الفكر السياسي

الحكومة الالمانية تمسك العصا من الوسط بخصوص نزاع الصحراء الغربية

الحكومة الالمانية تمسك العصا من الوسط بخصوص نزاع الصحراء الغربية

سعيد الوجاني

2021 / 12 / 15

عممت وكالة المغرب للأنباء La MAP خبرا على المواقع الالكترونية ، والصحافة الورقية ، يؤكد اعتراف ودعم برلين ، لحل الحكم الذاتي الذي اقترحه النظام المغربي في سنة 2007 ، كمنفذ لإيجاد تسوية ، تمكن الصحراويين من تصريف وتدبير شؤونهم المحلية ، ضمن سيادة الدولة المغربية .. والحال انه بعد مراجعة موقع وزارة الخارجية الألمانية ، سنجد ان هذا الخبر ليس صحيحا ، لكن أهميته انه موقف تراجعي عن موقف الحكومة الألمانية السابقة ، التي شغلت فيها Angelina Merkel وزارة الخارجية ، التي نفت بالمطلق مغربية الصحراء ، ووقفت الى جانب اسبانية ، والاتحاد الأوربي ، وبما فيهم فرنسا سدا منيعا ضد اعتراف Donald Trump بمغربية الصحراء .. فللأول مرة تعترف برلين بانّ الحكم الذاتي الذي قدمه النظام المغربي في سنة 2007 ، يكون قد قدم مساهمة هامة في سياق البحث عن حل ..
فإشارة برلين الى الحكم الذاتي ، هو اعتراف منها كحل يجسد الواقعية ، والعدالة الدولية .. لكن بالنسبة لبرلين ، يبقى كمبادرة وكمساهمة ، من بين مبادرات اخريات ، تتراوح بين الاستفتاء وتقرير المصير ، وبين الانخراط في المغرب كباقي اقاليمه ، وجهاته المعروفة .. خاصة وان النظام المغربي عندما فشل حل الحكم الذاتي ، بسبب رفضه من قبل النظام الجزائري ، وجبهة البوليساريو ، اقترح كبديل عنه ، ولتغطية الفشل ، نظام الجهوية الموسعة الاختصاصات .. وبعد ان ظهر خطر هذا النظام على وحدة المغرب انْ حصلت هزة شعبية ، وعلى السلطة المركزية التي يمثلها النظام السلطاني ، حوّل نظام الجهة من الموسعة الاختصاصات ، الى الجهة المتقدمة الاختصاصات ، التي تزيد في تركيز سلطات القرار في الرباط العاصمة .
وبالرجوع الى النص الأصلي على موقع وزارة الخارجية الألمانية ، الذي يعكس الموقف الحقيقي الجديد بعد ذهاب Angelina Merkel ، نجده كما يلي ” .. المانيا تدعم الجهود المبذولة من طرف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ، من اجل التوصل الى حل سياسي ، عادل ، دائم ، ومقبول من الجميع ، على أساس القرار 2602 لمجلس الامن .. وبمشروعها لحل الحكم الذاتي لعام 2007 ، قدم المغرب مساهمة هامة في سياق البحث عن هذا الاتفاق .. ” ..
من خلال النص هذا ، كما جاء على موقع وزارة الخارجية الألمانية ، سنجد انه موقف ميكيافيلي يحتمل اكثر من شرح وتفسير .. فكل طرف من اطراف النزاع يعتقد انه في صالحه . وهنا تظهر فنية الاوربيين ، والامريكيين ، في ارسال اكثر من إشارة في النصوص لأطراف النزاع ، من جهة لتعويمهم ، ومن جهة للتحكم في الوضع ، ومن جهة لديمومة واستمرار الوضع ، كما كان عند بدأ النزاع .
فمن خلال النص ، نجد انه استلهم قوته ، من قرارات مجلس الامن التي اتخذها المجلس ، منذ اندلاع النزاع المسلح .. وهذا الإيحاء المقتبس من قرارات مجلس الامن ، يحمل في طياته عرقلة تطبيقها ، لاحتوائها على تناقض يجعل الانتقال من فقرة الى أخرى الواردة في القرار ، يبطل سابقاتها .. والنص الألماني المنشور في موقع وزارة الخارجية ببرلين ، تعمد ادراج هذا التناقض بين الأفكار ، وبين المصطلحات المستعملة في ديباجة النص ، لبث الغموض في النص ، شكلا وموضوعا ..
