القانونيةالمقالات والبحوث

الحاجة الى تشريع قانون لبيع فوائض المنتجات النفطية

الحاجة الى تشريع قانون لبيع فوائض المنتجات النفطية

 

الحاجة إلى تشريع قانون لبيع فوائض المنتجات النفطية

 

إعداد

محمد صبـاح علي

دكتور في القانون العام

مدرس القانون المالي والإداري

وزارة النفط- شركة توزيع المنتجات النفطية- هيأة الشؤون والاستشارات القانونية- قسم العقود

 

 

Mohamedsabah290@gmail.com

 

 

 

الملخص:

أن تشريع قانون يحكم عملية بيع فوائض المنتجات النفطية؛ يعد ضمانة للثروة النفطية وتعزيز مواردها، بالإضافة إلى تعزيز دور الجهات التي تمارس نشاط البيع بتطبيق القانون، وامتداد ذلك للدور الرقابي أثناء عمليات  الرقابة والتدقيق للعقود المبرمة، وأخيرا يعزز مبدأ المشروعية في أن يستند عمل الإدارة إلى القانون.

 

Summary

The enactment of a law governing the sale of surplus petroleum products is a guarantee of oil wealth and the enhancement of its resources, in addition to strengthening the role of the entities practicing the selling activity by applying the law, and extending that to the supervisory role during the control and auditing processes of the contracts concluded, and finally strengthens the principle of legality in the administration’s work based on the law.

 

المقدمة:

إذا كان استخراج النفط الخام وتصديره يعد موردا أساسيا ومهما من الموارد الاقتصادية الأساسية والمهمة للعراق؛ باعتباره الركيزة الأساسية الوحيدة التي يقوم عليها الاقتصاد العراقي، بالإضافة عما يرد من عائدات للمنتجات النفطية بعد تصفيتها وبيعها داخل السوق المحلي من منتجات نفطية تلبي حاجة الطلب العام، فإن الفائض من هذه المشتقات  ( النفثا- زيت الوقود)  يشكل موردا ماليا لا يستهان به عن طريق طلب السوق الداخلي والخارجي، الغرض منه إعادة هذه الفوائض وجعلها صالحة للاستخدام بعد أضافه مواد لها تحسن من جودتها للاستعمال، حيث تحقق هذه الفوائض مبالغ مالية كبيرة أثناء بيعها داخل السوق المحلي أو التصديري، إذ لا يمكن للمصافي العراقية تكريرها مرة أخرى بسبب محدودية طاقتها وضعف الإمكانيات والتقنيات التي تمكنها من تصفيتها، ويؤدي بقائها إلى أمرين؛ الأول ارتفاع الخزين وتوقف وحدات التكرير داخل المصفى، والثاني إعادة حقنه مع النفط الخام، وهذا ما يسبب للوزارة خسائر مالية كبيرة مما يدفع الوزارة إلى بيعها للأغراض المحلية والتصديرية، والسؤال الذي يطرح في هذا الشأن، ما هو القانون الذي يحكم بيع وتصدير هذه الفوائض النفطية؟  أن الإجابة على سؤالنا تكون  غياب القانون الذي يحكم بيع فوائض المنتجات النفطية، حيث لا يوجد تشريع قانوني ينظم آلية بيع فوائض المنتجات النفطية لأغراض التصدير، وتتم مزاولة البيع وفقا لأسعار النشرة العالمية المعتمدة لشهر البيع ويكون الفائز هو صاحب أوطأ حسم سعري من سعر النشرة العالمية، وهو ما جعلنا في حاجة إلى الدعوة إلى تشريع قانوني يضع آلية ثابتة لهذه الأنشطة، وينظم عملها، ويضعها بين نصوص قانونية تحكمها، وتسهل عمل السلطات الرقابية أثناء ممارسة عملها في الرقابة والتدقيق بعد عملية التعاقد.

أهمية البحث:

تنصب أهمية البحث من عدة جوانب منها، الجانب المالي المتأتي للشركات النفطية خاصة والوزارة عامةً من خلال تعظيم الموارد النفطية، فضلاً عن أن وجود تشريع قانوني لهذه الفوائض يعد من أحد جوانب الشفافية في العمل، بالنسبة للشركات المتعاقدة على الشراء، والإدارة، والأجهزة الرقابية، بالإضافة إلى تحديد السلطة التقديرية التي تمارس أثناء التعاقد ومنح الموافقات على الشراء.

مشكلة البحث:

تكمن مشكلة البحث في عدم وجود تشريع قانوني يحكم عميلة بيع فوائض المنتجات النفطية، وعدم خضوع هذا النشاط إلى قانون محدد، فعلى سبيل المثال لا يمكن تطبيق تعليمات تنفيذ العقود الحكومية على هذا النوع من البيع كون أن التعليمات تختص بأساليب الشراء الذي تحصل الدولة على حاجتها بأقل الأسعار، بينما الفوائض (بيع) منتجات نفطية الأمر الذي يلزم تحقيق أعلى سعر للخزينة، بالإضافة إلى أن الأصل العام هو وجود قانون أو تعليمات أو ضوابط تحكم عملية البيع والشراء في تنظيم إي مرفق من مرافق الدولة، مما لا يمكن قبول ممارسة تلك العملية خارج نطاق التشريع والقانون.

 

أهداف البحث:

 يتوخى البحث بيان الأهداف الآتية:-

  • مدى سريان تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم 2 لسنة 2014 على بيع فوائض المنتجات النفطية.
  • مدى سريان قانون بيع وايجار اموال الدولة على بيع فوائض المنتجات النفطية.
  • مدى وضع قانون ينسجم مع هذا النوع من البيع بعد تحديد تكوين هذه الفوائض وانسجامها مع الوضع القانوني الأنسب.

 

منهجية البحث:

يعتمد البحث على المنهج التحليلي القائم على دراسة وتحليل نتائج هذه الفوائض النفطية والتعامل معها على أساس أنها مصدر للطاقة يمكن الاستفادة منها للحاجة المحلية، أم أن أمكانية إعادتها غير مجدية ليتسنى لنا تحديد نظام قانوني معين، فمن خلال الاطلاع على عمليات الصناعة النفطية لعدد من الدول ومن بينها مجاورة للعراق، لم نجد عملية بيع فوائض منتجات نفطية، وهو ما أكده عدد من ذوي الاختصاص بأن تلك الفوائض تلجأ الدول إلى استخدامها بسبب صلاحيتها للاستعمال مرة أخرى.

 

تقسيم البحث:

قسم البحث إلى مقدمة وثلاثة مطالب مع خاتمة البحث التي تضمنت النتائج والتوصيات، وكالآتي:  

المطلب الأول : مفهوم بيع فوائض المنتجات النفطية

المطلب الثاني : اساليب بيع فوائض المنتجات النفطية

المطلب الثالث : القانون الواجب التطبيق على بيع فوائض المنتجات النفطية

 

المطلب الأول

مفهوم بيع فوائض المنتجات النفطية

ان اي دراسة او بحث سواء كانت في مجال القانون او غيره من المجالات المتخصصة الأخرى لابد وان يتصدرها تحديد لمفهوم المصطلحات الاساسية التي تتناولها , ذلك لان افتقار اي دراسة او بحث لمثل هذا التحديد قد يوقع المتلقي والقارئ في غموض وإبهام , ومن هذا المنطلق سنبين في هذا المطلب من البحث مفهوم بيع فوائض المنتجات النفطية في فرعين نخصص الاول : لتعريف فوائض المنتجات النفطية , أما الثاني لبيان أهمية بيع هذه الفوائض :

 

الفرع الاول

تعريف فوائض المنتجات النفطية

يدخل النفط في مجالات متعددة من الحياة ويتم الاستفادة منه على نطاق واسع , الا ان هذه الاستفادة لا تتحقق بمجرد استخراجه من باطن الارض ,أذ لا بد من مروره بعمليات معينة حتى يتم الحصول منه على مشتقات عديدة تدخل في استعمالات متعددة ([1]) ويطلق على هذه العمليات  ( تكرير النفط ) والتي يقصد بها مجموعة عمليات الهندسة الكيميائية والمرافق الاخرى المستخدمة في مصافي النفط والتي يتم بها تحويل النفط الخام الى منتجات صالحة للاستخدام كالغاز النفطي المسال , الكازولين, الكيروسين والوقود النفاث وغيرها , اي هي عملية فصل النفط الخام من الاملاح والغازات والمياه والشوائب التي تخرج معه اثناء استخراجه من الآبار النفطية ([2]) او هو اعادة ترتيب الجزئيات المكونة من الهيدروجين والكربون لتكوين مجموعات تختلف عن تلك الموجودة في النفط الخام  وتعد صناعة تكرير النفط من اهم الصناعات على مستوى العالم , وذلك لما ينتج عنها من مواد مكررة تدخل في استعمالات متعددة كالغاز, الكازولين , الديزل وزيت الوقود , كما وينتج عنها أيضا القائم للصناعات البتروكيمياوية وهي : النافثا, وغازات الإيثان والميثان وغيرها([3]).

يطلق على المنتجات التي يتم استخراجها من النفط الخام بعد عمليات تكريره بـ ( الفوائض النفطية ) وهي كثيرة ومتنوعة كما بينا سابقا , وتحتل اهمية اقتصادية كبيرة في البلدان كافة , وذلك لما تمثله من اساس  يعتمد عليه قيام صناعات اخرى ولما يدره بيعها  من ارباح مالية هائلة للدول المنتجة لها , وتعد ( النافثا وزيت الوقود ) من  اهم الفوائض النفطية في العراق , ويتم انتاجها بكميات كبيرة في مصافي النفط .

وتعرف النافثا بأنها : عبارة عن قطفة التكرير الخفيفة والتي تشمل المواد الهيدروكربونية وتعد من اهم منتجات التقطير وتستخدم لإنتاج البنزين للسيارات وبعض انواع وقود الطائرات بالإضافة الى استخدامها كمادة اولية في الصناعات البتروكيمياوية الا ان هذه المادة لا يمكن استخدامها كوقود للسيارات ما لم تمر بمرحلة ثالثة تعرف بعملية التهذيب والتي ينتج عنها البنزين الصالح للاستعمال ([4]) كما وتعرف بانها البنزين الخام قبل معالجته كيميائيا اي قبل إضافة مواد أخرى له وتتخصص بإنتاجها المصافي البتروكيمياوية ([5]) .

أما زيت الوقود فيعرف بانه بقايا السائل البني الداكن بعد الانفصال عن النفط او منتجات اعادة تدوير البنزين والكيروسين والغاز النفطي وهو خليط من الهيدروكربونات وراتنجات النفط ويستخدم كوقود للسفن والمراجل والافران الصناعية ([6]) ويتم انتاج هذا النوع من المنتجات النفطية في مصافي زيوت الوقود وتتصف بكونها منتجات خفيفة لا يمكن الاستفادة منها ما لم تمر بعمليات اخرى تجعلها صالحة لاستخدامات متعددة ([7]) .

 

الفرع الثاني

اهمية بيع فوائض المنتجات النفطية

تتمثل اهمية بيع فوائض المنتجات النفطية في جانبين الاول : مالي والجانب الثاني هو الجانب الإنتاجي (الفني) وهذا ما سنبحثه في فرعين من هذا المطلب نخصص الغول : لبيان الأهمية المالية , والثاني للأهمية الإنتاجية :

 

اولا : الاهمية المالية :

ان لبيع المنتجات النفطية والفوائض الناتجة عنها اهمية كبيرة في اقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء , فالدول المنتجة للنفط ومشتقاته تحصل على عوائد تسهم في تمويل الموازنة العامة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل مباشر وذلك عن طريق تصدير النفط ومشتقاته , اما الدول المستهلكة فأنها تحقق عائدات ولكن بشكل غير مباشر حيث تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك بطريق استخدام النفط الخام في انتاج السلع والخدمات التي تساهم في تحقيق تلك التنمية .

