغية ضمان تنفيذ آمن للالتزامات المتبادلة تحقيقاً للمصلحة العامة التي دفعت الإدارة الى تنفيذ العقد( ).
أما في عقود الإشغال العامة فلا يوجد توزيع للمخاطر أو اقتسامها، فإذا وجدت مخاطر تحيط بتنفيذ عقد الاشغال العامة، فأن المتعاقد يتحمله وحده من دون الإدارة، ولا يؤثر في هذا الموقف قيام الإدارة بالتدخل ومساعدة المتعاقد المتعثر في التنفيذ في بعض الحالات تحقيقاً للمصلحة العامة ( ) .
المطلب الثالث
مزايا وعيوب عقد الشراكة
يتميز عقد الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص بعدد من المزايا التي تميزه عن غيره من العقود الإدارية, كما أن لهذا العقد بعض العيوب التي لا يخلو منها والتي تظهر في بعض جوابه. عليه سنحاول البحث في مزايا هذا العقد وعيوبه وكالآتي:
الفرع الأول: مزايا عقد الشراكة
الفرع الثاني: عيوب عقد الشراكة
الفرع الأول
مزايا عقد الشراكة
أن لعقد الشراكة ما بين القطاع العام والخاص عدة مزايا ومنها كالآتي:ـ
أولاً: تخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة
أن عقد الشراكة يهدف إلى استقطاب رؤوس الأموال في الدولة, والذي يؤدي إلى نقل الأعباء المالية الضخمة من القطاع العام إلى القطاع الخاص, إذ يسمح من خلال إبرام هكذا من العقود الإدارية إلى انشاء الكثير من المشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة من دون حاجة الدول وخاصةً دول العالم الثالث إلى اللجوء إلى الاقتراض تفادياً للسلبيات التي تنشأ لمثل هذا الاقتراض على الاقتصاد الوطني( ) .
ثانياً: توزيع المخاطر ما بين طرفي العقد
يتميز عقد الشراكة بتوزيع المخاطر ما بين طرفي العقد العام والخاص, إذ قد تتمثل هذه المخاطر بزيادة التكاليف بصورة تفوق عن التكاليف المقررة, أو عدم كفاية الايرادات المتحققة لتغطية التكاليف( ).
ثالثاً: وسيلة لنقل التكنلوجيا
يعد عقد الشراكة من أحد الوسائل التي تسمح بانتقال وسائل التكنلوجيا الحديثة وبتكلفة مقبولة نسبياً, نتيجة إلى التزام المتعاقد بالتمويل والإنشاء وتشغيل وصيانة المشروع مقابل تقاضيه لمبالغ شهرية أو نصف سنوية من جهة الإدارة وتحت إشرافها, مما يؤدي ذلك إلى تحسين في جودة الخدمات والسلع( ) .
الفرع الثاني
عيوب عقد الشراكة
أن عقد الشراكة كغيره من العقود التي لا يخلو من وجود بعض العيوب فيه والتي يمكن أن ندرج بعضها وكالآتي:
أولاً:ـ التعارض أو التضاد بين أهداف القطاع الخاص وأهداف القطاع العام
قد يخلق إبرام عقد الشراكة ما بين القطاع الخاص والعام إلى التعارض بين أهدافهما, إذ يسعى الأول الى تحقيق الارباح بينما يسعى الثاني إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستمرة وتحسين واقع الخدمات والمرافق العامة, وهذا الامر يصعب التوفيق بينهما بسهولة في إطار مشروع واحد ( ).
ثانياً: تحمل الدولة بعض المخاطر
ان زيادة حجم المشروعات المنفذة بطريقة الشراكة وارتفاع تكاليفها بشكل كبير جداً كما هو الحال في مجال الطاقة والمياه على سبيل المثال, قد يؤدي إلى تحمل الدولة لبعض المخاطر في صورة معونات حكومية قد تمنح للمتعاقد من أجل تفادي العقبات التي قد تهدد المشروع, كما أن طول مدة هذا العقد قد يحتاج الى ارتفاع كلفته، كما قد يصبح الشريك الخاص معسراً خلال هذه المدة مما يسبب مشاكل للقطاع العام ( ) .
المبحث الثاني
التكييف القانوني لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص (p.p.p)
يقصد بالتكييف القانوني لعقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، هو تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد، أي بيان النظام القانوني الذي يحدد طبيعة الحقوق والالتزامات التي تنشئ عنه مع تعيين الجهة القضائية الذي تفصل في المنازعات الناشئة عنه، وعقد الشراكة من العقود التي اختلف الفقه في بيان وصفها القانوني، حيث يضعها البعض ضمن العقود الإدارية، بينما يرى البعض الأخر أنها ذات طبيعة مدنية، في حين من يرى أنها ذات طبيعة خاصة، وبيان التكييف القانوني لأي عقد أهمية عملية من خلال بيان القانون الذي يحكم العقد وتحديد أي من القضائيين الإداري أم العادي اختصاصه في النزاع الذي ينشئ عن الاختلاف في بيان أحكام القانون الواجب التطبيق على العقد والذي يكون مختلف في الدول ذات القضاء المزدوج عنه في الدول ذات القضاء الموحد، من خلال ما تقدم يستلزم منا بيان موقف الفقه في تحديد الوصف القانوني لعقد المشاركة من خلال بيان آراء الفقه منه، ثم النتائج المترتبة على هذا الوصف القانوني وذلك في مطلبين وكالآتي:
المطلب الأول : الآراء الفقهية في تحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
المطلب الثاني: الآثار المترتبة على تحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
المطلب الأول
الآراء الفقهية في تحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص
من المعلوم أن الدول عندما تبرم عقود يكون موضوعها أنشاء وتأهيل البنى التحتية وإقامة المرافق الاقتصادية العامة التي تكون موضوعها موجهاً تجاه السياسة الاقتصادية العامة للدولة؛ تقدم الدولة من خلالها للمتعاقد معها تسهيلات عديدة في سبيل تحقيق غايتها في إقامة مشاريع عامة للدولة، ويكون من الصعب عليها القيام بذلك بمفردها؛ فأن هذه العقود تبقى من الصعب على الفقه القطع في بيان طبيعتها ووصفها القانوني( )، إذ تبقى هذه العقود محل خلاف فقهي قانوني قابل لآراء وحجج كل فقه فيما يدعيه من رأي، وأحد هذه العقود هو عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كأحد العقود التي دار خلاف فقهي حول تحديد الطبيعة القانونية التي تحكم قانون العقد، فكان مدعاة قبول لكلا فرعي القانون العام والخاص فيما يقدمه من حجج وأدلة يشرع من خلالها أن هذا العقد وليد ذلك الفرع من القانون، ومن رأى انه ذات طبيعة خاصة وكما بينا سابقاً، وما يستلزم منا هنا بيان الآراء الفقهية التي قيلت بصدد تحديد الطبيعة القانونية لعقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص ووجوده بين الأنظمة القانونية المختلفة؛ ولما تقدم سنقسم هذا المطلب على أربعة أفرع وكالآتي:
الفرع الأول: تجربة عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دول القضاء الموحد والمزدوج.
الفرع الثاني: مدى خضوع عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى العقود الإدارية.
الفرع الثالث: مدى خضوع عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى عقود القانون الخاص.
الفرع الرابع: اعتبار عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص ذات طبيعة خاصة.
الفرع الأول
تجربة عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في دول القضاء الموحد والمزدوج
تبنت بريطانيا هذا النموذج من الشراكة بسبب عدم إمكان الاعتماد على العقود الإدارية التقليدية في بناء بنى أساسية للدولة وإنشاء قطاع للمرافق العامة، فكان عليها قبول المبادرة المالية التي تهدف إلى خلق تمويل خاص لإنشاء البنى التحتية من خلال تفويض القطاع الخاص في إنشاء المرافق العمومية، وتقديم الخدمات مقابل بدل معين يقدمه المنتفعين أو الحكومة، وتحكم هذه المبادرة مميزات عدة منها الإنصاف وسرعة التسليم وتمويل الديون طويلة الأجل وتحقيق الشفافية، وتوزيع المخاطر بشكل أفضل( )، وفكرة المبادرة المالية السابقة هي مقتبسة من فرنسا وأساسها عقود امتياز المرفق العام حيث يجمع بين العقدين خصائص مشتركة منها أنها عقود طويلة الأجل وتكون مخصصة لإنشاء مرفق عام مقابل بدل مالي محدد، غير أن الاختلاف بينها يكون في طريقة التحصيل ففي عقد امتياز المرافق العامة يكون المقابل المالي عن طريق استغلال المتعاقد للمرفق العام عكس العقود المبرمة وفقاً للمبادرة المالية ، حيث يكون المقابل المالي بالاتفاق مع الإدارة وفقاً للطريقة التي تحددها، وقد تمكنت فرنسا من تطوير فكرة المبادرة المالية التي استوحتها من بريطانيا من خلال أنشاء عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ولكن لا يمكن تقبل الفكرة لدى فرنسا اعتبار تطبيق مثل هذا العقد بمثابة سياسة عامة وتوجه عام لدى الدولة تطبق على صور متعددة من العقود كما في بريطانيا( ).
الفرع الثاني
مدى خضوع عقود الشراكة بين القطاعين العام و الخاص إلى العقود الإدارية
لإثبات أو نفي الطبيعة الإدارية على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص لابد ابتداءً من بيان أركان العقد الإداري، وضرورة تواجدها داخل عقود الشراكة لكي يتم إثبات أو نفي الطبيعة الإدارية على العقد أعلاه، فالعقد الإداري عند إبرامه لابد إن يكون احد إطرافه من أشخاص القانون العام، إي وجود الإدارة أو أشخاصها المعنوية العامة التي تملك سلطة تجاه العقد( )، كذلك يجب أن يتصل العقد بنشاط مرفق عام أي أن تحقق الغاية من إبرام العقد الإداري في تسيير المرفق العام بانتظام واطراد وتحقيق المصلحة العامة وأن يعزز الشرطين السابقين باستخدام العقد لأساليب القانون العام في احتوائه على شروط استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص( )، مما تقدم يرى أصحاب الفقه العام والمؤيد لخضوع عقود الشراكة إلى العقود الإدارية تحقق هذه الشروط في عقد الشراكة من خلال لجوء الدولة إلى اختيار هذا النوع من العقود هو لإنشاء البنى التحتية ( المدارس والجامعات والمستشفيات والطرق العامة والجسور….الخ ) وهو ما يحقق وجود الدولة وموضوع العقد ويعزز سلطة الدولة ممثلة بوسائل القانون العام في احتفاظها بالصفة التنظيمية وقدرتها على تعديل بعض النواحي التنظيمية المتعلقة بالمصلحة العامة مع حفظ حق المتعاقد بالتعويض إن كان له حق( )، ويضيفون أصحاب هذا الرأي بانتفاء خضوع عقد الشراكة إلى القانون الخاص لان ذلك سيؤثر سلباً على المرفق العام الذي سيكون ذات علاقة متساوية بين الإدارة والمتعاقد والذي يضر المرفق والمنتفع ولا يحقق موضوع العقد الذي أنشئ من أجلة في إشباع الحاجات العامة وتحقيق الصالح العام، كما لا يمكن القول بوجود دور للقطاع الخاص في عقود الشراكة بأنه ينتقص من سلطات الإدارة أو يقيد استعمالها فهي تملك تجاه المتعاقد إذا ما اخل بالصالح العام وعطل سير المرافق العامة تعديل شروط العقد أو استرداده قبل انتهاء مدة العقد تحقيقاً للصالح العام( ).
الفرع الثالث
مدى خضوع عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى عقود القانون الخاص
يرى أصحاب هذا الرأي أن العقود التي تبرمها الدولة مع القطاع الخاص بغرض إنشاء مشروعات اقتصادية والتي من بينها عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص تخضع إلى قواعد القانون المدني، ويستند أصحاب هذا الرأي في دعم رأيهم على الآتي:
أولا: اتفاق الطرفين على تطبيق قواعد القانون العام
يفسر أصحاب هذا الرأي في إن العقود التي تبرمها الإدارة مع القطاع الخاص لتأهيل البنى التحتية وإقامة مشاريع اقتصادية تنموية متمثلة بعقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص وعقد امتياز المرفق العام فإنهم يرون أنها عقود مدنية من بيئة القانون الخاص إلا إذا قبل المتعاقد تغليب قواعد القانون العام على العقد وبخلافه تسري قواعد القانون المدني طبقاً لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين ومن نتائج ذلك حرمان جهة الإدارة من تضمين العقد أي شروط استثنائية ويكون طرفي العقد متساوين في الحقوق والالتزامات( ).
ثانياً: إبرام العقد وفقاً لآليات اقتصاد السوق
إن أبرام عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص يتم وفقاً لآليات اقتصاد السوق التي تقضي أن يبرم العقد أو أن يتم التعامل مع القطاع الخاص على قدم المساواة، دون تمتع احد المتعاقدين بشروط استثنائية عن الأخر وهو الآمر الذي لا يمكن أن يقبل في نطاق قواعد القانون العام التي تقضي بتمتع الإدارة بسلطات استثنائية تجاه المتعاقد معها وهو ما يجعل عقود الشراكة في ملعب القانون الخاص( ).
ثالثاً: عدم جواز إجراء تعديل أو تغيير للعقد
يعد عقد الشراكة من العقود ذات الطابع الاقتصادي الذي ينصب موضوعه على إقامة منشات حيوية ومرافق اقتصادية الأمر الذي يتطلب مبالغ مالية ضخمة وطائله وهذا يتطلب من المتعاقد مع الإدارة أن يشترط في العقد ما يحميه من خطر القرارات التي تصدرها الإدارة، فيشترط المتعاقد على أبرام العقد في ظل ثبات تشريعي وعقدي معين الأمر الذي يلزم الإدارة باحترام تعاقدها وعدم إصدار أي قانون أو تشريع جديد خلاف ما تم الاتفاق عليه، الأمر الذي يحرم الإدارة من تطبيق سلطات استثنائية وبذلك يكون العقد عقداً مدنياً وخارج نطاق العقود الإدارية وتكون في علاقة متساوية مع المتعاقد الأخر، ويضيف أصحاب هذا الرأي أن الواقع العملي في إبرام عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص يقرر فيه الأفراد ما يؤكد إن عقدهم مدني مثل عدم اختصاص مجلس الدولة بالمنازعات التي تترتب على هذه العقود وانعقاد الاختصاص للتحكيم والقضاء العادي والذي يلزم الأطراف بالالتزام ببنود العقد( ).
رابعاً: الصفة العالمية لعقود الشراكة
يستند أصحاب هذا الرأي إلى أن عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص تتمتع بصفه عالمية، ويعود ذلك إلى طبيعة موطنها انكلترا الذي يأخذ بنظام القضاء العادي، والذي يكون فيه موقف الإدارة والإفراد متساو عند إبرام العقد والذي يؤكد خضوع هذا العقد لموطن القانون الخاص هو ما دعا إليه الفقيه الانجليزي Darcy من رفضه تطبيق قواعد القانون الإداري على هذه العقود واحتفاظها بطبيعتها الخاصة؛ حيث أنكر هذا الفقيه مبدأ قبول وإرساء المناقصة على صاحب اقل عطاء، وحظر مبدأ دفع القليل لتحقيق ربح كبير مؤكداً قوله بأنه لا مانع من إضافة شيء لصاحب العطاء الأقل مقابل ما يتعرض له من مخاطر لقاء ما يتم دفعه من مبالغ في تنفيذ العقد مع تعزيز مبدأ المساواة لطرفي العقد( ).
إمام هذه الآراء رأى أصحاب هذا الرأي خضوع عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى مذهب القانون الخاص، ونرى بأنه حتى لو اشتمل عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص على ما تقدم من سمات فإنه لا يمنع من دخول الإدارة كطرف في العقد محتفظة بأساليب القانون العام وتلتزم في نفس الوقت مع المتعاقد بنصوص العقد المبرم بينهم، فغاية الإدارة من تملك الشرط الاستثنائي هو لتحقيق الصالح العام ودوام استمرار المرفق العام بانتظام واطراد، بالإضافة إلى إن الواقع العملي لتطبيق العقود الاقتصادية ومنها عقد الشراكة يؤشر بعدم اعتراض المستثمرين وأصحاب الشركات المتعاملة بهذه العقود إي تذمر تجاه ما يحتويه العقد من سلطات للإدارة تجاه المتعاقد، فمن غير المقبول تنازل الإدارة عن جزء مهم من وجودها داخل العقد بسبب توفر عنصر أجنبي، أو أن سيادة الدولة تسري داخل حدودها ولا تنطبق على الأجانب، أو أن مبدأ التجارة الدولية يقضي المساواة عند إبرام العقد، فجميع هذه الآراء لا تمنع من خضوع عقود الشراكة إلى جانب القانون العام واعتباره من قبيل العقود الإدارية لشرط مهم وأساسي وهو تعلق العقد واتصاله بالمرفق العام( ).
الفرع الرابع
اعتبار عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص ذات طبيعة خاصة
نتيجة للرأيين السابقين في تحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ظهر رأي وسط يستند على جوهر العقد ومضمونه لتحديد الطبيعة القانونية لعقد الشراكة، فهو لا يحدد ابتداءً إخضاع عقد الشراكة للقانون العام أو الخاص وإنما ينظر إلى كل عقد بصفة خاصة من خلال معرفة شروطه وإحكامه ثم تحديد ما إذا كان يقع ضمن روابط القانون العام والخاص( )، والأساس الذي يستند عليه أصحاب هذا الرأي يقوم على أن عقود الشراكة بين العام والخاص تعتبر من العقود الحديثة والتي تحتوي عند إبرامها على العديد من العناصر العقدية و تكون كل واحدة منها بمثابة عميلة عقدية مستقلة تبرز من خلالها إرادة إطراف العقد واتجاهاتهم في تحديدها، وكذلك تستوضح فيها سلطة الإدارة وموقفها منها ومثال ذلك كيفية إعادة المشروع إلى الدولة في عقد الشراكة بين القطاع العام والخاص، والاتفاق بين الطرفين حول تملك الأرض المقام عليها المشروع، ومدى قدرة الإدارة على الحجز على أموال المشروع والرسوم التي يحق لكل أطراف العقد الحصول عليها من الأفراد، حيث يختلف برأيهم التكييف القانوني للعقد نتيجة اختلاف واتفاق إطراف العقد على هذه العناصر والشروط العقدية التي من خلالها تميز عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص بأنه نابع من العقود الإدارية أو من قبيل عقود القانون الخاص( )، كما يقدم أصحاب هذا الرأي ما يثبت عدم الفصل مسبقاً في تحديد الطبيعة القانونية لعقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص من خلال السمة الذاتية لهذه العقود والتي قد تجمع في آن واحد صفات عقدين من القانون العام والخاص كما في امتلاك الشريك للأرض المقام عليها المشروع نتيجة ما يقوم به القطاع الخاص من تمويل للمشروع، فلا يمكن وفق هذا الرأي تحديد الطبيعة القانونية مسبقاً لعقود الشراكة بين القطاع العام والخاص وإنما لابد من معرفة ودراسة شروط العقد وإحكامه ومضمونه للوقوف على التفسير القانوني الصحيح، حيث أن هذه العقود ما زالت مدار للتغيير والتعديل نتيجة التطور التي يطرأ عليها وما تضمنه الدول من شروط داخل العقد وما يمليه عليها المستثمر من ضمانات وشروط تلبي رغبته في التحفيز على تنفيذ العقد، فالتجربة في تنفيذ هذه العقود وكثرة تطبيقها برأينا هي الفيصل في تطورها واستقرار إحكامها( ).
ومما تجدر الإشارة إليه، أن عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص في فرنسا يعد من العقود الإدارية التي يغلب عليها قواعد القانون العام، وتستند في ذلك على اتصال العقد بنشاط المرفق العام الذي يلزم على الدولة أن تكون بدور مميز عن المتعاقد معها من اجل الحفاظ على المصلحة العامة وتحقيق دوام انتظام سير المرفق العام بانتظام واطراد، وذكرنا فيما سبق أن فرنسا قد اقتبست عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص من انجلترا ومن المبادرة المالية (Pfl)، ولكن طورتها ووظفتها في خدمة النظام القانوني المتبع في فرنسا، الأمر الذي ساعد على سرعة انتشار وتطور هذا النوع من العقود كما في عقد امتياز المرفق العام (B.o.T)( )، وعلى صعيد الوضع القانوني لعقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مصر فقد أضفى القانون المصري الطبيعة الإدارية على عقود الشراكة بين القطاعين العام الخاص، وقد بين ذلك في القانون رقم 67 لسنة 2010 بشأن تنظيم المشاركة بين القطاع العام والخاص في مشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة فقد منح القانون الإدارة سلطات واسعة في رقابة المرفق ومراقبة شركة المشروع، إضافة إلى منح الجهة الإدارية الحق في تعديل شروط العقد وفق ما يحقق المصلحة العامة، علاوةً على حق الجهة الإدارية في إنهاء العقد قبل المدة المحددة وذلك لدواعي المصلحة العامة مع تعويض المتعاقد إذا كان له مقتضى في ذلك( )، وفي العراق ومع غياب قانون خاص صريح وواضح ينظم عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتناثر معظم الإحكام التي تخص شروط عقد المشاركة والمتعاقد مع الإدارة بين قانون الشركات العامة رقم (22) لسنة 1997 وقانون الاستثمار الخاص ببيع وإيجار أراضي الدولة لأغراض الاستثمار رقم (7) لسنة 2011هذا العقد يبقى من العقود التي تحتفظ فيها الدولة بالصفة التنظيمية التي يكون لها دور تجاه المتعاقد معها في أنها تنشئ من اجل تحقيق الصالح العام وإقامة المشاريع والبنى التحتية التي تدعم الخدمات التي يقدمها الصالح العام مع حفظ حقوق المتعاقدين والمستثمرين مع الإدارة في توفير ضمانات لهم بغية إشراكهم في تنفيذ مشاريع بصيغة عقد المشاركة بين القطاع العام والخاص كما أن وجود العنصر الأجنبي لا ينقص من سيادة الدولة في حماية مرافقها ودوام انتظامها واستمرارها وتحقيق غاية العقد في تأمين الخدمات العامة( ).
المطلب الثاني
الآثار المترتبة على تحديد الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص
فيما تقدم من المطلب الأول بينا الآراء الفقهية التي تناولت الطبيعة القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومن خلال عرض هذه الآراء وبيان الحجج التي تقدم بها كل رأي لإثبات انتساب عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى روابط القانون العام أم الخاص كان أكثر الآراء تمثيلاً وانسجاماً وتطبيقاً هو انتساب عقود الشراكة إلى عائلة العقود الإدارية، وتكمن أهمية تحديد التكييف القانوني لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص في معرفة القانون الواجب التطبيق والقضاء المختص الذي يحكم المنازعات الناشئة عن هذه العقود، وبناءً على ذلك سنقسم هذا المطلب إلى فرعين نبين فيهم الآتي:
الفرع الأول: تعيين القضاء المختص على المنازعات الناشئة عن عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
الفرع الثاني: تحديد القانون الواجب التطبيق على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
الفرع الأول
تعيين القضاء المختص على المنازعات الناشئة عن عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص
تظهر أهمية تعيين القضاء المختص على المنازعات الناشئة عن عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص في النظام القضائي للدول التي تأخذ بالقضاء المزدوج والقضاء والموحد، ووفقاً للدول الأخيرة لا تثير لديهم مسألة تعيين الجهة المختصة بالقضاء أي أهمية كون أن هذه الدول ذات نظام قضائي واحد ولا يقيم أي تفرقة بين الدولة والمتعاقد معها عند إبرامها إي من العقود ومن بينها عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ حيث يكون الطرفين متساويين في علاقة تعاقدية واحدة ومن هذه الدول هي بريطانيا وأمريكا، إما أهمية هذا التفريق تظهر في الدول ذات النظام القضائي المزدوج أي وجود جهتين للقضاء تطبق أحداها أحكام القانون الخاص على العلاقات الناشئة بين الإفراد فيما بينهم وقواعد القانون العام على العلاقات التي تربط الدولة بالأفراد في تعاقداتها ومن بينها ما نحن بصدده عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي تظهر أهميته في تحديد جهة القضاء التي تضفي عند فصلها في النزاع شروط استثنائية للعقد نتيجة وجود الدولة طرف فيه واتصاله بنشاط المرفق العام والذي تحتفظ الإدارة فيه بدور استثنائي مميز يهدف إلى الحفاظ على الأموال العامة والمصلحة العامة، وفرنسا هي من الدول ذات القضاء المزدوج وقد أخضعت المنازعات الناشئة عن عقودها الإدارية إلى محكمة القضاء الإداري وذلك عندما نصت على(أن اختصاص القضاء الإداري يتناول كل ما يتعلق بتنظيم وسير المرافق العامة قومية كانت أم محلية فالعقود التي تبرمها الإدارة في هذا الخصوص هي عقود إدارية بطبيعتها، ويجب أن يختص القضاء الإداري في كل ما ينجم عنها من منازعات)( )، وفي مصر وباعتبارها من الدول ذات القضاء المزدوج حيث أخضعت العقود التي تبرمها الإدارة إلى قواعد القانون العام واستقلت بذلك محاكم مجلس الدولة المصري في الفصل في المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية استناداً إلى قانون مجلس الدولة رقم 47لسنة 1972حيث نصت الفقرة الحادية عشر من المادة العاشرة على أن (تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المنازعات المتعلقة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريد أو بأي عقد إداري أخر)، الأمر الذي يمنح الحق لمحاكم مجلس الدولة النظر في جميع العقود الإدارية التي تبرمها الدولة ومن بينها عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطبيق أحكام القانون العام على الروابط التي تكون الإدارة طرفاً فيها( )، وفي العراق ومع حداثة هذا النوع من العقود ووجود جهتي القضاء الإداري والعادي إلا أن ما معمول به في العراق هو إخضاع المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية للقضاء العادي وذلك عندما حدد اختصاص محكمة القضاء الإداري على سبيل الحصر والتي لم يكن من بينها اختصاص القضاء الإداري النظر بالمنازعات الناشئة عن العقود الإدارية التي تكون الدولة طرفاً فيها وتشتمل على جميع الشروط التي تميز العقود الإدارية عن العقود المدنية( )، وهو خلاف ما تقدم بيانه في الدول ذات القضاء المزدوج كفرنسا ومصر التي أخضعت منازعات العقود الإدارية للقضاء الإداري، وهو ما يعد خللاً يجب تلافيه وإعادة الاختصاص في جميع العقود الإدارية للقضاء القضاء الإداري صاحب الاختصاص الأصيل بالنظر في المنازعات بالرغم من أن العراق قد عرف قواعد القانون العام وطبقها في المنازعات على العقود الإدارية قبل صدور قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 وكان يأخذ بنظام القضاء الموحد، حيث إن إخضاع العقود الإدارية للقضاء العادي يرجع بالضرر على الإدارة والأموال العامة نتيجة العلاقة المتكافئة بين إطراف العقد الأمر الذي لا يمكن قبوله أو التسليم به، وكان من نتائج ذلك خضوع جميع العقود الإدارية ومن بينها عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى القضاء العادي( ).
الفرع الثاني
تحديد القانون الواجب التطبيق على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص
بعد الاطلاع على الآراء الفقهية التي قيلت بشأن التكييف القانوني لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وكذلك بيان النظام القضائي المعمول به لدى الدول وأثره على تعيين الجهة المختصة بالنظر في المنازعات الناشئة عن عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص الأمر الذي يلزم من خلاله تحديد القانون الواجب التطبيق من قبل الدولة وإداراتها عند إبرام عقودها الإدارية ومن بينها عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فقد تبين لنا أن هذا النوع من العقود هو من العقود الإدارية تكون الدولة أو احد إداراتها طرفاً فيه ويتعلق بإقامة مرافق اقتصادية وبنى تحتية حيوية ويتعلق بنشاط مرفق عام التي تكون الدولة مسؤولة على إشرافه ورقابته من اجل ضمان استمراره تحقيقاً لصالح الأفراد، الأمر الذي يستلزم أن يكون من قبيل العقود الإدارية التي تتمتع بها الإدارة بصلاحيات واسعة تجاه المتعاقد معها( )، وهذا ما هو معمول به في الدول ذات القضاء المزدوج كفرنسا الذي أخضعته في جانب عقودها الإدارية ومن اختصاص قضائها الإداري والتي منحت الإدارة العامة سلطات واسعة تجاهه( )، والأمر هو ذاته ما معمول به في مصر الذي أخضعته لعقودها الإدارية وأسندت منازعاته لقضاء مجلس الدولة إضافة إلى ما منحه القانون رقم 67 لسنة 2010 بشأن تنظيم المشاركة بين القطاعين العام والخاص صلاحيات واسعة للإدارة في مجال الأشراف والرقابة وإنهاء العقد قبل مدته كما بيانه فيما سبق( )، إما في العراق ومع غياب تنظيم تشريعي واضح يحكم عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص فأن ذلك لا يمنع من اعتباره من قبيل العقود الإدارية التي تتمتع الدولة تجاه المتعاقد معها بسلطات واسعة تجعله في طرف اقل من الإدارة من خلال ما تشترطه تجاه المتعاقد من شروط غير مألوفة في عقود القانون الخاص مما يمكن القول انه من قبيل العقود الإدارية، والجدير بالذكر أن العراق يعتبر حديث التجربة في الأخذ بهذا النمط من العقود الحديثة التي لم يعرفها من قبل والتي جاءت نتيجة الانفتاح السياسي والاستعانة بتجارب الدول التي سبقته في هذا المجال، كما ويلاحظ أن العراق متردد في وضع تقنين تشريعي يحكم وينظم الأنواع المستحدثة من العقود ومن بينها عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص وذلك لعدم استقرار التجربة جيداً وهذا ما يجعلنا نجد النصوص مبعثرة التي تنظم هذه الأنواع من العقود بعضها نجده في قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997، بالإضافة إلى ما تصدره الحكومة من قرارات وضوابط بصورة متكررة من اجل السيطرة على إحكام هذه العقود وهو ما يؤكد في الأخير طبيعتها الإدارية بالرغم من إسناد اختصاصها إلى غير القضاء الإداري كما معمول به في دول القضاء المزدوج كفرنسا ومصر( ).
الخاتمة
بعد الانتهاء من دراسة الإطار القانوني لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص نسجل أهم النتائج والتوصيات التي توصل إليها البحث وكالآتي:
أولاً: النتائج
1- يعد عقد المشاركة بأنه أحد أساليب التعاقد الإدارية التي تعهد الجهة الإدارية بموجبه إلى أحد أشخاص القانون الخاص للقيام بتمويل مشروع استثماري من حيث القيام بالأعمال والتجهيزات الضرورية له واستغلال وإدارة المشروع وصيانته اثناء فترة التعاقد, مقابل ذلك تلتزم الإدارة بإعطاء المشارك مبلغ مالي متفق عليه مسبقاً في العقد تدفع له على شكل دفعات محددة.
2- نشأ عقد المشاركة ما بين القطاع العام والقطاع الخاص بادئ الامر في بريطانيا, ومن ثم انتشر في بقية الدولة كفرنسا ومصر والعراق.
3-تعد عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص من العقود ذات الطبيعة الاقتصادية تلجأ إليها الدولة من اجل إنشاء وتطوير البنى الأساسية من خلال الاستعانة بالقطاع الخاص وقدراته المالية والفنية على إن يسترد الأخير ما ينفقه عن طريق بدل مالي لتغطية ما ينفقه من أموال عن طريق الاتفاق بين المستثمر والدولة.
4-يعد عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص من العقود المتداخلة والتي تحتوي كل منها على وصف قانوني محدد، وهذا يرجع إلى التأثير المتبادل بين الإدارة والمستثمر نتيجة الطبيعة الاقتصادية للعقد والأموال الطائلة التي ينفقها المستثمر في تنفيذ العقد تقتضي من الدولة تقديم بعض الضمانات والإعفاءات للمستثمر، أو إقامة علاقات عقدية في بعض جوانب العقد تكون اقرب إلى روابط القانون الخاص منه إلى القانون العام.
5-يعد عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص من العقود ذات الطبيعة الإدارية التي تتمتع الإدارة بها مع المتعاقد بشروط استثنائية من خلال تضمين العقد أساليب القانون العام، وذلك بوجود الإدارة طرفاً في إبرامه فضلاً عن الغاية من إبرامه في تقديم خدمات عامة لجمهور المنتفعين، الأمر الذي يستلزم دوام انتظام سير المرافق العامة وتحقيق الصالح العام، ولا يمكن لغير الإدارة أن تحقق ذلك؛ وهذا ما دعا خضوع منازعاته للقضاء الإداري في دول القضاء المزدوج كفرنسا ومصر نتيجة لحماية المرافق العامة خلافاً للقضاء العراقي حيث يختص القضاء العادي بمنازعات العقود الإدارية.
ثانياً: التوصيات
1-ضرورة وضع تقنين تشريعي منظم لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص في العراق وذلك لأهمية هذه العقود ودورها في إقامة مشاريع البنى التحتية، لا سيما وان العراق يشهد حملة من الأعمار في مختلف المجالات التي من الممكن أن تقام من خلال عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص وذلك لتوفير السيولة النقدية لدى الدولة في اعتماد هذا النوع من العقود والاستفادة من خبرات القطاع الخاص ولتوفير الشفافية وتهيئة بيئة صالحة للمستثمرين في هذه العقود الأمر الذي لا يتحقق إلا من خلال تشريع خاص بهذه العقود.
2- ضرورة إسناد هذا النوع من العقود إلى القضاء الإداري، فلا يمكن أن يكون العراق من دول ذات القضاء المزدوج ولديه قضاء متخصص لمنازعات الدولة وإخضاع عقودها الإدارية للقضاء العادي الذي يختص بمنازعات الأفراد الأمر الذي يرجع سلباً على الإدارة نتيجة وضع الإدارة والمتعاقد في علاقة متساوية وهذا ما يخالف طبيعة العقود الإدارية من احتوائها على شروط استثنائية.
3- تعزيز دور الهيئة العامة للاستثمار في إقامة لجان مشتركة بين وزارات الدولة ومؤسساتها المعنية بإقامة مشروعات بنى تحتية عن طريق طرح هذا النوع من عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتسهيل الإجراءات الإدارية والفنية تحقيقاً لمدى الاستفادة من هذه العقود في مجالات الخدمات العامة وتوفير السيولة النقدية للدولة وتهيئة فرص عمل وتحريك الاقتصاد الداخلي.
4- تعزيز دور الشركات العامة في تطوير نظامها الداخلي بما ينسجم مع الطبيعة القانونية والاقتصادية التي تتفق مع أحكام ومبادئ عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي يتيح لها الحرية في مواكبة التطورات الاقتصادية التي من الممكن أن تعود على البلد بفائدة في تطوير وتشييد قطاع البنى التحتية.
المراجع
أولاً: الكتب العربية
1- د. احمد سيد احمد محمود، التحكيم في عقود الشراكة، دار النهضة العربية، القاهرة, من دون سنة نشر.
2- د. الياس ناصيف، العقود الدولية عقد البوت B.O.T في القانون المقارن، منشورات الحلبي الحقوقية، ط1, 2011.
3- بشار جميل عبد الهادي، العقد الإداري، الجوانب القانونية والإدارية والأدبية، دراسة تحليلية وحلول مقترحة، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن،2015.
4- د. حسن الهنداوي، مشروعات، (B.O.T)، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007.
5- د. حمادة عبد الرازق حمادة ،عقود الشراكة (PPP) ،دار الجامعة الجديد ،الإسكندرية ،سنة 2014.
6- د. حمادة عبد الرازق حمادة، النظام القانون لعقد امتياز المرفق العام، دراسة في ظل القانون رقم 67 لسنة 2010 بشأن تنظيم المشاركة بين القطاعين العام والخاص في مشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة ولائحته التنفيذية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية, من دون سنة نشر.
7- د. رجب محمود طاجن، عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010
8- ستيف هانكي ، تحويل الملكية العامة الى القطاع الخاص والتنمية الاقتصادية ، ترجمة محمد مصطفى غنيم ، دار الشروق ، بيروت, 1990 .
9- د. سعاد الشرقاوي، العقود الإدارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007.
