العراق يحرق غازه ويستورد ما يحتاجه من ايران بمبالغ طائلة
العراق يحرق غازه ويستورد ما يحتاجه من ايران بمبالغ طائلة
العراق يحرق غازه ويستورد ما يحتاجه من ايران بمبالغ طائلة
- عادل عبد الزهرة شبيب
يعد الغاز الطبيعي في العراق اهم مصادر الطاقة البديلة للنفط وهو من الثروات العراقية المهمة التي لم تستغل الأستغلال الأمثل ولم يتم توظيفها بما يخدم الاقتصاد العراقي . ويعتبر الغاز الطبيعي مصدرا مهما للطاقة الحرارية والميكانيكية والكهربائية في قطاعات النقل والصناعة والكهرباء والاسكان , اضافة لكونه مادة اولية للصناعات البتروكيمياوية ولإنتاج مبيد الحشرات ومواد الانتاج الزراعي .
وفي العراق بدأ انتاج الغاز الطبيعي مع انتاج النفط عام 1927 عندما تدفق النفط من حقل بابا كركر في كركوك , ومنذ ذلك الوقت والغاز العراقي المصاحب يحرق هدرا دون الاستفادة منه.
مصادر الغاز العراقي :
هناك مصدران للغاز العراقي اولهما: الغاز المصاحب للنفط كناتج طبيعي والذي يتميز استثماره بقلة التكاليف اذ لا يحتاج الى عمليات تنقيب وحفر واستخراج كونه يأتي مصاحبا للنفط المستخرج ولا يحتاج الا الى مد الأنابيب والتسويق , وان 70% من الغاز الطبيعي العراقي هو من هذا النوع .
اما المصدر الثاني للغاز في العراق فهو الغاز الحر الذي يتميز استثماره بالتكاليف العالية وذلك للحاجة لعمليات التنقيب والحفر والاستخراج , ويشكل 30% من الغاز العراقي .
احتياطي العراق من الغاز الطبيعي :
تشير الاحصائيات الى ان احتياطي العراق من الغاز الطبيعي بلغ نحو ( 112 ) تريليون قدم مكعب محتلا المرتبة 11 عالميا ’ يحرق العراق منه 700 مليون قدم مكعب يهدر بسبب عدم وجود البنية التحتية وسوء الادارة والتخطيط وعجز الحكومات المتعاقبة .
يعني احراق الغاز , حرق الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط وهو يحدث بسبب وجود قيود ومعوقات فنية وتنظيمية او اقتصادية , ويؤدي حرق الغاز الى تبديد مورد ثمين ويخلف آثارا ضارة بالبيئة من جراء انبعاثات غاز الميثان غير المحترق والكربون الاسود .
تقديرات البنك الدولي :
وتشير تقديرات البنك الدولي الذي أسس المبادرة العالمية للحد من حرق الغاز الى ان حرق الغاز في عام 2017 كان عند مستويات مرتفعة. وقد انشأ البنك الدولي هذه المبادرة بهدف الوصول الى انهاء أي حريق روتيني بحلول عام 2030 . وفي عام 2017 بسبب زيادة انتاج النفط العراقي من ( 3,0 ) الى ( 4,5) مليون برميل يوميا ما ادى الى ارتفاع معدل حرق الغاز من 13,3 الى 17,8 مليار متر مكعب , ويتعين على العراق الشروع في برنامج لتخفيض حرق الغاز وهدره اذا اراد الوفاء بما وعد به وزير النفط العراقي بالتوصل الى انهاء صارم للحرق بحلول عام 2021 وهو وعد متفائل للغاية حيث ان ذلك ليس من اولويات القوى المتنفذة الحاكمة. كما تشير التقارير الى ان العراق يهدر حوالي 62% من انتاجه من الغاز أي ما يعادل 196000 برميل من النفط الخام يوميا , وفي هذا هدر مالي كبير وهو كافي لبناء صناعة غاز جديدة بالكامل . فحرق الغاز من حقول العراق النفطية تكلف اقتصاد البلاد هدر مليارات الدولارات من العوائد المالية والعراق بأمس الحاجة اليها خصوصا وان العراق يعاني من تقادم متواصل لبناه التحتية لمحطات الطاقة الكهربائية والتي تضررت كثيرا بسبب الحروب التي خاضها العراق في الفترات السابقة .
وفي دراسة اعدتها شركة سيمنز الألمانية في عام 2018 وجدت أنه بإمكان العراق ان يوفر ( 5,2 ) مليار دولار تقريبا عبر السنوات الأربع القادمة من خلال تقليص نسبة الغاز الذي يحرق في آباره النفطية وتوفير اكتفاء ذاتي من ناحية اخرى لما تحتاجه محطات توليد الطاقة الكهربائية التوربينية من وقود الغاز , فحرق الغاز يمثل هدرا بالاقتصاد حيث يستورده بأموال باهظة , اضافة الى ان حرق الغاز يمثل ظاهرة مضرة بالبيئة ايضا .
وفي تقرير لمجلة الايكونوميست البريطانية اشار الى ان كمية الغاز الطبيعي المهدور المحروق المصاحب للنفط الخام المنتج في آبار البصرة تقدر سنويا بحوالي 12 مليار متر مكعب بالسنة وهي كميات تفوق الاستهلاك السنوي لدولة النمسا بأكملها. وفي الوقت الذي تستمر فيه عملية حرق الغاز فإن العراق يقوم باستيراد الغاز الطبيعي من ايران بأسعار عالية , واشارت المجلة الى ان نقص الكهرباء في العراق وعدم استمرارها سيزيد من معاناة الناس في حياتهم اليومية وان الاستفادة من الغاز المحروق سيساعد في حل المشكلة , وبما ان معدلات انتاج النفط في العراق في تزايد فإن كميات الغاز المصاحبة لهذا الانتاج المتزايد ستتضاعف كثيرا .
