الاقتصادية

التعليم في العراق محط تهكم وسخرية عربية وعالمية

يشهد قطاع التربية والتعليم في العراق اهمالا حكوميا واضحا مما ادى به الى الانحدار الى حضيض المستويات في ظل فشل وتخبط وزارة التربية منذ 2003 والى اليوم، في الوقت الذي كان فيه العراق يحتل المرتبة الاولى بالنسبة للبلدان العربية على صعيد التعليم محققا انجازات مهمة على صعيد محو الامية خلال سبعينيات القرن الماضي والذي دعا منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة الى وصف النظام التعليمي في العراق كأحد افضل النظم التعليمية على مستوى العالم.
واليوم لو اجرينا مقارنة ما بين المنظومة القيمية والتعليمية والمهنية وغيرها ما بين العهود السابقة وبين العراق اليوم في عهد الاسلام السياسي لوجدنا في ذلك العصر اشياء اسمها: اخلاق، امانة، مهنية، انسانية، فصاحة، وبلاغة وغيرها، بينما اليوم فإن كل تلك المقومات اصبحت حكاية من الحكايات القديمة حتى ان بعض كبار المسؤولين يكتب كلمة (شكراً) بـ (شكرن). ولم يحدث ان وصل التعليم في العراق مثلما وصله اليوم من وضع مزر بشهادات منظمات عربية ودولية حتى اصبح مثاراً للسخرية والتهكم، وهذا ما دعا مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لدافوس وكذلك مؤشر بيرسون للتعليم والمهارات المعرفية والتحصيل التعليمي العالمي الى اخراج العراق وخمس دول عربية من نطاق تقييمها ولعدة سنوات وذلك بسبب الافتقار لمعايير جودة التعليم في تلك الدول والتي لا تتوفر فيها ابسط المعايير. كما يؤشر ايضا الى ان الحكومة العراقية قد سجلت اسوأ سلوك لها تجاه التعليم حينما عجزت عن طبع المناهج الدراسية للعام الدراسي 2015 -2016 وحملت الطلبة واسرهم مسؤولية توفيرها اضافة الى عدم توفير المباني المدرسية المناسبة وتبديد الأموال التي كانت مخصصة لذلك في ملفات الفساد بلغت فضائحها مديات بعيدة.
فلماذا تراجع التعليم في العراق الى هذا المستوى المتردي؟
يعود سبب تراجع مستوى التعليم في العراق الى عدة اسباب اهمها:
1) تسييس النظام التعليمي وتداعيات الحروب التي خاضها العراق منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى سقوط النظام السابق في 9 نيسان 2003.
2) التدخلات السياسية التي تؤثر في تطوير البحوث الخاصة بالمناهج.
3) قلة التخصيصات المالية في موازنات العراق التريليونية التي اخذ الجانب الأمني والعسكري جزءاً كبيرا منها.
4) سوء الادارة وانعدام الخطط الاستراتيجية لبناء وتطوير التعليم.
5) المحاصصة المقيتة وتأثيرها السلبي وتعرض الكثير من الطلبة والمعلمين والمدرسين الى التهجير القسري.
6) التساهل في منح الشهادات العلمية.
7) اهمال بحوث تطوير المناهج الأكاديمية.
8) تفشي ظاهرة الجامعات والمدارس الأهلية والتي من شعاراتها (ادفع تنجح).
9) دخول الفساد المالي والاداري نظام التعليم والتخلف المعرفي.
10) افتقار العراق لأبسط معايير الجودة في التعليم نظرا لوجود ابنية مدرسية متهالكة تفتقر لأبسط الشروط الصحية وكثير منها يفترش التلاميذ الأرض في الصف لعد م توفر الرحلات المدرسية وعدم مواكبتها الحداثة وقلة وانعدام المكتبات والمختبرات العلمية واهمال النشاطات الرياضية والفنية والنشاطات اللاصفية.
11) تخلف المناهج الدراسية وعدم مواكبتها لحاجات البلاد الاقتصادية.
12) انعدام الابتكار بسبب غياب الدعم والحوافز وتخلف المناهج الدراسية وضعف الاهتمام بالتعليم التقني.
13) الافتقار الى تدريب المعلمين المستمر للنهوض بمستواهم العلمي والمعرفي وعدم الاهتمام برفع مستواهم المعيشي.
يعتبر التعليم احد اهم الركائز التي تبنى عليها أي دولة حديثة وهو اساس بناء الأوطان والشعوب حيث تعتبر التربية العامل الرئيس في الطابع التمويني للفرد بينما يشكل التعليم عملية التخاطب مع العقل البشري لتوصيل المعرفة والمهارات والقيم والعادات المجتمعية الناتجة من جيل لآخر وتقوم بهذا الدور المؤسسات التعليمية بتعليم الفرد للعديد من الموضوعات مثل القراءة والكتابة والرياضيات والتاريخ والعلوم وغيرها.
اما بالنسبة للتعلم فهو اكتساب الخبرة الناتجة عن التعليم بمرور الوقت، ولهذا الأهمية الكبيرة للتعليم فقد اهتمت الكثير من الدول بهذا القطاع وتم توفير الأموال والدراسات لغرض تطويره كي تعتمد بعد ذلك على القوة التعليمية في النهوض بجميع مؤسسات الدولة الاخرى منها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقضائية وغيرها. ولكن مع الأسف لا يحظى جميع العراقيين بنفس الفرص لتلقي التعليم، وكان هذا هو سبب للتصنيف الذي وصل اليه العراق.
يتساءل كثيرون لماذا توجد دائما اموال طائلة لتمويل الحرب والخراب وتمويل الرئاسات الثلاث بدون استحقاق ولا توجد مثلها لتمويل التعليم والصحة والاعمار؟ وأيُ مستقبل ينتظر اطفالنا والكثير منهم قد تسرب خارج المدرسة بهدف العمل لإعانة اسرهم ولأغراض التسول في ظل الصراعات الدائمة والنزاع على المناصب على حساب المصلحة العامة، في الوقت الذي تشير فيه اتفاقيات الأمم المتحدة المختصة بأهداف التنمية المستدامة ومن ضمنها تمكين الأطفال من الحصول على حق التعليم المجاني والالزامي في المرحلة الأساسية. وبهذا الصدد فقد اشار الدستور العراقي ضمن المادة 16 منه الى: ((تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين وتكفل الدولة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتحقيق ذلك)). فهل تتكافأ الفرص اليوم لجميع العراقيين؟ وهل اتخذت الدولة الاجراءات اللازمة لتحقيق ذلك؟ لم يترجم الدستور الى الواقع بعد.
اما المادة 34 / اولا من الدستور فقد نصت على ان ((التعليم عامل اساس لتقدم المجتمع وحق تكفله الدولة وهو الزامي في المرحلة الابتدائية وتكفل مكافحة الأمية)) فهل هو كذلك في العراق حاليا؟
ونصت المادة 34 ثانيا منه على ان: ((التعليم المجاني حق لكل العراقيين في مختلف مراحله))، فهل هو كذلك فعلا؟ الا يتم شراء المقاعد الدراسية حسب البرنامج الحكومي؟ اليس هناك تشجيع للتوسع في المدارس الأهلية والاتجاه لخصخصة التعليم؟
اما المادة 34 / ثالثا فأشارت الى: ((تشجيع الدولة البحث العلمي للأغراض السلمية بما يخدم الانسانية وترعى التفوق والابداع والابتكار ومختلف مظاهر النبوغ)). ما يرد في الدستور العراقي كلام جميل لو تم تطبيقه فعلا، ولكن الدولة اليوم ابعد ما تكون عن هذا الأمر فهي عدوة البحث العلمي والتفوق والابداع.
حسب تقرير منتدى دافوس الاقتصادي فإن ثلاثة ملايين طفل في العراق لا يرتادون المدارس فاين هو تطبيق المادة 34 من الدستور العراقي المشار اليها آنفاً؟ فكيف سنبني الوطن مستقبلا بدون التعليم المتطور؟
على مدى عقود منذ نشأة الدولة العراقية الحديثة والى اليوم لم يسبق ان وصل التعليم في العراق الى هذه الحالة المزرية وبشهادات منظمات دولية وعربية، واين سيصل هذا التردي في قطاع التربية والتعليم الذي لم تستطع الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم من وضع الحلول الجذرية بل بالعكس ازدادت اوضاعه سوءا وتدهورا، علما ان العراق لم يخرج فقط من تصنيف جودة التعليم العالمي وانما خرج من جميع التصنيفات العالمية ولكنه احتل بجدارة المرتبة الاولى في العالم في الفساد والمشاريع الوهمية وسرقة المال العام والأمية والجهل… وهذه تعتبر اهم انجازات الاسلام السياسي في العراق منذ توليه شؤون السلطة بعد 2003 والى اليوم .((عفون)) ((شكرن))…كما يكتبها بعض المتنفذين من كبار المسؤولين!!!!.. *

* عن طريق الشعب..

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى