الحل الذاتي لمجلس النواب العراقي
الاستاذ المساعد الدكتورة روافد محمد علي الطيار
رئيسة قسم الدراسات القانونية في مركز الدراسات الاستراتيجية- جامعة كربلاء
بعد الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر الماضي طالب المتظاهرين إجراء انتخابات مبكرة لغرض انتخاب حكومة ومجلس نواب جدد.
وعلى الرغم من إن النظام السياسي في العراق نظام نيابي برلماني وفق المادة الاولى من الدستور((جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي . وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق)).
والذي يقوم على ركيزة أساسية وهي الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية عن طريق حل البرلمان وسحب الثقة من الحكومة، إلا أن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وقفوا عاجزين أمام تنفيذ مطالب المتظاهرين في حل مجلس النواب، وذلك بسبب إن المشرع الدستوري أخذ بالحل الذاتي للبرلمان، ويقصد به حل البرلمان نفسه بنفسه ،فطالما أن البرلمان يمارس جزء من السيادة، فله الحق في أن يتنازل عن هذه السيادة باعتبار أن الحل بواسطة السلطة التنفيذية مقيد بشروط صعبة، فالقاعدة العامة في إجراء الحل الذاتي أن يتم وفق الإجراءات المتبعة بالنسبة للتشريع، ومن ثم فهو لا يمكن أن يتم بمجرد إجراء بسيط من البرلمان ،وهذا النوع من الحل لا يمكن ممارسته إلا إذا نص عليه الدستور.
فالدستور العراقي قيد سلطة رئيس الجمهورية في حل البرلمان، ولم يمنحه إمكانية القيام بقرار الحل منفردا ،فسلطة الرئيس في ذلك الأمر مقيدة ومعلقة على إرادة البرلمان نفسه ، وقد جاء هذا الحل البرلماني بطريقتين:
فتتمثل الطريقة الأول في أن الدستور العراقي منح رئيس الجمهورية حق الموافقة على طلب حل المجلس النيابي الذي يتقدم به مجلس الوزراء ،فهذا الحل إذن يكون بمبادرة هذا المجلس(مجلس الوزراء)، و يتخذ شكل طلب يقدمه هذا الأخير لرئيس الجمهورية ،ليتخذ قراره بالموافقة طلب الحل ،والواقع إن رئيس الجمهورية غير ملزم بالموافقة يمكنه الرفض أو الموافقة ،فإذا وافق عليه يحال إلى البرلمان للتصويت على طلب قرار الحل ،ونتيجة التصويت قد تكون ايجابية أو سلبية.
وفي حين تتمثل الطريقة الثانية في تقدم ثلث أعضاء المجلس النيابي بطلب الحل ،ويصوت على الطلب بالموافقة بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب.
وفي حالة الموافقة على حل مجلس النواب يدعو رئيس الجمهورية إلى إجراء انتخابات جديدة في غضون 60 يوم من تاريخ حل مجلس النواب.
نجد أن قرار الحل بيد مجلس النواب، فرئيس الجمهورية في الواقع لا يملك إلا الموافقة على طلب اقتراح الحل الذي يقدم من الحكومة، وأما القرار والفصل فيعود إلى المجلس نفسه، وهذا حسب المادة 64 من الدستور العراقي، ولم ينظم هذا الدستور الوضع القانوني لمجلس النواب خلال الفترة الممتدة من تاريخ الحل إلى تاريخ انعقاد المجلس الجديد وما يترتب عليه من فراغ دستوري ورقابي ،ولم ينص على جزاء يكفل تطبيق المواد الدستورية الخاصة بذلك ، وبالتالي تعد مسألة بعيدة التوقع أن يلوح رئيس الجمهورية بحل مجلس النواب.
إلا إنه في 31/3/2021 وفي خطوة تعد سابقة تاريخية في تاريخ النظام السياسي العراقي الحديث، صوت مجلس النواب على حل نفسه بأغلبية مريحة، وبناءً على طلب مقدم من قبل (172) نائب، وأقتراح مسبق من قبل مجلس الوزراء.
ما الاثار التي تترتب على حل مجلس النواب:
- حدد مجلس النواب موعد لأجراء الانتخابات المبكرة لمجلس النواب الجديد وذلك في 10/10/2021، وبناءا على دعوة لأجراء الانتخابات من قبل رئيس الجمهورية .
- تعد الحكومة مستقيلة وتواصل تصريف الامور اليومية(حكومة تصريف أعمال).
- التزامن في تحديد موعدي حل البرلمان واجراء انتخابات جديدة، يمنع احتمال التلاعب من قبل السلطة التنفيذية وعدم إجراء الانتخابات، وكذلك يمنع وجود فراغ دستوري، وأيضا يمنع بقاء السلطة التنفيذية في العمل بشكل منفرد دون الخضوع إلى الرقابة من قبل السلطة التشريعية.
يعتبر قرار الحل خطوة جديدة للتأكيد على إجراء الانتخابات المبكرة المقررة في العاشر من تشرين الاول ويشارك بها نحو 25 مليون عراقي موزعين على 83 دائرة انتخابية بعموم مدن البلاد،وهي أحدى مطالب الاحتجات الشعبية،نأمل أن تكون الخطوة الاولى نحو إصلاح النظام السياسي في العراق. *
*. عن مركز الدراسات الاستراتيجية جامعة كربلاء