ويعتمد العراق في جانب كبير من اقتصاده على الايرادات المتحصلة من بيع النفط الخام ومشتقاته, وذلك باعتباره بلدا ريعيا يقوم اقتصاده في الدرجة الاولى على بيع المنتجات النفطية وتوزيع العائدات على المواطنين من دون وجود نشاطات اخرى زراعية , صناعية او غيرها ([8]) وبناءا على ذلك فان بيع فوائض المنتجات النفطية وعلى وجه الخصوص ( النافثا وزيت الوقود ) يحقق ارباحا تضاف الى ميزانية الدولة الى جانب الارباح التي يحققها بيع النفط الخام , حيث قدر مجموع الايرادات التي حققها بيع فوائض المنتجات النفطية للمصافي كافة لعام (2018) مبلغ قدره ( 410516606,4) $ , وذلك بحسب الإحصائية الإجمالية الصادرة من الهيأة المالية في      ( شركة توزيع المنتجات النفطية )([9]) .

 

ثانيا : ديمومة عمل المصافي:

تتمثل هذه الاهمية في ان بيع هذه الفوائض  بعد استخراجها من النفط انما يؤدي الى تخفيف العبء على مصافي النفط والتي تتسم بصغر حجمها نسبيا ما يجعلها غير قابلة لخزن هذه الفوائض , ذلك بالإضافة إلى عدم وجود صناعات بتروكيمياوية متطورة في العراق يمكن الاستفادة من هذه الفوائض فيها ([10]),  كما أن عدم التخلص من هذه الفوائض يؤدي إلى  حقنها في النفط ومن ثم التأثير على أسعاره في الأسواق العالمية، حيث من المعروف ان النفط الثقيل المشبع بالمنتجات والمشتقات الاخرى يكون اقل سعرا من النفط الخفيف الخالي من هذه المنتجات، ومن ثم يؤدي إلى انخفاض قيمته وقلة الطلب علية، مما أدى بقيادة القطاع النفطي التوجيه بعدم حقن الفوائض في النفط الخام .

 

المطلب الثاني

اساليب بيع فوائض المنتجات النفطية

ان لبيع الفوائض النفطية اسلوبان الاول : اسلوب المناقصة العامة , اما الأسلوب الثاني فهو أسلوب التعاقد المباشر وسنوضح ذلك تباعا في فرعين من هذا المطلب :

 

الفرع الاول

المناقصة العامة

حددت المادة الثالثة من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (2) لسنة 2014 اسلوب المناقصة العامة بالنص على ان تنفذ ( بإعلان الدعوة العامة الى جميع الراغبين في المشاركة بتنفيذ العقود بمختلف انواعها ممن تتوفر فيهم شروط المشاركة , وان تتسم الاجراءات بالعمومية والتنافسية والعدالة  والعلنية والوضوح ومراعاة السقوف المالية المقرة في تعليمات تنفيذ الموازنة الاتحادية عند اعتماد هذا الاسلوب ) حيث تعني المناقصة العامة مجموعة الاجراءات النظامية التي تهدف الى دعوة اكبر عدد ممكن من المناقصين لتقديم عطاءاتهم وعروضهم تمهيدا لاختيار الانسب من بينها سواء تعلق ذلك بجودة المادة المطلوب شراؤها او بأسعارها او بقية الشروط الاخرى المتمثلة بالكمية ووقت التجهيز وشروط الدفع والتسليم وغيرها من الامور التي يكون لها تأثير مباشر او غير مباشر في اداء هذه الوظيفة الهامة من وظائف المنشأة ([11]) يتم بيع فوائض النفط من ( النافثا وزيت الوقود ) وفقا لهذا الاسلوب حيث يكون البيع بدعوة عامة يتم الاعلان عنها في الصحف المحلية متضمنة فقرات تحددها شركات النفط يلتزم الفائز بالمناقصة بها والتي تحال على صاحب اوطأ حسم سعري والذي يمثل اعلى الاسعار ([12]) ليتم بعد ذلك اجراء التعاقد معه وتجهيزه بالكميات المحددة من الفوائض النفطية خلال مدة العقد مع اعتماد اسعار النشرة العالمية لأسعار النفط plats)) ([13])  ورغم ما يتميز به اسلوب المناقصة العامة من مميزات تتمثل بتأمين انجاز هذه المعاملات من خلال عدة اجراءات يغلب عليها طابع الشفافية قد لا تتلاءم احيانا مع بيع تلك الفوائض في حالات السرعة التي تتطلب التدخل العاجل عند ارتفاع الخزين في المصافي وتوقف وحدات التكرير والتي قد لا تسعف بالسير نحو تطبيق اجراءات وشروط التعاقد المنصوص عليها في تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (2) لسنة 2014,  ويسجل البعض على عملية التصدير تحفظ يقود إلى السلبية، وهي  اعطاء مهمة تصدير هذه الفوائض للأفراد العاديين او الشركات المحلية بدلا من ان تتولاها الدولة ممثلة بوزارة النفط كونه يحقق ارباحا اكثر ويكون فرصة لبناء تعاون بين العراق والدولة الاخرى , او استثمارها في صناعات وتحويلها لمنتجات يمكن الاستفادة منها بدلا من استيرادها من خارج العراق وهو منتج لموادها الاساسية ([14]).

الفرع الثاني

اسلوب التعاقد المباشر

يتم بيع فوائض المنتجات النفطية وفقا لهذا الاسلوب بناءا على تعاقدات مباشرة تتم بين الشركات النفطية ممثلة بمدراءها مع الشركات النفطية  المتخصصة وتحدد شركات النفط وفقا لهذا الاسلوب بنود العقد , وذلك من حيث مدة العقد والسعر الذي يتم به البيع وكذلك الالتزامات المترتبة على طرفي العقد ومن مميزات هذا الاسلوب انه يتعامل مع الوضع الحرج في المصافي لتلافي ارتفاع الخزين وتعطيل وحدات التكرير داخل المصفى، إلا ان هذا الاسلوب لا يعمل على اطلاقه فهو محدد لحالات طارئه يستحيل معها قيام جهة التعاقد باللجوء إلى طرق المناقصة، كما انه يكون مقرون بموافقة الوزير الشخصية، ومن سلبياته انه لا يقدم افضل الاسعار التي تقدمها المنافسة العامة، لأنها تحال على الشركة بنفس الاسعار السائدة في المنطقة ذات التعاقد السابق، ومهما يحقق هذا الاسلوب من مميزات إلا انه يبقى ومن وجهة نظرنا مرفوض كونه يعد استثناء على الاصل، كونه لم يطبق وفق ما معمول به في تعليمات تنفيذ العقود الحكومية([15]) هذا من جهة ومن جهة أن السير بهذا الاسلوب من التعاقد يكون مدعاة شك أمام الجهات الرقابية .

 

 

 

 

المطلب الثالث

القانون الواجب التطبيق على بيع فوائض المنتجات النفطية

ان عدم وجود تشريع قانوني ينظم عملية بيع فوائض المنتجات النفطية والسلبيات المترتبة على اتباع اساليب المناقصة العامة والتعاقد المباشر احد اهم الاسباب التي تدعو الى ايجاد قانون يحكم عمليات البيع هذه وكذلك دراسة مدى امكانية تطبيق اي من القوانين الاخرى على هذه البيوع وعلى وجه الخصوص تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم / 2 لسنة 2014 او قانون بيع وايجار اموال الدولة رقم / 21 لسنة 2013 وهذا ما سنبحثه تباعا في الفرعين التاليين ليكون  الاول : مدى امكانية تطبيق تعليمات تنفيذ العقود الحكومية والثاني لبيان مدى تطبيق قانون بيع وايجار اموال الدولة :

 

الفرع الاول

مدى امكانية خضوع بيع فوائض المنتجات النفطية لتعليمات تنفيد العقود الحكومية

صدرت هذه التعليمات في عام 2014 وكان الهدف منها حل الارباك الذي كانت عليه التعاقدات العامة في العراق منذ عام (2003) ولغاية عام (2005) حيث لم يكن في العراق اي قانون او تعليمات تنظم العملية التعاقدية بشكل صحيح ومتكامل باستثناء امر سلطة الائتلاف المنحلة رقم (87) لسنة 2004 وقد مرت هذه التعليمات بمراحل من التعديل وذلك لأجل معالجة المعوقات التي رافقت هذه التعليمات وتهيئة البيئة الاستثمارية الرصينة الجاذبة للمستثمرين ([16]) والمتتبع لهذه التعليمات يجد بانها تسري على اربعة انواع من العقود هي :

  1. عقود الاشغال ( المقاولات ) 2.عقود تجهيز السلع 3.عقود الخدمات الاستشارية 4.عقود الخدمات غير الاستشارية ([17]).

