البعض يأكلونها والعة التحولات في بنية الرأسمالية المصرية ( 2 ) الطابع العائلي للرأسمالية المصرية
البعض يأكلونها والعة التحولات في بنية الرأسمالية المصرية ( 2 ) الطابع العائلي للرأسمالية المصرية
إلهامي الميرغني
2020 / 4 / 26
منذ نشرت الجزء الأول من الدراسة في 7 إبريل الماضي وصلتني عدة ملاحظات في غاية الأهمية من بعض الاصدقاء ، واسئلة واستفسارات من آخرين وكلها سأقوم بالرد عليها، ووصلني كم من عبارات التشجيع والثناء التي شجعتني علي استكمال الكتابة.وما يشغلني هو تطور تكوين الطبقة الرأسمالية في مصر.ومراحل صعود وهبوط الفئات الطبقية وأوزانها النسبية داخل الطبقة والصراعات بينها وعلاقتها برأس المال الأجنبي من ناحية وبرأسمالية الدولة البيروقراطية من ناحية أخري في مرحلة ما بعد 1955، ثم علاقتها برأس المال الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فيما بعد 1977.
عرضت في الجزء الأول لتطورات نمو الطبقة والتغيرات التي حلت بها مع الانفتاح الاقتصادي والدور الأمريكي ودور الصلح مع إسرائيل ورأس المال الخليجي في تشكل بنية الطبقة وفئاتها واجنحتها خلال الربع الأخير من القرن الماضي.وكيف استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل هيئة أركان للطبقة في مرحلة التحولات والخصخصة تضم غرفة التجارة المصرية الأمريكية التي بدأت نشاطها منذ عام 1974 ، ومجلس الأعمال الأمريكي المصري (USEBC) الذي تأسس عام 1979، ثم المركز المصري للدراسات الاقتصادية ECES الذي أسسه جمال مبارك عام 1992، وأطلق عليه المطبخ الرئيسي لبلورة سياسات الاقتصاد الكلي واختبارها وتقديمها للحكومة وتستمر الهيئات الثلاثة في دعم تشكيل وتطور الرأسمالية المصرية ورسم استراتيجيتها.
كنت أنتوي أن أخصص الجزء الثاني للحديث عن تطور الرأسمالية الزراعية عبر المراحل المختلفة.لكن جذبني موضوع دراسات حالة لتحليل نماذج من رموز الطبقة الحاكمة خلال تطورها وإلي أين وصلت الآن وكيف كونت ثرواتها.حيث يمكن من خلال تتبع مسيرة بعض ممثلي الطبقة الوصول لآليات تطور الرأسمالية المصرية وسمات النشأة ومظاهر النمو. وقد أخترت ثلاث حالات لرجال أعمال منهم اتنين بدأو في نشاط المقاولات منذ أربعينات القرن الماضي وهم أنسي ساويرس وعثمان أحمد عثمان وكلاهما خضع للتأميم في الستينات.وكيف استطاعوا من داخل الرأسمالية البيروقراطية بناء ثروات كبري ودخول مجالات نشاط جديدة.والثالث هو نموذج لرجال أعمال الحقبة الأخيرة ” رأسمالية المحاسيب ” كما سماها استاذي الدكتور محمود عبدالفضيل ، والتي نمت وتطورت ثروتهم في علاقة وثيقة مع الشركات الأمريكية والإسرائيلية وهو صلاح دياب بما يجعل من الحالات الثلاثة تعبير نقي عن تطور الرأسمالية المصرية خاصة خلال الخمسين سنة الأخيرة.
الحالة الأولي آل ساويرس
عقب تصريحات الملياردير المصري نجيب ساويرس حول ضرورة عودة العمال للعمل في ظل وباء كورونا والا سيتم تخفيض الأجور وفصل العمال.ونجيب هو أكثر أبناء الأسرة عشقاً للأعلام والتصريحات والتويتات التي تفتح عليه طاقات من الجدل .
عدت لبدايات الأب انسي ساويرس فوجدت أنه خريج كلية زراعة وكان والده محامي كبير في محافظة سوهاج بصعيد مصر وكانت الأسرة تمتلك مائة فدان كما صرح بذلك لجريدة الوفد في 18 إبريل 2016 وكانت الأسرة ترغب ان يعمل بالزراعة ولكنه لم يتكيف معها وهجرها. أسس أنسي شركة مقاولات صغيرة سنة 1950 اسمها “انسى ولمعي” كان نشاطها يتمثل في تمهيد الطرق وحفر الترع.عام 1961 تم تأميم الشركة ويقول أنسي ” أخرجوني من مكتبي ليحتلها رئيس مجلس الإدارة المعين وأصبحت موظفاً عندهم بمرتب 150 جنيهاً، وكنت ممنوعاً من السفر ، لأن الحكومة كانت تريد التأكد أن الشركة غير مديونة !! وتم إدماج شركتنا مع شركة عبود باشا وشركة بلجيكية تحت أسم شركة النصر للأعمال المدنية ، وظللت علي هذا الوضع خمس سنوات ، كانت أصعب أيام حياتي ، وفي عام 1966 سافرت إلي ليبيا بعد رفع الحجر عني” .
تعكس تجربة تأميم شركة ساويرس الأب انه تم التأميم دون توافر معلومات كاملة عن الشركة بدليل بقائه خمس سنوات ممنوع من السفر لحين التأكد من سلامة الموقف المالي للشركة وقد تحول إلي موظف يتقاضي راتب من القطاع العام دون عمل لمدة خمس سنوات قبل رفع اسمه من قوائم الممنوعين من السفر .
هاجر أنسي إلى ليبيا سنة 1966، ليعمل هناك أيضا في نشاط المقاولات من الباطن مع مجموعة «ابن بركة» وتتكون من الشقيقين «محمد وصالح بن بركة» ولهما لقب معروفان به اسمه «الفيتورى» وذلك قبل أن يعود إلى مصر في منتصف السبعينات.وفي عام 1977، أسس شركة “أوراسكوم للمقاولات العامة والتجارة” والتي أصبحت في ما بعد تسمى أوراسكوم للصناعات الإنشائية. ويقول أنسي ” عدت إلى عملى الأهلى بالمقاولات، إلا أننى قررت الاستفادة من تجاربى وعلاقاتى وخبراتى، فاتجهت أيضًا إلى التوكيلات وكان أول توكيل حصلت عليه من شركة فولفو السويدية، وبعدها توالت التوكيلات والأعمال. وظننت فى البداية أننى بدأت متأخرًا بعد الانفتاح الذى انطلق عام 1974 ولكن اتضح أننى جئت فى وقتى تمامًا”.
هكذا يمثل ساويرس الأب نموذج لرأسمالية الانفتاح ” السداح مداح ” كما سماه الراحل أحمد بهاء الدين فجمع بين المقاولات والتوكيلات التجارية وبذلك أرتبطت مصالحه كنموذج للطبقة بمصالح الشركات الدولية النشاط والتوكيلات، ولم تعد حدود السوق المحلي تحده بل انفتحت أمامهم أفق الأسواق الدولية. وتقدر ثروة الأب أنسي بـ 3.1 مليارات دولار.
“حتى عام 1979 لم تكن شركة أوراسكوم للمقاولات تتكون إلا من خمسة أفراد ومع سيطرتها على تنفيذ مقاولات مشروعات وزارة المواصلات طوال قرابة عشرين عام فى عهد المهندس سليمان متولى إضافة لتوريدات أجهزة ومعدات و إحتكارات التوكيلات العالمية فى مجال تكنولوجيا الإتصالات ومعدات البناء إضافة إلى ترميم الأثار ورصف الطرق وإقامة خطوط السكك الحديدية والمترو والكبارى ومشاريع البنية التحتة خلال العشرة سنوات الأولى من حكم مبارك . كما قام بتأسيس شركة أمريكية فى سيلكون فالى بكاليفورنيا لصناعة رقائق الكمبيوتر فى بلاد متدنية الأجور عالية الكفاءة. ( خالد طاهر جلالة – فرح أنجال آل ساويرس لصوص المال العام ؟ – الحوار المتمدن-العدد: 3418 – 2011 / 7 / 6 )
كان يعمل مع أنسي أبناءه الثلاثة وهم ايضا من كبار المليارديرات في مصر أكبرهم المهندس نجيب وهو مواليد 1954 وخريج هندسة القاهرة ثم المعهد العالى للتكنولوجيا بزيوريخ. وتقدر ثروته بنحو 3 مليار دولار . عام 1985 دخل نجيب كشريك بنسبة 45% فى شركة كونتراك الأمريكية بمدينة ارلنجتون، بولاية فرجينيا وترأس مجلس إدارة هذه الشركة ودخلت العائلة مرحلة جديدة كشريك إستراتيجى لإدارة الحكومات الأمريكية المتعاقبة و إستولت على مشاريع وإنشاءات فى مصر و قطر و البحرين و أوكرانيا و أفغانستان و بنجلادش وأخيرا العراق وأهمها أنها إستولت على أعمال ومقاولات تتصل مباشرة بتصميم وإنشاء منشأت وقواعد عسكرية ومطارات فى العراق و أفغانستان تتبع لوزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون بالخارج .
عام 1987 كان تحول هام في مسيرة الشركة حيث انشئ نجيب قطاع للتكنولوجيا بشركة والده وحصل علي وكالة شركة HP للحاسبات الأمريكية وظل يطور هذا القطاع فضم إليه وحدة إتصالات الحاسب من شركة AT&T في عام 1990 ليستكمل منظومة العمل فى هذا المجال، ثم تطورت علاقتة بالشركة حتى حصل على وكالة AT&T لأجهزة الإتصالات سنة 1992، ومنذ ذلك التاريخ بدأت علاقتة بقطاع الإتصالات وسيطرت أوراسكوم على تنفيذ جميع عملية تطوير البنية التحتية وتوسعات شبكة السنترالات والهواتف الأرضية فى مصر سوء من إنشاءات أو تجهيزات أو معدات ، وفى عام 1994 قام بانشاء اول شركة للإنترنت، وفى عام 1996 كانت شركة أوراسكوم الأم هى الشركة الوحيدة فى مصر التى رأس مالها 2.1 مليار جنيه وتعمل فى مجالات المقاولات و المنشأت السياحة والتجارة و التوزيع والتوريدات و تكنولوجيا الإتصالات والكمبيوتر والتوكيلات التجارية وأغلبها أميريكية مثل هيولت باركارد و”مايكروسوفت” “وأى بى أم ” . وبعد ذلك فاز بصفقات أخرى مع شركتي “سيسكو سيستمز” و”لوسينت” الأمريكيتين لبيع أجهزة تكنولوجيا المعدات في مصر..وهيبو ترمكيس وباوركونفرجين وتولى إستيراد وتوزيع أجهزة التوليد الصناعة والمضخات فولفو السويدية وكرب الألمانية وزودياك الفرنسية ومن نفس الشركات تستورد وتوزع المعدات و المواتير البحرية و التوكيلات البحرية .( خالد طاهر – مصدر سابق ) . كما يملك شركة أوراسكوم للاستثمار وشركة وينرا الايطالية للهاتف وقبلها كان يملك شركة موبنيل وشركة لامانشا لاستخراج الذهب وهو من مؤسسي قنوات ON وصحيفة المصري اليوم.
ثم يأتي الأخ الأوسط سميح وهو مواليد 1956 درس الهندسة فى برلين وتخرج فيها. وهو رئيس شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية. قام سميح بتشييد منتجعي الجونة ومرتفعات طابا على البحر الأحمر.ويلقبه البعض بامبراطور السياحة وهو رئيس نادي الجونة بالاضافه إلى حصه في نادي لوزيرن السويسري ، قدرت مجلة فوربس ثروته ب1.5 مليار دولار. عام 2005 , بدأ سميح أول توسعاته الخارجية , حيث أقام عدد من المشاريع السياحية في الإمارات العربية و المغرب.
الأبن الأصغر هو ناصف ساويرس من مواليد 1960 التحق بجامعة شيكاغو وتخصص فى الاقتصاد وهو أكبرهم ثروة وتقدر ثروته في 2020 وفقا لمجلة ” فوربس ” بنحو 5 مليار دولار وهو من أغني الاثرياء العرب بل وجاء ترتيبه الأول في ظل غياب رجال الأعمال السعوديين من التصنيف. وناصف شريك في شركة لافارج الفرنسية للاسمنت التي استحوذت علي العديد من شركات القطاع العام المصري للأسمنت التي تمت خصخصتها وهو ايضا شريك في شركة أديدس الألمانية للأحذية الرياضية ونادي أستون فيلا الانجليزي .. وهو أيضا عضو في المركز المصري للدراسات الاقتصادية أحد تنظيمات إدارة الاقتصاد المصري والذي تحدثنا عنه في المقال الأول.
خلال النصف الثانى من التسعينيات اتسع حجم إستثمارات “أوراسكوم للمقاولات” بدخولها في مجال الإنتاج الصناعي مثل مواد البناء و الأسمدة و المواسير و الحديد الصلب والغاز السائل ليقسم أنسي ساويرس الشركة القديمة بين أبنائه الثلاثة نجيب و سميح و ناصف لتظهر في شكل الشركات الثلاث الموجودة اليوم: أوراسكوم تليكوم، أوراسكوم للفنادق والتنمية ، أوراسكوم للإنشاء والصناعة والتى تفرعت هى الأخرى لتنشئ شركات فرعية تابعة لها لا حصر لها .
تبلغ ثروة أسرة آل ساويرس وحدهم 12.6 مليار دولار أي ما يعاد 196.6 مليار جنيه مصري ، وفي عام 2017 أطلق الأخوين نجيب وسميح مهرجان الجونة السينمائي كنشاط جديد للعائلة المقدسة في مصر وبلغت تكلفة دورته الأولي 60 مليون جنيه في دورته الأولي ثم دخل رعاة في الدورة الثانية بنسبة 10% ويستهدف المهرجان ان تصل مساهمات الرعاة الي 50%، بينما صرح نجيب ساويرس بأنه مستعد للتمويل المفتوح لأن النجاح لا يقدر بثمن. وبذلك تتنوع مجالات نشاط الأسرة ولم تعد قاصرة علي المقاولات والتوكيلات فدخلات العديد من مجالات الاستثمار الرأسمالي لتعد معبر كبير عن تشكيل الرأسمالية المصرية منذ نهايات القرن العشرين ( 1977 – 2020) ومن خلال الارتباط بالشركات الأمريكية والأوربية.
الحالة الثانية المهندس عثمان أحمد عثمان
وهو خريج هندسة القاهرة عام 1940وبدأ العمل في نشاط المقاولات منذ أربعينات القرن الماضي حيث أسس شركة عائلية للمقاولات في محافظة الاسماعيلية .وتميزت الشركة منذ تاسيسها بأنها شركة عائلية تجمع آل عثمان اضافة الي آل حسب الله وهم ابناء اخت عثمان.وتميزت الشركة بأنها تعاملت مع كل العصور من ايام الانجليز في الاسماعيلية والعصر الملكي إلي الحقبة الناصرية ثم لمع نجمه أكثر في عصر السادات واستمر في عصر مبارك وما بعد مبارك وتعمل الشركة الآن في العديد من المشاريع القومية الكبري لتثبت انها شركة مقاولات لكل العصور.
سافر عثمان الي السعودية والكويت عام 1950 لتبدأ انطلاقة شركته وتحوله إلي الأعمال الكبري بتوقيع عقد إنشاء الكلية الحربية في الرياض وصعود نجمه في عالم المقاولات. وفي كتابه ” صفحات من تجربتي ” الصادر عن المكتب المصري الحديث وصدرت طبعته الأولي في إبريل 1981 يصف تفاصيل رحلة صعوده من الاسماعيلية والعمل في شركة خاله ثم استقلاله بالعمل حتي استطاع تحقيق حلمه تأسيس كيان كبير هو المقاولون العرب.
يعترف عثمان في كتابه بعلاقته مع جماعة الأخوان المسلمين والشيخ حسن البنا منذ كان معلم في الاسماعيلية وكيف تطورت علاقته بالجماعة وعلاقته بحسن العشماوي والمهندس عبدالعظيم لقمة وانه في حملة اعتقالات سنة 1965 المعروفة بقضية سيد قطب كان هناك اكثر من 165 متهم يعملون في الشركة غير الذين لم يتم القبض عليهم . لذلك تشكل جانب رئيسي من ثروته في السعودية التي يشرح في كتابه علاقته الوثيقة بينه واعضاء العائلة المالكة .
الأمر الثاني هو علاقته بثورة 23 يولية والضباط الأحرار والرئيس عبد الناصر ويشرح في مذكراته تطورات هذه العلاقة التي بدأت منذ عام 1958 والتقدم لمناقصة الحفر في السد العالي.كره عثمان للرئيس عبد الناصر ممتد علي امتداد صفحات كتابه الذي لم يذكر فيه اسم ناصر ولو مرة واحدة وكان يشير إليه بنظام الحكم او النظام الحاكم . بل ووصل به الأمر لأن يذكر أن عبدالناصر كان يحقد عليه بل والروس أيضا كانوا يحقدون عليه لأنه كشف استخدامهم لتكنولوجيا متخلفة . وانهم كانوا يماطلون في تنفيذ مشروع السد العالي.ويصرح في صفحة 134 من مذكراته بأنه لم يتعايش يوماً مع النظام الحاكم ( يقصد الرئيس عبدالناصر ) بينما يتحدث عن المشير عامر بأسمه وعن صلاح نصر بأسمه وعن سامي شرف وعلي صبري وتردده علي مكاتبهم في مناسبات مختلفة ولكن حين يأتي الحديث عن عبدالناصر يقول ” النظام الحاكم “.
يعتبر عثمان التأميمات أكبر غلطة ويعتبر يوم تأميم شركته بأنه يوم حزين في حياته لا يعادله الا يوم وفاة أمه ويوم وفاة أخوه الدكتور إبراهيم. حاول عثمان الدخول في مناقصة بناء السد العالي كمشروع قومي ولكن النظام طلب منه الدخول في شراكة مع شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح فرفض وعرض ان تدخل الدولة ب 30% من رأسمال الشركة ورفضت وفي النهاية قبل الشراكة في مواجهة تكتل لكل مقاولي القطاع الخاص في مصر.
يصف عثمان التأميمات في مذكراته قائلاً: ” كان التأميم غلطة كبري وقعت مصر كلها ضحية لها ، ودفع الشعب وحده ثمنها ، غرر نظام الحكم بالناس وضحك عليهم وحجب الحقيقة عنهم .. راح يغدق عليهم بالشعارات والكلام ، ثم أكتشفوا بعد فوات الأوان أنهم كانوا يطاردون خيط دخان ..
وقٌطع الطريق علي كل من كان يريد أن يدلي بدلوه من أجل بلده .. فتراجع وسحب يده من جيبه ، وأعاد أمواله إلي ما تحت البلاطة .. وسيطر شبح التأميمات والحراسة والمصادرة وأستولي النظام علي كل ما وصلت إليه يده ، وكان كل همه أن يحتفظ بكرسيه ” صفحة 286 .
بحكم خبرته الاقتصادية وصف عثمان أزمة إدارة القطاع العام بعد التأميمات عندما تحدث عن إبعاد أصحاب الشركات عن شركاتهم بعد التأميم ويقول عن إدارة القطاع العام في هذه الفترة ” فتولاها إما مجموعة من اللصوص حرصوا علي سرقتها ، بدلاً من أن يحرصوا علي تنميتها وأما مجموعة من الجهلاء الذين أساءو إدارتها . وكلاهما لا يهمه أمرها سواء تدهورت أو أغلقت أبوابها .فإن أيا منهم سيجد له مكاناً آخر في شركة أخري يغلقها بالضبة ويلقي بالمفتاح في عرض النيل ، وكانت النتيجة خراب في خراب”. صفحة 287.
دخل عثمان مناقصة السد العالي في تحدي مع نفسه وحقق انتصار كبير بصيغة خاصة مع النظام وقتها ولم يدر بخلده أن يتم تأميم قطاع المقاولات واذا حدث فقد يستثني باعتباره من بناة السد العالي ولكن صدمه تأميم الشركة . وكان وقتها في الكويت وعاد الي مصر ليخوض معركة من شقين الأولي هي الحفاظ علي الشركة بعمالها واسمها ” المقاولون العرب عثمان أحمد عثمان ” والثاني أن يظل عثمان علي رأس مجلس إدارة الشركة . وقد قبلت مطالبه وظل علي رأس إدارة الشركة ليستكمل مشروع السد العالي ثم حائط الصواريخ ودشم الطائرات بعد 1967 . كما اسس شركة في ليبيا واستمر نشاطه في العديد من الدول العربية وربما هو يتشابه في ذلك مع المهندس أنسي ساويرس .
رغم تألق عثمان خلال بناء السد العالي لكن نجمه لمع أكثر مع صعود الرئيس السادات للحكم وهو صديق قديم لعثمان وكلاهما تربطه علاقة قديمة بجماعة الأخوان المسملين وانه شعر منذ اللحظات الأولي برؤية السادات في أحداث التغيرات الكبري التي عرفت بالانفتاح الاقتصادي.ورغم أن عثمان كان رئيس النادي الاسماعيلي لكرة القدم الا انه اسس نادي رياضي جديد هو نادي المقاولين العرب ومركز طبي ضخم وعشرات المصانع التي توفر مستلزمات الشركة . انطلق عثمان من جديد في ظل رئاسة أنور السادات ثم توطدت بينهم العلاقة بالمصاهرة وفي 2 يناير 1977 بزواج ابنه (محمود) من ابنة الرئيس أنور السادات (جيهان)، ثم تولي عثمان وزارة التعمير من 1973 الي 1976 . أغسطس 1977 عين رئيسا فخريا للمقاولون العرب، مدى الحياة، وفي نوفمبر 1978 تم أختياره أمينا للحزب الوطني بالإسماعيلية، وفي مارس 1979انتخب نقيبا للمهندسين وظل عضوا بمجلس الشعب لمدة 11 سنة بعد تم انتخابه في برلمان كامب دافيد عام 1979 وحتي وفاته عام 1990.
شارك عثمان مع السادات مشاريع ما سمي الأمن الغذائي ومدينة الصالحية الجديدة حيث تقع المدينة في محافظة الشرقية شمال شرق مدينة الزقازيق، وغرب محافظة الإسماعيلية على طريق (القصاصين – بورسعيد) على بعد 7 كم شمال ترعة الإسماعيلية, وتبعد عن مدينة القاهرة 110 كم, وعن السويس 90 كم, وعن بورسعيد 90 كم, وعن ميناء دمياط 120 كم, وعن الإسماعيلية 40 كم وعن الزقازيق 50 كم. وتعتبر المدينة نواة لمشروع استصلاح 118 ألف فدان تمتد من الصالحية القديمة إلى الإسماعيلية, وكان مخطط لها في عهد الرئيس جمال عبد الناصر, ولكن حرب 1967 لم تمهل الرئيس عبد الناصر أن ينفذ المشروع بسبب الحرب, وأن المنطقة تدخل في نطاق العمليات العسكرية, وكانت الشركة المنفذة في ذلك الوقت هي شركة المقاولون العرب بإدارة عثمان أحمد عثمان وشركاءه واستكمل العمل بها في الثمانينات .
لعب عثمان دور مهم مع صديقه السادات في عودة الأخوان المسلمين للحياة السياسية والإفراج عن قادتهم وعودة مجلاتهم للصدور.وكان أيضا الممول الرئيسي لمعسكر أبوبكر الصديق الذي عقد في الاسكندرية وشهد ميلاد الجماعات الاسلامية التي خرجت بعد ذلك عن عباءة الأخوان المسلمين في انشقاق عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية والمرشح الرئاسي بعد ثورة 25 يناير و محي عيسي وأبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط حالياً . وخروج جناح الجهاديين بقيادة كرم زهدي وأسامة حافظ وعاصم عبدالماجد ومبايعتهم للشيخ عمر عبد الرحمن أميراً للمسلمين . لتصبح مساهمة عثمان في ميلاد الأرهاب علامة هامة في تاريخه .
إضافة إلي موقفه من زيارة السادات للقدس وإصراره علي المشاركة في الزيارة رغم انه وزير التعمير ولم يكن ضمن الوفد الرسمي ولكنه اعتبر وجوده بجانب السادات في هذا الموقف ضرورة ملحة وانقلاب يعكس عبقرية السادات من وجهة نظر المقاول الكبير.
وظلت المقاولون العرب ” عثمان أحمد عثمان ” شركة عملاقة لها نظام خاص تنفذ استثمارات ومشاريع في العديد من الدول العربية والأفريقية . وتتميز مسيرة الشركة بأنها شاركت في بناء السد العالي وحائط الصواريخ في الحقبة الناصرية ثم في مشاريع التعمير وبناء الجيل الأول من المدن الجديدة ومشاريع الاستصلاح في عهد السادات ثم في عهد مبارك وحتي الان حيث تشارك الشركة في أعمال العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة والجلالة الجديدة . وتمتلك الشركة الآن أصول تزيد قيمتها علي 16 مليار جنيه ويعمل بها أكثر من 75 ألف مهندس وعامل .
تعد الشركة نموذج لتغير صيغ الإدارة الرأسمالية في مصر ورغم انها شكليا مملوكة للدولة الا انها تدار باستقلالية تجعل الدولة تضعها علي نفس الدرجة مع هيئة قناة السويس .كما أن الدور السياسي لعثمان وعلاقته بالإسلام السياسي وبالصلح مع العدو الإسرائيلي كلها علامات علي تحولات في شركة بدأت منذ الأربعينات وهي شركة عائلية وخضعت للتأميم أيضا مثل ساويرس ولكنها ركزت نشاطها علي التشييد والبناء ليس علي المستوي المحلي بل علي المستوي الاقليمي العربي والأفريقي ولم يمتد نشاطها لمجالات أخري كما فعلت مجموعة ساويرس.
الحالة الثالثة صلاح دياب
صلاح دياب هو رئيس مجلس إدارة مجموعة بيكو pico وتمثل اختصارًا لاسم “شركة المشاريع واستشارات الاستثمارات”، وهو مليونير التطبيع الزراعي مع إسرائيل وهي أيضا شركة عائلية ، ترجع أصولها لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية ومركز أبو حمص بمحافظة البحيرة، له أخ يدعى “كامل دياب”، وهو يشاركه في الكثير من المؤسسات التي تمتلكها العائلة، كما يدير بعض شركاتهم نجلاهما، علاء كامل دياب، وتوفيق صلاح دياب. كما أسس صحيفة المصري اليوم.
يقول المثل المصري ” يخلق من ضهر العالم فاسد ” . فوالده هو محمد توفيق موسى دياب ( سنهوك البرك ، الشرقيه 1886 – 23 فبراير 1963 )، صحفى و كاتب و مفكر مصرى كبير اشتهر بالوطنيه و مكافحة الاستعمار الانجليزى. ولد توفيق دياب بعد احتلال الانجليز مصر بأربعة سنوات فى عائلة كبيرة و كان والده الأميرالاى موسى بك دياب من كبار ظباط الجيش المصرى وقت الثوره العرابيه ( 1881 – 1882 )، و شارك فى الثوره العرابيه و تم القبض عليه بعد فشلها و حكم عليه بالاعدام ثم تم تخفيف الحكم عليه بتحديد إقامته فى الأرياف، فعاش فى قرية سنهوك البرك . و هناك ولد توفيق دياب الذى سمى باسم ثنائى محمد توفيق.و عندما اصبح عنده اربع او خمس سنوات أدخله والده كتاب القريه حتى يحفظ القرآن و بعدذلك أدخله ابيه المدرسه الابتدائيه فى منيا القمح. كان الوالد كاتب ومناضل ضد الاستعمار الأنجليزي لم يكمل دراسته للحقوق .
اصدر سنة 1931 جورنال الجهاد و ظل خلال عشرينات و ثلاثينات القرن العشرين يكافح الاستعمار الانجليزى فى مصر و يكتب و يلقى خطب ضده و يهاجم طغيان الملك و أغلق الجورنال أكثر من مره ثم حجب نهائياً سنة 1938 بسبب ضراوة افتتاحياته ، و كتب فى جورنال الاهرام و كانت اخر مقالاته فيه فى 17 ديسمبر 1955 و كان عنوانها ” الامة المصرية تغلى حفيظتها ” و اعتزل الحياه العامه لفتره و اكتفى بنشاطه فى المجمع اللغوى فى القاهره. إلي أن توفي في 14 نوفمبر 1967 عن عمر يناهز 79 سنه.أنجب ثلاث بنات وابنين هم كامل توفيق دياب وصلاح دياب . ومن العجائب المصرية أن الرجال الذي عاش حياته يقاوم الاستعمار أطلق أسمه علي شارع في حي جاردن سيتي، بالقاهرة، هو الشارع الذي تقع فيه السفارة الأمريكية وظهر السفارة البريطانية وكان اسمه “أمريكا اللاتينية” ثم تغير اسمه إلى “شارع توفيق دياب”. واستكمالا للعجائب كان أول محل في سلسلة محلات الحلويات ” لابوار ” فتحه ابنه صلاح في نفس الشارع عام 1981.وقبلها لا توجد مصادر موثوقة حول بداية ثروة صلاح دياب.
يعد صلاح من أكبر الشركاء التجاريين لإسرائيل في مصر.وتسيطر عائلة دياب على 70% من توكيلات الشركات الأمريكية في مصر (حسب دليل الأنشطة التجارية الأمريكية في مصر الصادر عن السفارة الأمريكية بالقاهرة)، حيث تستحوذ عائلة دياب على 43 توكيلًا لشركة أمريكية أهمها توكيلات “هاليبرتون” للبترول المملوكة لنائب الرئيس الأمريكي “ديك تشيني”، وصاحبة الفضائح والعمولات المالية في توريد البترول للجيش الأمريكي. نشط دياب في استيراد التقاوي والمخصبات الزراعية ومعدات الري الاسرائيلية منذ عام 1990 وتضم الشركة مجموعة من الخبراء الإسرائيليين في مجال الزراعة، كما تقوم بزراعة شتلات الفاكهة والخضر (الموز والفراولة). وتعتبر عائلة دياب من أكبر العائلات النشطة في الغرفة التجارية الأمريكية وهو الأمر الذي مكنها من الاستحواذ علي كل هذا الكم من التوكيلات للشركات الأمريكية.
وزير البترول السابق سامح فهمى تم حبسه فى موضوع واحد من إجمالى 17 بلاغًا ضده، كان منها 11 أمام رئيس نيابات الأموال العامة، وأبرزها بيع حقل جيسوم إلى شركة “بيكو –دياب” بسعر يقل 10 مرات عن السعر العادل.وفي 28 أبريل 2011، بدأ التحقيق في بلاغات تتهم صلاح دياب ومحمود الجمال – نسيب جمال مبارك- بالاستيلاء معا على أراض الدولة لإقامة مشروع صن ست هيلز.
عام 2016 احتفل صلاح دياب، بزواج ابنته على نجل رجل الأعمال هاني طلعت مصطفى” داخل أحد أفخم الفنادق بمدينة فلورنسا بإيطاليا، وحضر حفل الزفاف عدد كبير من رجال الأعمال. ليدعم الطابع العائلي للرأسمالية المصرية . وتكلف حفل الزفاف ملايين الدولارات، حيث قام دياب باستئجار طائرة من شركة مصر للطيران لنقل 130 شخصية من بين رجال أعمال وأقارب العروسين. ( صدي البلد – حفل زفاف اسطوري لنجلة رجل الأعمال صلاح دياب بإيطاليا الثلاثاء 6 ديسمبر2016) وقد تبرع بستة ملايين ونصف المليون دولار لصندوق تحيا مصر .
دخل دياب المنطقة المحظورة عندما نشر في 17 مايو 2015 مقال بتوقيع نيوتين يتحدث فيه عن النشاط الاقتصادي للجيش وقد رد عليه رئيس تحرير مجلة الهلال في افتتاحية 20 مايو 2015، والتي حملت عنوان “إلى صلاح دياب: “بيادة الجيش المصري أشرف من نيوتن.. القوات المسلحة مؤسسة وطنية تحمى تراب الوطن”. وفي 2 نوفمبر 2015 ألقت المباحث القبض علي صلاح دياب ونجله ، على خلفية اتهامات قيل وقتها إنها تخص فسادا ماليا، وإهدار مال عام، ثم حصل فى النهاية على براءة من التهمة الوحيدة التى استطاعوا ضبطها قانونيا وهى حيازة سلاح دون ترخيص. ( صوت الأمة – عبدالفتاح علي – صلاح دياب.. أمير الشراكة مع الإسرائيليين والأمريكان – 8 أبريل 2018 ).
يكتب صلاح دياب عمود في جريدة ” المصري اليوم ” بتوقيع نيوتن ، ومنذ أيام نشر نيوتن مقال يدعو خلاله لفصل سيناء عن مصر وتحويلها لمنطقة مستقلة اقتصادياً وإدارياً مثل هونج كونج .وثارت صفحات التواصل الاجتماعي علي المقال دياب باعتبار فكرته تجسيد لمشروع ” صفقة القرن ” . لكن سرعان ما أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام القرار رقم 16 لسنة 2020 بشأن ما نُشر من مقالات بصحيفة المصري اليوم وموقعها الإلكتروني حول سيناء تحت اسم مستعار ” نيوتن ” وقرر المجلس إلزام الصحيفة وموقعها الإلكتروني بنشر وبث اعتذارً واضحاً وصريحاً للجمهور عن المخالفات التي ارتكبتها وذلك خلال ثلاثة أيام ، وإلزامها بإزالة المحتوى المخالف من الموقع الإلكتروني.كما ألزم المجلس الصحيفة بأداء غرامة مقدارها مائتين وخمسين ألف جنيه ، وحجب الباب الذى نُشرت وبُثت به المواد المخالفة بالصحيفة والموقع الإلكتروني لمدة ثلاثة أشهر.
ربما تمثل حادثة القبض علي دياب وولده في 2015 حيث أتهم مع آخرين بالتربح فى مشروع “نيو جيزة” وأعلن أنه حصل على 524 فدانا عام 96 وجمدها لأكثر من 11 عاما. وكان الطرف الثاني في القضية هو محمود الجمال نسيب جمال مبارك وانتهت القضية بتهمة حيازة سلاح بدون ترخيص وتم وأد قضية أرض نيو جيزة وما صاحبها من فساد. وأخيراً تم تغريم صحيفته ومنعه من الكتابة لمدة ثلاث شهور وكلها حوادث تتم في إطار الصراعات داخل الطبقة وصراعات المصالح وتقاسم الأنشطة ومناطق النفوذ وتجاوز الخطوط الحمراء.وكما اختفت قضية الفساد في 2015 ستنتهي قضية نيوتن ويعود دياب لتوكيلاته الأمريكية وشراكته مع إسرائيل ونشاطه الزراعي في مصر. هكذا يدير رجال الأعمال الاقتصاد المصري .
الطابع العائلي للرأسمالية المصرية
إذا تحدثنا عن نماذج أسر مصرية أخري سنجد أسرة آل منصور ثاني أغني الأسر الاقتصادية في مصر والتي تتجاوز ثرواتهم 7.4 مليار دولار ثم أسرة طلعت مصطفي والتي أتهم كبيرهم هشام طلعت مصطفي في قضية قتل وصدر ضده حكم قضائي بالإدانة ثم خرج بعفو رئاسي. والمثير في الأمر أن عائلات ساويرس وعثمان أحمد عثمان وطلعت مصطفي بدأت نشاطها الاقتصادي في قطاع المقاولات. ولكن تميزت أسرة ساويرس باقتحام أنشطة اقتصادية جديدة أدت لتطوير شكل المجموعة والثروة الكبري التي تديرها الأسرة.كما تميزت عائلتي دياب والجبلي بالخلفية الوطنية لمؤسس الأسرة علي عكس مسيرة الأبناء .
ومع تشكيل حكومة أحمد نظيف الأولي صعد نجم العائلات و رجال الأعمال وتشكلت الوزارة الأولي في 15 يوليو 2004 لكن الوزارة الثانية كانت أكثر وضوحاً في تشكيلها وانحيازها وتمثيلها لرجال الأعمال وهي التي تشكلت في 31 ديسمبر 2005 عقب الإنتخابات الرئاسية.ثم حدث تعديل محدود عليها في 27 أغسطس 2006 ، والتعديل الثاني في3 يناير 2010 وهي الوزارة التي أسقطتها ثورة 25 يناير 2011.
عرف في وزارة نظيف الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة وصاحب مستشفي دار الفؤاد التي تأسست برأسمال مصري خليجي وهو نجل عائلة ثرية لها باع طويل في السياسة والثروة، والدكتور حاتم هو نجل الدكتور مصطفى الجبلي الذي شغل منصب وزير الزراعة من قبل، وشقيق المهندس شريف الجبلي عضو أمانة السياسات بالحزب الوطني الحاكم والذي كان مرشحا بقوة من قبل لوزارة التجارة والصناعة.وشريف هو رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية ورئيس شركة أبوزعبل للأسمدة والمواد الكيماوية ورئيس شعبة إدارة المخلفات والعضو المنتدب في الشركة الدولية للأسمدة والكيماويات ( فيركيم).
وكذلك عائلة جرانة ورشيد والمغربي والتي كونت ثروتها في السعودية ثم عادت إلي مصر وتفرغ عاكف مغربي لمستشفي العيون في حي السيدة نفيسة بينما شغل أحمد المغربي منصب وزير السياحة في حكومة نظيف الاولى. ثم تبعه في وزارة السياحة في حكومة نظيف الثانية زهير جرانة وهو حفيد وحيد جرانه وزير الشؤون الاجتماعية والمواصلات في عهد الملك فاروق، ويمتلك زهير وعائلته واحدة من كبرى شركات السياحة وكان يتولى منصب أمين عام وزارة السياحة الى جوار أحمد المغربي وزير السياحة المنتقل الى وزارة الاسكان•
قام جرانة بمشاركة شقيقته سميحة ، وزوجها محيي الدين روحي بتأسيس شركة «المركز والمجمع العربي» للاستثمار السياحي والعقاري كشركة مساهمة مصرية خاضعة لقانون الاستثمار، حيث تملك من خلالها مركزا تجاريا ، وعقب تولي جرانة منصبه كوزير للسياحة تم استكمال بناء المركز التجاري وتمليك قطعة الأرض المقام عليها له ولشقيقته وزوجها.وقام جرانة بإلزام العديد من شركات السياحة بشراء وحدات في المركز المشار إليه، ثم قام بتقويم رأس مال المركز بمبلغ 120 مليون جنيه بعد أن كان رأس مال الشركة 10 ملايين جنيه فقط.( الرأي – علي حسن – التحقيق مع وزير السياحة المصري السابق: تربّح من عمله… وأضرّ بالمال العام – 9 فبراير 2011).
كما ينتمي محمد لطفي منصور وزير النقل في حكومة نظيف الى عائلة ذات ثقل ضخم في الثروة هي عائلة منصور التي تضم ياسين ويوسف ومحمد منصور وتمتلك توكيلات سيارات شيفروليه وأوبل اضافة الى توكيل آخر لأشهر المطاعم الأميركية وهو صاحب بالم هيلز وتتجاوز ثروتهم 7.4 مليار دولار•
أما رشيد محمد رشيد فقد ولد عام 1955 وتولي وزارة الصناعة والتجارة في حكومة نظيف الأولي . تولى الوزارة في يوليو 2004 واستقال في يناير 2011، ويمتلك مجموعة من الشركات التي ورثها عن والده رجل الأعمال محمد رشيد.وللأسرة عدد من الاستثمارات منها شركة يونيليڤر العالمية في مصر والشرق الأوسط، وهو عضو مجلس إدارة بنك HSBC ، عضو باللجنة الاستشارية العليا للاستثمار في تركيا، عضو في المنتدى الاقتصادي العالمي – داڤوس.وعضو سابق للمجلس الرئاسى المصري الأمريكي برئاسة الرئيس حسنى مبارك ثم عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني ورئيس مجلس أمناء مدينة برج العرب الجديدة بالإسكندرية سابقا.
مؤسس وعضو مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية الذي أشرنا له في مقالنا السابق وبداية الجزء الحالي وهو أيضا عضو مجلس إدارة الغرفة المصرية البريطانية التجارية، ورئيس المجلس المصري الهولندي للأعمال.وهو أيضا صاحب شركة فاين فودز.
كما شهدت حكومة نظيف عودة عائلات تراجع دورها مع قوانين الاصلاح الزراعي مثل عائلة أباظة والتي كان منها وجيه أباظة عضو الضباط الأحرار وأول وكيل لشركة بيجو الفرنسية للسيارات في مصر.فاز الدكتور محمود أباظة في انتخابات البرلمان وانتخب رئيسا للهيئة البرلمانية لحزب الوفد المعارض، وما لبث أن لحق به شقيقه أمين أباظة الى الأضواء ولكن من باب الحكومة حيث اختير في حكومة نظيف وزيرا للزراعة واستصلاح الأراضي•ومع تقلد أمين اباظة الشقيق الأصغر لمحمود حقيبة الزراعة في حكومة الدكتور نظيف إسترد الأباظية مواقعهم في الحكومة والمعارضة بعد غيابهم عن الساحة السياسية سنوات منذ خروج المهندس ماهر أباظة وزير الكهرباء السابق في عام 1999 ووفاة كل من ثروت اباظة وكيل مجلس الشورى والقطب الوفدي ابراهيم الدسوقي أباظة•أما محمود أباظة المعارض وأمين أباظة الحكومي فهما نجلا أحمد باشا أباظة عضو مجلس النواب منذ عام 1938 وحتى عام 1950 .
إن الشبكة الأسرية والعائلية التي كانت تعمل بشكل مستتر منذ منتصف السبعينات خرجت للعلن في حكومة الدكتور نظيف وشبكاتها العائلية متشابكة ومتفرعة حيث أن الدكتور علي مصيلحي وزير التضامن الاجتماعي الأسبق ووزير التموين الحالي هو ابن خال أنس الفقي وزير الاعلام، كما أن محمد لطفي منصور وزير النقل ف حكومة نظيف وسليل آل منصور ثاني أغني العائلات المصرية هو إبن خالة المهندس أحمد المغربي وزير الاسكان وبذلك تكون حكومة نظيف الثانية عائلية جدا علي حد تعبير صحيفة الاتحاد الإمارتية •(الاتحاد – 8 عائلات عريقة في حكومة نظيف الجديدة – 8 يناير 2006 ).
لذلك نستطيع ان نستخلص من خلال العرض السابق عدد من الحقائق حول بنية الرأسمالية المصرية منها :
1. الطابع العائلي حيث بدأ العديد منهم بشركات عائلية ثم تطورت وتحولات لمجموعات اقتصادية كبري تعمل في مجالات متعددة.
2. تنوع الأنشطة لرأسمالية الانفتاح فلم تقتصر علي نشاط واحد مثل شركات عثمان ودخلت مجالات متعددة مثل مجموعة ساويرس وطلعت مصطفي .
3. ارتباط غالبية الكيانات الاقتصادية بالمراكز الامريكية سواء غرفة التجارة المصرية الأمريكية أو مجلس الأعمال المصري الأمريكي و المركز المصري للدراسات الاقتصادية .
4. دور التوكيلات الأمريكية في بناء ثروات الطبقة في المرحلة الأخيرة .
5. التزاوج مع رأس المال الخليجي كما حدث في تحول عثمان الي مليونير بناء علي مشاريعه في دول الخليج وكلك شراكة طلعت مصطفي مع الوليد بن طلال وشراكة حاتم الجبلي مع فتيحي جدة عند تأسيس دار الفؤاد وكذلك بداية ثروة عائلة المغربي .
6. التعامل مع إسرائيل وترويج المنتجات الاسرائيلية كما هو حال مجموعة صلاح دياب وشركات الكويز والعديد من شركات السياحة والسفر.
7. التزاوج بين الثروة والسلطة كما حدث منذ تشكيل حكومة نظيف الأولي في 2004 وحتي الآن .
8. توسيع مفهوم السوق بحيث لم يعد السوق القومي التقليدي بل أصبح العالم كله سوق للشركات المصرية ونشاطها العابر للقارات .
هذه بعض الاستخلاصات المرتبطة بهذا الجزء من الدراسة والحالات التي تم اختيارها لتعبر عن تطور الطبقة في ارتباطها بالخارج وعملهم كوكلاء للشركات الأجنبية وبالتالي يختلف مفهوم الوطن لدي الطبقة الجديدة عن مفهوم الوطن لدي رأسمالية الاربعينات والخمسينات والستينات. فهي رأسمالية تابعة بكل معاني التبعية…. .#
#. عن الحوار المتمدن…