المشهد الاقتصادي السعودي
• عادل عبد الزهرة شبيب
يتميز اقتصاد المملكة العربية السعودية بأنه اقتصاد قائم على النفط , مع سيطرة حكومية قوية على الأنشطة الاقتصادية الرئيسة . وتمتلك المملكة حوالي 16 % من احتياطات النفط المؤكدة في العالم . وتصنف السعودية كأكبر مصدر للنفط وتلعب دورا قياديا في منظمة اوبك , كما يمثل القطاع النفطي في المملكة حوالي 87% من ايرادات ميزانيتها و 42 % من الناتج المحلي الاجمالي و 90 % من عائدات التصدير . وتشجع السعودية نمو القطاع الخاص في البلاد من اجل تنويع اقتصادها وتوظيف المزيد من المواطنين السعوديين . كما يلعب حوالي 6 ملايين عامل اجنبي دورا مهما في الاقتصاد السعودي خاصة في قطاعي النفط والخدمات .
تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الثلاثين في العالم والمرتبة الثالثة في المنطقة على مؤشر التنافسية العالمي لعام 2017 – 2018 , وتعتبر السعودية اكبر سوق في العالم العربي والخامس عشر عالميا . وفي سوق العمل السعودي بقيت النساء مستبعدات الى حد كبير , كما ان هناك امر آخر يتعلق في الافتقار الى العمال المتعلمين تعليما مناسبا حيث هناك حاجة الى تحسين نوعية التعليم ومواءمته مع الاحتياجات الاقتصادية للبلاد .
في النصف الثاني من القرن العشرين نما قطاع الخدمات بشكل كبير بسبب ايرادات مبيعات النفط وارتفاع مستويات الانفاق الحكومي حيث ان نحو 70% من القوة العاملة تعمل في قطاع الخدمات .
اما فيما يتعلق بمجال الطاقة فالسعودية تًعرف في جميع انحاء العالم بثروتها النفطية الضخمة , كما تعرف بتحفظها الديني الى جانب حكمها الملكي المطلق وبعلاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية . وبخصوص واردات السعودية فقد ارتفعت قيمة الواردات من 97,6 مليار دولار عام 2010 الى 120,2 مليار دولار عام 2011 , كما ارتفعت قيمة الصادرات بسبب ارتفاع متوسط اسعار النفط من 251,5 مليار دولار الى 365 مليار دولار في فترات سابقة , وبلغت الصادرات النفطية بما في ذلك المنتجات المكررة 87% من قيمة جميع الصادرات , كما ازدادت الواردات بنحو 23% عام 2011 رغم زيادة اجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 7,1% فقط . وتساهم السعودية في الصناديق الانمائية المتعددة الأطراف والإقليمية والدولية كالبنك الدولي والصندوق العربي للأنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الاسلامي للتنمية وصندوق الأوبك للتنمية الدولية . كما تعتبر السعودية من الدول المانحة الرائدة من حيث المساعدات التنموية حيث تقدم السعودية المساعدات عبر قنوات مختلفة خاصة الصندوق السعودي للتنمية الذي يعمل كقناة رسمية لمساعدات التنمية الاقتصادية والاجتماعية . وبشكل عام فإن المساعدات السعودية غير مشروطة وسريعة الدفع وميسرة للغاية . في عام 2010 صرف الصندوق السعودي للتنمية 659,2 مليار دولار , ويتم توزيع المساعدات الخارجية من خلال قروض ميسرة وهبات ومساعدات انسانية واغاثة وتخفيف اعباء الديون والتي بموجبها تم الغاء 6 مليارات دولار من ديون البلدان الفقيرة . وقد خصصت الحكومة السعودية مبلغ 189,1 مليون دولار للمساعدات الخارجية لعام 2011 . وتشمل بعض الخلافات المرتبطة بجهود المساعدات السعودية تركيزها على دول ذات غالبة مسلمة والترويج للمذهب السني المتشدد للغاية ( الوهابي ) كالذي يمارس في السعودية . اضافة للمساعدات غير الرسمية من قبل الجمعيات الخيرية السعودية .
تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد السعودي :
تأثرت السعودية كغيرها من بلدان العالم بجائحة كورونا التي كانت احد اسباب انهيار اسعار النفط الخام في السوق العالمية الى اقل من نصف ما كانت عليه سابقا , ما ادى الى انخفاض في عائدات الحكومة السعودية بلغت نسبته 22% والى تأجيل تنفيذ عدد من المشاريع الكبرى , وانخفاض الأرباح الكلية لشركة النفط الوطنية السعودية ( أرامكو ) بنسبة 25% في الربع الأول من عام 2020 نتيجة انهيار اسعار النفط الخام , كما قررت السعودية مضاعفة الضريبة المضافة ثلاث مرات من 5% الى 15% وايقاف صرف غلاء المعيشة اعتبارا من حزيران 2020 , وهذا جاء نتيجة انهيار اسعار النفط . وتعكس هذه الاجراءات حاجة السعودية الملحة لخفض الانفاق ومحاولة اعادة شيء من الاستقرار الى اسعار النفط الضعيفة . كما اثرت جائحة كورونا الى حد بعيد على الملايين من العاملين الوافدين الأسيويين غير المهرة الذين يقيم الكثير منهم في مساكن مزدحمة تنعدم فيها الشروط الصحية . كما ان حرب اليمن التي تقودها السعودية ما زالت تكلف الخزينة السعودية اموالا طائلة ومنذ خمس سنوات دون ان تحقق اي نتائج ملموسة سوى الحاق الدمار باليمن وبناها التحتية وقتل الأطفال وانتشار المجاعة في اليمن الفقير .
ومن ناحية اخرى فالسعودية تمتلك صندوقا سياديا قيمته 320 مليار دولار يمكن للسعودية ان ترجع اليه عند الحاجة ولديها شركة أرامكو النفطية التي تمتلك الدولة معظم اسهمها والتي قدرت قيمتها في العام الماضي بـ 1,7 ترليون دولار . وكانت السعودية قد تمكنت من جني مبلغ 25 مليار دولار من بيع 1,5 % فقط من اسهم ارامكو .ولدى السعودية كم كبير من الاحتياطيات تمكنها من الاستمرار . وبتأثير الجائحة وتدهور اسعار النفط وقلة ايرادات السعودية فقد بلغ عجز الموازنة في الربع الأول من عام 2020 ( 9 ) مليار دولار وتضافرت ازمتا الجائحة وانهيار اسعار النفط في ايقاف المشاريع في عموم المملكة وسيكون القطاع الخاص على وجه التحديد الأكثر تضررا من اجراءات التقشف. وتهدف اجراءات التقشف الى توفير مبلغ 26 مليار دولار . كما ادت تداعيات كورونا الى ايقاف السعودية للمساعدات التي تقدمها للدول الاخرى وادت الجائحة ايضا الى انكماش الاقتصاد السعودي بنسبة 7% وارتفعت نسبة البطالة وهبط فائض الميزان التجاري , كما خفضت السعودية انتاجها من النفط من نحو 10 ملايين برميل يوميا الى 8,5 مليون برميل يوميا التزاما باتفاق ( اوبك بلس ). وتأثر السوق المحلي بفيروس كورونا الفتاك مما استدعى الجهات المختصة الى فرض حظر التجوال وتوقف العديد من الأنشطة خلال الربع الثاني من عام 2020 والى اليوم.