فانْ تعتبر المانيا مشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام المغربي في سنة 2007 ، قد قدم مساهمة فعالة / ركزوا على كلمة مساهمة ، وعلى كلمة هامة / ، فهذا تراجع موقفي واضح ، عن مواقف الحكومة السابقة التي كانت تعادي جهرا مغربية الصحراء . كما ان مجرد ذكر مصطلح الحكم الذاتي ، قد يخلط الأوراق داخل الاتحاد الأوربي ، الذي عارض اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، في افق انتظار تغيير في المواقف ، بعد كل انتخابات تفضي بمجيئ سياسيين جدد ، تكون لهم مصالح واهتمامات ، مخالفة لسابقيهم .. فتركيز النص الألماني عند اعتبار الحكم الذاتي مساهمة فعالة ، سيربك النظام الجزائري ، ومعه جبهة البوليساريو اللذين سيصبحان متخوفان من مواقف مماثلة قادمة ، من قبل دول داخل الاتحاد الأوربي .. فالصراع متواصل ، وسيتواصل ، ولن يعرف له نهاية . لان قرار التحكم ، هو بيد الدول الكبرى بمجلس الامن ، التي من صالحها ان يدوم ستاتيكو ، ويعلق الحل الى اجل غير مسمى ..
فالاعتراف بمغربية الصحراء ، سيكون مضرا بمصالح الدول الكبرى ، والاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، سيكون مماثلا كذلك .. لان السؤال في حالة الاعتراف بمغربية الصحراء ، او الاعتراف بالجمهورية الصحراوية .. من سيشتري الأسلحة الفرنسية ، والأمريكية ، والروسية ، والصينية التي سينخرها الصدأ في قعر دارها ..
وبالرجوع الى النص الألماني الميكيافيلي على موقع وزارة الخارجية الألمانية ، نكاد نجزم انه في صالح دوام ستاتيكو ، مع تزكية الوضع الحالي ، ليس بما يدعو صراحة الى الاستفتاء وتقرير المصير ، لكن وكقرارات مجلس الامن ، يسير في اتجاه الواقعية التي ليس لها من تفسير ، غير حل الحكم الذاتي .. وهو ما تجسده العبارة الألمانية عندما اشارت ، الى ان الحكم الذاتي الذي قدمه النظام المغربي ، يشكل مساهمة فعالة / سطروا على فعالة / ..
وسنصل الى هذا الاستنباط بكل سهولة ، عندما نجد النص يؤكد على : ” على تدعيم الجهود المبذولة من طرف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ” .. والمغرب كان اول من قبل ورحب بتعيين السيد Stefan de Mistura من قبل الأمين العام للأمم المتحدة .. ثم ان التركيز على ” الحل السياسي ” وليس القانوني ، يعني تقديم اطراف النزاع لتنازلات ، للوصول الى الحل المقبول . واي حل لن يقبل به احد الأطراف ، يصبح عصي التنفيذ بنص قرارات مجلس الامن ، وبنص النص الألماني لوزارة الخارجية الألمانية ..
كما ان التأكيد على الحل ” المقبول ” ، يعني عدم اعتراض احد الأطراف على أيّ حل قد يطرح .. وهنا هل النظام المغربي سيقبل ، وسيوافق على حل النظام الجزائري ، وجبهة البوليساريو .. وهل النظام الجزائري والجبهة ، سيقبلان وسيوافقان على حل النظام المغربي … شيء لا يمكن لعقل سليم تصوره .. لان من سيخسر المعركة ، وبعدها الحرب سيخسر نظامه ..
لذا فتركيز النص الألماني على القرار 2602 الأخير لمجلس الامن ، هو تركيز وتدعيم غير مباشر لحل الحكم الذاتي ، ويبقى وحده الحل الواقعي والعادل .. اما حل الانفصال ، فلا علاقة له بالواقعية ، وبعدالة الحل ، لأنه حل متطرف لن يقبل به النظام المغربي .. وفي عدم القبول ، سيبقى الوضع معلقا . لأنه متحكم فيه من قبل الدول الكبرى بمجلس الامن .. ولو كان مجلس الامن يملك حقا إرادة حقيقية لإيجاد الحل ، ما جرجر الصراع العبثي لأكثر من خمسة وأربعين سنة خلت ..
اجمالا فنص النص المنشور بموقع وزارة الخارجية الألمانية ، هو تراجع واضح عن موقف الحكومة الألمانية السابقة ، التي كانت Angelina Merkel وزيرة خارجيتها.. ‘&

& عن الحوار المتمدن..

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى