تمكين الأشخاص المعاقين من ممارسة حقوقهم السياسية و المدنية – حق الترشيح و حق الانتخاب – دراسة مقارنة في التشريع الأردني و العراقي
تمكين الأشخاص المعاقين من ممارسة حقوقهم السياسية و المدنية – حق الترشيح و حق الانتخاب – دراسة مقارنة في التشريع الأردني و العراقي
201307.05.2015
المقدمة
الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا ملئ السموات والأرض فلا محمودا إلا هو ولا معبودا غيره و بعد .. الإعاقة هي من إحدى القضايا الاجتماعية المهمة في المجتمعات نظرا لأبعادها التربوية و الاقتصاديــة على المعاق و أسرته و المجتمع ككل ، ونلاحظ من خلال دراستنا للموضوع انه قد أولت المنظمات الدولية والإقليمية اهتماما كبيرا بالمعاقين لكون قضيتهم ليست فردية إنما تمثل المجتمع بأكمله فقد صدرت عدة مواثيق وإعلانات بدءا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 والإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا الذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2856 ( د _26) في 20 كانـــــــون الأول عام 1971 و دساتير واتفاقيات وتوصيات وقرارات منظمة العمل الدولية وإعلان التقدم الاجتماعـــــي و الإنمائي الصادر عام 1969 وميثاق حقوق الطفل الأصم في الوطن العربي الذي ركز علــى حــــــــق الأصم في العناية و الرعاية والحصول على أفضل الخدمات الصحية وغير ذلك من الإعلانات والمواثيق الدولية و الإقليمية مما لا يتسح المجال لذكرها هنا لهذا فقد تضمنت التشريعات و القوانين الوطنيـــــــة الكثير مما جاء في تلك المواثيق و الإعلانات و التي تهدف كلها إلى دمج المعاق فـــــــي المجتمــــع أي تقديم مختلف أنواع الخدمات لهم أسوة بأقرانهم العاديين ومن الجدير بالذكر انه سبق للأمم المتحدة إن اعتبرت عام 1981 عاما دوليا للمعاقيــــن واعتبار يوم 9 / 12 من كل عام يوما للمعاقين ، حيث لم يعد من المقبول النظر إلى المعاقين نظــــــرة الشفقة إنما المطلوب هو الاهتمام بحقوقهم و احتياجاتهم بما يمكنهم من التغلب علـــــــــى المعوقــــات و الإسهام في تنمية وبناء المجتمع ، كما نلاحظ إن التقنيات الخاصة بالمعاق قد تطورت تطورا كبيرا إلا إن حقوقهم السياسية لم تطور إلى المستوى المطلوب، كما إن الاهتمام بهذه الفئة لا يجب إن يرتبط بمناسبــــــة سنويـــــــة
يصاحبهــــــا صرخة إعلامية بل هي قضية تستحق إن تكون موجودة في كل تفاصيل حياتنا اليومية فالقضية هي قضية توظيف وخدمات و احتياجات وفرص متساوية في الحقوق و الواجبات . وما يهمنا في هذا الموضوع ليس هو خدمات المعاق وحقوقه بشكل عام مقارنة بالأشخاص العاديين ، إنما نقتصر بدراستنا على حقوق المعاقين السياسة المتعلقة بحق المعاق إن يكون مرشحا للمجالس البرلمانية في الدولة كما سنتناول في دراستنا حق المعاق من اختيارا ممثله الذي يراه مناسبا له أي بصورة أخرى حقه في الانتخاب و الموقف التشريعي الوطني العراقي و الأردني من هذا الحقين ، ولغرض دراسة هذا الموضوع بدقة وتعمق ينبغي إن نوضح ما هو مفهوم الإعاقة وأنواعها و بعد ذلك سنتطرق إلى هذين الحقين و آلية تمكينهم من ممارسة هذين الحقين ونختم بحثنا ببعض النتائج التوصيات و توضيح الفروق بين التشريعين العراقي و الأردني المتعلقة بهذا الجانب، سائلين المولى إن نكون قد وفقنا بالإلمام بجوانب هذا الموضوع و مفاهيمه .
والله ولي التوفيق …
مشكلة الدراسة
تتناول مشكلة الدراسة دور المعاق من ممارسة حقوقه السياسية الترشيح و الانتخاب والأساس التشريعي لهذه الحقوق و نوع الإعاقة وما مدى تأثيرها على الشخص المعاق من ممارسة هذين الحقين ، فإذا نظرنا إلى الإنسان العادي و مصادر تكوين الرأي السياسي نجدها تتعدد بين التلفزيون و الجرائد والانترنت و المشاركة في الندوات و المشاركة في الأحزاب فكيف للكفيف و الأصم إن يعلم بالخبر و التطورات السياسية .. فالمشاركة السياسية هي حق لكل المواطنين جميعا ، فلا يعقل إن يهمش دور هذه الفئة في دولة ما تتمثل فيها الإعاقة 10 % من مواطنيها لان إهمال هذه النسبة يؤدي إلى كارثة حقيقية .
عناصر مشكلة الدراسة
يحرص الباحث من خلال هذا البحث الإجابة على التساؤلات التالية :
1- ما هو مفهوم الإعاقة و المعاق وما هي التعريفات التي ذكرت بهذا الصدد في التشريعين العراقي و الأردني و الاتفاقيات الدولية ..
2- ما هي نوع الإعاقة التي تشكل تأثير كبيرا على ممارسة حق الترشيح والانتخاب أو ممارسة احدهما ..
3- ما هو موقف التشريع الأردني والعراقي من إعطاء الشخص المعاق هذين الحقين أو احد هذين الحقين، وما الفرق بين التشريعين بخصوص هذه الحقوق ..
فروض الدراسة
1- لا تعتبر الإعاقة بمفهومها العام مانعا من ممارسة الشخص حقوقه السياسية.
2- ليس جميع أنواع الإعاقة تشكل مانعا على الشخص من ممارسة حق الترشيح و الانتخاب ..
3- بعض أنواع الإعاقة تمنح الشخص حقه في الانتخاب دون حقه في الترشيح .
4- تمكين الشخص المعاق من هذين الحقين عن طريق نصوص تشريعية تصدرها السلطة التشريعية في الدولة و مشاركتها في الاتفاقيات الدولية بخصوص هذا الصدد.
أهمية الدراسة
تظهر أهمية الدراسة من خلال إن إهمال دور هذه الفئة من المجتمع قد يشكل كارثة حقيقة كما ذكرنا في مشكلة الدراسة في بلد تمثل هذه الفئة نسبة غير قليلة من مواطنيها ، فأن إهمال دور هذه الفئة يتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية و المبادئ التي جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 ، فلا بد من حق الشخص المعاق من ممارسة حقوقه السياسة مقارنة بالأشخاص العاديين دون التفرقة بينهما و عدم النظر إليهم نظرة سلبية داخل المجتمع ، و لا بد من إن يكون ممثلا عن هذه الفئة في المجالس النيابية و المحلية على غرار إقرانهم العاديين ، وتمكينهم من ممارسة هذه الحقوق عن طريق نصوص تشريعية تصدرها السلطة التشريعية في الدولـــة .
أهــــداف الدراسة
تهــــدف دراســــــة هــــذا الموضوع إلـــــــى نقــــاط عديــــدة وهــــــــــــي :
1 – مفهوم الإعاقة و المعاق من الناحية اللغوية و القانونية .
2- التميز بين أنواع الإعاقة و مدى تأثيرها على تصرفات الشخص من الناحية القانونية .
3- متى يكون للشخص المعاق الحق مــــن إن يكون مرشحا و حقه من إن يكون ناخبا و الوسائل أو الآلية التي تمكنهم من ذلك .
4- إيضاح الفروق بين التشريعين الأردني و العراقي وما مدى مراعاتهم لقواعد حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية بخصوص هذه الحقوق .
الدراسات السابقة
بعد إن قام الباحث بالبحث والدراسة و الاطلاع على الكثير من المؤلفات حول هذا الموضوع لم يسعفه الحظ من إن يجد دراسة مباشرة وافية لهذا الموضوع تناولت كافة جوانبه المتعلقة بحق الترشيح و الانتخاب إلا إن ما وجده من الدراسات السابقة قد تناولت جزئية معينة منه ولم يتعمق فيها مؤلفها لتشمل هذين الحقين إنما كانت مقتصرة على تمكين المعاق من ممارسة حقوقه السياسية و المدنية بشكل عام مستندين إلى النصوص التشريعية في ذلك واهم هذه الدراسات هي :
1- (( حقوق المعوقين بين الشريعة و القانون )) رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم الإسلامية ، من دار الحديث الحسينية الرباط المملكة
المغربية 2002 . إعداد الباحث احمد مصطفى ، في هذه الرسالة تناول الباحـــث ، مفهوم الشخصية الحقوقية وحقوق المعوق ، بالإضافة إلى حقوق المعاق السياسية و المدنية ووسائل رعاية المعوقين في القانون .
منهج البحث ( الدراسة )
استخدم الباحث في هذه الدراسة المبسطة المنهج المقارن الذي يعد انسب المناهج و أكثرها شمولا لدراسة النظم المختلفة بطريقة مقارنة ، وكذلك المنهج الوصفي الذي يعتمد على تجميع الحقائق و المعلومات ثم مقارنتها و تفسيرها للوصول إلى التعميمات المقبولة ..
حدود الدراسة
تنحصر هذه الدراسة بين المملكة الأردنية الهاشمية و جمهورية العراق حول مفهوم الإعاقة و أنواعها ، وعن آلية تمكين المعاقين من ممارسة حقي الترشيح و الانتخاب في ظل التشريع العراقي و التشريع الأردني في كانون الأول 2013 / 2014
تقسيم الدراسة
لقد ارتأى الباحث إن يقسم هذه الدراسة إلى مبحثين معتمدا على المعيار الإجرائي في تقسيم الدراسة وذلك على النحو التالي :
المبحــث الأول : ماهية الإعاقـة و أنواعـهــا و التطور التاريخي لحقوق المعاقين
المطلب الأول : مفهـوم الإعاقـــة و المعـاق
المطلب الثاني : أنــــــواع الإعـــــــاقــــــــــــة
الفرع الأول : الإعاقـــــة العقليــــــــــــــــــــــة
الفرع الثاني : الإعاقة الجسديـــــــة و النفسيــــــــة
المطلب الثالث : التطور التاريخي لحقوق المعاقيــــن
المبحث الثاني : تأهيل المعاق من حق الترشيح و حق الانتخاب في التشريع العراقي و التشريع الأردني
المطلب الأول : آليـــــــة التأهـــيــــل
المطلب الثاني : حق المعاق فــي الترشيح
المطلب الثالث : حق المعاق فــــي الانتخــــاب
الخاتمة ( النتائج و التوصيات )
المراجــــــع
الفهرست
المبحث الأول
ماهية الإعاقـة و أنواعها و التطور التاريخي لحقوق المعاق
في هذا المبحث سنتطرق إلى مفهوم الإعاقة والمعاق و بيان توضيحهما مع ذكر التعريفات التي قيلت بصددهما من ما ورد عنها في الاتفاقيات الدولية وفي مبادئ حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1948 ، مع ذكر ما ورد من تعريفات عنهما في التشريعين الداخليين للملكة الهاشمية الأردنية والجمهورية العراقية ، وكذلك التطرق إلى أنواعها ومدى تأثير كل نوع منها على تصرفات الفرد القانونية ، بالإضافة إلى عرض بسيط لمراحل التطور التاريخي لحقوق العاقين .
المطلب الأول : مفهـوم الإعـاقـة و الـمـعـاق
الإعاقة ( باللغة الانكليزية : Disability) ، لقد تعددت التعريفات بصدد الإعاقة و المعاق ، فقد عرفتها منظمة الصحة العالمية بأنها ” الإعاقة هي مصطلح يغطي العجز و النشاط ومقيدات المشاركة ،والعجز هي مشكلة في وظيفة الجسم أو هيكله، والحد من النشاط هو الصعوبة التي يواجهها الفرد في تنفيذ مهمة أو عمل، في حين أن تقييد المشاركة هي المشكلة التي يعاني منها الفرد في المشاركة في مواقف الحياة، وبالتالي فالإعاقة هي ظاهرة معقدة، والتي تعكس التفاعل بين ملامح جسم الشخص وملامح المجتمع الذي يعيش فيه أو الذي تعيش فيه “.( ) . وفي اللغة العربية هي ” 1- أعاقة [مفرد ] ،2- مصدر أعاقَ : ضرر يصيب أحد الأشخاص ينتج عنه اعتلال بأحد الأعضاء أو عجز كلّيّ أو جزئيّ ” ( ) ، وفي الاصطلاح ” بأنها كل قصور جسمي
أو نفسي أو عقلي أو خلقي يمثل عقبة في سبيل قيام الفرد بواجبه فـي المجتمـع و يجعله قاصرا عن الإفراد الأسوياء الذين يتمتعون بسلامة الأعضاء و صحتها ” ( ).و يعرفها الباحث بأنها ( حالة سلبية تحول دون ممارسة الشخص من القيام بتصرفاته بصورة طبيعية نتيجة خلل في جسمه أو عقله ) ، ويلاحظ أن الكثير منا قد يقع قي الخلط بين العاهة و الإعاقة إلا أن ما يميز بينهما هو من حيث مصدر كل منهما فالإعاقة فد تكون طبيعية من الولادة أو بعدها نتيجة عوامل غير طبيعية ، إما العاهة فأنها تنشأ بفعل إنسان على حد تعبير نص المادة 335من قانون العقوبات الأردني التي تنص على انه ( إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر احد الإطراف أو تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو إيه عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة عوقب بالأفعال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات ) ( ) . فالإعاقة و العاهة متشابهتان في المعنى لكنهما مختلفتان من حيث تكوينهما . إما بالنسبة للمعاق أو المعوق ، يعرف بأنه ” أي شخص عاجز عن إن يؤمن بنفسه بصورة كلية أو جزائية ضرورات حياته الفردية و الاجتماعية العادية بسبب قصور خلقي أو غير خلقي في قدراته الجسمانية أو العقلية ” ( ) .كما عرفه المشرع الأردني في التشريع الخاص بالمعاقين في الأردن رقم 31 لسنة 2007 بأنه كل شخص مصاب بقصور كلي أو جزئي بشكل مستقر في إي من حواسه أو قدراته الجسمية أو النفسية أو العقلية إلى المدى الذي يحد من إمكانية التعلم و التأهيل
أو العمل بحيث لا يستطيع تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من غير المعوقين ( ) ، و هذا التعريف جاء مطابقا لما ورد من التعريف بالمعاق في القانون السابق قانون رعاية المعاقين رقم 12 لسنة 1993 ، كما عرفه المشرع العراقي فـي قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980 بأنه كل من نقصت أو انعدمت قدرته على العمل أو الحصول عليه أو الاستقرار فيه، بسبب نقص أو اضطراب في قابليته العقلية أو النفسية أو البدنية ( ) . و يعرفه الباحث بأنه (كل شخص لديه نقص أو عيب خلقي يمنعه من ممارسة واجباته تجاه المجتمع بصورة سليمة) .
المطلب الثاني : أنــواع الإعاقـــة
ليس للإعاقة نوع معين بذاته يمكن تسميته بالإعاقة ، بل لها أنواع مختلفة وكل نوع منها له تأثير خاص على أهلية الفرد وقدرته على ممارسة نشاطه بصورة معتادة ، فالشخص المصاب بإعاقة عقلية ليس مثل الشخص المصاب بإعاقة جسدية و إعاقة نفسية من حيث التصرفات القانونية و الأمور الأخرى التي يقوم بها فلكل واحدة منهما تأثير خاص على إرادة الفرد وسنتناولهما بشيء من التفصيل مع بيان موقف القانون المدني الأردني و العراقي من كل نوع من أنواعها و ضمن دراسة كل نوع ، و عند دراسة كل نوع منها وبيان موقف القانون المدني سنستطيع و بسهولة معرفة متى يكون الشخص المعاق ناخبا و متى يكون مرشحا بالنسبة للمملكة الهاشمية الأردنية و الجمهورية العراقية .
الفرع الأول : الإعاقة العقليـــة ( الذهنية )
تعرف الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي ( AAMR ) الإعاقة الذهنية بأنها : نقص جوهري في الأداء الوظيفي الراهن يتصف بأداء ذهني وظيفي دون المتوسط يكون متلازما مع جوانب قصور في اثنين أو أكثر من مجالات المهارات الكيفية التالية ، التواصل ، و الغاية الشخصية ، و الحياة المنزلية ، و المهارات الاجتماعية ، و الاستفادة من مصادر المجتمع ، و التوجيه الذاتي و الصحة و السلامة و الجوانب الأكاديمية الوظيفية و قضاء و فت الفراغ و مهارات العمل و الحياة الاستقلالية يظهر ذلك قبل سن الثامنة عشر ( ). ويتبنى المختصين بعلوم الاجتماع بدورهم تعريفات أخرى للإعاقة الذهنية تركز على قياس مدى تمكن الشخص من الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية المطلوبة منه عند مقارنته مع نظرائه من الفئة العمرية نفسها و على ذلك يعتبر الشخص معاق ذهنيا في حالة عدم قدرته على القيام بالمتطلبات المطلوبة منه ، والسائد في الأوساط الاجتماعية التعريف الذي يشير إلى إن الإعاقة الذهنية ” هي حالة عدم اكتمال التطور العقلي بدرجة تجعل الفرد عاجزا عن التكيف مع الآخرين مما يجعله دائمة إلى رعاية وإشراف ودعم الآخرين ” كما يختلف التعريف بالنسبة للشخص المعاق ذهنيا من بلد إلى أخر نظرا لما يترتب على هذا التعريف أمورا كثيرة لعل أهمها الأهلية القانونية للشخص و غير ذلك من الأمور القانونية التي يطول النقاش بها مثل قضايا الميراث و الشهادة في المحاكم وحق التصويت وحق الانتخاب …الخ ( ).فمن حيث تصرفات الشخص القانونية المعاق ذهنيا وأهليته نلاحظ إن المشرع الأردني بين حكمها من خلا نصوص المواد : المادة 43 ( 1- كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه ) ، و المادة 44 (1- لا
و المادة 45 ( كل من بلغ سن الرشد و كان سفيها و ذو غفلة يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون ) ( ) . و يدخل ضمن هذا النوع من الإعاقة حسب ما ورد في نصوص المواد العته و الجنون و السفه وذو الغفلة ويشكل كل نوع منها نقص و عارض من عوارض أهلية الشخص لمباشرة حقوقه المدنية . كما نلاحظ إن المشرع الأردني قد فرق بين الجنون المطبق و الجنون غير المطبق من حيث تصرفاته و أهليته فقال : الجنون المطبق هو في حكم الصغير غير المميز ، إما الجنون غير المطبق فتصرفاته في حالة إفاقته كتصرف العاقل( مادة 128 /2 ) من القانون المدني. كما نلاحظ إن المشرع المدني العراقي قد بين حكم هذه الإعاقة في المواد : المادة 94 ( الصغير و المعتوه و المجنون محجورون لذاتهم ) و المادة 95 ( تحجر المحكمة على السفيه وذو الغفلة ويعلن الحجر بالطرق المقررة قانونا ) وكذلك أورد تفريق بين حالتي الجنون المطبق و غير المطبق في نص المادة 108 ( الجنون المطبق هو في حكم الصغير غير المميز ، إما الجنون غير المطبق فتصرفاته في حالة إفاقته كتصرف العاقل ) ( ) . ومن خلاله هذه النصوص قد عرفنا ما هو مؤثرا على أهلية الشخص و تصرفاته القانونية .
الفرع الثاني : الإعاقة الجسدية و النفسية
عندما نتكلم عن الإعاقة الجسدية لا بد من إن نقسمها إلى إعاقة حسية و إعاقة جسمية لنشمل الإعاقة الجسدية بشكل عام ، فالإعاقة الحسية هي التي ينطوي ضمنها الشخص الكفيف أو ضعيف البصر و الشخص غير قادر على الكلام(الأبكم ) و الشخص غير قادر على سمع الكلام(الأصم) بصورة طبيعية مقارنة بغيره من إقرانه العاديين ، إما الجسمية فهي التي تتمثل بأعضاء الجسم الخارجية . فالشخص المعاق بصريا هو الشخص الذي تبلغ حدة إبصاره 20 /200 أو اقل في أفضل العينين و ذلك بعد استخدام المعينات البصرية أو هو الشخص الذي تكون حدة بصره من 20 / 200 ولكنه يعاني من ضيق في المجال الذي بحيث تبلغ زاوية الإبصار اقل من 20 درجة ، و يعتمد هذا التعريف بشكل كبير على قياسات حدة الإبصار و التي يقصد بها القدرة على تميز التفاصيل لمسافة محدودة ( ). إما الإعاقة المتعلقة بالسمع فأنها تشير إلى حالات الفقدان السمعي بأنواعها ودرجاتها المختلفة و تشمل كلا من الصم و ضعف السمع وقد تكون منذ الولادة او بعدها في أي مرحلة من مراحل الحياة و قد تكون توصيلة بمعنى أنها تنتج عن خلل في الإذن الخارجية أو الوسطى او قد تكون عصبية بمعنى أنها تنتج عن خلل في الإذن الداخلية أو العصب السمعي او مركزية ناتجة عن خلل في المراكز الدماغية المسؤولة عن معالجة المعلومات السمعية ( ) .
أما الإعاقة الكلامية فيرى الباحث أنها هي المتمثلة بعدم قدرة الشخص على النطق بصورة كلية أو جزئية للتعبير عن إرادته ويعبر عنها بالإشارة أو بالكتابة للقيام بتصرفاته ، إما القسم الثاني من الإعاقة الجسدية و هي الإعاقة الجسمية المتمثلة بقطع احد أعضاء الجسم الخارجية نتيجة عوامل طبيعية منذ الولادة أو بعدها كالشخــص
المقطوعة يده أو رجله أو أي عضو أخر من أعضاء الجسم الخارجية ، و يقول ( سليمان :2008)
” المعوقون بدنيا أنهم فئة الأشخاص الذين يتشكل لديهم عائق يحرمهم من القدرة على القيام بوظائفهم الجسمية و الحركية بشكل عادي ” ( ).
فالقانون المدني الأردني و العراقي لم يتطرقا إلى أهلية الشخص القانونية في هذا القسمين من الإعاقة و لا يعتبرا عارضا أو مانع من أهلية الشخص كما هو في الإعاقة العقلية ( الذهنية ) .
إما الإعاقة النفسية فهي على عكس مما سبق ويرى الباحث أنها تكمن في نفس الشخص نتيجة مرض معين يحد من مدى قابلية اندفاعه في الوضع الاجتماعي السائد و يقيد هذا الاندفاع مثل مرض العصاب و كذلك مرض الرهاب . و عليه فأن العصاب مرض نفسي عصبي وظائفي إعراضه الانفصال و التوتر و الصراع الشديد الناشب في أعماق النفس ويعتبر القلق هو السمة الشائعة في العصاب فهو استجابة لا تتلاءم مع الإخطار الموجودة في الواقع ينشأ نتيجة الشعور بعدم الأمان ، كما يعتبر الرهاب حيلة دفاعية لا شعورية يحاول المريض إثناءها عن القلق الناشئ من فكرة او موضوع او موقف معين في حياته اليومية وتحويله لفكر او موضوع او موقف رمزي ليس له علاقة مباشرة بالسبب الأصلي كما انه موضوع غير معقول يظهر تجاه أي جانب مدرك من البيئة إضافة الى هذا فهو مستمد من العصاب النفسي ولا يخضع للعقل و ينتاب الشخص على نحو جامح مندفع ويستحوذ على النفس من كل امر مألوف ولا يتسنى السيطرة عليه ( ).
فهذه الإعاقة من الصعوبة تحديدها إلا من خلال التقارير الطبية الدقيقة وخضوع الشخص المصاب إلى التجربة وتحليل تصرفاته مقارنة بغير الشخص المعتاد ، وكذلك أيضا هذه الإعاقة لم يرد القانون المدني الأردني والعراقي حكم أهلية الشخص المصاب بها .
المبحث الثاني
تأهيل المعاق من حق الترشيح و حق الانتخاب في التشريع العراقي و الأردني
بعد إن عرفنا الإعاقة و المعاق وأنواع الإعاقة و مدى تأثير كل نوع على أهلية الشخص المعاق ، والمراحل التاريخية التي مرت بها حقوق المعاقين سنتطرق الى الآلية التي تمكنهم من ممارسة حقوقهم و أساس هذه الإلية و بعدها سنتناول حقوق المعاقين في الترشيح للمجالس النيابية و حقوقهم في انتخاب ممثليهم في المجالس المذكورة مقارنة بغيرهم من الأشخاص الاعتياديين مستعينين بالنصوص الدستورية و القانونية التي تمكنهم من ممارسة هذين الحقين في ظل التشريعين العراقي و الأردني .
المطلب الأول : أليــه التأهيل
تقوم أليه التأهيل على تقبل الفرد المعاق كانسان له كيانه و كرامته الشخصية و له حقوق و حـاجـات إنسانيـة و سياسيـة و اجتماعية أي تأهيلـه تأهيلا مهنيا . ويقول ( الزراع : 2003 )
” إن اصطلاح التأهيل المهني معناه إعداد الإنسان إلى مهنة أخرى أو إعادة توافقه مع مهنته إذا كانت تطورات المجتمع او تطورات المهنة قد أفقدته القدرة على مواصلة الإشغال بها ” ( ). و يحمل مدلول التأهيل معان كثيرة تشمل التأهيل الطبي و التأهيل الاجتماعي و التأهيل المهني و النفسي و هناك تعريفات مختلفة لتأهيل المعاقين ومن التعريفات الشائعة : التأهيل هو تلك العملية المنظمة و المستمرة التي تهدف الى الوصول بالفرد المعاق الى درجة ممكنة من النواحي الطبية و الاجتماعية و النفسية و التربوية و الاقتصادية ، كما من أكثر التعريفات شيوعا أيضا هــو تعريف المجلـس
الوطني للتأهيل في أمريكيا عام 1942 و الذي يشير الى إن التأهيل يعني استعادة الشخص المعاق كامل قدرته على الاستفادة من قدراته الجسمية و العقلية و الاجتماعية و المهنية والاقتصادية ( ) . ويرى الباحث إن إلية التأهيل تظهر من خلال تشريعات الدولة الداخلية والاتفاقيات الدولية التي تعقدها الدول مثل حالة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها الصادرة بموجب البند 70 –أ / الدورة السابعة والستون من جدول الإعمال المؤقت للأمم المتحدة ، و كذلك اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتمدت و نشرت على الملأ و فتحت للتوقيع و التصديق و الانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61 / 611 المؤرخ في 13 كانون الأول / ديسمبر 2006 ، و يلاحظ ان الحكومة الأردنية قد دخلت طرفا في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة عن الأمم المتحدة و التي كان الغرض منها هو تعزيز و حماية و كفالة يتمتع جميع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعا كاملا على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان و الحريات الأساسية ، بموجب قانون رقم 7 لسنة 2008( قانون تصديق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ) ، كما قامت بتشريع قانون سابق على تصديقها للاتفاقية و هو قانون رقم 31 لسنة 2007 قانون حقوق الأشخاص المعوقين الذي تضمن آلية تأهيل المعاق و دمجه في المجتمع ( ) . إما بالنسبة للدولة العراقية فقد مرت بمرحلتين مرحلة قبل 2003 و بعدها ، ففي ما سبق 2003 أصدرت قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980الذي لا يزال ساريا من حيث التنفيذ و الذي نظم حقوق المعاق بصورة جزئية في بعض مواده ، اما بعد 2003 فقد تضمن الدستور النافذ إلية تأهيل المعاق من خلال نص المادة 32 منه التي تنص على انه ( ترعى الدولة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة و تكفل تأهيلهم بغية
دمجهم في المجتمع و ينظم ذلك بقانون ) أصدرت الحكومة العراقية قانون رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة رقم 38لسنة 2013 الذي تضمن حقوق المعاقين ببنوده بصورة عامة دون التطرق إلــى التفاصيل ( ) .
المطلب الثاني : حق المعاق فـي الترشيح
لا تعتبر الإعاقة بتسميتها المطلقة مانعا من حق الشخص من الترشيح للمجالس النيابية ، بل لكل نوع منها تأثير معين على أهلية الشخص القانونية ، فحق الترشيح للمجالس النيابية حق دستوري و قانوني لكل شخص عراقي او أردني كامل الأهلية دون التطرق إلى الإعاقة وترك تحديدها لأهلية الشخص القانونية. فالدستور العراقي النافذ لسنة 2005 ينص في المادة 20 منه على انه ( للمواطنين رجالا و نساءا حق المشاركة في الشؤون العامة و التمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت و الترشيح و الانتخاب ) ، وقانون الانتخاب العراقي النافذ لسنة 2005 في مادته 6 تنص على انه ( يشترط في المرشح إن لا يقل عمره عن الثلاثون عاما …. )( ).اما الدستور الأردني لسنة 1952 لم يرد نص مماثلا لما أورده الدستور العراقي في المادة 20 منه ، اما قانون الانتخاب الأردني النافذ رقم 25 لسنة 2012 اشترط في المادة 10 منه على من يرشح للعضوية في المجالس النيابية ان يكون الشخص أردني الجنسية وان لا يقل عمره عن ثلاثون سنة شمسية وان لا يكون محجورا عليه و إن لا يكون مجنــــونا أو معتوها( ). و من خلال هذه النصوص يحق لكل شخص أن يكون مرشحا متى كان عمره لا يقل الثلاثون عاما بغض النظر إلى جنسه ، أي ان يكون كاملا الأهلية دون عارضا او مانعا منها لكي يحق له الترشيح للمجالس النيابية . وعندما تطرقنا إلى أنواع الإعاقة وبينا حكم كل نوع في القانون المدني العراقي و الأردني اتضح لنا إن الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية غير مؤهلين للترشيح في انتخابات المجالس النيابية ، اما المعاق جسديا بقسميها ليس هناك مانع قانونيا من حقه في الترشيح للمجالس ، إما المعاق نفسيا أيضا لم يبين القانون المدني الأردني و العراقي تأثير هذه الإعاقة على أهلية الشخص وأيضا يستطيع إن يكون مرشحا متى بلغ السن القانوني للترشيح المنصوص عليه في قانوني الانتخاب في كلا البلدين .
ومن الأمثلة على المرشحين المعاقين جسديا ، المرشح محمد سامي حرز الله المعاق حركيا في محافظة اربد الذي لم يحالفه الحظ للوصول إلى مجلس النواب الدورة السادس عشر و الذي طالبة بتخصيص كوتا للمعاقين تضمن وصولهم للبرلمان ، حيث يرى أنهم لا يستطيعون شراء أصوات كما يفعل بعض المرشحين ( ) .
المطلب الثالث : حـق المعاق فـي الانتخـاب
حق الانتخاب حق كفلته اغلب الدساتير و القوانين في العالم بالنسبة لمواطنيها ، فالدستور العراقي النافذ لسنة 2005 في المادة 20 منه أعطى للمواطن العراقي الحق في الانتخاب و التصويت ، و الدستور الأردني لسنة 1952 لم يرد نص خاص بذلك إنما جاء تحديد هذا الحق في قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم 25 لسنة 2012 في المادة 3 منه التي أعطت الحق لكل أردني أكمل سن الثامنة عشر الحق في انتخاب أعضاء مجلس النواب ، اما قانون الانتخاب العراقي رقم 16 لسنة 2005 الذي عدل بقانون 16 لسنة 2009 و عدل بعد ذلك سنة 2013 وكان التعديل متعلق بنصوص مواد المقاعد النيابية ، قد أعطى للعراقي الجنسية وكان كامل الأهلية ( سن الثامنة عشر ) ان يكون ناخبا بموجب المادة 3 من القانون . و مادام عدم اعتبار إعاقة الشخص المعاق جسديا و نفسيا مؤثرة على أهلية الشخص القانونية بموجب نصوص القانون المدني الأردني و العراقي المتعلقة بأهلية الشخص التي سبق ذكرها ، فانه لا مانع على المعاق جسديا و نفسيا من ممارسة هذا الحق القانوني . إما بالنسبة للشخص المعاق عقليا ( ذهنيا ) فهنا يستلزم الأمر توضيحها بشكل دقيق . فالشخص المصاب بالجنون المطبق حكمه حكم الصغير غير الميز و لا يعتبر كامل الأهلية 128 /2 مدني أردني و 108 مدني عراقي فليس له حق الانتخاب ، والجنون غير المطبق اعتبر في تصرفاته بحكم العاقل فله حق الانتخاب متى كان فائقا من إعاقته المتقطعة . إما بالنسبة لأقسام الإعاقة الذهنية الأخرى ذو الغفلة ، السفيه ، والمعتوه نلاحظ إن اغلب التشريعات المدنية ومنها العراقي و الأردني اعتبرتها عارض من عوارض الأهلية بموجب النصوص التي سبق ذكرها في تحديد حكم الإعاقة العقلية ، و قانون الانتخاب العراقي و الأردني النافذان اشترطا في الناخب ان يكون كامل الأهلية دون أي عارض من عوارض الأهلية فلا يحق لكل من السفيه و ذو الغفلة والمعتوه إن يكونا ناخبين إذا كان المشرع العراقي و الأردني قدر ربط ربطًا مباشرا بين ممارسة حقوق الشخص المدنية وممارسته للحقوق السياسية من حيث الأهلية و عوارضها .
الـخـاتمـة
المعاقين او كما تسميها بعض المنظمات الدولية ذوي الاحتياجات الخاصة ، فئة من فئات المجتمع أولتها المنظمات الدولية و التشريعات الداخلية للدول اهتماما و لكن ليس بالمستوى المطلوب بالنسبة لبعض الدول . فالإعاقة هي قديمة قدم الإنسان و ظهوره على الأرض ويرى الباحث إن فئة المعوقين في كثير من المجتمعات العربية تعاني من التمييز و هم في حاجة ماسة للإحساس بالمساواة مع اقرأنهم العادين ، وبعد إن اعاننى الباري عز وجل من دراسة هذا الموضع في التشريعين العراقي و الأردني توصلنا الى عدة نتائج و توصيات نقترح على ذوي الشأن أخذها بنظر الاعتبار في تحقيق المساواة بين المعاق و غير من الأشخاص العادين من ممارسة حقوقه السياسية ( ترشيح – انتخاب) . ومن أهم النتائج التي توصلنا إليها في دراسة هذا الموضوع هي :
–
2- لا تعتبر الإعاقة بصورة عامة قيد على ممارسة الشخص المعاق حق الانتخاب و الترشيح في التشريعين العراقي و الأردني .
3- الإعاقة العقلية ( الذهنية ) تمنع صاحبها من ممارسة حق الترشيح ، كما تمنع صاحبها ممن ممارسة حق الانتخاب الا ما استثني من ذلك المجنون غير المطبق بالنسبة لحق الانتخاب فقط .
4- الإعاقة الجسدية بقسميها ( جسمية و حسية ) لا تمنع صاحبها من ممارسة الحقين الانتخاب و الترشيح . و كذلك الإعاقة النفسية لصعوبة التوصل إليها و تحديدها .
5- من حيث الأفضلية التشريعية كان المشرع العراقي أفضل من المشرع الأردني في النص على حقوق المعاق بشكل عام دون الاقتصار على الانتخاب و الترشيح ، فقد نص عليها المشرع في الدستور العراقي النافذ من المادة 32 منه
وكذلك من حيث القوانين فقد وضع المشرع العراقي قانونين لتنظيم حقوق المعاق سياسيا و مدنية وهما قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 2008 و قانون رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة رقم 38 لسنة 2013 و كلاهما نافذين ، اما المشرع الأردني لم ينص على حقوق هذه الفئة في دستوره النافذ لسنة 1952 وقد وضع قانون واحد لتنظيم حقوق المعاق أسوة بغيره من الأشخاص وهو قانون حقوق الأشخاص المعاقين رقم 21 لسنة 2007 ، اما القوانين السابقة قد عطل العمل بها.
6- من حيث الاتفاقيات الدولية ، لم تنظم الحكومة العراقية لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة عن الأمم المتحدة و تصدقها بقانون خاص على العكس من الحكومة الأردنية فقد انضمت إليها و صدقتها بقانون خاص وهو قانون تصديق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 7 لسنة 2008 .
7- جاء التشريعين العراقي و الأردني متشابهين من حيث ما هو مؤثر على أهلية الشخص وتحديد بلوغ سن الرشد القانوني .
و هذه أهم النتائج التي تم التوصل إليها . إما أهم التوصيات التي تم التوصل اليها يمكن إجمالها بما يلي :
1- على المشرعين الأردني و العراقي إن يكونا أكثر تحديدا و تفصيلا في بيان حق الانتخاب والترشيح بالنسبة للمعوقين .
2- على المشرعين أن يبينوا الإجراءات الواجب إتباعها في حالة المعاق بصريا( الكفيف) من اختيار ممثله في مجلس النواب و الآلية التي يجب إتباعها في اختيار مرشحه من قائمة الاقتراع بنصوص قانونية خاصة لمنع حالة التزوير .
3- وضع إجراءات ضابطة تجاه المعوق نفسيا ببيان مدى صلاحيته إن يكون ناخبا و مرشحا للمجالس النيابية في التشريعين العراقي و الأردني .
4- إعادة النظر لكل من التشريعين في مدى صحة الربط بين الحقوق السياسية و المدنية من حيث الأهلية المطلوبة لممارسة حق الانتخاب بالنسبة للمعاقون ذهنيا ( العته ، وذو الغفلة ، والمعتوه ) واعتبارها عارض على أهلية الشخص .
المـراجـع
الكــتب والمجلات العلمية
1- أحمد مختار عبد الحميد عمر ، معجم اللغة العربية المعاصر ، القاهرة : عالم الكتب 2008
3- تيسير احمد الزغبي ، مجموعة التشريعات الجزائية ، عمان : معد ، 2012
4- روحي مروح عبدات ، الآثار النفسية و الاجتماعية للإعاقة على إخوة المعاقين ، الشارقة : مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، 2007
5- رشاد علي عبد العزيز ، بحوث في سيكولوجية المعوق ، القاهرة : دار النضة العربية1994
6- صفية مبارك موسى ، الاعاقة البصرية و الذكاء الوجداني للمعوق بصريا ، موقع اطفال الخليج ، 2013/11 /27
7- عبد المجيد عبد الحميد ، تنمية الاطفال المعاقين ، القاهرة : دار غريب للطباعة والنشر،1997
8- عبد الرحمن سيد سليمان ، تقيم وتشخيص الاعاقة الجسمية و الصحية ، الرياض : دار الزهراء 2008
9- عليه حماد الحسيني ، تاهيل ذوي الاحتياجات الخاصة ، موقع اطفال الخليج ، 2004
10- محمود شريف بسيوني ، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان ، القاهرة : دار الشروق 2003
11- نايف الزراع ، تاهيل ذوي الاحتياجات الاخاصة ، عمان : دار الفكر للنشر والتوزيع 2003
12- ناظم فوزي ، الاعاقة الذهنية في المنظور الطبي في : مجلة عالمي – المتخصصة في عالم الاعاقة – ، دولة الامارات العربية : وزارة الشؤون الاجتماعية 2008
المنظمات و الاتفاقيات الدولية
1- منظمة الصّحة العالمية بالإنجليزية: (WHO: World Health Organization) هي واحدة من عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة متخصصة في مجال الصحة. وقد أنشئت في 7 أبريل 1948. ومقرها الحالي في جنيف، سويسرا، وتدير السيدة مارغريت تشان المنظمة
2- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتمدت و نشرت على الملأ و فتحت للتوقيع و التصديق و الانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61 / 611 المؤرخ في 13 كانون الأول / ديسمبر 2006.
التشريعات
1- الدستور العراقي النافذ لسنة 2005 ،، موقع المكتبة القانونية العراقية للحكم المحلي
2- الدستور الاردني النافذ لسنة 1952 ، موقع التشريعات الاردنية 2013/ 12 /8
3- قانون حقوق الأشخاص المعاقين رقم 31 لسنة 2007 ( ساري ) ، المادة 2 ،
4- قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980 (ساري ) ، مادة 43 ، الوقائع العراقية ، ج 2 ، العدد 2783 ، 7 / 14 / 1980
5- القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 (ساري ) ، موقع التشريعات الأردنية ، 2013-12-04
6- القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 ( ساري ) ، قاعدة التشريعات و التنظيمات العراقية ،2013-12-04
7- قانون تصديق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 7 لسنة 2008 ، قانون حقوق الأشخاص المعوقين رقم 31 لسنة 2007
8- قانون رعاية ذوي الاعاقة و الاحتياجات الخاصة رقم 38 لسنة 2013 ، موقع المكتبة القانونية العراقي للحكم المحلي 2013-12-08
9- قانون الانتخاب العراقي النافذ رقم 16 لسنة 2005 والمعدل بقانون 26 لسنة 2009 و عدل بعد ذلك سنة 2013 من حيث المعاقد النيابية ،
10 – ) قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم 25 لسنة 2012 ، موقع التشريعات الاردنية
المقدمة
الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا ملئ السموات والأرض فلا محمودا إلا هو ولا معبودا غيره و بعد .. الإعاقة هي من إحدى القضايا الاجتماعية المهمة في المجتمعات نظرا لأبعادها التربوية و الاقتصاديــة على المعاق و أسرته و المجتمع ككل ، ونلاحظ من خلال دراستنا للموضوع انه قد أولت المنظمات الدولية والإقليمية اهتماما كبيرا بالمعاقين لكون قضيتهم ليست فردية إنما تمثل المجتمع بأكمله فقد صدرت عدة مواثيق وإعلانات بدءا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 والإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا الذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2856 ( د _26) في 20 كانـــــــون الأول عام 1971 و دساتير واتفاقيات وتوصيات وقرارات منظمة العمل الدولية وإعلان التقدم الاجتماعـــــي و الإنمائي الصادر عام 1969 وميثاق حقوق الطفل الأصم في الوطن العربي الذي ركز علــى حــــــــق الأصم في العناية و الرعاية والحصول على أفضل الخدمات الصحية وغير ذلك من الإعلانات والمواثيق الدولية و الإقليمية مما لا يتسح المجال لذكرها هنا لهذا فقد تضمنت التشريعات و القوانين الوطنيـــــــة الكثير مما جاء في تلك المواثيق و الإعلانات و التي تهدف كلها إلى دمج المعاق فـــــــي المجتمــــع أي تقديم مختلف أنواع الخدمات لهم أسوة بأقرانهم العاديين ومن الجدير بالذكر انه سبق للأمم المتحدة إن اعتبرت عام 1981 عاما دوليا للمعاقيــــن واعتبار يوم 9 / 12 من كل عام يوما للمعاقين ، حيث لم يعد من المقبول النظر إلى المعاقين نظــــــرة الشفقة إنما المطلوب هو الاهتمام بحقوقهم و احتياجاتهم بما يمكنهم من التغلب علـــــــــى المعوقــــات و الإسهام في تنمية وبناء المجتمع ، كما نلاحظ إن التقنيات الخاصة بالمعاق قد تطورت تطورا كبيرا إلا إن حقوقهم السياسية لم تطور إلى المستوى المطلوب، كما إن الاهتمام بهذه الفئة لا يجب إن يرتبط بمناسبــــــة سنويـــــــة
يصاحبهــــــا صرخة إعلامية بل هي قضية تستحق إن تكون موجودة في كل تفاصيل حياتنا اليومية فالقضية هي قضية توظيف وخدمات و احتياجات وفرص متساوية في الحقوق و الواجبات . وما يهمنا في هذا الموضوع ليس هو خدمات المعاق وحقوقه بشكل عام مقارنة بالأشخاص العاديين ، إنما نقتصر بدراستنا على حقوق المعاقين السياسة المتعلقة بحق المعاق إن يكون مرشحا للمجالس البرلمانية في الدولة كما سنتناول في دراستنا حق المعاق من اختيارا ممثله الذي يراه مناسبا له أي بصورة أخرى حقه في الانتخاب و الموقف التشريعي الوطني العراقي و الأردني من هذا الحقين ، ولغرض دراسة هذا الموضوع بدقة وتعمق ينبغي إن نوضح ما هو مفهوم الإعاقة وأنواعها و بعد ذلك سنتطرق إلى هذين الحقين و آلية تمكينهم من ممارسة هذين الحقين ونختم بحثنا ببعض النتائج التوصيات و توضيح الفروق بين التشريعين العراقي و الأردني المتعلقة بهذا الجانب، سائلين المولى إن نكون قد وفقنا بالإلمام بجوانب هذا الموضوع و مفاهيمه .
والله ولي التوفيق …
مشكلة الدراسة
تتناول مشكلة الدراسة دور المعاق من ممارسة حقوقه السياسية الترشيح و الانتخاب والأساس التشريعي لهذه الحقوق و نوع الإعاقة وما مدى تأثيرها على الشخص المعاق من ممارسة هذين الحقين ، فإذا نظرنا إلى الإنسان العادي و مصادر تكوين الرأي السياسي نجدها تتعدد بين التلفزيون و الجرائد والانترنت و المشاركة في الندوات و المشاركة في الأحزاب فكيف للكفيف و الأصم إن يعلم بالخبر و التطورات السياسية .. فالمشاركة السياسية هي حق لكل المواطنين جميعا ، فلا يعقل إن يهمش دور هذه الفئة في دولة ما تتمثل فيها الإعاقة 10 % من مواطنيها لان إهمال هذه النسبة يؤدي إلى كارثة حقيقية .
عناصر مشكلة الدراسة
يحرص الباحث من خلال هذا البحث الإجابة على التساؤلات التالية :
1- ما هو مفهوم الإعاقة و المعاق وما هي التعريفات التي ذكرت بهذا الصدد في التشريعين العراقي و الأردني و الاتفاقيات الدولية ..
2- ما هي نوع الإعاقة التي تشكل تأثير كبيرا على ممارسة حق الترشيح والانتخاب أو ممارسة احدهما ..
3- ما هو موقف التشريع الأردني والعراقي من إعطاء الشخص المعاق هذين الحقين أو احد هذين الحقين، وما الفرق بين التشريعين بخصوص هذه الحقوق ..
فروض الدراسة
1- لا تعتبر الإعاقة بمفهومها العام مانعا من ممارسة الشخص حقوقه السياسية.
2- ليس جميع أنواع الإعاقة تشكل مانعا على الشخص من ممارسة حق الترشيح و الانتخاب ..
3- بعض أنواع الإعاقة تمنح الشخص حقه في الانتخاب دون حقه في الترشيح .
4- تمكين الشخص المعاق من هذين الحقين عن طريق نصوص تشريعية تصدرها السلطة التشريعية في الدولة و مشاركتها في الاتفاقيات الدولية بخصوص هذا الصدد.
أهمية الدراسة
تظهر أهمية الدراسة من خلال إن إهمال دور هذه الفئة من المجتمع قد يشكل كارثة حقيقة كما ذكرنا في مشكلة الدراسة في بلد تمثل هذه الفئة نسبة غير قليلة من مواطنيها ، فأن إهمال دور هذه الفئة يتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية و المبادئ التي جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 ، فلا بد من حق الشخص المعاق من ممارسة حقوقه السياسة مقارنة بالأشخاص العاديين دون التفرقة بينهما و عدم النظر إليهم نظرة سلبية داخل المجتمع ، و لا بد من إن يكون ممثلا عن هذه الفئة في المجالس النيابية و المحلية على غرار إقرانهم العاديين ، وتمكينهم من ممارسة هذه الحقوق عن طريق نصوص تشريعية تصدرها السلطة التشريعية في الدولـــة .
أهــــداف الدراسة
تهــــدف دراســــــة هــــذا الموضوع إلـــــــى نقــــاط عديــــدة وهــــــــــــي :
1 – مفهوم الإعاقة و المعاق من الناحية اللغوية و القانونية .
2- التميز بين أنواع الإعاقة و مدى تأثيرها على تصرفات الشخص من الناحية القانونية .
3- متى يكون للشخص المعاق الحق مــــن إن يكون مرشحا و حقه من إن يكون ناخبا و الوسائل أو الآلية التي تمكنهم من ذلك .
4- إيضاح الفروق بين التشريعين الأردني و العراقي وما مدى مراعاتهم لقواعد حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية بخصوص هذه الحقوق .
الدراسات السابقة
بعد إن قام الباحث بالبحث والدراسة و الاطلاع على الكثير من المؤلفات حول هذا الموضوع لم يسعفه الحظ من إن يجد دراسة مباشرة وافية لهذا الموضوع تناولت كافة جوانبه المتعلقة بحق الترشيح و الانتخاب إلا إن ما وجده من الدراسات السابقة قد تناولت جزئية معينة منه ولم يتعمق فيها مؤلفها لتشمل هذين الحقين إنما كانت مقتصرة على تمكين المعاق من ممارسة حقوقه السياسية و المدنية بشكل عام مستندين إلى النصوص التشريعية في ذلك واهم هذه الدراسات هي :
1- (( حقوق المعوقين بين الشريعة و القانون )) رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم الإسلامية ، من دار الحديث الحسينية الرباط المملكة
المغربية 2002 . إعداد الباحث احمد مصطفى ، في هذه الرسالة تناول الباحـــث ، مفهوم الشخصية الحقوقية وحقوق المعوق ، بالإضافة إلى حقوق المعاق السياسية و المدنية ووسائل رعاية المعوقين في القانون .
منهج البحث ( الدراسة )
استخدم الباحث في هذه الدراسة المبسطة المنهج المقارن الذي يعد انسب المناهج و أكثرها شمولا لدراسة النظم المختلفة بطريقة مقارنة ، وكذلك المنهج الوصفي الذي يعتمد على تجميع الحقائق و المعلومات ثم مقارنتها و تفسيرها للوصول إلى التعميمات المقبولة ..
حدود الدراسة
تنحصر هذه الدراسة بين المملكة الأردنية الهاشمية و جمهورية العراق حول مفهوم الإعاقة و أنواعها ، وعن آلية تمكين المعاقين من ممارسة حقي الترشيح و الانتخاب في ظل التشريع العراقي و التشريع الأردني في كانون الأول 2013 / 2014
تقسيم الدراسة
لقد ارتأى الباحث إن يقسم هذه الدراسة إلى مبحثين معتمدا على المعيار الإجرائي في تقسيم الدراسة وذلك على النحو التالي :
المبحــث الأول : ماهية الإعاقـة و أنواعـهــا و التطور التاريخي لحقوق المعاقين
المطلب الأول : مفهـوم الإعاقـــة و المعـاق
المطلب الثاني : أنــــــواع الإعـــــــاقــــــــــــة
الفرع الأول : الإعاقـــــة العقليــــــــــــــــــــــة
الفرع الثاني : الإعاقة الجسديـــــــة و النفسيــــــــة
المطلب الثالث : التطور التاريخي لحقوق المعاقيــــن
المبحث الثاني : تأهيل المعاق من حق الترشيح و حق الانتخاب في التشريع العراقي و التشريع الأردني
المطلب الأول : آليـــــــة التأهـــيــــل
المطلب الثاني : حق المعاق فــي الترشيح
المطلب الثالث : حق المعاق فــــي الانتخــــاب
الخاتمة ( النتائج و التوصيات )
المراجــــــع
الفهرس المبحث الأول
ماهية الإعاقـة و أنواعها و التطور التاريخي لحقوق المعاق
في هذا المبحث سنتطرق إلى مفهوم الإعاقة والمعاق و بيان توضيحهما مع ذكر التعريفات التي قيلت بصددهما من ما ورد عنها في الاتفاقيات الدولية وفي مبادئ حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1948 ، مع ذكر ما ورد من تعريفات عنهما في التشريعين الداخليين للملكة الهاشمية الأردنية والجمهورية العراقية ، وكذلك التطرق إلى أنواعها ومدى تأثير كل نوع منها على تصرفات الفرد القانونية ، بالإضافة إلى عرض بسيط لمراحل التطور التاريخي لحقوق العاقين .
المطلب الأول : مفهـوم الإعـاقـة و الـمـعـاق
الإعاقة ( باللغة الانكليزية : Disability) ، لقد تعددت التعريفات بصدد الإعاقة و المعاق ، فقد عرفتها منظمة الصحة العالمية بأنها ” الإعاقة هي مصطلح يغطي العجز و النشاط ومقيدات المشاركة ،والعجز هي مشكلة في وظيفة الجسم أو هيكله، والحد من النشاط هو الصعوبة التي يواجهها الفرد في تنفيذ مهمة أو عمل، في حين أن تقييد المشاركة هي المشكلة التي يعاني منها الفرد في المشاركة في مواقف الحياة، وبالتالي فالإعاقة هي ظاهرة معقدة، والتي تعكس التفاعل بين ملامح جسم الشخص وملامح المجتمع الذي يعيش فيه أو الذي تعيش فيه “.( ) . وفي اللغة العربية هي ” 1- أعاقة [مفرد ] ،2- مصدر أعاقَ : ضرر يصيب أحد الأشخاص ينتج عنه اعتلال بأحد الأعضاء أو عجز كلّيّ أو جزئيّ ” ( ) ، وفي الاصطلاح ” بأنها كل قصور جسمي
أو نفسي أو عقلي أو خلقي يمثل عقبة في سبيل قيام الفرد بواجبه فـي المجتمـع و يجعله قاصرا عن الإفراد الأسوياء الذين يتمتعون بسلامة الأعضاء و صحتها ” ( ).و يعرفها الباحث بأنها ( حالة سلبية تحول دون ممارسة الشخص من القيام بتصرفاته بصورة طبيعية نتيجة خلل في جسمه أو عقله ) ، ويلاحظ أن الكثير منا قد يقع قي الخلط بين العاهة و الإعاقة إلا أن ما يميز بينهما هو من حيث مصدر كل منهما فالإعاقة فد تكون طبيعية من الولادة أو بعدها نتيجة عوامل غير طبيعية ، إما العاهة فأنها تنشأ بفعل إنسان على حد تعبير نص المادة 335من قانون العقوبات الأردني التي تنص على انه ( إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر احد الإطراف أو تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو إيه عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة عوقب بالأفعال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات ) ( ) . فالإعاقة و العاهة متشابهتان في المعنى لكنهما مختلفتان من حيث تكوينهما . إما بالنسبة للمعاق أو المعوق ، يعرف بأنه ” أي شخص عاجز عن إن يؤمن بنفسه بصورة كلية أو جزائية ضرورات حياته الفردية و الاجتماعية العادية بسبب قصور خلقي أو غير خلقي في قدراته الجسمانية أو العقلية ” ( ) .كما عرفه المشرع الأردني في التشريع الخاص بالمعاقين في الأردن رقم 31 لسنة 2007 بأنه كل شخص مصاب بقصور كلي أو جزئي بشكل مستقر في إي من حواسه أو قدراته الجسمية أو النفسية أو العقلية إلى المدى الذي يحد من إمكانية التعلم و التأهيل
أو العمل بحيث لا يستطيع تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من غير المعوقين ( ) ، و هذا التعريف جاء مطابقا لما ورد من التعريف بالمعاق في القانون السابق قانون رعاية المعاقين رقم 12 لسنة 1993 ، كما عرفه المشرع العراقي فـي قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980 بأنه كل من نقصت أو انعدمت قدرته على العمل أو الحصول عليه أو الاستقرار فيه، بسبب نقص أو اضطراب في قابليته العقلية أو النفسية أو البدنية ( ) . و يعرفه الباحث بأنه (كل شخص لديه نقص أو عيب خلقي يمنعه من ممارسة واجباته تجاه المجتمع بصورة سليمة) .
المطلب الثاني : أنــواع الإعاقـــة
ليس للإعاقة نوع معين بذاته يمكن تسميته بالإعاقة ، بل لها أنواع مختلفة وكل نوع منها له تأثير خاص على أهلية الفرد وقدرته على ممارسة نشاطه بصورة معتادة ، فالشخص المصاب بإعاقة عقلية ليس مثل الشخص المصاب بإعاقة جسدية و إعاقة نفسية من حيث التصرفات القانونية و الأمور الأخرى التي يقوم بها فلكل واحدة منهما تأثير خاص على إرادة الفرد وسنتناولهما بشيء من التفصيل مع بيان موقف القانون المدني الأردني و العراقي من كل نوع من أنواعها و ضمن دراسة كل نوع ، و عند دراسة كل نوع منها وبيان موقف القانون المدني سنستطيع و بسهولة معرفة متى يكون الشخص المعاق ناخبا و متى يكون مرشحا بالنسبة للمملكة الهاشمية الأردنية و الجمهورية العراقية .
الفرع الأول : الإعاقة العقليـــة ( الذهنية )
تعرف الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي ( AAMR ) الإعاقة الذهنية بأنها : نقص جوهري في الأداء الوظيفي الراهن يتصف بأداء ذهني وظيفي دون المتوسط يكون متلازما مع جوانب قصور في اثنين أو أكثر من مجالات المهارات الكيفية التالية ، التواصل ، و الغاية الشخصية ، و الحياة المنزلية ، و المهارات الاجتماعية ، و الاستفادة من مصادر المجتمع ، و التوجيه الذاتي و الصحة و السلامة و الجوانب الأكاديمية الوظيفية و قضاء و فت الفراغ و مهارات العمل و الحياة الاستقلالية يظهر ذلك قبل سن الثامنة عشر ( ). ويتبنى المختصين بعلوم الاجتماع بدورهم تعريفات أخرى للإعاقة الذهنية تركز على قياس مدى تمكن الشخص من الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية المطلوبة منه عند مقارنته مع نظرائه من الفئة العمرية نفسها و على ذلك يعتبر الشخص معاق ذهنيا في حالة عدم قدرته على القيام بالمتطلبات المطلوبة منه ، والسائد في الأوساط الاجتماعية التعريف الذي يشير إلى إن الإعاقة الذهنية ” هي حالة عدم اكتمال التطور العقلي بدرجة تجعل الفرد عاجزا عن التكيف مع الآخرين مما يجعله دائمة إلى رعاية وإشراف ودعم الآخرين ” كما يختلف التعريف بالنسبة للشخص المعاق ذهنيا من بلد إلى أخر نظرا لما يترتب على هذا التعريف أمورا كثيرة لعل أهمها الأهلية القانونية للشخص و غير ذلك من الأمور القانونية التي يطول النقاش بها مثل قضايا الميراث و الشهادة في المحاكم وحق التصويت وحق الانتخاب …الخ ( ).فمن حيث تصرفات الشخص القانونية المعاق ذهنيا وأهليته نلاحظ إن المشرع الأردني بين حكمها من خلا نصوص المواد : المادة 43 ( 1- كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه ) ، و المادة 44 (1- لا
يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التميز لصغر السن أو عته أو جنون ) ،
و المادة 45 ( كل من بلغ سن الرشد و كان سفيها و ذو غفلة يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون ) ( ) . و يدخل ضمن هذا النوع من الإعاقة حسب ما ورد في نصوص المواد العته و الجنون و السفه وذو الغفلة ويشكل كل نوع منها نقص و عارض من عوارض أهلية الشخص لمباشرة حقوقه المدنية . كما نلاحظ إن المشرع الأردني قد فرق بين الجنون المطبق و الجنون غير المطبق من حيث تصرفاته و أهليته فقال : الجنون المطبق هو في حكم الصغير غير المميز ، إما الجنون غير المطبق فتصرفاته في حالة إفاقته كتصرف العاقل( مادة 128 /2 ) من القانون المدني. كما نلاحظ إن المشرع المدني العراقي قد بين حكم هذه الإعاقة في المواد : المادة 94 ( الصغير و المعتوه و المجنون محجورون لذاتهم ) و المادة 95 ( تحجر المحكمة على السفيه وذو الغفلة ويعلن الحجر بالطرق المقررة قانونا ) وكذلك أورد تفريق بين حالتي الجنون المطبق و غير المطبق في نص المادة 108 ( الجنون المطبق هو في حكم الصغير غير المميز ، إما الجنون غير المطبق فتصرفاته في حالة إفاقته كتصرف العاقل ) ( ) . ومن خلاله هذه النصوص قد عرفنا ما هو مؤثرا على أهلية الشخص و تصرفاته القانونية .
الفرع الثاني : الإعاقة الجسدية و النفسية
عندما نتكلم عن الإعاقة الجسدية لا بد من إن نقسمها إلى إعاقة حسية و إعاقة جسمية لنشمل الإعاقة الجسدية بشكل عام ، فالإعاقة الحسية هي التي ينطوي ضمنها الشخص الكفيف أو ضعيف البصر و الشخص غير قادر على الكلام(الأبكم ) و الشخص غير قادر على سمع الكلام(الأصم) بصورة طبيعية مقارنة بغيره من إقرانه العاديين ، إما الجسمية فهي التي تتمثل بأعضاء الجسم الخارجية . فالشخص المعاق بصريا هو الشخص الذي تبلغ حدة إبصاره 20 /200 أو اقل في أفضل العينين و ذلك بعد استخدام المعينات البصرية أو هو الشخص الذي تكون حدة بصره من 20 / 200 ولكنه يعاني من ضيق في المجال الذي بحيث تبلغ زاوية الإبصار اقل من 20 درجة ، و يعتمد هذا التعريف بشكل كبير على قياسات حدة الإبصار و التي يقصد بها القدرة على تميز التفاصيل لمسافة محدودة ( ). إما الإعاقة المتعلقة بالسمع فأنها تشير إلى حالات الفقدان السمعي بأنواعها ودرجاتها المختلفة و تشمل كلا من الصم و ضعف السمع وقد تكون منذ الولادة او بعدها في أي مرحلة من مراحل الحياة و قد تكون توصيلة بمعنى أنها تنتج عن خلل في الإذن الخارجية أو الوسطى او قد تكون عصبية بمعنى أنها تنتج عن خلل في الإذن الداخلية أو العصب السمعي او مركزية ناتجة عن خلل في المراكز الدماغية المسؤولة عن معالجة المعلومات السمعية ( ) .
أما الإعاقة الكلامية فيرى الباحث أنها هي المتمثلة بعدم قدرة الشخص على النطق بصورة كلية أو جزئية للتعبير عن إرادته ويعبر عنها بالإشارة أو بالكتابة للقيام بتصرفاته ، إما القسم الثاني من الإعاقة الجسدية و هي الإعاقة الجسمية المتمثلة بقطع احد أعضاء الجسم الخارجية نتيجة عوامل طبيعية منذ الولادة أو بعدها كالشخــص
المقطوعة يده أو رجله أو أي عضو أخر من أعضاء الجسم الخارجية ، و يقول ( سليمان :2008)
” المعوقون بدنيا أنهم فئة الأشخاص الذين يتشكل لديهم عائق يحرمهم من القدرة على القيام بوظائفهم الجسمية و الحركية بشكل عادي ” ( ).
فالقانون المدني الأردني و العراقي لم يتطرقا إلى أهلية الشخص القانونية في هذا القسمين من الإعاقة و لا يعتبرا عارضا أو مانع من أهلية الشخص كما هو في الإعاقة العقلية ( الذهنية ) .
إما الإعاقة النفسية فهي على عكس مما سبق ويرى الباحث أنها تكمن في نفس الشخص نتيجة مرض معين يحد من مدى قابلية اندفاعه في الوضع الاجتماعي السائد و يقيد هذا الاندفاع مثل مرض العصاب و كذلك مرض الرهاب . و عليه فأن العصاب مرض نفسي عصبي وظائفي إعراضه الانفصال و التوتر و الصراع الشديد الناشب في أعماق النفس ويعتبر القلق هو السمة الشائعة في العصاب فهو استجابة لا تتلاءم مع الإخطار الموجودة في الواقع ينشأ نتيجة الشعور بعدم الأمان ، كما يعتبر الرهاب حيلة دفاعية لا شعورية يحاول المريض إثناءها عن القلق الناشئ من فكرة او موضوع او موقف معين في حياته اليومية وتحويله لفكر او موضوع او موقف رمزي ليس له علاقة مباشرة بالسبب الأصلي كما انه موضوع غير معقول يظهر تجاه أي جانب مدرك من البيئة إضافة الى هذا فهو مستمد من العصاب النفسي ولا يخضع للعقل و ينتاب الشخص على نحو جامح مندفع ويستحوذ على النفس من كل امر مألوف ولا يتسنى السيطرة عليه ( ).
فهذه الإعاقة من الصعوبة تحديدها إلا من خلال التقارير الطبية الدقيقة وخضوع الشخص المصاب إلى التجربة وتحليل تصرفاته مقارنة بغير الشخص المعتاد ، وكذلك أيضا هذه الإعاقة لم يرد القانون المدني الأردني والعراقي حكم أهلية الشخص المصاب بها .
المبحث الثاني
تأهيل المعاق من حق الترشيح و حق الانتخاب في التشريع العراقي و الأردني
بعد إن عرفنا الإعاقة و المعاق وأنواع الإعاقة و مدى تأثير كل نوع على أهلية الشخص المعاق ، والمراحل التاريخية التي مرت بها حقوق المعاقين سنتطرق الى الآلية التي تمكنهم من ممارسة حقوقهم و أساس هذه الإلية و بعدها سنتناول حقوق المعاقين في الترشيح للمجالس النيابية و حقوقهم في انتخاب ممثليهم في المجالس المذكورة مقارنة بغيرهم من الأشخاص الاعتياديين مستعينين بالنصوص الدستورية و القانونية التي تمكنهم من ممارسة هذين الحقين في ظل التشريعين العراقي و الأردني .
المطلب الأول : أليــه التأهيل
تقوم أليه التأهيل على تقبل الفرد المعاق كانسان له كيانه و كرامته الشخصية و له حقوق و حـاجـات إنسانيـة و سياسيـة و اجتماعية أي تأهيلـه تأهيلا مهنيا . ويقول ( الزراع : 2003 )
” إن اصطلاح التأهيل المهني معناه إعداد الإنسان إلى مهنة أخرى أو إعادة توافقه مع مهنته إذا كانت تطورات المجتمع او تطورات المهنة قد أفقدته القدرة على مواصلة الإشغال بها ” ( ). و يحمل مدلول التأهيل معان كثيرة تشمل التأهيل الطبي و التأهيل الاجتماعي و التأهيل المهني و النفسي و هناك تعريفات مختلفة لتأهيل المعاقين ومن التعريفات الشائعة : التأهيل هو تلك العملية المنظمة و المستمرة التي تهدف الى الوصول بالفرد المعاق الى درجة ممكنة من النواحي الطبية و الاجتماعية و النفسية و التربوية و الاقتصادية ، كما من أكثر التعريفات شيوعا أيضا هــو تعريف المجلـس
الوطني للتأهيل في أمريكيا عام 1942 و الذي يشير الى إن التأهيل يعني استعادة الشخص المعاق كامل قدرته على الاستفادة من قدراته الجسمية و العقلية و الاجتماعية و المهنية والاقتصادية ( ) . ويرى الباحث إن إلية التأهيل تظهر من خلال تشريعات الدولة الداخلية والاتفاقيات الدولية التي تعقدها الدول مثل حالة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها الصادرة بموجب البند 70 –أ / الدورة السابعة والستون من جدول الإعمال المؤقت للأمم المتحدة ، و كذلك اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتمدت و نشرت على الملأ و فتحت للتوقيع و التصديق و الانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61 / 611 المؤرخ في 13 كانون الأول / ديسمبر 2006 ، و يلاحظ ان الحكومة الأردنية قد دخلت طرفا في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة عن الأمم المتحدة و التي كان الغرض منها هو تعزيز و حماية و كفالة يتمتع جميع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعا كاملا على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان و الحريات الأساسية ، بموجب قانون رقم 7 لسنة 2008( قانون تصديق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ) ، كما قامت بتشريع قانون سابق على تصديقها للاتفاقية و هو قانون رقم 31 لسنة 2007 قانون حقوق الأشخاص المعوقين الذي تضمن آلية تأهيل المعاق و دمجه في المجتمع ( ) . إما بالنسبة للدولة العراقية فقد مرت بمرحلتين مرحلة قبل 2003 و بعدها ، ففي ما سبق 2003 أصدرت قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980الذي لا يزال ساريا من حيث التنفيذ و الذي نظم حقوق المعاق بصورة جزئية في بعض مواده ، اما بعد 2003 فقد تضمن الدستور النافذ إلية تأهيل المعاق من خلال نص المادة 32 منه التي تنص على انه ( ترعى الدولة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة و تكفل تأهيلهم بغية
دمجهم في المجتمع و ينظم ذلك بقانون ) أصدرت الحكومة العراقية قانون رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة رقم 38لسنة 2013 الذي تضمن حقوق المعاقين ببنوده بصورة عامة دون التطرق إلــى التفاصيل ( ) .
المطلب الثاني : حق المعاق فـي الترشيح
لا تعتبر الإعاقة بتسميتها المطلقة مانعا من حق الشخص من الترشيح للمجالس النيابية ، بل لكل نوع منها تأثير معين على أهلية الشخص القانونية ، فحق الترشيح للمجالس النيابية حق دستوري و قانوني لكل شخص عراقي او أردني كامل الأهلية دون التطرق إلى الإعاقة وترك تحديدها لأهلية الشخص القانونية. فالدستور العراقي النافذ لسنة 2005 ينص في المادة 20 منه على انه ( للمواطنين رجالا و نساءا حق المشاركة في الشؤون العامة و التمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت و الترشيح و الانتخاب ) ، وقانون الانتخاب العراقي النافذ لسنة 2005 في مادته 6 تنص على انه ( يشترط في المرشح إن لا يقل عمره عن الثلاثون عاما …. )( ).اما الدستور الأردني لسنة 1952 لم يرد نص مماثلا لما أورده الدستور العراقي في المادة 20 منه ، اما قانون الانتخاب الأردني النافذ رقم 25 لسنة 2012 اشترط في المادة 10 منه على من يرشح للعضوية في المجالس النيابية ان يكون الشخص أردني الجنسية وان لا يقل عمره عن ثلاثون سنة شمسية وان لا يكون محجورا عليه و إن لا يكون مجنــــونا أو معتوها( ). و من خلال هذه النصوص يحق لكل شخص أن يكون مرشحا متى كان عمره لا يقل الثلاثون عاما بغض النظر إلى جنسه ، أي ان يكون كاملا الأهلية دون عارضا او مانعا منها لكي يحق له الترشيح للمجالس النيابية . وعندما تطرقنا إلى أنواع الإعاقة وبينا حكم كل نوع في القانون المدني العراقي و الأردني اتضح لنا إن الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية غير مؤهلين للترشيح في انتخابات المجالس النيابية ، اما المعاق جسديا بقسميها ليس هناك مانع قانونيا من حقه في الترشيح للمجالس ، إما المعاق نفسيا أيضا لم يبين القانون المدني الأردني و العراقي تأثير هذه الإعاقة على أهلية الشخص وأيضا يستطيع إن يكون مرشحا متى بلغ السن القانوني للترشيح المنصوص عليه في قانوني الانتخاب في كلا البلدين .
ومن الأمثلة على المرشحين المعاقين جسديا ، المرشح محمد سامي حرز الله المعاق حركيا في محافظة اربد الذي لم يحالفه الحظ للوصول إلى مجلس النواب الدورة السادس عشر و الذي طالبة بتخصيص كوتا للمعاقين تضمن وصولهم للبرلمان ، حيث يرى أنهم لا يستطيعون شراء أصوات كما يفعل بعض المرشحين ( ) .
المطلب الثالث : حـق المعاق فـي الانتخـاب
حق الانتخاب حق كفلته اغلب الدساتير و القوانين في العالم بالنسبة لمواطنيها ، فالدستور العراقي النافذ لسنة 2005 في المادة 20 منه أعطى للمواطن العراقي الحق في الانتخاب و التصويت ، و الدستور الأردني لسنة 1952 لم يرد نص خاص بذلك إنما جاء تحديد هذا الحق في قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم 25 لسنة 2012 في المادة 3 منه التي أعطت الحق لكل أردني أكمل سن الثامنة عشر الحق في انتخاب أعضاء مجلس النواب ، اما قانون الانتخاب العراقي رقم 16 لسنة 2005 الذي عدل بقانون 16 لسنة 2009 و عدل بعد ذلك سنة 2013 وكان التعديل متعلق بنصوص مواد المقاعد النيابية ، قد أعطى للعراقي الجنسية وكان كامل الأهلية ( سن الثامنة عشر ) ان يكون ناخبا بموجب المادة 3 من القانون . و مادام عدم اعتبار إعاقة الشخص المعاق جسديا و نفسيا مؤثرة على أهلية الشخص القانونية بموجب نصوص القانون المدني الأردني و العراقي المتعلقة بأهلية الشخص التي سبق ذكرها ، فانه لا مانع على المعاق جسديا و نفسيا من ممارسة هذا الحق القانوني . إما بالنسبة للشخص المعاق عقليا ( ذهنيا ) فهنا يستلزم الأمر توضيحها بشكل دقيق . فالشخص المصاب بالجنون المطبق حكمه حكم الصغير غير الميز و لا يعتبر كامل الأهلية 128 /2 مدني أردني و 108 مدني عراقي فليس له حق الانتخاب ، والجنون غير المطبق اعتبر في تصرفاته بحكم العاقل فله حق الانتخاب متى كان فائقا من إعاقته المتقطعة . إما بالنسبة لأقسام الإعاقة الذهنية الأخرى ذو الغفلة ، السفيه ، والمعتوه نلاحظ إن اغلب التشريعات المدنية ومنها العراقي و الأردني اعتبرتها عارض من عوارض الأهلية بموجب النصوص التي سبق ذكرها في تحديد حكم الإعاقة العقلية ، و قانون الانتخاب العراقي و الأردني النافذان اشترطا في الناخب ان يكون كامل الأهلية دون أي عارض من عوارض الأهلية فلا يحق لكل من السفيه و ذو الغفلة والمعتوه إن يكونا ناخبين إذا كان المشرع العراقي و الأردني قدر ربط ربطًا مباشرا بين ممارسة حقوق الشخص المدنية وممارسته للحقوق السياسية من حيث الأهلية و عوارضها .
الـخـاتمـة
المعاقين او كما تسميها بعض المنظمات الدولية ذوي الاحتياجات الخاصة ، فئة من فئات المجتمع أولتها المنظمات الدولية و التشريعات الداخلية للدول اهتماما و لكن ليس بالمستوى المطلوب بالنسبة لبعض الدول . فالإعاقة هي قديمة قدم الإنسان و ظهوره على الأرض ويرى الباحث إن فئة المعوقين في كثير من المجتمعات العربية تعاني من التمييز و هم في حاجة ماسة للإحساس بالمساواة مع اقرأنهم العادين ، وبعد إن اعاننى الباري عز وجل من دراسة هذا الموضع في التشريعين العراقي و الأردني توصلنا الى عدة نتائج و توصيات نقترح على ذوي الشأن أخذها بنظر الاعتبار في تحقيق المساواة بين المعاق و غير من الأشخاص العادين من ممارسة حقوقه السياسية ( ترشيح – انتخاب) . ومن أهم النتائج التي توصلنا إليها في دراسة هذا الموضوع هي :
–
2- لا تعتبر الإعاقة بصورة عامة قيد على ممارسة الشخص المعاق حق الانتخاب و الترشيح في التشريعين العراقي و الأردني .
3- الإعاقة العقلية ( الذهنية ) تمنع صاحبها من ممارسة حق الترشيح ، كما تمنع صاحبها ممن ممارسة حق الانتخاب الا ما استثني من ذلك المجنون غير المطبق بالنسبة لحق الانتخاب فقط .
4- الإعاقة الجسدية بقسميها ( جسمية و حسية ) لا تمنع صاحبها من ممارسة الحقين الانتخاب و الترشيح . و كذلك الإعاقة النفسية لصعوبة التوصل إليها و تحديدها .
5- من حيث الأفضلية التشريعية كان المشرع العراقي أفضل من المشرع الأردني في النص على حقوق المعاق بشكل عام دون الاقتصار على الانتخاب و الترشيح ، فقد نص عليها المشرع في الدستور العراقي النافذ من المادة 32 منه
وكذلك من حيث القوانين فقد وضع المشرع العراقي قانونين لتنظيم حقوق المعاق سياسيا و مدنية وهما قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 2008 و قانون رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة رقم 38 لسنة 2013 و كلاهما نافذين ، اما المشرع الأردني لم ينص على حقوق هذه الفئة في دستوره النافذ لسنة 1952 وقد وضع قانون واحد لتنظيم حقوق المعاق أسوة بغيره من الأشخاص وهو قانون حقوق الأشخاص المعاقين رقم 21 لسنة 2007 ، اما القوانين السابقة قد عطل العمل بها.
6- من حيث الاتفاقيات الدولية ، لم تنظم الحكومة العراقية لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة عن الأمم المتحدة و تصدقها بقانون خاص على العكس من الحكومة الأردنية فقد انضمت إليها و صدقتها بقانون خاص وهو قانون تصديق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 7 لسنة 2008 .
7- جاء التشريعين العراقي و الأردني متشابهين من حيث ما هو مؤثر على أهلية الشخص وتحديد بلوغ سن الرشد القانوني .
و هذه أهم النتائج التي تم التوصل إليها . إما أهم التوصيات التي تم التوصل اليها يمكن إجمالها بما يلي :
1- على المشرعين الأردني و العراقي إن يكونا أكثر تحديدا و تفصيلا في بيان حق الانتخاب والترشيح بالنسبة للمعوقين .
2- على المشرعين أن يبينوا الإجراءات الواجب إتباعها في حالة المعاق بصريا( الكفيف) من اختيار ممثله في مجلس النواب و الآلية التي يجب إتباعها في اختيار مرشحه من قائمة الاقتراع بنصوص قانونية خاصة لمنع حالة التزوير .
3- وضع إجراءات ضابطة تجاه المعوق نفسيا ببيان مدى صلاحيته إن يكون ناخبا و مرشحا للمجالس النيابية في التشريعين العراقي و الأردني .
4- إعادة النظر لكل من التشريعين في مدى صحة الربط بين الحقوق السياسية و المدنية من حيث الأهلية المطلوبة لممارسة حق الانتخاب بالنسبة للمعاقون ذهنيا ( العته ، وذو الغفلة ، والمعتوه ) واعتبارها عارض على أهلية الشخص .
المـراجـع
الكــتب والمجلات العلمية
1- أحمد مختار عبد الحميد عمر ، معجم اللغة العربية المعاصر ، القاهرة : عالم الكتب 2008
3- تيسير احمد الزغبي ، مجموعة التشريعات الجزائية ، عمان : معد ، 2012
4- روحي مروح عبدات ، الآثار النفسية و الاجتماعية للإعاقة على إخوة المعاقين ، الشارقة : مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، 2007
5- رشاد علي عبد العزيز ، بحوث في سيكولوجية المعوق ، القاهرة : دار النضة العربية1994
6- صفية مبارك موسى ، الاعاقة البصرية و الذكاء الوجداني للمعوق بصريا ، موقع اطفال الخليج ، 2013/11 /27
7- عبد المجيد عبد الحميد ، تنمية الاطفال المعاقين ، القاهرة : دار غريب للطباعة والنشر،1997
8- عبد الرحمن سيد سليمان ، تقيم وتشخيص الاعاقة الجسمية و الصحية ، الرياض : دار الزهراء 2008
9- عليه حماد الحسيني ، تاهيل ذوي الاحتياجات الخاصة ، موقع اطفال الخليج ، 2004
10- محمود شريف بسيوني ، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان ، القاهرة : دار الشروق 2003
11- نايف الزراع ، تاهيل ذوي الاحتياجات الاخاصة ، عمان : دار الفكر للنشر والتوزيع 2003
12- ناظم فوزي ، الاعاقة الذهنية في المنظور الطبي في : مجلة عالمي – المتخصصة في عالم الاعاقة – ، دولة الامارات العربية : وزارة الشؤون الاجتماعية 2008
المنظمات و الاتفاقيات الدولية
1- منظمة الصّحة العالمية بالإنجليزية: (WHO: World Health Organization) هي واحدة من عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة متخصصة في مجال الصحة. وقد أنشئت في 7 أبريل 1948. ومقرها الحالي في جنيف، سويسرا، وتدير السيدة مارغريت تشان المنظمة
2- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتمدت و نشرت على الملأ و فتحت للتوقيع و التصديق و الانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61 / 611 المؤرخ في 13 كانون الأول / ديسمبر 2006.
التشريعات
1- الدستور العراقي النافذ لسنة 2005 ،، موقع المكتبة القانونية العراقية للحكم المحلي
2- الدستور الاردني النافذ لسنة 1952 ، موقع التشريعات الاردنية 2013/ 12 /8
3- قانون حقوق الأشخاص المعاقين رقم 31 لسنة 2007 ( ساري ) ، المادة 2 ،
4- قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980 (ساري ) ، مادة 43 ، الوقائع العراقية ، ج 2 ، العدد 2783 ، 7 / 14 / 1980
5- القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 (ساري ) ، موقع التشريعات الأردنية ، 2013-12-04
6- القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 ( ساري ) ، قاعدة التشريعات و التنظيمات العراقية ،2013-12-04
7- قانون تصديق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 7 لسنة 2008 ، قانون حقوق الأشخاص المعوقين رقم 31 لسنة 2007
8- قانون رعاية ذوي الاعاقة و الاحتياجات الخاصة رقم 38 لسنة 2013 ، موقع المكتبة القانونية العراقي للحكم المحلي 2013-12-08
9- قانون الانتخاب العراقي النافذ رقم 16 لسنة 2005 والمعدل بقانون 26 لسنة 2009 و عدل بعد ذلك سنة 2013 من حيث المعاقد النيابية ،
10 – ) قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم 25 لسنة 2012 ، موقع التشريعات الأردنية.. *