استيراد الغاز من ايران :
سبق وان وقع العراق وايران اتفاقا في عام 2013 تقوم بموجبه ايران بتوريد الغاز الايراني الى محطات عراقية للكهرباء . وفي الوقت الذي يهدر فيه العراق غازه ويحرقه يقوم باستيراده من ايران نتيجة سوء التخطيط ونهج المحاصصة الفاشل المتبع , ويعتمد العراق في ثلث طاقته على ما يستورده من الغاز والكهرباء الايرانيين في وقت يتصاعد فيه التوتر بين ايران والولايات المتحدة وعلى الساحة العراقية وقد سمحت الولايات المتحدة للعراق باستيراد الغاز والكهرباء استثناء من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على ايران .
وبعد مرور عقد من الزمن على جولات التراخيص النفطية , لم نشهد أي تقدم ملموس لقطاع الغاز . وحسب وزارة النفط العراقية فإن العراق يستورد حاليا نحو 600 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم من ايران حيث ان انتاج العراق من الغاز الطبيعي لا يكفي لسد احتياجات جميع محطات توليد الطاقة الكهربائية ورغم ذلك فإنه يبني محطات كهربائية جديدة تعتمد على الغاز فأي تخطيط هذا ؟؟
وحسب تصريحات المسؤولين الايرانيين فإن صادرات الكهرباء والغاز الايراني الى العراق تبلغ نحو 3,5 مليار دولار سنويا .
عوامل معرقلة لاستثمار الغاز العراقي :
- افتقار العراق الى البنى التحتية لاستثمار الغاز والتي تتطلب توفر رؤوس اموال كبيرة .
- غياب الرؤية الاستثمارية وسوء التخطيط وانعدام وجود الاستثمارات .
- افتقار العراق الى قدرات معالجة الغاز ليتحول الى وقود مخصص للاستهلاك المحلي او التصدير .
- تفشي الفساد بكافة اشكاله وهو عامل معيق لعملية التنمية الاقتصادية .
- عدم استقرار الوضع السياسي والأمني وعدم اهتمام السلطات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم باستثمار الغاز وتطوير الاقتصاد الوطني .
- غياب البحوث والدراسات العلمية الخاصة بإنتاج الغاز .
- عدم تشجيع شركات الاستثمار على انتاج الغاز في العراق , وحتى جولات التراخيص الاولى لم تلزم الشركات النفطية باستخلاص الغاز المصاحب.
- غياب القوانين الخاصة بالاستثمار وآلياته .
- عدم وجود بنى تحتية لإعادة تصنيع الغاز وضخه بالأنابيب نتيجة تأثر العراق ومنشآته بالحروب والعمليات العسكرية ضد داعش التي دمرت صناعة الغاز في العراق .
- عدم توفر التكنولوجيا المتقدمة في مجال تطوير صناعة الغاز في العراق .
- فشل وزارة النفط العراقية في ظل الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم في تطوير سياسات الاستثمار وتغيير نماذج العقود ودعوة الشركات الكبيرة والمتوسطة للاستثمار في تطوير انتاج الغاز .
- عدم اقرار قانون النفط والغاز الذي يؤسس لعلاقة جديدة بين الحومات المحلية والحكومة الاتحادية وبين الشركات الاستثمارية الأجنبية والشركات المحلية .
النهوض بقطاع الغاز العراقي :
- ضرورة ايلاء اقصى الاهتمام لتطوير استخراج الغاز الحر والاستفادة من الغاز المصاحب لغرض انتاج الطاقة الكهربائية واستخدامه كمدخل اساس في الصناعات البتروكيمياوية وغيرها من الصناعات التحويلية الى جانب تصدير الفائض .
- تشجيع المشاريع والبحوث العلمية الهادفة الى تطوير استخدام الغاز كمصدر من مصادر الطاقة البديلة .
- ضمان دعم الدولة للمشاريع الصناعية الكيمياوية والبتروكيمياوية المعتمدة على الغاز .
- مكافحة الفساد المعيق للتنمية الاقتصادية.
- بناء القدرات الضرورية لاعتماد سياسة استثمار وطني مباشر للثروة النفطية والغازية والاستفادة من الاستثمارات الأجنبية عبر عقود الخدمة شرط عدم المساس بالمصالح الوطنية .
- اعادة تأهيل المنشآت النفطية وتوسيع شبكات انابيب الغاز الداخلية والاهتمام بتنويع منافذ التصدير بعد زيادة انتاج الغاز وتوفير الفائض .
- السعي الجاد لإيقاف حرق الغاز وايجاد الاليات لذلك .
- مراجعة آليات جولات التراخيص وعقودها ومعالجة ثغراتها بما يضمن اعلى العوائد للعراق والاستغلال الأمثل للحقول الغازية .
- وضع برامج دورية لتطوير الكوادر .
- اعادة تأهيل وهيكلة شركة النفط الوطنية لتتولى الادارة والاشراف على عمليات الاستكشاف والتطوير في حقول النفط والغاز .