وبإمعان النظر على ما جاء بالفقرة (3) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية والمستوحاة من قانون المناقصات والمزايدات المصري ومن بعده قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة رقم 182 لسنة 2018([18])، انه اجاز للشركات العامة والتي لا تسري عليها تعليمات تنفيذ العقود العامة بالتعاقد خارج اسلوب المناقصة ، واعتماد الصلاحيات والمهام والمنصوص عليها في النظام الداخلي المقر للشركة، مثل عقود التسويق وعقود الاستثمار مع الاخذ بنظر الاعتبار التشريعات القانونية ذات الصلة، وتجدر الاشارة هنا إلى أن مهام تسويق النفط مناطة لشركة التسويق(سومو) ووجود هذه الفقرة قد يعطيها ممارسة نشاطها مع بيع النفط الخام وأي عمل تصدير يلحق به، ولكن قد لا يكون القياس صحيح على شركة نفطية أخرى إلا بعد اعتماده في النظام الداخلي للشركة، والملاحظ أن اطلاق عملية التصدير لا تنطبق على تصدير فوائض المنتجات النفطية وسواء مارست من قبل شركة التسويق أو شركة أخرى كون الأثنين لم تمارس نشاط التصدير بالمعنى الفعلي والحقيقي، حيث تتم العملية بالاستعانة بالشركات المحلية المتقدمة للشراء ومن ثم تلزم هذه الشركات بتصدير المنتجات. ونرى أن وصف العملية بالبيع هي الأكثر دقه مع الإجراءات المتبعة.

صفوة القول هنا عدم امكان سريان التعليمات  على عقود البيع التي تجريها مؤسسات الدولة لغرض بيع منتجاتها كونها قد وردت على سبيل الحصر  وبالتالي عدم امكان تطبيقها على بيع فوائض المنتجات النفطية الذي تقوم به شركات النفط لاغراض تصديرها , وذلك لعدم ورود هذا النوع من البيوع في هذه التعليمات .

 

الفرع الثاني

مدى سريان قانون بيع وايجار اموال الدولة رقم 21 لسنة (2013)

على بيع الفوائض النفطية

ان الغاية من تشريع قانون بيع وايجار اموال الدولة هو المحافظة على اموال الدولة وتحقيق المصلحة العامة وذلك من خلال بيعها بموجب احكام معينة تسري عليها تحقيقا للعدالة والشفافية في العمل وقد حدد القانون الاموال التي يجوز بيعها وهي الاموال المنقولة وغير المنقولة العائدة للدولة كالاراضي والعقارات حيث يجوز للدولة التصرف باموالها ببيعها او استغلالها وذلك بايجارها والحصول على العوائد المالية من ذلك , ولم يرد ضمن القانون اي ذكر لبيع فوائض النفط وذلك على اساس وجوب وجود قانون يعالج هذا الموضوع وبالتالي عدم امكان خضوع هذه البيوع لقانون بيع وايجار اموال الدولة .

كما ان احد اسباب عدم امكان تطبيق هذا القانون على بيع الفوائض النفطية هو ان القانون المذكور اوجب في المادة ( الثانية ) منه على ان يكون بيع وايجار اموال الدولة بناء على موافقة الوزير او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة او اي منهما ([19]) , و لو تحقق هذا الامر لا يمكن تطبيقه على بيع فوائض النفط ، لعدم سريان احكام قانون بيع وايجار اموال الدولة على هذا النوع من البيوع، إذ باللجوء إليه يكون هناك تعارض بين احكام القوانين،  فضلا عن آلية تحديد اسعار البيع ، غير أن عن عدم تحقق سعر معين للمنتوج عند البيع بطريق المزايدة  يلزم الإدارة بعدم البيع واعادة المزايدة ، ولا ينسجم  الموقف عند حصول اختناقات وارتفاع مستوى الخزين التي تتطلب اجراءات سريعة لا تحتمل التأخير والتي قد تتعارض مع اجراءات البيع عن طريق قانون بيع وايجار اموال الدولة.

 

الخاتمة :

بعد الانتهاء  من دراسة عملية بيع فوائض المنتجات النفطية بتحليل عناصرها نسجل مجموعة من النتائج والتوصيات التي نأمل من المشرع العراقي والجهات المختصة الاخذ بها وذلك لسد القصور التشريعي القائم :

النتائج :

  1. ان بيع فوائض المنتجات النفطية يحقق العديد من المزايا لعل اهمها الارباح المالية التي تعود على الدولة حيث تمثل الايرادات الناتجة عنها موردا مهما من موارد الخزينة العامة , بالإضافة الى المرونة الانتاجية المتمثلة بتجنب حقن او ابقاء هذه المواد في النفط لما يؤدي اليه من انخفاض سعره وعدم وجود الطاقة الاستيعابية للمصافي العراقية للإبقاء عليها .
  2. يجري بيع هذه الفوائض وفقا لأسلوبان هما المناقصة العامة والتعاقد المباشر ولكل منهما مزايا تتمثل بسرعة انجاز هذه المعاملات وتخليص المصافي العراقية منها , اما العيوب فتمثلت بغياب تدخل الدولة بصورة مباشرة في تصدير هذه المنتجات لما يعود عليها ذلك من ارباح طائلة اضافة الى امكانية قيام تعاون بينها وبين غيرها من الدول في المجالات كافة .
  3. عدم امكان تطبيق تعليمات تنفيذ العقود الحكومية على هذه البيوع لكونها مخصصة للشراء وكذلك قانون بيع وايجار اموال الدولة , وذلك لعدم ورود ذكر لهذه البيوع فيه .

 

 

 

المقترحات :

  1. ضرورة تولي الدولة بيع الفوائض النفطية عن طريق أقامة مزادات متخصصة؛ لما لذلك من اهمية في زيادة الارباح واقامة علاقات مع الدول الاخرى , كما يجنب الدولة عمليات التهريب واستخدامها لأغراض غير مشروعة .
  2. ضرورة اقامة صناعات بتروكيمياوية قائمة على هذه المنتجات وتحويلها الى منتجات صالحة للاستخدام ( كالبنزين ) بدلا من انفاق مبالغ طائلة لاستيرادها .
  3. ضرورة تشريع قانون لتنظيم عملية بيع الفوائض النفطية تنظم عملية البيع وتحكم النزاعات الناشئة عنها؛ تحقيقا للشفافية في العمل  وتعظيم ايرادات الوزارة والخزينة العامة للدولة , ولئن الأهمية تتمثل بخضوع جميع اعمال الوزارات والهيئات الى الرقابة سواء من قبل مجلس النواب او من قبل ديوان الرقابة المالية، وحيث ان عدم وجود قانون لتنظيم هذا الموضوع يشكل نوع من الارباك للوزارة امام الهيئات الرقابية المذكورة وذلك من حيث وجوب وجود قانون يسند عملية البيع هذه والاجراءات الواجب تطبيقها , كما ان وجود مثل هذا القانون يعد دعامة اساسية لتحقيق مبدأ المشروعية المتمثل بوجوب خضوع جميع اعمال الادارة للقانون، فضلا عما يخلقه الاخير من طمأنينة للموظف المختص بالعمل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هوامش البحث:

([1]) د. نبيل جعفر عبد الرضا , اقتصاد النفط , ط1 , دار احياء التراث العربي , بيروت , لبنان , 2011 , ص127 .

([2]) عمليات تكرير النفط , بحث منشور على الموقع الالكتروني:marefa .org  https :// m..

 ([3])د. نبيل جعفر عبد الرضا , اقتصاد النفط , المرجع السابق , ص127, ص128.

(4) علي حسين علي راشد وزينة عبد الرضا هادي وعصام علي شاه , تحسين العدد الاوكتاني للكازولين بواسطة التحلل الضوئي، مجلة البحوث والدراسات النفطية , وزارة النفط , مركز البحث والتطوير النفطي , ص2 .

([5]) د. نبيل جعفر عبد الرضا , اقتصاد النفط , مرجع سابق , ص 129.

 ([6])زيت الوقود المازوت , بحث منشور على الموقع الالكتروني:

تاريخ الزيارة 30/7/2019  www. Kazkontrakt.kz

 ([7])د. نبيل جعفر عبد الرضا , اقتصاد النفط , مرجع سابق , ص129.

 ([8]) د. نبيل جعفر عبد الرضا و مصطفى عبدالله محمد , المسارات العكسية للنفط العراقي , ط1 , شركة الغدير للطباعة , البصرة العراق , 2016 ,  ص41.

 ([9])تحققت تلك الإرباح خلال استلام شركة توزيع المنتجات النفطية لنشاط تصدير فوائض المنتجات النفطية، فقد حققت من عدة عقود لبيع فوائض منتوج النفثا من المصافي الشمالية استثمارية وحكومية  مبلغ أجمالي وقدره (13119324.20)$  ومن  منتوج زيت الوقود  مبلغ اجمالي قدره (7.147637.88)$ ، بينما حققت في سنة 2017 من إيراد منتوج النفثا من مصفى كركوك (18422801)$.

([10]) د. نبيل جعفر عبد الرضا , اقتصاد النفط , مرجع سابق , ص222, ص223.

 ([11])يوسف مصطفى كمال , تعريف المناقصة , منشور على الموقع الالكتروني:

HTTPS:// HRDISCUSSION.COM

 ([12]) كتاب شركة توزيع المنتجات النفطية  رقم 65832 في 18/ 12/2018

 ([13]) كتاب شركة توزيع المنتجات النفطية  7727 في 17/12/ 2018

 ([14])يراجع في ذلك تقرير ديوان الرقابة المالية الاتحادي، والمتضمن تقويم اداء وزارة النفط للحد من استيراد المشتقات النفطية والخطط الموضوعة لزيادة الانتاج محليا للسنوات (2010- 2011- 2012-2013)، ص17 وما بعدها. حيث كان الأجدر بذلك أعطاء تلك الرخصة ولحالات محددة لمجلس أدارة الشركة بناء على حراجة وجسامة الموقف الذي يدعي السير بهذا الأسلوب  من التعاقد كون أن الشركات النفطية تتخذ غالبية قراراتها عن طريق مجالس ادارتها.           ينظر في ذلك الفقرة (7) من المادة ثالثا من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (2) لسنة.2014

 ([15]) يراجع في ذلك تقرير ديوان الرقابة المالية الاتحادي، والمتضمن تقويم اداء وزارة النفط للحد من استيراد المشتقات النفطية والخطط الموضوعة لزيادة الانتاج محليا للسنوات (2010- 2011- 2012-2013)، ص17 وما بعدها.

([16]) وزارة التخطيط , دائرة العقود الحكومية , تعليمات تنفيذ العقود الحكومية والضوابط الملحقة بها , الطبعة المنقحة , تموز , 2017، الفقرة (7) من المادة (ثالثا) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (2) لسنة 2014.

 

([17]) وزارة التخطيط , دائرة العقود الحكومية , تعليمات تنفيذ العقود الحكومية والضوابط الملحقة بها , الطبعة المنقحة , تموز , 2017 وردت هذه العقود في ( المادة 1/ اولا ) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم 2 لسنة 2014 .

 ([18])وردت هذه العقود في ( المادة 1/ اولا ) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم 2 لسنة 2014 واجاز قانون المناقصات والمزايدات المصري لمجلس الوزراء ووزارتي الدفاع والداخلية التعاقد خارج اسلوب المناقصة في التعاقدات التي تستلزم اتباع شروط خاصة والواردة في عقود التسليح.

([19]) ينظر المادة (1) والمادة (2) من قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم (21) لسنة 2013.

زر الذهاب إلى الأعلى