القانونيةالمقالات والبحوث

البحث والتطوير في قانون الشركات العامة ــ النسبة الغائبة ــ

البحث والتطوير في قانون الشركات العامة ــ النسبة الغائبة ــ

البحث والتطوير في قانون الشركات العامة -النسبة الغائبة-

الدكتور محمد صباح علي

رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والأقتصادية

بالرجوع إلى قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 والنظر إلى فصولة وتحديدا الفصل الثالث منه، الذي جاء بعنوان الأرباح والخسائر؛ الذي نظم فيه آلية توزيع إيرادات الشركات العامة الممولة مركزيا وذاتيا بين الخزينة العامة للدولة ونسب الأرباح للموظفين وأعضاء مجلس إدارة الشركة وحسب ما بينته مواد الفصل أدناه :

الفصل الثالث الأرباح والخسائر

مادة 11
أولا – يقصد بالربح الصافي لأغراض هذا القانون زيادة الإيرادات على المصروفات الظاهرة في حساب الأرباح والخسائر للسنة المالية للشركة المنتظم وفق التشريعات النافذة والأنظمة والأعراف المحاسبية المعتمدة والمدقق من قبل ديوان الرقابة المالية والمصادق عليه من قبل الجهة المخولة قانونا
ثانيا – تستبعد الأرباح والخسائر الرأسمالية وأية أرباح أو خسائر ناجمة عن النشاط غير العادي للشركة من الربح القابل للتوزيع لأغراض توزيع حصة العاملين
ثالثا – لا يزيد الربح القابل للتوزيع على نسبة 30% ثلاثين من المئة من كلفة النشاط الجاري ويحول ما زاد على ذلك إلى وزارة المالية
رابعا – يتم توزيع الربح المنصوص عليه في البند ثالثا من هذه المادة وفق النسب الآتية
خمس وأربعين من المئة 45% للخزينة العامة . 1
2- ثلاث وثلاثين من المئة   33% حوافز ربح لموظفي الشركة وللمتميزين منهم ولأعضاء مجلس الإدارة وموظفي مركز الوزارة وفق نسب وضوابط يضعها مجلس الإدارة وبمصادقة الوزير
– خمس من المئة 5% للبحث والتطوير3
– خمس من المئة  5% للخدمات الاجتماعية للعاملين4

5  المتبقى منه لاحتياطي رأس المال
خامسا – لمجلس الوزراء زيادة أو تخفيض النسب الواردة في البندين ثالثا و رابعا من هذه المادة في ضوء نتائج النشاط والظروف الاقتصادية.

