الخيار المدني الديمقراطي وحجر الأساس في بناء الدولة المدنية
الخيار المدني الديمقراطي وحجر الأساس في بناء الدولة المدنية
الخيار المدني الديمقراطي وحجر الأساس في بناء الدولة المدنية
علي الشيبان
2021 / 8 / 25
منذ ان تصدرت قوى الإسلام السياسي المشهد ما بعد عام ٢٠٠٣ مر العراق بمنعطفات خطيرة أدت بما أدت من تداعيات أقل ما نصفها بأنها كارثية على كل الصعد سياسية كانت أو اقتصادية و اجتماعية وأمنية، فقد فشلت فشلا ذريعا في أدارة الدولة وعلى كافة المستويات إلى أن أصبحت البلاد على شفا حفرة من الضياع والتفكك.
بعد هذه التجربة المريرة التي مررنا بها على مدار ما يقارب العقدين من الزمن أصبح من الضرورة البحث عن البديل الناجح لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في بلد يتجه بسرعة مخيفة نحو الهاوية إن لم يكن في وسطها .
وكنتيجة طبيعية يتجه المزاج الشعبي للبديل المدني عسى أن يجد ضالته في تحقيق السلم الأهلي بين مكوناته المتنوعة والتعايش السلمي مع شعوب العالم أجمع وتحقيق حلم الدولة المدنية على أساس العدالة الأجتماعية، مما جعل البوصلة تتجه نحو الأحزاب والتيارات المدنية أملا في الخلاص من المصير المجهول التي اوصلتنا له هذه القوى التي تصدرت المشهد السياسي ما بعد عام ٢٠٠٣
ونتيجة للفشل الذريع لقوى الإسلام السياسي وحتمية أفولها نتيجة لفقدان الثقة بها أخذت تفكر مليا بتغيير لبوسها بحلاة مدنية خادعة قد تنطلي على بعض البسطاء والمضللين من الجمهور غير أنها بالمجمل باتت واضحة ومكشوفة أمام السواد الاعظم منه.
أضافة الى ذلك فهناك قوى مدنية انتهجت نهجا محاصصاتيا وكانت شريكا فاعلا وسببا رئيسيا في تدعيم منظومة الفساد بعد عام ٢٠٠٣ ، وهي عبارة عن دكاكين للسمسرة السياسية وبيع وشراء الذمم وهي بعيدة كل البعد عن ما يصدر في خطابها العام المعلن عن وطنيتها وديمقراطيتها المزعومة وأيمانها المطلق بمبدأ التداول السلمي للسلطة، واخرى مدنية ديمقراطية تتصدى اليوم لأحداث التغيير عبرمواجهة سياسية قد تكون الأصعب والأشرس في هذه المرحلة الراهنة، ولا بد من تسليط الضوء والتفريق بين ما يسمى ب القوى المدنية( آنفة الذكر وما بين )القوى المدنية الديمقراطية(موضوع
البحث. فغالبا ما يكون مركز القرار في القوى المدنية بيد من هو في قمة الهرم الحزبي كأن يتمثل بشخص او بمجموعة أشخاص محددة تمتلك حق رسم سياساتها واتخاذ قراراتها بمعزل عن قاعدتها الحزبية مما يؤدي إلى تغليب النزعة الفردية لرأس الهرم في الحياة الحزبية وعدم وجود اي سمة أو ممارسة حزبية ديمقراطية لهذه القوى، وغالبا ما تكون المصلحة العامة ليست من أولوياتها أو أهتماماتها بعكس المصالح الشخصية الضيقة التي تطفو على السطح في أدائها وما يشوبه من فساد في كثير من الاحيان، ان هذه الاحزاب كما ذكرنا سابقا لا تؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وانما هي مجبرة بأن يكون خطابها متماهي مع الديمقراطية كأمر واقع لتسويق نفسها في ظل الوضع السياسي الذي يتحتم عليها تقبله، وعندما تسنح فرصة لتمكينها يظهر جليا الوجه الحقيقي لتلك القوى ونهجها المستبد، وكمثال لا للحصر اما كان حزب البعث المقبور مدنيا؟ وينطبق هذا على بعض الاحزاب المدنية الشمولية المَوجودة على الساحة السياسية الآن والتي تتمثل بشخوصها وليس بقاعدتها الحزبية او الجماهيرية التي قد تكون محدودة جدا أن لم نقل معدومة.
من هنا يمكننا ان نفرق بين هذه القوى وبين القوى المدنية الديمقراطية التي تؤمن بالتداول السلمي للسلطة وبدولة المواطنة والمؤسسات والتي غالبا ما تسود حياتها الحزبية الداخلية ممارسات ديمقراطية تنضّج بشكل او بآخر القرارات والوجهة السياسية لها وقد تتخذ قرارات وسياسات برؤية جماعية وأشير هنا بتجرد للاستفتاء الاخير الذي أجراه الحزب الشيوعي العراقي مثلا بصدد أتخاذ خيار المشاركة من عدمها في الانتخابات المقبلة في ممارسة ديمقراطية قل نظيرها مقارنة مع تجارب الأحزاب الأخرى. وعلى هذا الأساس يمكن الجزم بأن خلاصنا بالخروج من هذا النفق المظلم يكمن في تظافر الجهود بين القوى المدنية الديمقراطية تحديدا مع الشباب التشريني الواعي لقلب المعادلة السياسية والوصول الى بر الأمان والسير قدما لبناء اسس الدولة المدنية وفق قاعدة العدالة لاجتماعية…. *
*. عن الحوار المتمدن..