الخيارات في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة!
الخيارات في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة!
مصطفى محمد غريب
(Moustafa M. Gharib)
2022 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية
بعد أن اخفق مجلس النواب وظهور نتائج السبت 26 / 3 / 2022 والاعلان عن فشل اجتماع مجلس النواب لاختيار رئيس الجمهورية لعدم استكمال الاستحقاقات الدستورية اصبح الوضع اكثر تعقيداً وبخاصة تعنت الاطار التنسيقي من أجل لملمة البيت الشيعي وجعله كتلة واحدة وقد أشار له هادي العامري رئيس التحالف بشكل صريح ” لن نتنازل عن تشكيل الكتلة الأكبر وحق المكون الشيعي في الحكومة ونُصِر على ضرورة تشكيل الكتلة الاكبر من الإطار الشيعي والتيار الصدري والمستقلين” ويدل هذا التصريح على التمسك بالمصالح الخاصة دون العامة وهو ما يشكل خطراً على مستقبل العملية السياسية والعلاقات الوطنية ويدفع باتجاه تخندق قوى ومكونات أخرى أما هذا التكتل الشيعي الذي لا ينفل أصحابه إلا ويذكرون انفسهم بالخوف الشديد على الشيعة وكأنهم خارج الخارطة السكانية للعراق ويدعون الآخرين يصورونهم غير مخلصين وطنياً وتقية ادعاءاتهم بها وكذلك قضية السلطة وكأنها أبديه وحصلوا عليها بالقوة وليس عن طريقين
اولاً: عندما شكل الامريكان مجلس الحكم فقد قسم البلاد طائفياً وقومياً وبمقولة ” الأغلبية” استلمت الأحزاب والتنظيمات الشيعية رئاسة الوزراء الذي له أهمية كبيرة
ثانياً: الصندوق الانتخابي على الرغم من وجود استغلال لاسم المرجعيات والائمة والتزوير والتلاعب والتجاوز وشراء الذمم واستغلال اللغة الطائفية فيما يخص أكثرية الخطابات الدينية والسياسية ، إضافة ما قدم لهم من الدعم اللوجستي الخارجي المعروف والمكشوف وبخاصة من قبل إيران ،
ثالثاً: الخوف الذي يصل إلى حد الرعب احياناً من فقدان رئاسة الحكومة وعدم حصرها طائفياً، وهو خوف غير مبرر إذا كان هادي العامري ونوري المالكي والإطار التنسيقي يؤمنون أن العراق للعراقيين ويجب أن يكون القرار قرار عراقي وطني وأن تبدأ مرحلة التغيير الكلي الذي يُؤمن السلم الاجتماعي والأمان والتخلص من جميع الآفات التي انهكت البلاد سياسياً واقتصادياً ومعاشياً وثقافياً وأمنياً وتحويل ملفات الفساد للنزاهة ومحاسبة الفاسدين مهما كانت انتماءاتهم وطوائفهم وقومياتهم واديانهم إلى القانون العراقي ليأخذ المجرم الفاسد عقابه القانوني بدون تمييز
رابعاً: على ما يبدو من توجهات اكثرية القوى السياسية الدينية بما فيها الميليشيات الطائفية المسلحة والقوى المحسوبة على إيران أنهم لا يثقون بالعملية الانتخابية نفسها وبما جاء في الدستور من تبادل السلطة سياسياً واصرارهم على قانون انتخابي جائر لأنه يُؤمن لهم نسبة كبيرة من الأصوات التي يستحوذون عليها بدون حق بسبب وجود هذا القانون والتلاعب بالمفوضية العليا للانتخاب وعدم وضوح استقلالية القضاء العراقي والأخيرة هي الطامة الكبرى
خامسا: الإعلان عن القضاء عسكرياً على داعش ولم يكن في الحسبان التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تعيث فساداً بأمن المواطن وأمن البلاد وهذا الإعلان الذي ابطأ عملية المتابعة والملاحقة القانونية وغيرها مما سبب بعودة النشاطات الارهابية والعمليات العسكرية والاعتداء على المواطنين وراح ضحيتها من الجيش والشرطة الاتحادية والبيشمركة والحشد الشعبي .
اليوم وبعد فشل البرلمان لحسم موضوعة رئاسة الجمهورية وتعطيل عملية تشخيص وتكليف رئيس الوزراء يؤكد ما أشرنا إليه من تداعيات الاضطراب السياسي والتعنت بخصوص تشكيل حكومة الأغلبية السياسية كخطوة أولى للتخلص من المحاصصة والاعتماد على نهج المعارضة السلمية هذا النهج الذي بالإمكان البدء بعملية التغيير الجذري والتخلص من السلاح المنفلت والفساد يقف بالضد منه القوى المستفيدة التي لا تريد الإقرار بالعملية الديمقراطية وهذا ما أكد عليه هادي العامري ” التوافق والشراكة هو مبدأنا في تشكيل الحكومة العراقية، وأكدنا على ضرورة التفاهم لإيجاد مخرج في العملية السياسية التي بنيت منذ 2003 ولليوم على أساس الاتفاق والتوازن والشراكة” وكل المخلصين الوطنيين وأكثرية الشعب العراقي يعلم علم اليقين كيف ” بنيت العملية السياسية منذ 2003 ولحد هذه اللحظة!!” ونستدل بالقول إن الاطلاع على وضع البلاد وأكثرية أوضاع الشعب العراقي يجد المرء كيف آلت اليه الأوضاع في البلاد من سيء الى أسوأ فهذا الاستشهاد مع شديد الأسف يؤكد أن الأمور أصبحت بلا خير ولا فائدة إلا لبعض الجيوب والمصالح الضيقة وهي معروفة .
هل نتوقع نجاح انعقاد مجلس النواب ليكون قادراً على التغيير في خارطة التحالفات يوم الأربعاء القادم؟، وهل سينجح مجلس النواب بالتجاوز على المحنة التي تشل عملية انتخاب رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة؟ الأجوبة عديدة والاحتمالات كثيرة إلا أن المهم أن ينبثق أمل للتخلص من سلبية عدم حضور البعض التي تشل العملية وتؤخر تشكيل الحكومة التي يجب أن تباشر عملها الاعتيادي بعد حوالي ستة اشهر من انتهاء الانتخابات البرلمانية الطارئة ، ولكي نجاوب على الاستفسارات وغيرهما نقول هناك إشكال حقيقي يمنع من تجاوز المحنة وهو التدخل الخارجي وتبعية البعض من القوى المتنفذة التي تعمل بالضد من أي تغيير وقد توصل القوى الأخرى التي تسعى إلى حكومة اغلبية سياسية إلى قناعة الانسحاب أو الاتفاق وهو وارد ينطبق عليه مبدأ التساوم ” نعم ، لا ” لقد أشار الحزب الشيوعي العراقي في ذكرى تأسيسه الثامن والثمانون وفي شعار يكاد يكون أكثرية واقعية لو التزمت به القوى الوطنية والديمقراطية الفاعلة في العملية السياسية ” نرى ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة انطلاقا من مبدأ الاغلبية السياسية، وعلى أساس برنامج يلبي اهداف شعبنا ومطالب انتفاضة تشرين، برنامجٍ يعتمد منظورا سياسيا يتخطى ويتجاوز ما تم اختياره في ما سبق، مع مراعاة الكفاءة والمهنية والنزاهة بعيدا عن المحاصصة الطائفية والاثنية” ويستمر في تشخيص المراد لتحقيق الهدف الوطني ” لا يكفي القول بالأغلبية الوطنية ، على الرغم من أن هذا ضروري ومطلوب ، وإنما يجب أن تكون اغلبية سياسية لا مكوناتية، تتبنى مشروعا واضحا وملموسا بسقوف زمنية للتنفيذ، بما يحقق السلام والاستقرار والطمأنينة للمواطنين ويعيد ثقتهم بمؤسسات الدولة”
نعم إن مهمة نجاح مجلس النواب في جلسته القادمة الأربعاء 6 / 4 / 2022
1 ـــ التخلص من فكرة الخوف على البيت الشيعي الموحد لأن الحياة اثبتت يومياً خطأ التوجه الطائفي الذي يطغي على التوجه الوطني، وظهر من خلال تصريحات قياديين في الإطار التنسيقي منهم قيس الخزعلي الذي أكد “لن نكون سببا بحصول الانسداد السياسي وايدينا ممدودة، وكل الذي فعلناه في الجولتين هو إرسال رسالة بأنه لا يمكن أن يتم تجاوز الاغلبية الشيعية” ويعني لا نيابياً ولا جماهيرياً ، وليس هناك من أحد يحاول التجاوز، ولكن اذا ما انتخبتهم جماهير واسعة من الشيعة مثلما حدث في الانتخابات الأخيرة فماذا يفعل؟ وعلى الخط نفسه أكد جبار المعموري القيادي في الإطار التنسيقي يوم الخميس 31 / 3 / 2022، أن ” الصدر يجب ان يرجع الى البيت الشيعي ، ومن خلال البيت الانطلاق نحو تأليف الحكومة” وهذا ما يؤسف له أن يتطابق والقول ” اتريد ارنب اخذ ارنب اتريد غزال اخذ ارنب ” .
2 ـــ الاقتناع بحكومة أغلبية سياسية لأنها المحور الأساسي في التخلص من الصراع اللامبدئي على السلطة والتخلص من المحاصصة التي دمرت العراق .
3ـــ التخلص من تأثيرات العامل الخارجي والتبعية الذليلة التي لا يمكن أن تنفع العراق بمقدار ما تلحقه من اضرار فادحة.
4 ـــ أن تؤمن القوى المتنفذة الشيعية وغيرها من المكونات الأخرى ومن الاقليم إن طريق تبادل السلطة سلمياً هو الطريق الأفضل للبقاء على وحدة الشعب العراقي ومنع التدخل في شؤونه الداخلية وليس تشكيل هيكل تتناقض عناصره وصولاً للغة السلاح كما هو في تهديد نوري المالكي وغيره وهي لغة بائسة ليس بمقدور أحد مهما بلغت قوته أن يتحكم في النتائج التي ستكون بالتأكيد وبال على البلاد.
ان الوضع الراهن يحتاج إلى خيارات واقعية لتجاوز هذا الأشكال الذي هو من صنع القوى المتنفذة صاحبة القرار والميليشيات الطائفية المسلحة والقوى التابعة التي تمثل أجندة للخارج ، اللوم يقع على اكثرية هذه القوى السياسية الدينية المتنفذة الشيعية وحلفائهم والقوى الكردية الرئيسية وبخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني اللذان دخلا إلى الساحة هذه المرة بدون الاتفاق على شخص رئيس الجمهورية مما زاد الوضع السياسي تعقيداً ، أما القوى المتنفذة الشيعية فلقد ساهمت في تعميق الصراع الطائفي بتفاوت وتساهم في حدة الصراع غير المبدئي.
يوم الأربعاء 6 / 4 / 2022 سيكون نقطة تحول،
ــــــ أما اختيار حكومة اغلبية سياسية والطريق نحو التغيير والإصلاح واستكمال بناء الدولة المدنية الديمقراطية.
ــــــ أو العودة للمربع الطائفي التبعي والمحاصصة والاتفاقيات حسب مصالح كل كتلة أو تنظيم وعندئذ لن تقوم للعراق قائمة
وبخاصة إذا أدت المواقف السلبية غير الوطنية إلى حل البرلمان وإبقاء البلاد بدون قيادة سياسية في ظروف يحتاج العراق إلى الاستقرار والأمان والتوجه للتخلص من الإرهاب الداعشي وغيره، وهنا يؤشر الوضع المربك بانتظار مبادرة الاطار التنسيقي الذي أشار لها النائب محمد حسن راضي الشمري عن ائتلاف دولة القانون إن “الإطار التنسيقي يعمل جاهدا لإعداد مبادرة شاملة تضمنت حلول مختلفة ومرنة لجميع المتعلقات السياسية بألية شمولية بين جميع الاطراف المختلفة سواء داخل البيت الشيعي او الكردي بعد استكمال القوى السنية لاستحقاقها الرئاسي ” الا ان المشكلة اذا فشل ايضاً الإطار التنسيقي تشكيل الحكومة بعدما منح مقتدى الصدر وتياره فرصة للإطار التنسيقي ” الثلث المعطل ” لتشكيل الحكومة، فعند ذلك تبقى المهمة الرئيسية أما التحالف الثلاثي ” انقاذ الوطن “حل قضية رئاسة الجمهورية وهي مهمة تقع على عاتق القوى الكردية في الإقليم” الحزب الديمقراطي وحزب الاتحاد الوطني، ولهذا يحتاج ” إنقاذ الوطن ” العمل بجدية وسرعة إلى تشكيل حكومة الأغلبية السياسية لدرء الاخطار الداخلية كالحرب الأهلية وتداعياتها ، و الخارجية المتربصة التي تريد أن تستفيد من بقاء الاضطراب السياسي كي لا تقوم الدولة المدنية القوية……. @
@. عن الحوار المتمدن….