ويعد ما تقدم من مواد الفصل أعلاه بمثابة دستور للشركات العامة تسيير عليه في توزيع إيراداتها بعد استخراج المطلوب من الفقرات المذكورة وبرغم ما يحصل من تمييز في توزيع هذه الحوافز وعدم تنفيذ هذا القانون في توزيع الأرباح وتجاهل حقوق الموظفين بدواعي وحجج ليس لها أساس من القانون، وسكوت الرئيس الإداري الأعلى في المؤسسة عن المطالبة بحقوق موظفيه لأسباب يعلمها الجميع ولعل أولها استدامة البقاء في المنصب والحذر من أن تخدش المطالبة بهذه الحقوق مشاعر الآخرين من الذين يتم تقديم الولاء والطاعة لهم. وبالعودة إلى موضوع المقال وفكرته التي تكمن في الفقرة (3) من المادة (11) من قانون الشركات العامة انف الذكر الذي خصص نسبة 5% من إيرادات الشركة للبحث والتطوير كنسبة ثابتة لا يمكن التلاعب بها وتكون قابلة للزيادة وغير قابلة للنقصان؛ كون البحث والتطوير يمثل العمودي الفقري وبوصلة نجاح الشركات وخصوصا شركات التمويل الذاتي التي تسهم بنصيب معين من إيرادها  للموازنة العامة بالإضافة إلى تنمية خطة الشركات في تعظيم الإيرادات وضغط النفقات الذي جاء به قانون الموازنة العامة لسنة 2021 وقرارات مجلس الوزراء انسجاما مع تراجع أسعار النفط  وضعف الدولة في الوفاء بالتزاماتها. أن تلك النسبة المحددة في القانون لأغراض البحث والتطوير التي تمثل مبالغ كبيرة وخصوصا في الشركات النفطية والشركات الرابحة ذاتية التمويل غائبة وموجودة على ورق القانون فقط وتهدر على خلاف الغرض المخصص من أجله، فلن يتم استثمار تلك الفقرة في الأبحاث والتطوير وتنمية مهارات الموظفين ورفع قدرات وطاقات الموظفين ضعيفي ومحدودي التعليم في المؤسسات، والاعتماد يكون على ما يتم إقامته من دورات داخلية معادة ومستهلكة وغير ذي نفع ولا جدوى وغالبيتها تحتوي على أخطاء عديدة موضوعية وفنية ومستلة من الأبحاث ورسائل الماجستير وشبكة المعلومات الدولية (الانترنيت) إن لم تكن مسروقة غالبيتها، ولعل المراقب والمراجع للدوائر بشكل عام يلمس ذلك من قريب من خلال ضعف التدريب والتطوير بمجمله التي تبدأ من خلال الكتب الرسمية التي تحتوي على أخطاء وضعف الأسلوب وعدم فهم المراد منه وعدم معرفة استخدام الحاسوب من قبل آخرين وعدم تنمية أسلوب الموظف في التعامل الحسن مع المُراجع وتدريبه على هذه الثقافة، بالإضافة إلى سوء التقسيم وتوزيع العمل داخل المؤسسة. ويمتد ذلك إلى المدراء العاميين محدودي الأفق الذين ليس لديهم أي فهم وانعكاس على طبيعة نشاط مؤسستهم على الصعيد الدولي أو الإقليمي أو تقديم استشراف مستقبلي بالنسبة لمستقبل عمل المؤسسة التي يرأسونها، وقد تلجأ تلك الشركات لتدارك ذلك إلى إرسال الموظفين إلى بعض الجامعات الحكومية أو المراكز التابعة لوزارة التخطيط أو إرسالهم إلى دورات إلى الإقليم –التي تعرف بدورات(الترفيه)- والحقيقة أن ذلك غير مجدي نفعا بالرغم من المبالغ التي تنفق لتلك الدورات التي يقتصر مضمونها على المجال النظري العام غير المفيد والمطور للعمل كونها مقتصرة على ترفيع الموظف لانتقاله إلى درجة وظيفية لاحقة، ناهيك عن شريحة حملة الدراسات العليا المستثناة قانونا من الدورات بالإضافة إلى التهميش الحاصل لهم في الوزارات والشركات العامة فيحرمون من التطوير والتدريب من لحظة التعيين إلى لحظة الإحالة على التقاعد -إلا إذا كان ذلك بجهد شخصي متعلق بالشخص ذاته-، ولم تبادر المؤسسة في رفع المستوى البحثي وزجهم بدورات نوعية حقيقية داخل أو خارج الجمهورية أو الانفتاح على مراكز الأبحاث المرموقة دوليا المتخصصة في النشاط الذي تمارسه الشركات أو إشراكهم في القرار الإداري لتعزيز مجال البحث العلمي في المؤسسة العامة والإيمان بثقافة وجود خطط وأفكار جديدة ومتجددة ناتجة عن عملية البحث والتطوير التي لم تناقش في الأصل داخل مجالس إدارة الشركات ووضع أساليب للتطوير مثلما ارتقت معظم الدول الإفريقية وشرق آسيا والدول الخليجية الصاعدة التي سبق وكانت نامية وباتت اليوم نمور في الاقتصاد وجودة التعليم من خلال العمل على تنمية الثروة البشرية واستخدام الخطط العلمية في رفع طاقات البحث والتدريب والتطوير. وإما إذا وقفنا عند الأقسام المتخصصة بالتدريب والتطوير في بعض الوزارات  والشركات سترى الغريب والعجب فيمن يقود هذه الأقسام حيث يقع الاختيار على أدنى من فيها ليقود أعلى من فيها ولا يدرك شيئا عن أفاق ومستقبل البحث والتدريب والتطوير وتراه متفرغ ومسخرا قواه لتشديد البيروقراطية والمطالبة بالمزيد من الروتين الإداري لاستعماله كسلاح لقتل كل الأفكار النافعة لرقي العمل من أجل المحافظة على المنصب والذي يعد برأينا جريمة يجب العقاب عليها لأنها ظاهرة من ظواهر الفساد الإداري تطبق على كل من يطلب بتشديد الروتين لأغراض ومآرب تصب في مصلحة شخصية وذاتية أو لحرمان آخرين من حقوقهم. ولتطبيق ما نص عليه القانون ولضمان الحفاظ على المال العام وعدم التلاعب في هذه النسب من تحويلها لأوجه أنفاق أخرى نرتأي التعاقد مع الخبراء من أبناء المؤسسة المتقاعدين الذي عملوا فيها  فترة طويلة لغرض الاستفادة من خبراتهم ونقلها إلى الموظفين وكلً في مجال اختصاصه مقابل مبالغ مالية تحدد على ضوء مؤهلاتهم وخبراتهم يقودون مجال البحث والتطوير من خلال تكليفهم ببناء إستراتيجية متكاملة إدارية ومالية وفنية تعتكز عليها الشركة ويكون أفضل إذا مزجوا ذلك مع حملة الشهادات العليا المعينين ضمن الملاك العام للشركة وسيكون أفضل من الأموال التي تهدر بدون عائد وجدوى وأفضل من الدورات الداخلية التي يكون هم الموظف الذي يلقي الدورة  هو مبلغ الدورة وكتاب الشكر والتقدير وأيضا أنجع من دورات الترفيه التي لم نجد أي مردود لها يتفق مع مبدأ تعظيم الإنتاجية . فمهمة هؤلاء الخبرات تصب في مواجهة المشاكل وإيجاد الحلول لها بشكل حقيقي من خلال ما واجههم سابقا وإثراء الحل بالشكل الذي يخدم المؤسسة مع أقامة دورات وندوات متخصصة لكل قسم وبمواضيع من صميم العمل وليس عامة ومستهلكة ليخرج المتدرب قادر على التعامل والمواجهة وبإمكانه الاستعانة بهذه الخبرات دائما التي ستكون قريبة منه. وعلى مجلس الوزراء واستنادا للمادة خامسا من القانون موضوع البحث تنفيذ هذا المقترح لنقل الخبرات التي بلدنا اليوم بأمس الحاجة لها، ويتفق الجميع أن أسس التعليم في العراق بعد انتشار التعليم الخاص يواجه عقبة في التطوير ولا يمكن الاعتماد على مخرجاته  في بناء منظومة تطويرية، وما نراه من إعداد متزايدة من الدارسين في الداخل والخارج وعلى مستويات درجات التعليم العالي والأولي هو كثرة على حساب الجودة وبالنتيجة فأن المخرجات بحاجة إلى إعادة صقل وزجها مع خبرات عملية نشأت رصينة ومارست صحيحا وأدارت ونجحت عندها ستَكمل الخبرة المعرفة النظرية وتوازن هذا الاختلال بخبرات وكوادر مهنية وطنية بأقل الأسعار وبنوايا مخلصة.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى