الاقتصادية

الخصخصة وتأثيراتها السلبية على اقتصادات الدول النامية

الخصخصة وتأثيراتها السلبية على اقتصادات الدول النامية

محمد صادق الصراف

2020 / 12 / 1

يمكن تعريف الخصخصة بأنها تحويل ملكية وسائل الانتاج المملوكة للدولة وتصنيفها او بيعها للقطاع الخاص وتعريف آخر هي تخلي الدولة عن التدخل في النشاط الاقتصادي من ناحية الانتاج او التخطيط والتطوير والاتجاه والتوزيع وبالنسبة لأنواع السلع والخدمات والتعليم والصحة .
وبعد التحرر من السيطرة الاستعمارية وحصول البلدان المستعمرة على استقلالها , عمدت الحكومات الوطنية على محاولة انماء البلد وتقديم الخدمات ودعم السلع الضرورية للمواطنين وذلك عن طريق امتلاك الدولة لوسائل الانتاج لكثير من مفاصل الاقتصاد في محاولة لتطوير اقتصاداتها ومنها ايضا تقديم الخدمات لمواطنيها من ناحية الصحة والتعليم والكهرباء والخدمات البلدية …الخ . وقد نجحت كثير من الدول في هذا المجال وهذه الدول لم تكن من ضمن النظام الاشتراكي , وان امتلاك الدولة لوسائل الانتاج لا يعني انها اشتراكية بل انها رأسمالية الدولة, وكان يعمل الى جانبها القطاع الخاص في مجالات صناعية اخرى .الا ان الدول الاستعمارية لا يروق لها ان ترى دولا نامية تنمو وتتقدم وكثير منها لديها موارد طبيعية وطاقات بشرية مما يمهد لها ان تتطور وتنافس الدول الكبرى . الا ان الدول الكبرى تريد ان تبقي الدول النامية موردا للمواد الأولية وسوقا استهلاكيا للبضائع المصنعة او ان تكون هي التي تستثمر في هذه البلدان , اي ان يكون اقتصادها تابعا لما يسمى للدول العظمى ( العولمة ).
وفي نهاية السبعينات واوائل الثمانينات , استخدموا مبادئ الليبرالية الجديدة وهي الليبرالية المنفلتة , وتقتضي هذه عدم تدخل الدولة في الاقتصاد ولا الرقابة والتخطيط وبدأت الضغوط على الدول النامية لفرض شروط المؤسسات المالية الدولية ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ) تحت عنوان المساعدة لتكييف الاقتصاد وسد العجز المتأتي من سوء الادارة او الفساد لدى هذه البلدان عن طريق اغراقها بالديون وفرض الشروط بعدم دعم السلع الضرورية للمواطنين وزيادة الضرائب وتقليص الدعم للتعليم والصحة والخدمات .
تأثيرات الخصخصة : ان معظم البلدان التي سارت بطريق الخصخصة اي بتنازل الدولة عن دورها في ادارة الاقتصاد , لم يحالفها اي تقدم , بل بالعكس تدهور اقتصادها من جميع النواحي وزاد حجم الطبقات الفقيرة وحجم البطالة وارتفاع الأسعار بالنسبة لذوي الدخل المحدود ومعدومي الدخل , وزيادة الفوارق الطبقية وبازدياد طغيان الفساد وانتشار الجهل مما يؤدي بالنتيجة الى انتشار الجريمة .
ما حصل في العراق لغاية نهاية السبعينيات العراق يتطور اقتصاديا وكانت في العراق بعض الصناعات المتطورة وتقدم في بعض المنتوجات الزراعية ومنها ما يتم تصديره كالحبوب والتمور عدا المعادن . وكان هناك الكثير من المصافي النفطية ومعامل البتروكيمياويات ( الصناعات التحويلية ) وكذلك الصناعات الغذائية . كذلك تقدم التعليم تقدما ملحوظا وكاد العراق يقضي على الأمية . وكانت جامعاتنا تضاهي جامعات العالم وكذلك الخدمات الصحية كانت من الجودة بمكان والخدمات البلدية والكهرباء مما جعل القاعدة المادية للتطور متوفرة , وكذلك نشأت كثير من معامل القطاع الخاص معتمدة على الدولة وقوانينها وتوفير موادها الأولية . الا ان توريط النظام السابق بالحروب ادى الى انتشار الجهل والفكر الطائفي وطغى فساد السلطة ومن ثم ما جلبه الحصار على البلد من مآسي مما وضع العراق تحت طائلة الديون والعقوبات . وبعد اسقاط النظام عام 2003 من قبل الأمريكان تم تدمير ما تبقى من البنى التحتية والمؤسسات وخلق الفوضى ( الخلاقة ) . ومنذ 2003 ولحد الان يعملون على تدمير ما تبقى من البنى التحتية من الصناعة والزراعة والخدمات والسياحة وغيرها ..واهم شيء حصل هو تدمير وعي الانسان العراقي .
بدأت اعمال الخصخصة وبشكل فوضوي ليس له قياس مما ادى الى عدم وجود صناعة عراقية او منتوجات زراعية عراقية الا ما ندر وكذلك تم الاكثار من فتح المدارس الأهلية ومن ثم الجامعات وتنمو هذه نتيجة لتردي ما يقابلها من المدارس والجامعات الحكومية . اما بالنسبة للخدمات البلدية فحدث بلا حرج فهي معدومة او شبه معدومة فالنفايات في كل مكان ولرفعها تعطى مقاولة والمقاول ينهب المبلغ ويشغل عامل او عاملين لتنظيف شارع وترمى النفايات في المجاري كي تعطى مقاولة اخرى التنظيف المنهولات .. اما مسألة الكهرباء فأصبحت معضلة رغم انها ليست معضلة.
من الأفضل للاقتصاد العراقي قيام الدولة بإعادة تأهيل المؤسسات والمصانع والمشاريع الحكومية وتساعد القطاع الخاص لإقامة آلاف المشاريع والمصانع بعد اعادة تأهيل البنى التحتية ( من الكهرباء الى الخدمات من دون خصخصة ) ولا داعي للاستدانة من صندوق النقد الدولي او البنك الدولي والالتزام بشروطهم المجحفة . والعمل على تعدد مجال الايرادات وهي كثيرة ….. *

* عن الحوار المتمدن

زر الذهاب إلى الأعلى