الفكر السياسي

الجوار لا يصدرون لنا بيضا فاسدافقط

الجوار لا يصدرون لنا بيضا فاسدافقط

ابراهيم المشهداني

2011 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية

تنشر الصحافة العراقية بين فترة وأخرى إنباء غير سارة مفادها إن السلطات العراقية المختصة تلقي القبض على شاحنات تنقل بيضا فاسدا تصدره لنا الجارة الشرقية فتلجاالاجهزة الحكومية مضطرة لمصادرته وإتلافه وفقا للمصادر نفسها ولو اقتصر الأمر على البيض الفاسد وغيره مما تغص به أسواقنا لهان الأمر فتشير المصادر نفسها فضلا عن تصريحات نواب برلمانيين عن تدفق الأسلحة من مختلف الأنواع من الدولة الجارة ذاتها ومعلوم من وكيف تستخدم هذه الأسلحة فلم كل ذلك ؟إذا علمنا إن حجم التبادل التجاري بين البلدين يزيد على خمسة مليارات دولار في السنة وإذا افترضنا إن البيض الفاسد قد دخل بصورة غير مشروعة ودون علم السلطات الرسمية للدولة الجارة بوصفها بضائع مهربة وهو أمر غير مفاجيء للمتتبع ويحدث ذلك مع دول الجوار الأخرى ولو اقتصر الأمر على البضائع الاستهلاكية لهان الأمر وكان الله يحب المسلمين ، إلا إن ما هو أكثر خطورة تدفق الأسلحة بشكل متواتر واستخدامه في قتل العراقيين الآمنين ,من قبل عصابات ومافيات ناشطة إمام أنظار الأجهزة العراقية الرسمية واذا ما اضفنا إلى فرضية البيض المستورد عن طريق التهريب فرضية دخول الأسلحة دون علم السلطات الرسمية للدولة الجارة ،فما هو تفسير إجراءات غلق الأنهار وحرمان المواطنين العراقيين من المياه لإغراض الشرب وسقي المزروعات وخاصة المناطق الحدودية بالرغم من الاحتجاجات الشعبية والرسائل السياسية التي تصدر من هذه الجهة أو تلك وما ينطبق على الجارة الشرقية ينطبق على الجارة الشمالية أيضا فبالرغم من التعاملات الاقتصادية والتجارية الواسعة بين البلدين ونشاط الشركات التركية التي تحتل مكانا مميزا بين الاستثمارات الأجنبية فان هذه الدولة تقوم بمحاصرة العراق مائيا ولم تتخذ إي خطوة ملموسة باتجاه عقد اتفاقية لتنظيم المياه بين الدولتين وفقا للقوانين الدولية التي تنص عليها قواعد الاتفاق بين الدول المتشاطئة .الأمر الغريب في هاتين الدولتين إنهما لم تكتفيا بإلحاق الضرر بالاقتصاد العراقي ولكنهما تشنان حربا مستمرة تطال سكان القرى والمدن الحدودية وبيوتهم ومواشيهم وتعلل هذه الإعمال العدوانية بمطاردة المعارضين المطالبين بحقوق قومية أو ثقافية الذين ينطلقون من الأراضي العراقية كما تزعمان والغريب في الأمر إن اللجان العراقية المختصة التي تكلف بالكشف على المناطق المتضررة تأتي بتقارير تنفي وجود قوات عسكرية قد خرقت الحدود العراقية وكأنها حرب سيوف لا حرب مدفعية وطائرات تقصف وتعود إدراجها لم تنتظر وصول اللجان الرسمية العراقية . إن التناسق والتزامن في اعتداءات الدولتين الجارتين المنتفعتين من العلاقات الاقتصادية مع العراق تشير إلى نوع من التناغم بين الدولتين في ممارسة الضغط على العراق وترحيل مشاكلها الداخلية مع مواطنيها للضغط على العراق ودفعه للتراجع عن التحولات التاريخية في إقامة النظام الفيدرالي الذي كان احد أهم المنجزات الدستورية التي تحققت على خلفية السياسات الديكتاتورية في مصادرة الحقوق القومية للشعب الكردي .كل ذلك يتم بالرغم من المساعي الدبلوماسية للعراق الهادفة إلى بناء علاقات حسن الجوار مع دول الجوار الإقليمية والارتقاء بها إلى أعلى المستويات واشملها ليس ذلك فقط وإنما لتشمل توسيع العلاقات الاقتصادية من خلال إحالة مئات العقود للشركات التركية والإيرانية فضلا عن التوسع في المبادلات التجارية التي لم يكن البيض الفاسد أو الأسلحة على كشوفاتها الرسمية المعلنة ، بالإضافة إلى تعاظم النشاط السياحي مع الدولتين إلا يستحق كل ذلك المعاملة بالمثل؟.ولكن يبدو إن الخطط والاستراتيجيات لدول الجوار ابعد بكثير وأعمق مما يتصور البسطاء من أمثالي .*

* عن الحوار المتمدن.

زر الذهاب إلى الأعلى