الفكر السياسي

بيد عمر وليس بيد عمرو سينهار النظام

بيد عمر وليس بيد عمرو سينهار النظام (1\2)

‎مصالحة الجبهة الاسلامية لنظام مايو وتمكنها اقتصاديا بانشاء البنوك والشركات وسياسيا بتغلغلها في منظماته السياسية وقواته النظامية وهيمنتها علي المنابر التعليمية والاعلامية والدينية مستفيدة من اللوثة الدينية التي المت بزعيمه بسبب ما اغترف من موبقات في حياته الشخصية وجرائم وصلت حد المجازر وقتل الناس، وتداخل وتشابك مصالحها مع البراجوازية التجارية والبيروقراطية للنظام، كان بمثابة الاعلان عن الارتباط والتحالف والي درجة الزواج الكاثوليكي بين الاثنين وان النتيجة كانت ميلاد واكتمال نمو الطبقة الطفيلية السوداني ومراودةالنفس بالسيطرة علي الدولة حماية وخدمة لمصالحها، تلك الحقيقة التي لاينكرها الاسلاميون ويتباهون بها بل واقر بها عرابهم في برنامج شاهد علي العصر،وقوله انهم ومنذ ايام المصالحة قد بداوا يعدون العدة للاستيلاء علي الحكم.

ومن ثم لم تكن فترة الحكم المدني والحزبي بعد الانتفاضة بالنسبة لهم سوي استراحة محارب، الشئ الذي توج باستلامهم السلطة عبر انقلاب عسكري قامت به مليشياتهم وعناصرهم المدربة عسكريا مستغلين ليس فقط ازياء القوات المسلحة وشاراتها العسكرية بل واسمها ايضا، ومستعينين بالافغان العرب واموال الاسلاميين. وعليه فان الكلام عن انهم اجبروا علي الانقلاب بسبب قوة التمرد ونجاحاته وتمدده شمالا الا كذبا صراحا ورخيصا من شاكلة اذهب ال القصر رئيسا وانا الي السجن حبيساً. 
لتأمين نفسه في الايام الاولي استعان بالافغان العرب، ولتمكين عناصرة واستدامة السلطة بادر بحل المؤسسات الدستورية والاحزاب وتعطيل الصحف واعتقال السياسيين المعارضين وتعذيب الناشطين السياسيين وتشريد المناوئين وتصفية القوات النظامية ليس فقط ممن يشكون في انتمائهم ولكن ايضا من كل من لا يواليهم.وبالغاء الدستور والاعتماد علي الاوامر الجمهورية واعلان حالة الطوارئ والقرارات العسكرية هدفوا الي كبت الحريات ومصادرة الحقوق. ولان النظام الجديد بحكم افكاره ونظريته السياسية ومناهجة في التعامل مع الشعب والمواطن، هو بالضرورة فاشستي، فقد طبق الوصفة الهتلرية بحزافيرها بدءا من اعتماد التجسس وبناء شبكة اخطبوطية من الامن واستغلال المؤسسات التعليمية والتربوية ومناهجها والمنابرالاعلامية والدينية للتضليل وتشويه الحقائق ولغسل الادمغة، باطلاق موجة من الهوس الديني مستعينين بالايدولوجية الدينية وشعارات الجهاد ومستخدمين حب السودانيين لعقيدتهم الاسلامية. ومن الناحية الاخري وانطلاقا من قراءتهم لتاريخ السودان والاطاحة بكل من عبود ونميري بواسطة الحركة الجماهيرية، كان لا بد من التحرك السريع لحرمان جماهير الشعب السوداني من اسلحتها المجربة واساليبها الناجعة،من اضراب سياسي وعصيان مدني. هذا وتحت اشراف وتخطيط وتنفيذ والمتابعة المباشرة لاجهزة الامن من رسمية واخري خاصة بالتظيم، فقد اتخذ مخططهم عدة اوجه واتجاهات. فبعد حل النقابات والاتحادات المهنية والمنظمات الفئوية وتشريد قياداتها والعناصر النشطة في اوساطها، شرعوا في اعادة تاطيرالنقابات في ما يسمي بنقابة المنشاة، مستعينين بكوادرهم والعناصر الانتهازية ومن باع نفسه لهم، والسيطرة علي كل التنظيمات الجماهيرية.كما قاموا باعلان ما عرف بسياسية الخصخصة واعادة الهيكلة وسياسات اخري مقصودة لذاتها، ليس فقط لتصفية العديد من المؤسسات والمشاريع لصالح عناصرهم وتمكينها اقتصاديا، وانهاء خدمة اعداد كبيرة من العاملين فيها،ولكن ايضا للتخلص من المؤسسات التي اشتهرت بنقاباتها القوية في مقارعة الاستعمار والتصدي لانظمة الحكم بعد الاستقلال، والتي لعبت دورا حاسما في النضال ضد الانظمة العسكرية واسقاطها، كنتيجة لتوحد الارادة وصلابة العناصر القيادية والتحام العضوية بالقيادة، مثل السكة حديد وسودانير وهيئة المواني والخطوط البحرية والمخازن والمهمات والنقل الميكانينكي والاشغال والبريد والبرق ومشروع الجزيرة والمناقل وبقية المشاريع والمؤسسات الاخري.كذلك فقدهدفوا باعلان ما يسمي بالثورة التعليمية للسيطرة علي الحركة الطلابية عن طريق التجنيد المباشر للطلاب واستغلال صغر سنهم والتلاعب بعواطفهم واستخدامهم وقودا لحروبهم، عن طريق وعود المساعدة في الالتحاق بالكليات التي يرغبون فيها وضمان الحصول علي الشهادة، والوعد بالتوظيف في اجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة بعد التخرج. هذا ومن ضمن المخطط كان التغلغل والهيمنة علي التنظيمات الفئوية للنساء والشباب واليافعين، ولم تنجو من استراتجيتهم حتي الاندية الرياضية والمراكز الثقافية والطرق الصوفية والفرق الموسيقية والغنائية. واخيرا وباجازة دستور الترابي والذي صاغه بديلا للدستور الذي كلفت به لجنة المرحوم مولانا خلف الله الرشيد، تكتمل الحلقة باعلان ما يسمي باحزاب التوالي بهدف خلق ساحة سياسية خاضعة وموالية وذلك عن طريق ايجاد وتوليد احزاب الفكة والشقق المفروشة واستيعاب بعض قيادات الاحزاب المعروفة بالاغراء الا من ابي، وشق الاحزاب التقليدية باغتيال الشخصية وبالعصا لمن ابي.وفي الوقت نفسه اجتهدوا في بناء حزبهم السياسي،وبناء آليات ضمان استمرارهم فى الحكم من دفاع شعبي ونظام عام ومنظمات اخري شبه عسكرية واخيرا قوات الدعم الشريع.صحيح ان النظام قد تعرض علي الصعيد السياسي لما عرف بالمفاصلة وانقسام الحزب الحاكم الي وطني وشعبي،الا ان ذلك كان صراعا علي النفوذ والسلطة وتنافسا علي الكراسي بدليل انخراط الترابي مؤخرا في حوار الوثبة واتفاقهم علي توحيد الجماعتين والغزل الداير بين الاسلامويين والحزن والجزع الذي الم بالفئتين بموت الرجل.اما علي الصعيد المجتمعي فقد انقسم المجتمع والشعب الي مجموعتين وفئتين،اقلية تملك كل شئ وتعيش في ترف وبزخ وتحلي بعنب الرئاسة واكثرية تعيش المسغبة ولا تملك من حطام الدنيا شيئا غير التعاسة، وما تبع ذلك ونتج عنه من فساد وافساد وتخريب للضمائر والانفس ورشوة ومحسوبية وسرقة وتزويرواختلاس وتحايل وتعدي علي المال العام وتفشي المخدرات والانحلال والتفسخ الخلقي. هذا عن طريق كوتات السكر وحصص الوقود والاسمنت والخطط الاسكانية ومنح الاراضي وتوزيع التصاديق الاستثمارية وما يتصل بها من اعفاءات وامتيازات والتحكم في التمويل المصرفي، واستغلال المعلومات عن الموقف المالي للافراد والاعمال واستخدام سلطات الضرائب والزكاة لتصفيتهم،وباخونة جهاز الدولة والهيمنة علي مؤسساتها الاساسية، فقد دانت لهم السيطرة علي البلاد وقهر العباد، كما وان استخراج البترول ومعالجته داخليا وتصديره خارجيا قد ادي لاطمئنان القلوب بدوام الحال.هذا وبتوقيع اتفاقية نيفاشا ومشاركة الحركة الشعبية لهم الحكم واقتسام غنائمه فقد حدثت الفرحة الكبري. لكن وبالرغم من اخذهم في الحسبان احتمالات ان يذهب الجنوب لحاله، فان عدم الممناعة بفصلة فقد بنيت عي توقعاتهم بخيرات وفوائد الانفصال واستدامة حكمهم، وانه وحتي في حالة عدم تحقق ذلك، فيمكن تعويض الفشل بمكاسب تحسن العلاقات مع الدول الغربية وتدفق المساعدات الخارجية التي وعدهم بها المجتمع الدولي لضمان التزامهم بوعدهم لاقامة دولة جديدة وذات سيادة في جنوب الوطن. وبدلا من الاحلام الوردية صحوا علي كوابيس الانفصال والحروب الاهلية والصراعات القبلية كما اصيبوا في مقتل بسبب ضياع الموارد البترولية والعوائد المالية وتنكر المجتمع الدولي لهم. 
صحيح ان جرثومة الازمة والركود الاقتصادي تكمن اصلا في منهجية الاقتصاد الحر ووصفة صندوق النقد الدولي والتي طالما عانا منها السودان منذ الاستقلال ومن تطبيقاتها بواسطة كل الانظمة التعسكرية والحزبية التي توارثت الحكم،الا ان التبني الكامل لها، قد تم في الانقاذ لطبيعة نظامها المستهتر بحقوق الشعب، وطفيلية راسماليتها وشعاراتها من خزن واكسب واهبر واهرب، واستعدادها في سبيل الثراء والغني التضحية بكل شئ والتعري من اي شئ، وانها تفتقد الي الروح وطنية بدليل تخليها عن جنوب البلاد وتجاهل احتلال اجزاء اخري من الوطن، وممارساتها للفساد والرشوة والاستهانة بالنظم والقوانين وعدم احترام المؤسسية والالتزام بالمثل والاخلاق، بدليل عدم اكتراسها لاحتلال السودان وعن جدارة المراتب الاولي وفقا للمؤشرات السالبة والمراتب الاخيرة وفقا للمؤشرات الحميدة. ولذلك فقد انتهي الوضع الي حروب اهلية وصراعات قبلية ونزاعات جهوية وانعدام الامن وان الحال يحكي عن انهيار اقتصادي وتاكل البنيات الاساسية وتضخم وغلاء وتفشي الامراض والفقروالمجاعات بسبب تدهور الانتاج، وتزايد الاسعار وتكاثر الجبايات والاتاوت والرسوم والضرائب. فمن ناحية علاقات خارجية متردية وديون متراكمة وعقوبات اقتصادية وحصار وعزلة دولية ورئيس ملاحق ومطلوب للعدالة الدولية،واحتقان سياسي بسبب الكبت والقمع ومصادرة الحقوق والحريات والتضييق علي الصحافة والنشر، الشئ الذي يمكن تلخيصه في اننا كمجتمع ودولة نعيش ازمة شاملة ومكتملة الاركان والمعالم وفوضي ضاربة في كل المجالات، وان لذلك ابعاده الاجتماعية والثقافية والتربوية وتداعياته. هذا وبسبب عزلة النظام الجماهيرية بدليل المقاطعة لانتخاباته وتساقط عضوية تنظيمه السياسي بدليل تشبيهه بالاتحاد الاشتراكي، فقد سعي النظام لتوسيع قاعدة حكمه وكسب مؤدين جدد عن طريق شراء زعيم الختمية وتعيين نجليه كمساعدين لرئيس الجمهورية وبمنح ابن زعيم الانصار منصب مساعد في القصر، وايضا باقامة التحالفات مع الجماعات الدينية والقبلية، وشراء رجالات الطرق الصوفية،وتعيين المحاسيب في الوظائف السيادية والدستورية. ومن ناحية اخري ولتامين النظام لنفسه فقد صار ينفق كمن لا يخشي الفقر علي اجهزة الامن والقمع،وانه ولعدم اطمئنانه لجانب القوات النظامية بسبب الانقسامات والتشققات التي اصابت معسكر المتاسلمين، قام بانشاء مليشيات وقوات رديفة.نواصل….. #

#. عن جريدة الميدان السودانية

زر الذهاب إلى الأعلى