اللجنة الاقتصادية

البديل عن الاقتراض الخارجي

البديل عن الاقتراض الخارجي

اجتمعت اللجنة الاقتصادية في مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية بتأريخ 27/6/2020 لوضع البديل عن الاقتراض الخارجي.

م/ البديل عن الاقتراض الخارجي
(لا توجد وجبة مجانية)

ان اللجوء الى الاقتراض الخارجي هو اسوء الحلول، وهو ليس حل؛ وانما خلق ازمة مستقبلية فمديونية العراق الخارجية البالغة اكثر من 115 مليار دولار تعني ان كل فرد عراقي منذ ان يولد هو مدين للخارج بألاف الدولارات.
ان المصادر الحكومية تتستر على الارقام الحقيقية التي بلغتها ديون العراق الخارجية، وهي في احسن الاحوال لا تقل عن 115 مليار دولار، وبحسب ما صرح به النائب احمد مظهر الجبوري الى صحيفة المستقبل الجديد يوم الاثنين22 ايلول 2019 ان ديون العراق الخارجية تجاوزت 125 مليار دولار.
ووفقاً لما اعلنته وزارة التخطيط العراقية، أن إجمالي ديون العراق حتى عام 2019 بلغ 115 مليار دولار، واكد ذلك المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي فى تصريحات لقناة (السومرية نيوز) ” إن ديون العراق بلغت 115 مليار دولار منها 43 مليار دولار ديون داخلية و( 72 مليار ديون خارجية)، مبيناً أن هناك 41 مليار دولار من الديون الخارجية هى ديون مجمدة لعدة دول ولا تترتب عليها فوائد ومن الممكن شطبها، ومن المخاطر الكارثية ان تشكل خدمات مديونية العراق الخارجية نحو 70 % من الموازنة العامة اذا استمرت اسعار النفط بالهبوط.
وبحسب صندوق النقد الدولي فإن ديون العراق تفاقمت خلال السنوات الماضية حيث ارتفعت في العام 2014 إلى 75,2 مليار دولار وفي العام 2015 أصبحت 98,0 مليار دولار، فيما كانت قبل عامين 114.6 مليار دولار، لترتفع في العام 2017 إلى 122.9 مليار دولار.
و يدفع العراق سنوياً اكثر من 10,500 مليار دولار كأقساط وفوائد الى الجهات الدولية الدائنة وهذه المبالغ تشكل رقماً كبيراً لو تم استثمارها في مشاريع الانتاج الزراعي و الصناعي، وتشير كافة تجارب العالم ان القروض التي يقدمها صندوق النقد الدولي تتم بشروط مالية واقتصادية جائرة تصادر فيها ارادة الدولة المدينة وقرارها الوطني في تحديد سياساتها المالية والاقتصادية، ويلزم صندوق النقد الدولي البلدان المقترضة بتقليص الانفاق على القطاعات الخدمية كالصحة والتعليم والاسكان والضمان الاجتماعي، وبالمقابل يطالب البلدان المدينة بزيادة الضرائب على الخدمات اليومية كالماء والكهرباء والنقل والاتصالات وما شابهها، مما يدفع البلد المدين الى الازمة بجوانبها الخانقة المالية والاقتصادية والاجتماعية.
وانطلاقا من الادراك العميق للمخاطر الجسيمة للديون الخارجية المترتبة على الاقتصاد العراقي ندعو الحكومة العراقية والبرلمان العراقي الموقر الى عدم التوجه نحو الاقتراض الخارجي وضرورة تجفيف بؤرة الديون الخارجية؛ بدلا من التوجه لطلب قروض جديدة تكبل العراق بمديونية ضخمة تستنزف القسم الاعظم من عائداته النفطية.
ونعتقد ان البديل عن الاقتراض الخارجي هو الاصلاح المالي والاقتصادي والاداري السريع ووضع الانسان المناسب في المكان المناسب. ان العراق بلد زاخر بالخيرات المادية والثروات المالية والمعدنية مما يشكل البديل الانسب عن الاقتراض الخارجي والاعتماد على قواه الذاتية.
ونقترح على الحكومة العراقية اتخاذ الاجراءات الاتية الكفيلة بتوفير عشرات المليارات من الدولارات للخزينة العراقية والخروج من نفق الازمة ومنها:-
اولاً : في المدى المنظور
1- الاستفادة من منافع مزاد العملة لتغطية النقص الحاد في النقد الاجنبي؛ فعلى سبيل المثال ان ايقاف مزاد العملة لشهر واحد فقط سوف يوفر اكثر من 6,760 مليار دولار، فمزاد العملة يبيع يوميا لا يقل عن 260 مليون دولار كمعدل وسط، واذا حسبنا مبيعات المزاد من الدولارات خلال اربعة اسابيع باستثناء العطل سيكون 000000 ,260 مليون دولار ×26 يوماً فان مجموع مبيعات البنك ستكون 6,760 مليار دولار.
2- الاستفادة من الارصدة المتراكمة بالعملة المحلية والبالغة نحو 37 ترليون دينار في المصارف العراقية. ونحو 30 تريليون دينار في الحسابات الفرعية للمشروعات المختلفة في المحافظات.
3 – ضغط النفقات الحكومية غير الاساسية الى اقصى حد ممكن، وتقليص الاستيراد الخارجي الاستهلاكي الذي يستنزف المليارات من العملات الصعبة، فالعراق يستورد سلعاً استهلاكية باكثر من 50 مليار دولار سنويا.
4- ان سيطرة الحكومة الاتحادية على المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية سوف توفر للخزينة مليارات الدولات شهريا.
