الفكر السياسي

اي الاهداف يبرر الوسائل

اي الاهداف يبرر الوسائل


د. فلاح اسماعيل حاجم
 – 2005 / 2 / 20 – 
المحور: مواضيع وابحاث سياسية

د. فــلاح اسماعيــل حاجــم
د. ايــفان شومسـكـي
كنا قد نشرنا مقالة مشتركة بعنوان “الانتخابات وشرعية السلطة القادمة في العراق” وذلك قبيل اجراء الانتخابات العراقية بايام قليلة؛ وكانت بعض المواقع العراقية؛ وخصوصا تلك التي ما زلت اتتلمذ على صفحاتها؛ قد امتنعت عن نشرها وذلك امر تقرره هيئات تحريرها وليس لدي اي اعتراض عليه؛ ذلك اني اعي ان عدم نشرها لمقالنا تلك جاء بدافع الحرص على التجربة الديمقراطية الاولى في بلاد الرافدين (التأكيد لفلاح حاجم) . لكن اطلاعنا على بعض رسائل الاصدقاء وردود بعض القراء الكرام على ما كتبناه يجعل من واجبنا توضيح موقفنا المشترك من الانتخابات التي اجريت في الثلاثين من كانون الثاني – يناير من العام الجاري. واذا كان ثمة شك قد راودنا انذاك بخصوص امكانية نجاح التجربة الانتخابية المذكورة فأن الاقبال غير المسبوق للناخبين العراقيين على صناديق الاقتراع جعل من قناعتنا بضرورة اجراءها امراً محسوماً.
يبدو لنا ان اغلب المساهمين في النقاش وجدوا في مقالنا محاولةً لزرع الشك في جدوى اجراء الانتخابات بشكل عام مما يعد اجحافاً وقسوة غير مبررين ذلك ان اختصاصنا (القانون الدستوري) يجعلنا من اكثر الناس حرصا على تأمين وتفعيل الحق الانتخابي للمواطنين وجعل الانتخابات ممارسة طبيعية في حياة الشعوب.
ان من المسائل المعروفة هي اولوية القاعدة السياسية بالنسبة للقاعدة القانونية ذلك انه من غير الممكن القيام باي فعل مدروس دون توفر الارادة السياسية؛ وهذا ما ينطبق على الحالة العراقية الراهنة حيث تعيش البلاد واحدة من اكثر مراحلها تعقيدا في التأريخ الحديث.
لقد دار الحديث في مقالنا المذكور حول شرعية الانتخابات التي تجرى في ظروف كالتي تجري في العراق في الوقت الراهن؛ حيث العنف والارهاب وغياب آليات توفيرابسط الشروط المناسبة للقيام بالدعاية الانتخابية وتعريف الناخبين بالمرشحين المقترحين لتمثيلهم في واحد من اهم اجهزة الدولة وما يرتبط بكل ذلك من قضايا لوجستية لتسهيل اجراء العملية الانتخابية. وقد استندنا في تحليلنا للواقع الميداني في العراق قبيل اجراء الانتخابات الى بيانات رسمية لمسوؤلين في الحكومة العراقية المؤقتة والمؤتمرات الصحفية لموظفي الجهاز الانتخابي المركزي الذي جعل من قوائم المرشحين وثائق سرية مما يعد بحد ذاته اخلالاً بقواعد اللعبة الديمقراطة؛ هذا بالاضافة الى الاخبار التي تناقلتها وسائل الاعلام حول استشهاد بعض المرشحين والمراقبين الانتخابيين على ايدي عصابات الارهاب والجريمة. ومع ذلك فان الانتخابات العراقية قد اجريت مما يؤكد تعطش المواطنين العراقيين للديمقراطية واندفاعهم للاسهام في رسم سياسة بلدهم الذي اتعبته سياسة الانظمة الشمولية والحكم الفردي المطلق. من هنا نرى لزاما التأكيد على ان السلطة القادمة في العراق ينبغي ان تكون ملكاً للعراقيين وينبغي ان يكون هذا المبدأ نقطة الانطلاق لتحسين الوضع في العراق. وبهذا الخصوص لابد من التأكيد على ان الشرعية المنقوصة ؛اذا صح التعبير؛ سوف لن تكون ذات اهمية اذا ما تم القيام بخطوات ايجابية لاحقة على طريق البناء الاجتماعي السليم. وبخلاف ذلك سيكون التعكز على قواعد القانون الدولي وخصوصا اللائحة الدولية لحقوق الانسان واللائحة الدولية حول المبادئ الاساسية للانتخابات الحرة والعادلة (باريس 28 اذار 1994) وغيرها من المعاهدات واللوائح الدولية؛ نقول سيكون التعكز على تلك الوثائق امرا واردا بالنسبة للذين عارضوا اجراء الانتخابات العراقية وستكون ذريعة للقوى المعادية للديمقراطية لتبرير الهجوم ؛ بما في ذلك الارهابي؛ على السلطات الجديدة في العراق. اننا نرى انه لم يكن للطلائع السياسية العراقية من بديل سوى اجراء الانتخابات لمنح سلطاتها صفة الشرعية؛ وبذلك تكون قد اختارت أهوّن الشرين (كما يقال) ذلك ان العملية الانتخابية ذاتها لم تلب بأي حال من الاحوال الشروط المتعارف عليها وفق مقاسات القانون الدوّلي؛ لكنها اجريت على كل حال وذلك امر غاية في الاهمية كما نعتقد اذ انه كان لابد من وضع بداية لعملية نأمل ان لا تكون لها نهاية؛ بمعنى ان تكون الانتخابات في العراق ؛وربما في المنطقة ايضاً؛ تقليداً في حياة المواطن كما اسلفنا. وعليه يمكن النظر الى الانتخابات التي اجريت في العراق باعتبارها قرضاً (عربوناً) للسلطات الجديدة والتي سيكون لزاماً عليها تحقيق ارادة الشعب الذي منحها ذلك القرض؛ تلك الارادة التي ستمنح السلطات سمة الدخول كطرف فاعل من اطراف القانون الدولي. وحين ذاك فقط يحق للسلطات الوليدة القول بأن الوسيلة (الانتخابات) مبررة ذلك انها تمكنت من تحقيق الاهداف النبيلة.
موسكو / روسيا

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى