الاختصاص في نظر الجريمة الإرهابية العابرة للحدود
الاختصاص في نظر الجريمة الإرهابية العابرة للحدود
الاختصاص في نظر الجريمة الإرهابية العابرة للحدود
القاضي د. صفاء الدين الحـﭽـامي
نظراً للبعد الدولي للإرهاب ولضمان عدم حصول الإرهابيين المشتبه بهم على ملاذ آمن, وفّرت الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المناهِضة للإرهاب قواعد قانونية للتعاون القضائي غير محدودة جغرافياً, تُمكن السلطات الوطنية في الدول الأطراف من إجراء تحقيقات فعالة عبر الحدود, وتيسر التحقيقات والملاحقات الجنائية عندما تنطوي الجرائم المرتكبة على عنصر خارجي,وأقرت قواعد بسيطة ودقيقة تسمح للقضاة بمعرفة الأسس التي يمكنهم أن يقيموا عليها ولايتهم القضائية لملاحقة مرتكبي الأعمال الإرهابية, وبالرغم من تزايد النشاطات الإجرامية الإرهابية وامتداد أثار الجريمة الواحدة إلى أكثر من دولة, إلا أن الاتفاقيات الدولية لم تقلل من أهمية الاختصاص الإقليمي كضابط اختصاص أساسي لتحديد ولاية الدولة القضائية.
ويتفق الّتَشْريعُ العراقي مع الإتفاقيات الدولية في الاعتراف بالاختصاص الإقليمي كضابط اختصاص أساسي وذلك في قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل حيث نص على مبدأ الاختصاص الاقليمي في المادة (6) منه، وهذا المبدأ يتضمن خضوع جميع الجرائم التي ترتكب في العراق لولاية القضاء والقانون العراقي بغض النظر عن جنسية أو صفة مرتكبها,وتُعد الجريمة مرتكبة في العراق إذا وقع فيه فعل من الأفعال المكونة لها أوإذا تحققت فيه نتيجتها أو كان يراد أن تتحقق فيه, وفي جميع الأحوال تسري ولاية القضاء و القانون العراقي على كل من ساهم في جريمة وقعت كلها أو بعضها في العراق ولو كانت مساهمته في الخارج سواء كان فاعلا ام شريكا, ويشمل الاختصاص الإقليمي للعراق أراضي جمهورية العراق وكل مكان يخضع لسيادتها بما في ذلك المياه الإقليمية والفضاء الجوي الذي يعلوها…كما أخــذ المشرع العــراقي بالاختـصاص العــيني في المادة (9)ق.ع وأخضع لولاية القضاء و القانون العراقي الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي والداخلي… بغض النظر عن جنسية مرتكب تلك الجرائم أو مكان ارتكابها,وأخذ المشرع العراقي في المادة (10)ق.ع بالاختصاص الشخصي فكل عراقي ارتكب وهو في الخارج فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً في جريمة تُعد جناية أو جنحة بمقتضى القانون العراقي يعاقب طبقاً لأحكامه إذا وجد في الجمهورية وكان ما ارتكبه معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذي وقع فيه…كما أخذ المشرع العراقي في المادة (13)ق.ع بالاختصاص الشامل (مبدأ عالمية القانون الجنائي)وأخضع لولاية القضاء والقانون العراقي كل من وجد في العراق بعد أن ارتكب في الخارج بوصفه فاعلاً أو شريكًا جريمة من جرائم تخريب أو تعطيل وسائل المخابرات والمواصلات الدولية أو الإتجار بالنساء أو بالصغار أو بالرقيق أو بالمخدرات.
لذا فإن للقضاء العـراقي اخـتـصاصاً جـنائـياً لـملاحـقة كـافة مـرتـكـبي الجـرائـم الإرهابية داخلياً بغض النظر عن جنسية الجناة أو محل وقوع الجريمة,استناداً للقوانين الوطنية المنظمة للاختصاص الجزائي والاتفاقيات الدولية التي تنظم التعاون القضائي بين الدول.
وعلى الرغم من ذلك وبغية مواجهة خطر جرائم الإرهاب الدولي نتمنى على اْلُمَشّرع العراقي تعديل نص المادة (13) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل وذلك بإضافة الجرائم الارهابية لجرائم الاختصاص الشامل. *
* عن مجلس القضاء الاعلى