10- د. عبد السلام احمد هماش ، ود. يوسف عبد الحميد المراشدة ، عقود المشاركة وسيادة الدولة ، المنظمة العربية للتنمية الإدارية ، القاهرة ، 2008.
11- د. مازن ليلو راضي، القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية، مصر، 2005.
12- د. محمد بهجت فايد، إقامة المشروعات الاستثمارية وفقاً لنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T)، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000.
13- د. محمد عبد المجيد اسماعيل، القانون العام الاقتصادي والعقد الاداري الدولي الجديد، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010 .
14- محمد وليد العبادي، طبيعة القانون الذي يحكم العقد المبرم مع المستثمر الأجنبي، الأردنية للقانون والعلوم والسياسة، 2013.
15- مصطفى عبد المحسن الحبشي، الوجيز في عقود (B.O.T )، دار الكتب القانونية، القاهرة، 2008.
16- د. نواف كنعان، القانون الإداري، الكتاب الثاني، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، 2007.
17- د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2001.
ثانياً: الرسائل والاطاريح
1-عبد الجبار علي محمد المشهداني , النظام القانوني لشركات القطاع المختلط , دراسة مقارنة , رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة بغداد , 1981.
2- فيصل زيدان سهر، الشراكة بين قطاعي الصناعة العام والخاص في ظل متطلبات الإصلاح الاقتصادي في العراق، أطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية الإدارة والاقتصاد ، جامعة بغداد ، 2014 .
3- مدلول حشاش الظفيري، الأساس القانوني لعقود(B.O.T) في ظل كل من القانون الأردني والكويتي، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، الجامعة الأردنية, من دون سنة نشر.
ثالثاً: البحوث القانونية
1- د. احمد السعيد الزقرد، عقود(B.O.T) وآليات الدولة العالمية، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي السنوي السادس لكلية الحقوق، جامعة المنصورة، المنعقد في 26-27 مارس 2002.
2- د. أكثم الخولي، الاتجاهات الكبرى في مشروع القانون العام، بحث منشور في مجلة إدارة قضايا الدولة، السنة الثالثة، العدد الثاني، أبريل- يونيه 1959.
3- د. سامية عمار, محللات الاستثمار الخاص في الاقتصاد المصري, بحث منشور في مجلة مصر المعاصرة الصادرة من الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع, العدد 453, السنة التسعون, يناير-إبريل/ 1999
4- د. عبد المجيد اونيس ، التنمية المستدامة ومستقبل المنطقة العربية : الشراكة الاقتصادية ودورها في تحقيق التنمية المستدامة ، بحث منشور في مجلة ناصر الأممية ، طرابلس ، ليبيا ،العدد الأول ،2006 -2007 ، ص45 .
5- د. صفاء محمود السويلميين، الاختصاص القضائي لمنازعات العقود الإدارية، مجلة دراسات الشريعة والقانون، العدد الرابع والعشرون، السنة الأولى، 2015.
6- د. لبانة مشوح ،الترجمة والتنمية الفكرية ،القطاع الاداري نموذجاً، بحث في مجلة جامعة دمشق ، المجلد 27 ، العدد الثالث والرابع ، 2011.
7- د. محمود سمير الشرقاوي، مفهوم العقود التجارية والدولية وفقاً لقانون التحكيم المصري الجديد، بحث منشور بمجلة التحكيم المصري، العدد الأول مايو 1999.
8- د. هاني صلاح سري، الإطار القانوني لمشروعات البنية الأساسية التي يتم تمويلها عن طريق القطاع الخاص بنظام البناء والتملك والتشغيل والتحويل في مصر، بحث منشور بمجلة القانون والاقتصاد، العدد رقم 69، سنة 1999.
رابعاً: المجموعات القانونية
1- مجموعة الأحكام القضائية في مصر لسنة 11 .
خامساً: القوانين
1- قانون مجلس الدولة رقم (65) لسنة 1979.
2- قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997.
3- قانون المناقصات والمزايدات رقم (86) لسنة 1998.
4- قانون رقم (7) لسنة 2011 الخاص ببيع وإيجار أراضي الدولة والقطاع العام لأغراض الاستثمار.
5- قانون مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة رقم 67 لسنة 2010 .
6- قانون تنظيم المشاركة المصري رقم (67) لسنة 2010 .
سادساً: الأوامر
1- الأمر المنظم لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص الفرنسي رقم 559/ 2004.
2-قرار مجلس الدولة العراقي رقم( 58 ) لسنة 2009
3-قرار مجلس الوزراء العراقي المرقم (492) لسنة 2013
سابعاً: الكتب الأجنبية
1-Darcy(M) Commencial law Development prognam, presented to the internathional conference on , successful, B.O.T Progects, in Egypt, Le Meridian Hotel, 1999
2-David parker , Keith Hartley , op cit
3-Graheme Allen , the private finance lnitiative , economic policy and statistics section – house of commons library , 2003,
4-Savas Emanuel , privatzation and public-private partnerships , chatham house publishers NEW YORK , 2000
5-Elizabeth Bennett , peter Grohman , Brad Genty , public-private partnership for the urban Enviroment , options and issues , UNDP , new york , 1999 . .
ثامناً: المواقع الالكترونية
ppp. worldbank .org ,legislation.
www.conseil constitutlonnel.f.
www.credit libananis .com.
www.local partnerships. org .uk.
www.mof.gov.4g/arabic.
مارس 11, 2021
2 35 دقائق