الاقتصاد العراقي والرؤية المستقبلية
عودت ناجي الحمداني
2012 / 9 / 4
الاقتصاد العراقي والرؤية المستقبلية – 1
يعيش الاقتصاد العراقي منذ الثمانينات وبعد تغيير النظام في نيسان 2003 ازمة مزمنه. فبالرغم من الثروات النفطية الضخمة والوفرات المالية الكبيرة التي يمكن ان تنقل العراق الى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا واجتماعيا , فان الاقتصاد العراقي يتعرض الى صدمات ونوبات قوية مما ادى الى زيادة ارتبطه بالسوق الخارجية وتحوله الى قطاع مستورد للسلع الاستهلاكية.
وللتعرف على حالة الاقتصاد العراقي الراهنه وافاق تطوره نتناول القضايا الاساسية الاتية :
1- مقومات الاقتصاد العراقي
يصنف العراق من الدول الغنية بسبب ما يملكه من ثروات طبيعة ضخمة كالنفط والغاز والكبريت والفوسفات والموارد البشرية المؤهلة . وبسبب ما يتمتع به من ببيئة خصبة وملائمة لاقامة زراعة عمودية وافقية متطورة وواعدة بتحقيق الاكتفاء الذاتي وبتحقيق فائض اقتصادي للتصدير الخارجي . الا ان سياسات النظام السابق والظروف السياسيه والامنيه والاقتصاديه التي عاشها العراق بعد تغيير النظام ادت الى هجرة الكفائات العلمية الى الخارج بحثا عن الامان والاستقرار.
فالموارد البشرية المؤهله علميا وتكنولوجيا من اهم مقومات الاقتصاد وهي العامل الحاسم في تطور المجتمع ، ويعتبر راس المال البشري حجر الاساس في تطور اقتصاديات البلدان الاكثر تقدما اقتصاديا وعلميا وتكنولوجيا في العالم .
وتقدر الاحتياطات النفطية في العراق بنحو112 مليار برميل , وهو ما يعادل 11% من الاحتياط النفطي العالمي . وتشير الابحاث النفطية وعمليات التنقيب الحديثة الى ارتفاع احتياطي العراق من النفط الى نحو 360 مليار برميل مما يرجح العراق الى الدولة الاولى بالاحتياطي النفطي في العالم . ويقدر الخبراء ان العراق بامكانه الاستمرار بطاقتة الانتاجية الحالية (3,200 مليون برميل ) لثلاثة قرون ونصف من الزمن. وتقدر وزارة النفط العراقية احتياطي العراق من الغاز بنحو 9250مليار متر مكعب اي بنسبة6% من احتياطي الغاز العالمي . وينتج العراق قبل دخوله الحرب مع ايران 3,600 مليون برميل في اليوم . يصدر منها 3,200 مليون برميل والباقي للاستهلاك المحلي.
ويملك العراق 73 حقلاً بترولياً وعدد الآبار المنتجة تتراوح بين 1500 ـ 1700 بئر . ومن المتوقع ان يزداد عدد الابار المنتجة الى 100 ألف بئر بعد استكمال عمليات التنقيب الجارية .
و أهم الحقول النفطيه المنتجه هي :
1- حقل الرميلة ويبلغ انتاجه النفطي 3 الف برميل يوميا و فيه أكثر من 663 بئراً منتجاً.
2- حقل القرنة وينتج يوميا اكثر من 225 ألف برميل
3- حقل الزبير وانتاجه اليومي 220 ألف برميل .
4-. حقول مجنون وهي احد حقول النفط الضخمة ويقدر احتياطها النفطي 100 مليار برميل .
5- حقول كركوك ويبلغ انتاجها اليومي 1,5مليون برميل ويعتبر نفطها من اجود انواع النفط الخام في العالم .(1)
واهم قطاعات الاقتصاد العراقي هي قطاع الزراعة وقطاع الصناعة وقطاع الثروة الحيوانية وقطاع الصناعة الاستخراجية و الصناعة التحويلية وقطاع الخدمات. و تقدر الارضي الزراعية بنحو 17,5 مليون هكتار. وان زراعة 40 % فقط يكفي لتحقيق الاكتفاء الذاتي . وتقدر مساحة الارض الصالحة للرعي بنسبة 10% .
والعراق من البلدان الزراعية فهو ينتج انواع مختلفة من المحاصيل الزراعية كالقمح والشعير والرز والذرة والقطن وانواع متعدة من الفواكه كالبرتقال والتفاح والرمان والعنب والخوخ والمشمش والاجاص والتين والعرموط والرارنج والنومي والكرز . كما ينتج انواع مختلفة من الخضروات وفيه حوالي 400 صنف من التمور . وويحتل العراق المرتبة الاولى في العالم بانتاج التمور فحتى عام 1978فانه ينتج 80% من انتاج التمور في العالم .
وتتوفر في العراق انواع من المعادن و خامات الحديد و النحاس و المنغنيز و الرصاص و الزنك و الملح و الجبس الخام. وكميات كبيرة من الكبريت والفوسفات. فالعراق المصدر الاول للكبريت في العالم. ويقدر احتياطه غير المستخرج من الفوسفات بين 8 – 12 مليار طن مما يؤهله ان يحتل المرتبة الثانية بانتاج الفوسفات عالميا.
وتوجد في العراق صناعات خفيفة ومتوسطة قادرة على سد الطلب المحلي اذا جرى اعادة تاهيلها كمصنع الحديد والصلب والصناعات الغذائية ومواد البناء والنسيج ومصنع تجميع السيارات والجرارات وصناعة البتروكيمياويات والاسمدة ومحطات تكرير النفط وبعض مصانع الادوية .ويمتلك العراق ثروة حيوانية تتمثل في الأغنام و الماعز و الأبقار و الجاموس و الإبل. كما يمتلك مزارع للدواجن و بحيرات إصطناعية لتكاثر الأسماك تساهم في سد جزء كبير من الإستهلاك المحلي.
ان نمو وتطور القطاعات الإقتصادية يعتمد على مدى تطور انتاج القطاع النفطي وزيادة وارداته وعلى كيفية ادارة وتعبئة الموارد المالية وكيفة الاستفادة من خبرات ومهارات القوى العاملة والكفاءات العلمية والادارية. ويقدر عدد الكفاءات العراقيه المهاجره الى الخارج باكثر من 100 الف كفائة علمية من العلماء والاطباء والمهندسين والاساتذه الجامعيين وغيرهم من الخبرات الكبيره. ويمكن للعراق الاستفادة من هذة الكفاءات بتهيئة الظروف الاقتصادية والاجتماعية لتشجيعها على العودة الى العراق والاستفادة من طاقاتها المبدعة في اعادة البناء والاعمار وخطط التنمية .
والملاحظات التي يمكن ان نسجلها على السياسة الاقتصادية في العراق هي:
1- ان السياسات الاقتصادية التي طبقت في العراق منذ عام1951 وحتى الوقت الحاضر عجزت عن احداث تغيير جوهري في البنية الاقتصادية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقرار الاقتصادي.
2- ان التنمية الاقتصادية ركزت على اقامة مشروعات الصناعة الاستهلاكية والكمالية ولم تخطط لاقامة صناعات تقيلة تخدم التطور الاقتصادي اللاحق.
3- لم تعر الدولة العراقية اهتماما كافيا لتطوير القطاع الزراعي الذي يعتبر الاساس المتين لتطور القطاع الصناعي ومصدرا اساسيا لتوفير الغذاء .
4- غياب الرؤية الاقتصادية للدولة العراقية خصوصا بعد تغيير النظام في 2003وحتى الوقت الحاضر وتزايد اعتمادها على الاستيراد الخارجي.
5- ان الانفتاح غير المنضبط على الاسواق الخارجية الحق ضررا كبيرا في الاقتصاد العراقي وعزز تبعيته للسوق الراسمالية .
ونستنتج من ذلك ان الاقتصاد العراقي بامس الحاجة الى خطط طواريء سريعة لاعادة تاهيل وتطوير قطاعاته المختلفة واستئناف مسيرته التنموية المتوقفة منذ عام 1980. *
* عن الحوار المتمدن..