5- تخفيض رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاثة ونوابهم واعضاء مجلس النواب والسفراء والدرجات الخاصة والمدراء العامين والمستشارين، بحيث يكون اعلى راتبا في الدولة لا يزيد عن 10 مليون دينار.
6- الغاء الامتيازات والمنافع الاجتماعية الممنوحة للرئاسات الثلاثة واعضاء البرلمان والوزراء والدرجات الخاصة وما في حكمهم.
7- تعيين حمايات المسؤولين واعضاء البرلمان وغيرهم من قوات الجيش والشرطة والغاء الحمايات للمسؤولين غير الرسميين.
9- تخفيض رواتب المتقاعدين من الرئاسات الثلاثة ونوابهم وكذلك اعضاء البرلمان والوزراء والسفراء والدرجات الخاصة والمدراء والمستشارين.
10- اجبار شركات الاتصالات والهاتف النقال والانترنيت على تسديد ديونها دون تاخير فهي مدينة للدولة بمليارات الدنانير.
11-الاهتمام بتحصيل الايجارات من عقارات الدولة وامانة العاصمة وجباية الرسوم والضرائب في المجالات الاخرى.
12- تفعيل قطاعات الاقتصاد الانتاجية في الزراعة والصناعة والسكن والخدمات والاستفادة من القطاع السياحي وتأمين الحماية للناتج المحلي .
13- تقديم الدعم اللازم لتفعيل القطاع الخاص في مختلف مجالات النشاط الاقتصادي.
14- مفاتحة الاطراف الدولية الدائنة من اجل تأجيل سداد خدمات الديون الخارجية الى فترة اخرى.
15- الدخول في مفاوضات مع الشركات النفطية حول تعديل بنود اتفاقية جولات التراخيص النفطية لصالح العراق.
16- المعالجة الصارمة لظاهرة الفساد المالي والاداري السائدة في الدولة وتنظيف الجهاز الاداري من الفاسدين والمرتشين والغاء رواتب الفضائيين.
17- العمل بجدية لاستعادة الاموال العراقية المنهوبة من قبل الفاسدين وسراق المال العام.
18- مراجعة القوانين وبالأخص القوانين التي تم تشريعها بعد عام 2003 والتي تم بموجبها شرعنة البذخ في صرف الرواتب على غير المستحقين وتحميل الموازنة اعباء كبيرة غير مبررة.
19 – الغاء ازدواجية الراتب ولا يجوز استلام اكثر من راتب من الدولة.
20 – الغاء المكاتب الاقتصادية التابعة للاحزاب الحاكمة في الوزرات التي تشكل بؤرة عميقة للفساد والرشا وقوة طاردة للمستثمرين.
21- الغاء وجود السفارات العراقية في الدول التي لا توجد فيها جالية عراقية ولا يرتبط معها العراق في بروتوكولات تعاون اقتصادي وعسكري.
22- الغاء مجالس المحافظات التي تشكل بؤرة للفساد المتعدد الجوانب ونهب اموال الدولة.
23- اصدار سندات مالية من فئات نقدية مختلفة مكفولة من البنك المركزي لفترة سنة يجري بيعها على الشركات والمواطنين مقابل نسبة من الفوائد المالية.
ثانياً : في المدى البعيد
1- تحويل القطاع النفطي من قطاع ريعي الى قطاع انتاجي باستثمار قسماً من عائداته المالية في برامج انتاجية.
2- تشجيع الاستثمارات الاجنبية والمحلية من خلال خلق بيئة اقتصادية وامنية وسياسية مستقرة وامنه لجذب الشركات الاستثمارية الى العراق.
3- العمل على اعادة الاموال العراقية المنهوبة والمسروقة من البنوك في البلدان الاجنبية.
4- محاسبة حيتان الفساد امام القضاء العراقي من اجل اعادة الاموال التي سرقوها.
5- بناء مجمعات صناعية وزراعية ضخمة وفق خطط تنموية شاملة للاقتصاد الوطني.
6- بناء مجمعات طبية وجامعات علمية في العاصمة بغداد وبقية محافظات العراق لتطوير مواردنا البشرية.
ان صندوق النقد الدولي هو الوكيل والمحامي عن مصالح الدول الدائنة واداة لتنفيذ سياساتها الاقتصادية والمالية تجاه البلدان المدينة، وبذلك فالقروض التي يقدمها صندوق النقد الدولي للبلدان الفقيرة هدفها جني الارباح والفوائد الفاحشة وليس مساعدة البلدان على حل مشاكلها المالية كما يدعي؛ فشعار صندوق النقد الدولي منذ نشاته في عام 1945 (لا توجد وجبة مجانية).
ان الدور المشبوه لصندوق النقد الدولي يذكرنا كيف ادت القروض الخارجية الى فقدان الدولة العثمانية والمملكة المصرية في منتصف القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين استقلالها؛ اذ شكلت خدمة الديون الخارجية للدولة العثمانية نحو 90% من حجم الموازنة، وان الازمة المستدامة في العراق ليست وليدة انهيار اسعار النفط وتداعيات وباء كورونا وانما هي ازمة متراكمة جراء السياسات الخاطئة ومنهج المحاصصة وسوء ادارة البلد ونهب المال العام والاعتماد على واردات تصدير النفط الخام واهمال القطاعات الانتاجية الزراعية والصناعية والخدمية وعدم تبني سياسة تنموية مستدامة تخلص البلاد من الاقتصاد الريعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى