القانونيةالمقالات والبحوث

حدود التزام الإدارة برأي الهيئات الإستشارية ـ دراسة مقارنة

حدود التزام الإدارة برأي الهيئات الإستشارية ـ دراسة مقارنة

 

حــدود التـزام الإدارة بـــرأي الهيئات الاستشارية

 

(دراسة مقارنة)

 

 

 

اعداد

محمد صباح علي

دكتور في القانون العام

ر. مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية

 

 

 

الملخص

خصص البحث لبيان حدود التزام الإدارة، برأي الهيئات الاستشارية، وقد عالج البحث هذه المسألة في مبحثين، من خلال الوقوف على النظام القانوني للرأي الاستشاري، ومدى تدخل الهيئات الاستشارية في صنع القرار وإعداده، وصولاً للنتيجة المترتبة على ذلك، في بيان مدى إمكان تشابه القرار الإداري مع الرأي الاستشاري، والتزام الإدارة به، حتى مع غياب النص القانوني المنظم لذلك، وبيان جدوى الرأي الاستشاري، فيما يساهم في تعزيز قدرات الإدارة من خلال تبني القرار الصحيح، وتأهيل قطاعات الحكومة كافة وتطوير أدائها، واختيار الحلول الملائمة لبناء جهاز إداري وفني متطور، قادر على التخطيط، والقيادة الذاتية، لمصالح الدولة.

 

Abstract

The research was devoted to clarifying the limits of the administration’s commitment, in the opinion of the advisory bodies, and the research dealt with this issue in two topics, by examining the legal system of the advisory opinion, and the extent of the consultative bodies ’interference in decision-making and preparation, to reach the resultant result in the statement of the extent to which the administrative decision is similar. With the consultative opinion, and the commitment of the administration to it, even in the absence of the legal text regulating this, and clarifying the feasibility of the advisory opinion, while contributing to strengthening the capabilities of the administration by adopting the right decision, qualifying all government sectors and developing their performance, and choosing appropriate solutions to build an advanced administrative and technical body, led R. On planning, self-leadership, for the interests of the state.                                                                  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المقدمة

نتيجة اتساع العمل الإداري للدولة، وما رافق تدخلها في جميع مجالات الحياة، وعلى كافة الأصعدة، واجهة الإدارة في عملها صعوبات عديدة، لم تكن موجودة من قبل، يتطلب منها الوقوف عليها، ومعالجتها، وإصدار قرار بشأنها يمثل ما يجب أن تتخذه الإدارة تجاه ما معروض عليها من قضايا بحاجة إلى حل، ولكون العمل الإداري مجاله واسع، وغير متخصص، ومتشابك ويتسم بالتعقيد، برزت إلى جانب الإدارة، هيئات متخصصة في مجالات متعددة، إدارية، وقانونية، وفنية ، تقدم استشارات في حدود عملها، وتتألف من مجموعة من الخبراء، والقيادات الكفوئه، التي لديها خبرة طويلة في مجال عملها، تمارس مهمة تقديم الرأي إلى الجهة المستشيرة، التي تطلب منها الرأي في مجال محدد ومعين، على أن تقدم هذه الجهة رأيها مشفوعاً ومعززاً بالمبررات العلمية والعملية والفنية التي دعت إلى اتخاذه والوقوف علية، والذي تقدمه إلى الإدارة، بغية إصدار قرارها في المسألة المعروضة عليها، ودار حول الرأي الاستشاري المقدم إلى الإدارة، جدل قانوني حول مدى إلزام هذا الرأي تجاه الإدارة، وما هي الموضوعات التي تكون فيها الإدارة ملزمة بعدم الخروج عن هذا الرأي؟، على أن الإدارة   تسعى لأن تكون حرة، بأن تكون هذه الآراء على سبيل الاختيار والاستئناس، إلا أن القانون ألزمها في مواضيع معينة (وكما سنرى لاحقاً)، بالاستشارة، وبين بان الاستشارة شرط جوهري، وتلزم الإدارة بمراعاته، قبل صدور قرارها، وإلا عد قرارها مخالفاً للقانون ويكون عندئذ من القرارات القابلة للبطلان في حالة  خروج الإدارة عن نص القانون، وحيث لا إلزام إلا بنص القانون، فلا يمكن للإدارة الخروج عن النصوص القانونية، وإلا تعرض عملها للإلغاء، وتعد الهيئات الاستشارية رافداً مهما للإدارة، من خلال ما تمدها بالآراء التي تكون الإدارة في أحيان عديدة، عاجزة عن الوصول إليها، وأنشأت نتيجة لذلك هيئات متعددة، ومتخصصة في مجالات معينة، البعض مركزية تسري ما تقدمه من آراء على عموم وزارات وهيئات الدولة، كمجلس الدولة في العراق، ومصر، وفرنسا، بالإضافة إلى المجالس الاستشارية التي سنبينها في القسم المخصص لها داخل البحث، ومدى أهمية آرائها في تعزيز العمل الإداري، والقانوني، والفني في ما تبديه، بالإضافة إلى مساحة الموضوعات التي تعرض عليها من قبل جهات الحكومة، ومدى القيمة القانونية لآراء هذه الهيئات من حيث وصولها إلى مرتبة القرار الإداري من عدمه.

 

أهمية البحث

تظهر أهمية البحث، من أهمية الموضوع  في بيان دور الهيئات الاستشارية، والآراء التي تقدمها، ومدى تدخلها في مجال صنع القرار الإداري، لاسيما وان ما تقدمه هذه الهيئات في مجال اختصاصها، أصبحت استشاراتها واجبة بنص القانون، نتيجة لما تقدمة من آراء على مستوى من الأهمية، الأمر الذي دفع بالمشرع وبنص القانون على استشارة هذه الهيئات من قبل الإدارة، قبل إصدار قرارها في القضايا ذات الشأن القانوني العام، والاقتصادي، والإداري وكما سنلاحظ إثناء البحث.

 

مشكلة البحث

تكمن مشكلة البحث، في بيان القيمة القانونية للرأي الاستشاري، ومدى وقوف الجهات الإدارية تجاهه، وإذا كان للرأي الاستشاري دورهم مهم وواضح للمشاركة في صنع القرار الإداري، إذن لماذا رأي الجهة الإدارية تجاهه ليس بنفس المستوى من الإلزام؟، خصوصاً وأن الاتجاه الغالب في العمل الإداري أصبح يضفي على الإدارة بالاستشارة المسبقة حماية لعملها، من الطعن والإلغاء، كما يعالج البحث مدى فاعلية دور الهيئات الاستشارية في العراق، قياساً مع الهيئات الاستشارية للدول المعتمدة في مجال البحث كفرنسا ومصر، وبيان ما تعالجه من موضوعات، ومدى التزام الإدارة برأيها.

 

أهداف البحث

يهدف البحث إلى بيان الآتي:

1-دور الهيئات الاستشارية في مشاركة الإدارة في إعداد القرار الإداري.

2-مدى القيمة القانونية الملزمة للإدارة في تبني رأي الهيئات الاستشارية.

3- مدى ما تقدمه الهيئات الاستشارية في تطوير العمل الإداري والفني.

4-فاعلية الهيئات الإدارية في العراق، وكيفية تعزيز دورها في مجال اختصاصها.

 

منهجية البحث

اعتمد البحث المنهج المقارن، وقد اتخذ من الهيئات الاستشارية في فرنسا ومصر، نموذجاً للبحث، لما لهذه الهيئات من دور كبير، وبالغ الأهمية في مجال تطوير العمل الإداري، من خلال ما تقدمه من استشارات، وأهمية المواضيع التي تعالجها، والتي أصبحت الإدارة، في مجال عملها تتجه إلى الالتزام بآراء الهيئات الاستشارية، لتخصصها، وخبرات أعضائها، ولما تقدمه للإدارة، من آراء تجعل من قراراتها وليدة البحث والدراسة وبعيدة عن الارتجال.

تقسيم البحث

قسم البحث إلى مقدمة، ومبحثين، وخاتمة البحث، التي تضمنت أهم التوصيات المنبثقة عن البحث وكالآتي:

 

 

المبحث الأول: الوصف القانوني للعمل الاستشاري.

المطلب الأول:  مدى اعتبار العمل الاستشاري إجراء إداري.

المطلب الثاني:   مدى قبول العمل الاستشاري ضمن القرار إداري.

المطلب الثالث:  تعيين الوصف القانوني للعمل الاستشاري.

المبحث الثاني: دور الهيئات الاستشارية في مجال العمل الاستشاري.

المطلب الأول: الهيئات الاستشارية في فرنسا.

المطلب الثاني: الهيئات الاستشارية في مصر.

المطلب الثالث: الهيئات الاستشارية في العراق.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول

الوصف القانوني للعمل الاستشاري

 

برزت الحاجة إلى العمل الاستشاري، نتيجة التوسع في الأجهزة الإدارية للدولة وما رافق ذلك من تعقيد للمشكلات الإدارية التي واجهت الإدارة، والتي أصبحت بحاجة إلى تقديم رأي استشاري يكون لها بمثابة العون، للوقوف على القرار الصحيح الذي يمكنها من معالجة الحالة مدار البحث المعروضة على الإدارة، والمطلوب منها صدور قرار إداري بشأنها([1])، من خلال  رأي قانوني تقدمه الجهة المستشارة، بالاستناد إلى النصوص القانونية، أو أراء الفقه، أو ما استقرت علية أحكام المحاكم، وعادة ما يتم ذلك من خلال فقهاء، وأساتذة جامعات، ومختصين في العمل القانوني، نتيجة الخبرة الطويلة والمتراكمة([2])، الأمر الذي يقودنا إلى التساؤول حول الطبيعة القانونية للعمل الاستشاري من خلال، مدى كونه إجراء من الإجراءات الإدارية، يجب على الإدارة مراعاته عند اتخاذ قراها، أم انه قرار إداري ملزم على الإدارة، مما يتطلب تعيين وتحديد الصفة القانونية لمصدره، واستناداً لما تقدم سنقسم هذا المبحث على ثلاثة مطالب وعلى النحو الآتي:

المطلب الأول:  مدى اعتبار العمل الاستشاري إجراء إداري.

المطلب الثاني:  مدى قبول العمل الاستشاري ضمن القرار إداري.

المطلب الثالث:  تعيين الوصف القانوني للعمل الاستشاري.

المطلب الأول

مدى اعتبار العمل الاستشاري إجراء إداري

تعددت أراء الفقه في إضفاء طابع القرار أو الإجراء على العمل الاستشاري([3])، ويذهبون في ذلك إلى التفرقة، بين الإجراء والشكل في القرار الإداري، من خلال تغليب عنصر الإلزام، فالشكل هو الظهر الخارجي الذي يتضمن إرادة الإدارة في ما يحمله القرار إلى الإفراد المخاطبين فيه([4])، إما الإجراء فهو مجموعة الإعمال التي تقوم بها الإدارة، في مختلف المراحل التي يمر بها القرار تمهيداً لصدوره، بشكله النهائي، الذي يجب إن يكون غير مخالف للقانون من قبل السلطة التي تقوم بإصداره([5])، وهذه التفرقة مفادها إلزام الإدارة بالإجراءات التي يتطلبها القانون إذا ما طلب منها ضرورة اخذ رأي جهة فنية، أو متخصصة، قبل صدور قرار معين، فمخالفة ذلك الإجراء يهدم  سند القرار من الناحية القانونية، ويوصمه بعدم المشروعية الذي يكون ضمن دائرة إلغاء القرار، في حين نرى أن عيب الشكل ليس دائماً جوهرياً يستوجب إلغاء القرار، إلا في حالة عدم تسبيب القرار، أو الاعتداء على حقوق الأفراد([6])، بينما يذهب الرأي الأخر إلى إن العمل الاستشاري مجرد مرحلة سابقة على إعداد القرار الإداري قبل صدوره من الجهة المختصة، من خلال قيام الجهة المختصة بإصدار القرار بمخاطبة الجهة الاستشارية التي يحدد القانون مسبقا استشارتها، حيث تقوم الجهة المستشارة بإعداد رأيها وتقديمه إلى الأخيرة، إلا أن القانون لم يلزم الجهة المختصة بالأخذ بالرأي على سبيل الإلزام، فهي مخيرة بين الأخذ به أو أن يبقى على سبيل الاستئناس([7])، وفرق كبير في أن يبقى الرأي الاستشاري على سبيل البيان والاطلاع، حيث لم يعد إلا إجراء يجب مراعاته من قبل الإدارة قبل صدور قرارها في المرحلة النهائية، دون أن يصبح هذا الإجراء مقررا، او شريكا لها في قرارها يلزمها بآثاره، في حالة عدم الأخذ به، وبين إن يكون هذا الإجراء ملزم وشريك في صدور القرار الإداري ولا يمكن الاستغناء عنه ويلزم الجهة المختصة بآثاره،  حيث يبطل القرار وتنعدم الصفة التنفيذية بمخالفة الرأي الاستشاري([8])، وهناك من أشار إلى تشابه العمل الاستشاري كإجراء سابق على صدور القرار، مع الإجراء القضائي معللاً ذلك باحتواء الاجرائين على ضمانات نابعة من المبادئ العامة للقانون([9])، إلا هذا الرأي قد انتقد لان تشابه بعض الإجراءات غير كافي، بان يحمل العمل الاستشاري، صفة العمل الإداري ذي الطابع القضائي([10]).

المطلب الثاني

مدى قبول العمل الاستشاري ضمن القرار الإداري

لبيان مدى انطباق صفة القرار الإداري على العمل الاستشاري، لابد من بيان رأي من تبنى ذلك، والأدلة المؤيدة لرأيه، بالإضافة إلى بيان الرأي المعارض لذلك، حيث تقدم الفقيه الفرنسي WEBER إلى بيان، أن العمل الاستشاري هو قرار إداري غير نهائي وذلك وفقاً للأدلة الآتية :

أولا: العمل الاستشاري عمل قانوني

بين الفقيه الفرنسي WEBER أن العمل الاستشاري مشابه للقرار الإداري، من حيث كونه عمل قانوني يصدر من جانب واحد، ولا يختلف عن القرار الإداري من حيث الرقابة التي يخضع لها، ويبين الفقيه ويبر أن رأي الفقه في عدم اعتبار العمل الاستشاري، عملاً قانونياً بسبب عدم جواز الطعن فيه، أمر غير صحيح بسبب أن عدم الطعن ليس لكونه عملاً غير قانوني، بل إن ذلك راجع إلى اعتبارات عملية تمنع الطعن السابق عليه، كما يجب فصل فكرة الطعن عن العمل التنفيذي، بسبب إن الأمر ليس على مسار واحد، لأن هناك إعمال غير تنفيذية قد قبل القضاء الطعن فيها، وهي تمثل إجراءا داخلياً، مثال ذلك تأشيرة الموظف التي قبل القضاء الفرنسي الطعن فيها بالإلغاء([11])، وبذلك يكون العمل الاستشاري هو كالعمل الإداري، يسري علية ما يسري على العمل الاستشاري، من حيث الخضوع للرقابة، وصدوره عن هيأة متخصصة، بالإضافة إلى مبادئ أخرى، يشترك فيها العملين باعتبارهم من الأعمال القانونية، وقد أنكر الفقيه HOSTIOU ما تقدم به الفقيه ويبر، من إن العمل الاستشاري هو بمثابة قرار إداري يصدر عن جانب الإدارة، حيث لا تثبت هذه الصفة له إلا من خلال الدخول في علاقة قانونية ثنائية مع السلطة الإدارية المستشيرة، وبعكسه لا يحمل العمل الاستشاري صفة القرار الإداري الصادر من جانب واحد، وهو مما لا يمكن معه التسليم برأي الفقيه ويبر من تكوين العمل الاستشاري بمفرده صفة القرار الإداري، دون أن يكون موقوفاً على سلطة الإدارة المستشيرة([12]).

ثانيا: الآثار القانونية التي ينشئها العمل الاستشاري

يرى الفقيه ويبر أن العمل الاستشاري، يرتب أثار قانونية تجاه السلطة الإدارية، من خلال التزامها بقواعد الاختصاص، وبنفس الوقت، هو يحرر الإدارة من الالتزام بالرأي المقدم إليها، ولكنه يلزم الإدارة بمراعاة واحترام قواعد الاختصاص التي تلزم السلطة المستشيرة أخذ رأي الاستشارة، إذ لا يمكن للإدارة إصدار قرارها قبل معرفة الرأي المقدم من الجهة المستشارة، ويكون من أثار ذلك، التزام الجهة المستشيرة في إن يكون قرارها محدد بموضوع الاختصاص الاستشاري،  وان لا يكون القرار في غير موضوع الاستشارة ، على أن يكون معززا بما يدعم ذلك من النصوص والاجتهادات([13])، وفي مقابل ذلك هناك من لا يعترف للعمل الاستشاري بأي أثار، وينكر إنشائه لأي حقوق والتزامات، حيث يرى أن هذه الحقوق والالتزامات غير محددة، وهي مختلفة تماماً عن الحقوق والالتزامات التي ينشئها القرار الإداري، التي تتسم بطابع التحديد، بالإضافة إلى ما يحمله القرار الصادر من الإدارة بطابع السلطة والثبات الذي يكون موجهاً نحو إنشاء مراكز قانونية، أو ترتيب التزامات، أو إلغاء مراكز قانونية، وهو مما لا نلاحظه على العمل الاستشاري([14]).

ثالثاً: العمل الاستشاري عمل مرخص للسلطة الإدارية

بين الفقيه ويبر أن العمل الاستشاري عمل مرخص للسلطة الإدارية، مخيره في استعماله من عدمه، فالسلطة الإدارية المستشيرة، بعد طلب الاستشارة مخيرة في أن تصدر قرارها طبقاً لرأي الجهة المستشارة من عدمه، حيث شبة العمل الاستشاري بترخيص الصيد، فالشخص الذي منح ترخيصاً للصيد ليس ملزماً بممارسته، كذلك السلطة الإدارية ليست ملزمة بإصدار قرارها على وفق ما جاءت به الجهة المستشيرة، إلا أن ما يرد على ذلك هو أن حرية الإدارة بالأخذ بالرأي من عدمه تبقى غير محددة وواضحة بصورة دقيقة، مما يؤدي إلى غموض تلك الحدود التي يمكن أن تلجأ إليها الإدارة عند إصدار القرار([15]).

المطلب الثالث

تعيين الوصف القانوني للعمل الاستشاري

بينا فيما تقدم الخلاف حول الطبيعة القانونية للعمل الاستشاري، من حيث كونه إجراء أم قرار إداري، ولكل رأي وجهة نظره في ذلك، بما يقدمه من أدلة تبرهن رأيه([16])، ورأينا إن العمل الاستشاري يتشارك مع القرار الإداري من حيث كونه تصرف تمارسه الجهة الإدارية،  بالطلب من الجهة المستشارة في حال اوجب القانون عليها مراعاة قواعد الاختصاص، ولبيان مدى التزام الجهة الإدارية بحدود العمل الاستشاري([17])، يقودنا ذلك الخلاف، وهذا الرأي، إلى التساؤول عن كيفية تحديد الطبيعة القانونية للرأي الاستشاري، حتى يتضح لنا أن هذا العمل الاستشاري هو في حقيقته قرار إداري أم لا،  وهل يخضع لنفس المبادئ التي تمارسها السلطة في إصدار قرارها الإداري([18])، وهذا ما سنبينه من خلال الآتي:

أولا: من حيث تدخل الاستشارة في صنع القرار

مع تعدد الهيئات الإدارية والقرارات التي تصدرها، فإن طريقة المشاركة في صنع وإصدار القرارات، لا تخرج عن نظامين، الأول يطلق علية النظام الموسع، ووفقاً لهذا النظام فأن كل شخص يعتبر مشاركاً في إصداره مهما كان الدور الذي يقوم به، سواء كان مادياً ممهد لإصدار القرار، أو كان موضوعياً في تحديد مضمون القرار، نتيجة اشتراط القانون هذا التدخل في إصدار القرار، ومن نتائج ذلك، إذا ما سبق إصدار القرار ذهاب الجهة الإدارية إلى الاستعانة بجهة معينة لطلب الاستشارة قبل صدوره، فإن الجهة الاستشارية تكون مشاركة في صنع القرار، حتى وان لم تأخذ الجهة الإدارية بهذا الرأي،  إما النظام الثاني، وهو ما يطلق عليه بالنظام الضيق، وفيه يكون صدور القرار مقتصراً على شخص معين، أو جهة بذاتها دون غيرها، ومن ثم كل من يدخل ويشارك في صنع هذا القرار يكون خارج دائرة السلطة مصدرة القرار، وهذا ينطبق على الجهة الاستشارية، إذا ما طلب القانون من الجهة الإدارية ضرورة معرفة الرأي الاستشاري دون التقيد به، فتكون الجهة الاستشارية خارج دائرة المشاركة في القرار([19]).

ثانياً: من حيث الإرادة المنشئة للقرار الإداري والرأي الاستشاري

يصدر القرار من قبل الجهة الإدارية، بإرادتها المنفردة، واستناداً إلى القانون الذي يمنحها هذا الحق، في أن تعلو أرادتها على الأشخاص المخاطبين بإحكامه، بسبب تنظيم الحياة داخل المرافق العامة ومنحه القوة الملزمة للتنفيذ، باستثناء القرارات التي تطلب القانون مشاركة متبادلة بين أشخاصه لصدور القرار، وإذا كان القرار الإداري كذلك، فإن العمل الاستشاري قد يساويه في الأثر، إذا ما فرض القانون على الإدارة ضرورة الأخذ برأي الهيئة الاستشارية، فحينئذ يكون القرار الإداري، هو امتداد لرأي الهيئة الاستشارية الذي جاء القرار الإداري مستوحى منه([20]).

ثالثا: من حيث الأثر المترتب على القرار الإداري والرأي الاستشاري

من المعلوم أن القرار الإداري عندما يصدر، يكون مستهدفاً آثار قانونية من صدوره، فيعمل على تحقيق تلك الآثار، بإنشاء مراكز، أو تعديلها ،أو إلغائها، إي ما يحمله القانون من آثار التي تعمل على معالجتها السلطة الإدارية من خلال قرارها الصادر، الذي يجب أن يحمل معه قوة نفاذ وإلزام، لتنفيذ تلك الآثار، وإلا فلا حاجة من صدور قرار لا يحمل معه طابع التنفيذ([21])، ويكون ذلك عندما لا تكون سلطة معقبة على سلطة الإدارة عند إصدار قرارها، أو لا يكون متوقفاً على موافقة سلطة أعلى من السلطة التي أصدرته، فلكي تحقق الإدارة، الأثر القانوني للقرار ينبغي أن يعمل على تنفيذ ذلك القرار، على أن لا يمنع ذلك من ممارسة حق الرقابة والطعن على ذلك القرار تطبيقاً لمبدأ المشروعية([22])، إما مدى ما يحققه الرأي الاستشاري في مجال الأثر القانوني فإن ذلك متوقف على ما يمنحه القانون من ألزام للجهة الإدارية بأخذ الرأي الاستشاري الذي يمثل القرار الإداري في صدوره، ويحمل نفس الأثر القانوني كون الاستشارة كانت جزء من تشكيل القرار وبإلزام من القانون، وبعكسه إذا ما منح القانون للإدارة مجرد الاستئناس برأي الهيئة الاستشارية، فإن ذلك يبعدها عن القرار الإداري ولو شاركت في إعداده، ومن ثم يفقدها من كل أثر قانوني يتساوى فيه مع القرار الإداري([23]).

ومن جانبنا نرى أن للرأي الاستشاري أثر كبير ومهم، على قرار الإدارة في أن يصدر قرارها بناء على دراسة وتشاور ومستند في فحواه، على نصوص القانون، وخبرات الفقه واجتهادات القضاء، إلا أن الواقع العملي للرأي الاستشاري، لا يعد أن يكون مجرد عمل مادي مساهم في تكوين القرار الإداري، ومفتقد لأي أثر قانوني إلا في حالة ألزام القانون الإدارة بأخذ ما جاء بة رأي الهيئة الاستشارية، فعندئذ تذوب الآثار القانونية للرأي الاستشاري في مضمون ونصوص القرار الإداري، الأمر الذي يجعل الجهة الاستشارية، مجرد جهة تساعد الإدارة في اتخاذ القرار، دون أن يكون لها سلطة إصداره، الأمر الذي يمكن أن نستنتجه، أن رأي الهيئات الاستشارية يبقى موقوف بين السلطة الإدارية، وإلزام القانون لهذه السلطات، لأحداث أثر مباشر أو غير مباشر للرأي الاستشاري.

                   المبحث الثاني

دور الهيئات الاستشارية في مجال العمل الاستشاري

من سمات العمل الإداري انه يتسم بطابع التشعب والتداخل، نتيجة لتعدد المواضيع الإدارية للدولة التي يقوم بوضع الحلول لها، أو تقديم الاستشارات فيما تطلبه الدولة أو الإدارات الأخرى في بيان الرأي الصحيح، الذي يلزم عليها اتخاذه، أو فيما تصدره من قرارات تكون السلطات المختصة ملزمة بإصدارها لتنظيم أمر معين، ونتيجة لذلك قامت الدول بإنشاء مجالس أو هيئات استشارية، تتكون من أشخاص من أهل الخبرة، والمعرفة، والاختصاص في مجال معين يكون دورهم في مساعدة الإدارة، وتقديم الحلول، والآراء التي تطلبها منهم، بناء على دراسة نظرية وعملية توصلها إلى الهدف المطلوب من الاستشارة، وهو الحل الأنسب والأصلح للإدارة، ولم يسير القانون على مبدأ ثابت في إلزام الإدارة بآراء تلك الهيئات الاستشارية، التي لها أثر في تكوين القرار الإداري، بسبب الدور الذي تلعبه في تكوين القرار([24])، والإثراء بما تحمله من خبرات غنية، لذلك برزت ادوار هذه الهيئات، كمعين للإدارة في كل أمر تحتاجه يذلل لها الصعاب، على نحو يستلزم منا، في ثلاث مطالب بيان هذه الهيئات المتخصصة في فرنسا ومصر والعراق وما تلعبه من دور في مجال اختصاصها وكالآتي:

المطلب الأول: الهيئات الاستشارية في فرنسا.

المطلب الثاني: الهيئات الاستشارية في مصر.

المطلب الثالث: الهيئات الاستشارية في العراق.

المطلب الأول

الهيئات الاستشارية في فرنسا

أدرك النظام الفرنسي أهمية العمل الاستشاري، بالنسبة إلى الحكومة، والبرلمان، وأنشئ بموجب ذلك ثلاث هيئات استشارية، تمارس عملها في مجال تقديم الاستشارة إلى الحكومة، ويحدد القانون شكلها، ونظامها، وطريقة اجتماعاتها، بالإضافة إلى مكان إنشائها على مستوى المركز أو الإقليم، تختص بتقديم الاستشارة ومساعدة الحكومة من خلال أرائها ضمن المسائل التي تختص بها، ويمكن لنا بيان الدور الاستشاري لهذه الهيئات من خلال الفروع الآتية:

الفرع الأول: الدور الاستشاري لمجلس الدولة الفرنسي.

الفرع الثاني: الدور الاستشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.

الفرع الثالث: الدور الاستشاري للمجلس الأعلى للوظيفة العامة للدولة.

الفرع الأول

الدور الاستشاري لمجلس الدولة الفرنسي

يعد مجلس الدولة الفرنسي بمثابة مستشاراً للحكومة فيما يعرض علية في المجال الإداري بالنسبة للقرارات التنظيمية، والأوامر الرئاسية ، وما لدية من اختصاصات استشارية في المجال التشريعي، الذي تلجأ إليه الحكومة عندما تريد تقديم مشروع قانون، حيث يتوجب عليها أخذ رأي المجلس قبل عرضة على البرلمان([25])، وتتم استشارة المجلس من جانب الحكومة ممثلة بوزيرها الأول، في مجال صياغة التشريعات والمراسيم القانونية التي يبدي رأيه فيها من خلال أقسامه الإدارية التي تضم عدة اختصاصات([26])، والاستشارة التي يقدمها المجلس تمثل في حدود الزاميتها ما يلي:

أولا: الاستشارة الإلزامية

منح الدستور الفرنسي الحالي لعام 1958 بمقتضى المادة 39/2 الحكومة مناقشة مشروعات القوانين في مجلس الوزراء، بعد اخذ رأي مجلس الدولة، ولها أن تطلب استناداً إلى المادة 38 من الدستور الفرنسي الحالي منحها إصدار مراسيم لها قوة القانون، من اجل تنفيذ برنامجها، ويختص مجلس الوزراء إصدار هذه المراسيم، بعد أخذ رأي مجلس الدولة، بالنسبة للمراسيم اللائحية التي تعدل النصوص ذات الشكل التشريعي، استناداً إلى المادة 37/ 2 من الدستور النافذ، وكانت تصدر قبل هذا الدستور في مادة لائحية([27])، فدور الحكومة في استشارة المجلس هنا لا غنى عنها، ولا تملك الخروج عليها لما يمثله رأيها من مفصل قانوني ملزم قبل استعمال الحكومة، هذه الرخصة وإصدار المراسيم الخاصة بتنفيذ برنامجها.

ثانيا: الاستشارة الاختيارية

تطلب الحكومة هذه الاستشارة في مجال مشروعات المراسيم البسيطة، ومشروعات اللوائح، بالإضافة إلى تقديم الحل في المسائل القانونية التي يطلبها أي وزير في ما يعرض عليه في مجال العمل، وتكون هذه الاستشارة في حال فقدان النص الذي يدل عليها، ويعتبر من قبيل الاختصاصات الواسعة، ويمارسه الوزير الأول من خلال السكرتير العام للحكومة، وتطلب الحكومة تحت بند هذه الاستشارة رأي المجلس في مجالات عديدة، كرأي المجلس بشأن تشريع معين، أو تفسير نص دستوري، اختياره بعمل دراسة حول مسألة خاصة تطلبها الحكومة([28])، ونلاحظ أن هذه الاستشارة تجمع بين المجال القانوني والدستوري، وهو ما يؤكد لنا أهمية الاستشارة التي تطلبها الحكومة من المجلس.

ثالثا: الاستشارة المقيدة

طبقا لهذه الاستشارة فإن الموضوعات التي تطلب فيها الحكومة استشارة المجلس محددة، تتعلق بالقرارات ذات الصفة الفردية، مثل حالات فقد الجنسية، وتحكم هذه الاستشارة النصوص التي تلزم الحكومة في الرجوع إليها من عدمه، وبغيره تكون الحكومة سيدة قراراتها فيما تصدره، إذا لم يلزمها النص القانوني بشيء في ذلك([29]).

والجدير بالذكر أن الرأي الذي يقدمه المجلس سرياً، وذلك يعود للتقليد المتبع الذي يسير عليه مجلس الدولة، والذي يمنع إي شخص ليس عضواً فيه من حضور الجلسات، أو سماع المناقشات، حرصاً على ما يدور داخل المجلس والذي من الممكن أن تتبناه السلطة المستشيرة كرأي؛ حيث لا وجود لنص قانوني يعالج الطريقة التي يقدم فيها المجلس رأيه([30])، ويقدم المجلس رأيه في المسائل التي تعرض علية وتدخل في اختصاصه، وعدم تقديمه للرأي مانع من العقاب، وتصدر الحكومة قرارها في الوقت المحدد لإصداره، ولكن قد يكون هذا القرار ليس كالمتخذ من قبل المجلس تحيطه الخبرة، والدراية بالاختصاص، وهو ما تكون الحكومة ملزمة بذلك من اجل تسيير شؤون الصالح العام([31]).

الفرع الثاني

الدور الاستشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي

تكون المجلس الاقتصادي والاجتماعي بموجب الدستور الفرنسي الحالي لعام 1958، وحدد عمل المجلس واختصاصاته في المواد(69- 70-71)([32])، وينفرد هذا المجلس بأنه المستشار الأول للإدارة الفرنسية في المجال الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الجهورية، وهو مستشار للحكومة فقط، بعكس مجلس الدولة، الذي كان مستشارا للحكومة والبرلمان، حيث يقدم الرأي والدراسة عندما يطلبها منه الوزير الأول، وأهمية المجلس تقوم على فلتره القرارات التي تتخذ في المجال الاقتصادي، أو عندما تتعارض القرارات الاقتصادية مع أخرى سياسية، فيعمل المجلس على توظيف أهم القرارات التي لها تأثيراً في الحياة العامة وجدوى على قطاعات الدولة، والاستشارات التي يقدمها المجلس تتمثل مراعاتها في الآتي:

أولا: الاستشارة الإلزامية

ألزم الدستور الفرنسي الحكومة بموجب المادة 69/1 من الدستور الفرنسي الحالي، بالوقوف على رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بالنسبة لمشروعات القوانين التي تقرر برامج أو خطط ذات طبيعة اقتصادية، أو اجتماعية، فالحكومة ملزمة بموجب النص الدستوري باستشارة المجلس في المسائل المذكورة، لما لرأيه من أهمية كبيرة، وبالغة لدى الحكومة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي فيما يرسمه ويقرره في تعزيز المجالات الاقتصادية داخل الدولة تعود بالنفع على مختلف القطاعات العامة على مستوى الجمهورية([33]).

ثانيا: الاستشارة الاختيارية

منح الدستور الفرنسي الحالي لعام 1958، في المادة 70 منه الحق للحكومة بالاختيار بالرجوع لرأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي، في المسائل ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، ويقدم آراء ومشاريع قوانين في المسائل التي تدخل في اختصاصه، ماعدا مسائل إعداد الميزانية العامة التي يكون فيها شريكا، وتكون حصته منها المسائل التي تدخل في اختصاصه، ولم يمتنع المجلس عن أداء دوره الاستشاري، وفي حالة عدم تقديم رأيه فلحكومة ملزمة بإصدار قرارها  تحقيقا للصالح العام، وإذا تعلق بقانون فعليها أن تعرضه على البرلمان قبل إصداره([34]).

الفرع الثالث

الدور الاستشاري للمجلس الأعلى للوظيفة العامة للدولة

يقدم المجلس الأعلى للوظيفة العامة رأيه الاستشاري، في مجال الإدارة العامة، والوظيفة العامة، وفي كل أمر هام يتعلق بشؤون الدولة ومواطنيها، ويقدم المجلس نوعين من الاستشارات يمكن لنا بيانهم كالآتي:

أولا: الاختصاصات الاستشارية العامة

تتعلق الاستشارات العامة بالمسائل ذات الطابع العام، التي تتعلق بالسياسة الوظيفية العامة للدولة وموظفيها، والتي تقدم إلية من قبل الوزير الأول، أو بناء على طلب كتابي يقدمه ثلث أعضاء المجلس الأصلين، وله إبداء الرأي حول التقرير السنوي المتعلق بالوظيفة العامة، ومشروعات القوانين التي تعد من اجل تعديل النظام القانوني لموظفي الدولة، وتعد ما يقدمه المجلس من أراء في هذا الصدد ملزم للحكومة، وذلك لتعلقه  بحقوق شريحة كبيرة من الشعب من الناحية الإدارية والمالية، والتي على الحكومة خوفاً من التعسف فيما تصدره من قرارات، أو تضعه من قوانين أن ترجع على المجلس الذي يرشدها برأيه لكونه مختص في مجال الوظيفة العامة والموظفين على مستوى الجمهورية([35]).

ثانيا: الاختصاصات الاستشارية الخاصة

وفقاً لهذا الاختصاص، فإن المجلس يقدم رأيه في موضوعات محدده، تتعلق بالتدريب المهني الذي يمكن أن يتلقاه الموظف، ومدى إمكانية الاستفادة والتطوير، منه بالشكل الذي يعود على القطاع العام، كذلك ما يبديه من آراء حول النشاط العام المتعلق بالسياسة المتبعة في مجال الصحة والأمن المتبعة في العمل، إضافة إلى مشاركته في دراسة وتطوير المرافق العامة للدولة وبنيتها الإدارية، لما لها من تأثير على الإنتاج والجودة الشاملة، في مجال العمل الإداري، ورجوع الحكومة حول أخذ الاستشارة الخاصة مرهون بنص القانون الذي يلزمها بالرجوع إلى رأي المجلس لاستشارته من عدمه، ولها الاستفادة من هذه الآراء كونها صادرة من قبل متخصصين فيما يقدمون من آراء، مبنية على أساس عملي سليم، مستند إلى مستلزمات قيامه، ولا حرج على الحكومة أن أخذت به، من باب الحفاظ على الصالح العام وتحقيق أهداف الحكومة ([36]).

المطلب الثاني

الهيئات الاستشارية في مصر

على غرار الهيئات الاستشارية في فرنسا، أنشئت في مصر ثلاث هيأت استشارية، مهمتها تقديم الرأي الاستشاري للجهات التي تطلب منها المشورة، وتقدم الهيئات الاستشارية في مصر رأيها من خلال كوكبة من المتخصصين، في المجالات المتنوعة والتي يحضا رأيهم بأهمية، لما يحمله من غنى للإدارة، تعالج من خلاله المسألة المعروضة إمامها، وللتعرف على هذه الهيئات يستلزم منا بيانها في ثلاثة أفرع وكالآتي:

الفرع الأول: الدور الاستشاري لمجلس الدولة المصري.

الفرع الثاني: الدور الاستشاري للمجالس القومية المتخصصة.

الفرع الثالث: الدور الاستشاري لمجلس الخدمة المدنية.

الفرع الأول

الدور الاستشاري لمجلس الدولة المصري

يتكون مجلس الدولة في مصر من قسمي الفتوى والتشريع([37])، والجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، ويعتبر مجلس الدولة في مصر مستشاراً للحكومة، فيما يقدمه من آراء فيما تعرضه عليه الحكومة من استشارات، يمهد من خلالها إرشاد الإدارة إلى الطريق الصحيح واختيار أحسن الحلول للقضايا المعروضة على الحكومة([38])، فهو يمارس دوراً استشارياً للسلطة التنفيذية بشقيها الإدارة والحكومة، وبذلك تكون الإدارة العامة في مصر وبمقتضى ما يقرره القانون الرجوع إلى المجلس في حدود الالتزام بطلب الاستشارة في المسائل المعروضة عليها، ويقدم المجلس آرائه الاستشارية في الموضوعات الداخلة ضمن أقسامه الاستشارية وهي تتمثل بالأتي:

أولا: المجال الاستشاري لقسم الفتوى والتشريع

يضم هذا القسم عدد من الإدارات واللجان([39])، المتخصصة في مجال معين، ويقف إلزام الاستشارة، من قبل الإدارة على الموضوعات المحددة بنص القانون، وتكون الاستشارة على نوعين وهما:

1-استشارة إلزامية

استناداً إلى المادة 58/3 من قانون مجلس الدولة المصري، التي ألزمت الوزارات والهيئات والمصالح العامة بأخذ رأي المجلس في قسمه المختص بالفتوى المختصة في مسائل العقود الإدارية، والصلح، والتحكيم، أو فيما يتعلق بتنفيذ قرار المحكمين في المواد التي تزيد قيمتها على خمسة ألاف جنيه، وذلك بالرجوع على إدارة الفتوى المختصة لبيان رأيها في ذلك([40]).

2-استشارة اختيارية

نصت المادة 58/2 من قانون مجلس الدولة المصري، على تقديم الاستشارة إلى رئاسة الجمهورية، ورئاسة مجلس الوزراء، والوزارات، والهيئات العامة، والرأي المقدم هنا غير ملزم للجهة طالبة المستشيرة أن شاءت طلبته، أو لم تطلبه؛ فهي من حيث الأصل غير ملزمة، بل مخيرة برأي الإدارة المختصة في ذلك([41]).

ثانياً: المجال الاستشاري للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع

بينت المادة 66 من قانون مجلس الدولة المصري، على الدور الاستشاري للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، عندما خصتها بمواضيع تتعلق بإبداء الرأي في المسائل الدولية والدستورية والتشريعية، والمنازعات القانونية التي تنشأ بين الوزارات والمصالح العامة، أو بين الجهات فيما بعضها، ويكون رأي الجمعية العمومية للفتوى والتشريع هنا ملزم للجانبين، ويترتب على ذلك منع الطعن إمام مجلس الدولة كمحكمة قضاء إداري للنظر في هذه المنازعات، مما يكون مدعاة لعرضها إمام الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، الذي يبدي رأياً في ذلك، ولأهمية الرأي الاستشاري، الذي يقدمه مجلس الدولة ينبغي على الإدارة توفير جميع الإمكانات إمام المجلس بغية تسهيل العمل الاستشاري من خلال تقديم جميع البيانات والمعلومات ذات الصلة بالمسألة المستشار عنها حتى يتمكن برفدها بآراء تعالج القضايا لمعروضة إمام الحكومة([42]).

الفرع الثاني

الدور الاستشاري للمجالس القومية المتخصصة

تحتل المجالس القومية أهمية بالغة على مستوى الجمهورية، من خلال ما تقدمه من آراء في مختلف المجالات التي تختص بها، كالاقتصاد، والتكنولوجيا، والتعليم، وتلعب أرائها دورا مهما وأساسيا في تحقيق تقدم ورفع الكفاءة في المجالات التي تختص بها، ولأهمية ما تقوم به هذه المجالس المتخصصة، فقد أصبحت تقدم أرائها لرئاسة الجمهورية، وتشاركه في رسم السياسية العامة للدولة في جميع مجالات النشاط القومي على اختلاف اختصاصاتها([43])، ولما تبديه هذه المجالس من أراء استشارية ذات أهمية كبيرة على مستوى الجمهورية، باعتبارها أجهزة متخصصة تابعة لرئاسة الجمهورية،  تعمل على رسم الخطط القومية، وله إصدار توصيات غير ملزمة في مجال عمل هيئات ونشاط الدولة وتحسين أدائها ، بالإضافة إلى دورها المميز في معالجة وظائف الإدارة وتعقيدها([44])، وتؤدي هذه المجالس وظيفتها الاستشارية على أسس علمية وخبرات متراكمة اكتسبها أعضائها من خلال المهارة العملية، وسنوات الخبرة الطويلة داخل مؤسسات الدولة وهيئاتها، وتسنمهم مختلف المناصب السياسية، والإدارية التي تمكنهم من تقديم أرائهم إلى الحكومة، وتبقى استشارة هذه المجالس على سبيل الاختيار، ولا يوجد نص يلزم الإدارة والحكومة على إلزامهم بأخذ أراء المجلس القومي المتخصص، فالأصل أن استشارته على سبيل الاختيار، وما تقدمه كذلك من توصيات تكون غير ملزمة والالتزام بها يكون على سبيل الاستئناس لعدم وجود نص قانوني يجيز ذلك([45]).

الفرع الثالث

الدور الاستشاري لمجلس الخدمة المدنية

أنشئ مجلس الخدمة المدنية مع صدور قانون الخدمة المدنية المصري الجديد رقم 81 لسنة 2016، والذي الغي بصدوره قانون العاملين المدنين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، وتضمن القانون في المادة 3 منه على إنشاء مجلس للخدمة المدنية([46])، يتولى تقديم المشورة والرأي والمقترحات فيما يتعلق  بتطوير الخدمة المدنية وتحسين الخدمات العامة في البلاد، ويؤدي مجلس الخدمة المدنية فيما يقدمه من آراء ومقترحات دور مهم وحساس، كونه يمس شريحة كبيرة من موظفي الدولة، ويلتزم المجلس بتقديم الرأي الاستشاري المطلوب منه وفق الموضوعات التي تدخل في اختصاصه ويعود الاختيار للجهة المستشيرة في الأخذ برأي المجلس من عدمه، ويبرز المجال الاستشاري لمجلس الخدمة المدنية، في تقديم الرأي فيما يعرض علية من رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص، أو رئيس الجهاز، حول القضايا التي تتعلق بالخدمة المدنية، ومشروعات القوانين، والبرامج التدريبية المقدمة لموظفي الخدمة المدنية، والقضايا المتعلقة بالأخلاقيات المهنية لموظفي الدولة، كما يتولى المجلس المذكور تقديم اقتراحات في الأمور التي تتعلق بالموازنة المخصصة للخدمة المدنية، والطريقة المعتمدة في تحسين أداء الخدمة المدنية([47])، ولم ينص قانون المجلس على إلزام الوزارات والهيئات بالرأي والمشورة المقدمة من قبل المجلس، بل جعل ذلك ضمن السلطة التقديرية للجهة طالبة الاستشارة أن تأخذ بما ورد من رأي في قرار المجلس، تثميناً لما يحتويه من رصانة علمية وعملية تنم عن خبرة واجتهاد، وتحليل، ودراسة، مع المبررات اللازمة لاتخاذ الرأي المناسب طبقاً للقضية المعروضة على الحكومة، وذلك طبقاً لخبرة أعضائه واختيارهم وتنوع مجال أعمالهم وخبرتهم([48])، وفي سياق الحديث يجب على الجهة طالبة الاستشارة أن تساعد المجلس في كل ما يمكنه من إبداء الرأي بدقة وحياد أن تقدم كل ما يتعلق بالموضوع المطلوب الرأي تجاهه، ومما تقدم نلاحظ أهمية الدور الاستشاري لمجلس الخدمة المدنية، والموضوعات التي يقدم بشأنها أراء جميعها على صلة بشؤون الوظيفة، وأساسها التشريعي، وكيفية استمرارها وديمومة نجاحها، مع تحفيز الكادر الوظيفي وتطويره لزيادة كفاءته، مما يتبين لنا ثقل المهام الملقاة على عاتق المجلس، وبعكس لجنة شؤون العاملين في القانون السابق التي كانت مهامها محددة جدا، ومقتصرة على ما يتعلق بشؤون الموظفين، مع اختصاصات أخرى نراها خارجة عن اختصاصه والمتعلقة بالنقل، والترقية،والتعين، كونها قضايا قد استقر العمل الإداري بشأنها، وعالجتها القوانين وحافظ القضاء على حقوق أصحابها، وليس من جدوى بطلب رأي من مجلس متخصص تجاهها، وهذا ما لا نراه في موضوعات مجلس الخدمة المدنية وهو ما نؤيده، نحو طلب المشورة في القضايا ذات البعد الاستراتيجي المتعلق بسياسة الدولة الوظيفية والمالية على المدى القريب والمتوسط والبعيد.

المطلب الثالث

الهيئات الاستشارية في العراق

على خطا الهيئات الاستشارية في فرنسا ومصر، تأسس في العراق عدد من الهيئات الاستشارية ذات الاختصاصات المختلفة، بهدف رصانة وتعزيز القرار الذي تصدره الإدارة على مستوى الجمهورية، تتمثل مهامها برفد الإدارة في الجوانب القانونية والفنية، والإدارية، وصولاً للرأي الأصلح، بالإضافة إلى الهيئات الإدارية التي تنشئ داخل الوحدات الإدارية في الوزارة والدوائر، التي تشكل من لجان مهمتها دراسة وبحث القضايا المهمة والعاجلة التي تتطلب تقديم رأي قي القضية المعروضة على الوزارة، أو الدائرة التي تكون على مستوى محدد وخاص([49])، إما دور الهيئات الاستشارية المركزية التي تقدم رأياً متخصصاً في المسائل العامة في العراق، قيمكن بيانها في ثلاثة أفرع وعلى النحو الآتي:

الفرع الأول: الدور الاستشاري لمجلس الدولة.

الفرع الثاني: الدور الإداري للمركز الوطني للتطوير الإداري وتقنية المعلومات.

الفرع الثالث: الدور الاستشاري للمركز الوطني للاستشارات الهندسية.

 

الفرع الأول

الدور الاستشاري لمجلس الدولة

على خطا دول القضاء المزدوج، التي لديها قضاء إداري متخصص يفصل في المنازعات التي تنشأ بين الإدارة والإفراد، وله محاكم قضائية إدارية على رأسها مجلس الدولة كما سبق بيانه في شأن فرنسا ومصر، انشأ مجلس الدولة في العراق بموجب القانون رقم 65 لسنة 1979، ليحل بذلك محل ديوان التدوين القانوني، ليمارس دوراً استشارياً في مجال التقنين، وإبداء الرأي، والمشورة القانونية([50])، بالإضافة إلى الاختصاص القضائي الذي تمثل بإنشاء محكمة القضاء الإداري بموجب القانون رقم 106 لسنة 1989 قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة، ثم استحداث محكمة قضاء الموظفين، والمحكمة الإدارية العليا بموجب التعديل الخامس لقانون المجلس لعام 2013، ثم إقرار قانون مجلس الدولة([51])، الذي أصبح بذلك هيأة قضائية متكاملة، تختص في المجال الإداري لشؤون الدولة وموظفيها، إضافة إلى وظيفته الاستشارية، كونه مستشار الدولة العام، ولبيان الدور الاستشاري للمجلس في مجال الموضوعات([52]) التي يبدي فيها رأيه تتمثل بالآتي:

أولا:  الرأي الاستشاري وأثره في مجال التقنين

طبقاً لاختصاص المجلس في مجال التقنين([53])، يؤدي المجلس مهمة إعداد وصياغة مشروعات التشريعات بناء على طلب من الجهة ذات العلاقة، كما يبدي المجلس رأيه في مشروعات التشريعات المقدمة من الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، في طلب مقدم من الوزارة أو الجهة غير المرتبطة بوزارة، كما يقدم المجلس دراسة كاملة بشأن مشروعات التشريعات الكاملة المقدمة من الجهات ذات العلاقة، وله في سبيل ذلك تأييد التشريع، أو التوصية بعدم تشريعه، أو مخالفته للسياسية التشريعية للدولة، أو يرى عدم وجود الأسباب الداعية للتشريع بسبب النقص في الإحكام القانونية التي يتضمنها، وتعتبر استشارة المجلس إلزامية فيما يقدمه من آراء، ولا يمكن للجهة طالب الاستشارة إغفالها كونها من الإجراءات الجوهرية التي يتطلب القانون ضرورة مراعاتها، وعرض الموضوعات على المجلس، لأهمية الدور الذي يقدمه في مجال الصياغة وما يوصي به بشأن مشروعات التشريعات المقدمة من الجهات ذات الطلب، وذلك إيمانا بأهمية ما يقدمه المجلس كونه ذا ثراء كبير في مجال صياغة القانون ومدى الحاجة من تشريع القوانين المقدمة من الجهات من عدمه([54]).

ثانيا: الموضوعات التي تكون محلاً للرأي الاستشاري

نصت المادة (6) من قانون مجلس الدولة([55])، على قيام المجلس بتقديم الرأي والمشورة القانونية للجهات العليا التي تطلبها منه، ويقدم المجلس رأيه في مجال الاتفاقات والمعاهدات الدولية، قبل عقدها والانضمام إليها، مبينا في ذلك رأيه ومدى الاتفاق والتعارض مع النظام القانوني للدولة([56])، كذلك يقدم المجلس رأيه في المسائل المختلف فيها بين الوزارات أو بينها وبين الجهات غير المرتبطة بوزارة، في حال ما إذا احتكم أطراف القضية إلى المجلس في المسائل القانونية التي تظهر إثناء ممارستها لأوجه نشاطها، أو مدى موافقة القانون للقرارات التي تنوي هذه الجهات اتخاذها([57])، وتعد استشارة المجلس إلزامية على الجهات الإدارية، ولا يمكن لهم تخطيها أو تجاوزها، لان ذلك سيكون مخالف للقانون، بالرغم من عدم إلزام الجهة المستشيرة برأي المجلس المقدم، إلا أن اللجوء إليه أمر ملزم للجهات المعنية، كون أن الموضوعات التي يقدم المجلس بها رأياً تتعلق بالسياسة العامة للدولة، وموقفها من نصوص المعاهدات وتأثيرها على حقوق البلد وسيادته ومدى اتفاقه مع القانون الداخلي([58])، ونلاحظ مما تقدم أهمية الدور الاستشاري من خلال ما يقدمه مجلس الدولة من آراء، في مسائل حساسة أحداها تتعلق بصياغة القوانين، والآراء التي يبديها بشأن مشروعات التشريعات، التي تعد فيما بعد جزء من البنيان القانوني المعتمد في النظام القانوني للدولة، والذي ألزم القانون الجهات الإدارية رأي المجلس بذلك، فتتحد أراء المجلس في مجالاته، ليشكل لنا درعاً حامياً في مجال رصانة المادة القانونية المصاغة، ومدى دورها في تحقيق الهدف المشرع من اجلها.

الفرع الثاني

الدور الاستشاري للمركز الوطني للتطوير الإداري وتقنية المعلومات

وهو من الجهات الاستشارية المتخصصة، التي تتولى تقديم أراء واستشارات في مجال الإدارة العامة لكافة الجهات العامة، ومنظمات الدولة، على مستوى الجمهورية، والمركز، ويعتبر امتداد لنشأة مركز تطوير الإدارة الصناعية الذي تأسس بموجب القانون المرقم 56 لسنة 1962، والناشئ بموجب الاتفاق المبرم بين الحكومة العراقية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي كان ارتباطه الفعلي بوزارة الصناعة([59])، تتمثل مهامه في تنمية قدرات العاملين في الجهاز الإداري الحكومي والقطاع الخاص، بما يساهم من رفدها بأهم وأحدث البرامج المتبعة في التدريب والتنمية الإدارية، من اجل خلق كادر وظيفي نوعي مميز أساسه المهارة في التعامل، لغرض رفع مستوى الإنتاجية، وتقنين مبدأ الكفاءة والإنتاج، من خلال وضع خطط لمجالات التدريب المتنوعة التي تتلاءم مع الكوادر الوظيفية وبالتنسيق مع وزارة التخطيط التي تعتبر الجهة التي يرتبط بها المركز، كذلك يعتبر المركز فيما يقدمه من استشارات وجهه عامة لا يمكن الاستغناء عنها، من قبل دوائر الدولة  ومؤسساتها، لما يبديه من استشاره فاعلة في مجال البحث والتخصص في العمل([60])، ويوازي هذا المركز من حيث العمل كل من المجلس الأعلى للوظيفة العامة في فرنسا، ومجلس الخدمة المدنية في مصر الذي انشأ بموجب قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، والذي يقوم على مساعدة الإدارة في حل مشكلاتها من خلال استخدام الأساليب الإدارية الحديثة([61])، وفي مجال مدى ألزام السلطة الإدارية بالرأي الاستشاري للمركز، نرى وفي غياب نص قانوني واضح وصريح بشأن إلزام الإدارة برأي المركز، فانه تبقى أرائه في هذا المجال، تخضع للقاعدة العامة، وحيث لا إلزام إلا بنص القانون، اختيارية بالنسبة للجهة طالبة المستشيرة، حيث لم يلزمها القانون بالتقيد برأي المركز، وهو مما لا يعود بالنفع على السلطة الإدارية، بعدم الالتزام بالآراء في المسائل المتعلقة بمجالات إدارية وفنية متخصصة، قائمة على التجربة والخبرة والبحث حيث من المستحسن أن يلزم القانون الإدارة، برأي المركز في مجالات التنمية الإدارية، والبشرية والهياكل التنظيمية ،وإيجاد البدائل الحديثة التي تتفق مع السياسة الوظيفية المتبعة.

الفرع الثالث

الدور الاستشاري للمركز الوطني للاستشارات الهندسية

ينتمي هذا المركز إلى وزارة الأعمار والإسكان، المؤسس بعد إلغاء المركز القومي للاستشارات الهندسية، ومركز الإدريسي للاستشارات الهندسية، اللذين تم إنشاؤهما بالقانون رقم 63 لسنة 1987([62])، يتولى المركز الوطني للاستشارات الهندسية تقديم الرأي والخدمة الاستشارية في المجال الهندسي، ويمارس عمله من خلال تخصص كوادره ونخبه في المجال الهندسي، الذي يضم من الكفاءات الهندسية في مجال وضع وإعداد التصاميم للمشاريع الهندسية، وتقديم الاستشارات الهندسية في جميع تفاصيلها، بالإضافة إلى تطوير القدرات الهندسية على صعيد التطوير والإعداد والمشاركة بكل جديد من اجل مواكبة التطور الهندسي والمعماري في مجال التصميم والتنفيذ([63])، ورسم الخطط المستقبلية، وتقديم التوصيات ذات الصلة بتطوير المجال الهندسي على الواقع والطموح، وفي مجال تبادل الخبرات والاستفادة المتبادلة، يعمل المركز على تبادل الخبرات مع المؤسسات الهندسية، والجامعات، والكليات، والمعاهد المتخصصة، للوقوف على أخر ما توصل بشأنه العلم في مجال الاستشارة ،والتصميم، والتنفيذ، الذي يحيط العمل الهندسي من جميع مراحله([64])، وفي مجال مدى إلزام الإدارة برأي المركز الاستشاري، ومع غياب نص قانوني يشير إلى ذلك من قريب أو بعيد، وفي إي مرحلة من مراحله، سواء كانت سابقة على صدور القرار، كما في مرحلة إعداد التصاميم والآراء الهندسية، أو في مرحلة التنفيذ، وهو ما يدل على إبقاء رأي المركز من قبيل الاختيار، وغير ملزم، وهو في رأينا غير مجدي للإدارة في مجال الأعمار والمقاولات، التي تتطلب رأي استشاري، مبني على علم ودلائل، خصوصاً وان الوضع في العراق، يشهد نهضة شاملة في مجال البناء، الذي رافقت ذلك خروقات خطيرة وكبيرة، تنم عن عدم استطلاع الإدارة واتخاذها لآراء مختصين، تمخض عن ذلك هدر أموال البلد، أو فرض جزاء سحب العمل لإعادة طرح المقاولة من جديد، في وقت يكون فيه لا نفع من اتخاذ أي قرار، وكان من الأجدر إلزام السلطة الإدارية بنص القانون، بطلب رأي مسبق من المركز الوطني للاستشارات الهندسية، ليبدي رأيه في ذلك، من خلال مدى الجدوى من العملية المزمع قيامها من قبل الإدارة، خصوصاُ وان المركز المذكور هو احد المراكز الوطنية المتخصصة في المجال الهندسي، والتي ينبغي أثبات وجودها ودورها في مجالها الاستشاري في جميع مراحل العمل الهندسي تزامناً مع غياب خبرة القائمين في هذه المجالات التي يتم الاستعانة بهم من قبل الجهات المعنية، مما تقدم وبعد بيان الهيئات الاستشارية في فرنسا، ومصر، والعراق، نلاحظ أن حظوة الهيئات الاستشارية في الدول محل البحث، فعالة وتمارس دورها الاستشاري والمتخصص بناء على القانون ومن خلال إلزام الجهات المعنية في ذلك، ولاحظنا أن البعض منها أرائه يتم الاستناد إليها والأخذ بها من قبل جهات سيادية في البلد، الأمر الذي غاب عنا عند بحثنا لهذه الهيئات في العراق باستثناء مجلس الدولة، وهو ما يدونا إلى استنتاج نسجله تجاه هذه الهيئات بأنها مهمشة ولم يفسح لها المجال بممارسة دورها، نتيجة مزاحمة القطاع الخاص لها من خلال إنشاء شركات الاستشارة، التي همها الوحيد، جني الأموال بعيدا، عن المهنية في العمل، وهو ما يدعونا الالتماس من المشرع والحكومة إلى تفعيل دور الهيئات الاستشارية، إيمانا بأهمية دورها فيما تقدمة من آراء ، وما يحمله أعضائها من خبرات تكاد تكون قليلة، أو نادرة في وقتنا، والبلد بأمس الحاجة لها للنهوض ببناه التحتية، وقيادته الإدارية، وموظفيه، وعماله الذين هم نواة البناء على صعيد النهضة والأعمار.

 الخاتمة

في ختام بحثنا، الذي يبين حدود التزام الإدارة برأي الهيئات الاستشارية، نسجل أهم التوصيات التي انبثقت عن البحث، والتي تتمثل بالآتي:

1-تمثل الهيئات الاستشارية، أداة فاعلة مع الإدارة، على مستوى البحث والدراسة، وصولاً بها إلى اتخاذ القرار الصحيح والفاعل، الذي يعالج القضية المعروضة على الإدارة، من خلال إرشادها إلى القرار المبني على المبررات العلمية، والقانونية والفنية، إلى أن الإدارة بالمقابل، لم تكون ملزمة في جميع المجالات والقضايا بهذا الرأي، وهذا من وجهة نظرنا إجراء غير صحيح من الإدارة، ينبغي على المشرع تداركه والرجوع على رأي الهيئات الاستشارية والاستفادة، من أرائه في مجال المشكلات التي تعرض على الجهة الإدارية للوصول إلى الرأي الصواب، الذي يعود بالنفع على القطاعات العامة كافة، كما في حالة ألزام الإدارة بآراء مجلس الدولة في المجالات التي بيناها.

2-تفعيل دور الرأي الاستشاري للمركز الوطني للتطوير الإداري وتقنية المعلومات في العراق بشكل أكثر، وإلزام الجهات الإدارية بالاستفادة من خبراته وأرائه في القضايا، التي تكون محل اختصاصه، كما رأينا إثناء دراستنا لمجلس الخدمة المدنية في مصر والمجلس الأعلى للوظيفة العامة للدولة في فرنسا، التي تكون فيها الاستشارة ملزمة، لما تبديه هذه المجالس من دور مهم ومؤثر غايته رفع مستوى كفاءة القطاع الإداري وأجهزته، على مستوى القضايا الإدارية والشؤون الوظيفية، للارتقاء بنظم تدريبية متطورة، واستحداث قطاعات إدارية حديثة أسوة  بما تحققه هذه الدول من تقدم في المجال الإداري والوظيفي.

3-لقيام الهيئات الاستشارية في العراق بدور مهم وأساسي، أسوة بالهيئات الاستشارية، التي بيناها في فرنسا، ومصر، يجب فك ارتباط هذه الهيئات بالجهات الإدارية التابعة لها، وتشريع قانون لها يجعل ارتباطها مستقل أو عائد إلى رئاسة الوزراء، كما هو حال المجلس الاقتصادي والاجتماعي في مصر الذي، يعود في ارتباطه لرئاسة الجمهورية، فهذا الاستقلال يحقق لهذه الهيئات أثر كبير في مجال عملها، الذي يجعلها، نافذة إمام جميع الوزارات والهيئات العامة، من خلال إبراز دورها في المجالات والقضايا التي تعد بشأنها استشارات، فضلاً عن استعانة المجلس باستشارة هذه الهيئات مما يجعلها أكثر رصانة لما تقدمه من استشارة في مجال عملها.

4-من الممكن ضم المركز الوطني للتطوير الإداري وتقنية المعلومات، والمركز الوطني للاستشارات الهندسية في العراق بكافة اختصاصاتهم، من خلال إنشاء مجلس للخبراء، يضم فيه، أعضاء هذه المجالس، بالإضافة إلى رفد هذا الكادر بكادر أخر من الكفاءات والوزراء السابقين، وأساتذة الجامعات، وأصحاب الخبرات، ويكون ارتباطه بمجلس الوزراء، على أن ينشئ له قانون خاص به، ويكون ذا استقلال مالي وإداري، يقدم استشاراته على مستوى الجمهورية العراقية، في المجالات الفنية والإدارية، من اجل أغناء الجهات العامة بالآراء التي تقدمها في القضايا المعروضة عليها على أن تكون الاستشارة ملزمة، كما ويمكن إسناد وظائف أخرى له، وإشراكه في قضايا مالية كإعداد الموازنة العامة للدولة، أو تقديم مقترحات بشأنها، وتقديم دراسة حول عدد الوزارات، وتقييم مدى حاجة الدولة إليها بشأن فاعليتها، ومستوى ما تقدمه من الخدمات، وتقييم جودة النظام الإداري والوظيفي المعمول به في العراق، وحاجة الدولة من عدد العاملين، وإعادة عمل القطاع الخاص، وغير ذلك من القضايا المعقدة التي تقف الإدارة تجاهها عاجزة.

5-من خلال بيان الوصف القانوني لما تقدمه الهيئات الاستشارية، من آراء إلى السلطات الإدارية، والجدل الفقهي حول مدى، وصولها إلى مرتبة القرار الإداري من عدمه، نرى لا جدوى عملية من هذا النقاش، وغير ذا تأثير في هذه الهيئات ولم يضعف من دورها، فهي تعمل تحت مظلة الدولة بشكل عام، من اجل تحقيق الصالح العام، لأنه من الثابت قطعاً، أن آراء الهيئات الاستشارية تشارك في صنع وإعداد القرار الإداري الذي تصدره الجهة الإدارية ولو كان بشكل غير مباشر، أو كانت الاستشارة غير ملزمة، فمن غير المتوقع، أن تستشير الإدارة هذه الهيئات، ولا تعمل بها إذا ما رأت، أن في قرارها جزء غير مكتمل، أو قدمت الاستشارة إضافة جديدة، أو تفسير مختلف، فالجهة الإدارية المستشيرة، هي ذا تأثير بالرأي الاستشاري في كل الأحوال، وأن كان  الرأي الاستشاري غير مقترن باسم الهيئة الاستشارية مباشرةً، وتمارسه الجهة الإدارية نيابةً عنها، إلا الأخيرة قد ضمنت قرارها بناءً على فحوى ومضمون الرأي الاستشاري.

المراجع

اولاً: الكتب

1-د. أنور رسلان، أصول الإدارة العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1995.

2-د. خالد سارة الزغبي، القرار الإداري، بين النظرية والتطبيق، الطبعة الأولى، دراسة مقارنة، عمان، 1993.

3-ريما محمد فرج، عقد المشورة، الطبعة الأولى، المنشورات الحقوقية، دمشق، 2006.

4-د. سالم بن راشد العلوي، القضاء الإداري، الجزء الأول، دراسة مقارنه، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2009

5-د. سعاد الشرقاوي، القضاء الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1984.

6-د. سعاد الشرقاوي، المنازعات الإدارية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1976.

7- صباح صادق جعفر الانباري، مجلس شورى الدولة، الجزء الأول، الطبعة الأولى.

8- د. عبد الغني بسيوني، النظرية العامة في القانون الإداري، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2003

9-د. عصمت عبد المجيد بكر، مجلس الدولة، دار الكتب العلمية، 2011.

10- د. علي خطار شنطاوي، موسوعة القضاء الإداري، الجزء الثاني، دار الثقافة للنشر، عمان، 2008.

11- د. ماجد راغب الحلو ود. محمد رفعت عبد الوهاب، القضاء الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1994.

12- د. ماجد راغب الحلو، القرار الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية.

13- د. ماهر صالح الجبوري، الوسيط في القانون الإداري، الطبعة الأولى، من دون دار نشر، 2009.

14- د. محمد إبراهيم الدسوقي على، الرقابة على أعمال الإدارة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010

15- د. محمد عبد الحميد أبو زيد، المطول في القانون الإداري، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996.

16- د. محمد عبد الحميد أبو زيد، دور القضاء في علو القانون، مطبعة العشري، القاهرة، 2008.

17- د. محمد عبد العال السناري، أصول القانون الإداري، دراسة مقارنة، مكتبة الآلات الحديثة، القاهرة، من دون سنة نشر.

18- د. محمد فؤاد عبد الباسط، أعمال السلطة الإدارية، مكتبة الهدايا للطبع والنشر، الإسكندرية، 1989

19- د. محمد فؤاد مهنا، سياسة الإصلاح الإداري وتطبيقاتها في ضوء مبادئ علم التنظيم والإدارة، دار المعارف، القاهرة، 1978.

20- د. محمد فؤاد مهنا، مبادئ وأحكام القانون الإداري في جمهورية مصر العربية، مؤسسة شباب الجامعة، من دون سنة نشر.

21- د. محمد موسى عبد الكريم، فكرة الانحراف بالإجراء كوجه من أوجه الطعن لمجاوزة السلطة، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997.

22- د. محمود حافظ، القرار الإداري، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، من دون سنة نشر.

23- ناجي البصام، إدارة التنمية في العراق ومصر، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، بيروت، 1975.

24- د. نواف كنعان، القانون الإداري، الكتاب الثاني، دار الثقافة للنشر، عمان، 2005.

ثانياً: الرسائل والاطاريح

1- احمد بوضياف، الهيئات الاستشارية في الإدارة الجزائرية، أطروحة دكتورا مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق والعلوم الإدارية،الجزائر، 1982.

2- حمدي أبو النور السيد، الإدارة الاستشارية، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق – جامعة حلوان، 2004.

3- سناء عبد طارش، مجلس الدولة( تنظيمه وأفاق تطوره)، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق، جامعة النهرين، 2004.

4- مهند سعيد توفيق البشتاوي، عيب الشكل والإجراءات في القرار الإداري، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق – الجامعة الأردنية، 1994.

ثالثاُ: الابحاث

1- د. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، الإغراق في استعمال الإجراء، بحث منشور في مجلة العلوم الإدارية، السنة الثانية والعشرون، العدد الثاني، كانون الأول، 1980.

2- فتحي زيتون، التنمية الإدارية في القطر العراقي، بحث مقدم إلى المؤتمر العربي للتنمية الإدارية في الرياض، عن مجلس التخطيط، المركز القومي للاستشارات والتطوير الإداري، بغداد، 1978.

3- د. ماهر صالح الجبوري، ( إرادة الإدارة العامة ودورها في إعمالها القانونية- دراسة مقارنة)، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، مجلد 13، العدد الثالث، آذار 2006.

4- د. محمد إبراهيم، مبدأ الفصل بين الهيئات الإدارية والقضائية، بحث منشور في مجلة الحقوق، السنة15، العدد الأول.

5- د. محمد حاتم البيات، المشورة القانونية كعمل من إعمال المحاماة( دراسة مقارنة)، بحث منشور في مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 23، 2007

6- د. محمود حلمي، عيوب القرار الإداري، بحث منشور في مجلة العلوم الإدارية، السنة الثانية عشر، العدد الثاني، 1970.

رابعاً: الدساتير والقوانين

1- الدستور الفرنسي لعام 1958.

2- قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972.

3- قانون مجلس شورى الدولة المرقم 65 لسنة 1979

4- قانون المعاهدات رقم 111لسنة 1979.

5- النظام الداخلي للمركز الوطني للاستشارات الهندسية، رقم (1) لسنة 2007

6- قانون وزارة الأعمار والإسكان المرقم 32 لسنة 2012.

7- قانون التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة رقم 17 لسنة 2013.

8- قانون الخدمة المدنية المصري رقم 81 لسنة 2016.

خامساً: التعاميم والتقارير والدوريات والنشرات

1- تقرير المركز القومي للاستشارات الهندسية لسنة 1990.

2- دليل وزارة الإسكان والتعمير، 2008.

3- كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالعدد ( ق/2/ 27/ 1652) في 2/4/ 2009.

4- النشرة الإخبارية للمركز الوطني للتطوير الإداري وتقنية المعلومات، 2011

5- دليل المركز الوطني للتطوير الإداري وتقنية المعلومات، 2011.

سادساً: الكتب الاجنبية

 

1-CHRISTEN LAVIALIE, LE VOLUTUTION DE LA CONCEPTION DE LADECITON EXEUTOIR DROIT ADMINISTRATIVE FRANCAIC, PARIS,1974,P204.

2-YIVES WEBER,L, ADMINISTRAATION CONSULTIVE, PARIS, 1986,. 3.HOSTIOU,PROCEDUR ET FORMS DE1 , ACTE ADMINSTRTIF ANILITERAALE DROIT FRANCAYS, PARIS, 1974.

سابعاً المواقع الالكترونية

1-Www.profvb.com

2-www.starttimes.com

3-www.youm7.com

 

 

 

 

 (1) تمثلت حاجة الإدارة إلى الاستشارة في مجالات عملها المختلفة، القانونية والإدارية والفنية، ولم تقتصر على تقديم دراسة أو بيان اقتراح أو الاستعانة برأي، وإنما من خلال قيام الهيئات الاستشارية بتشخيص المشكلات وبيان أسبابها واقتراح الحلول من اجل تفاديها وإزالة أثارها، لذلك أصبح العمل الاستشاري بمثابة معين وصديق للإدارة لا يمكنها إنكار دوره وتغافله عند تعرضها لمشكلات إدارية أو اتخاذها لقرارات مهمة من اجل إنهاء أزمة أو تنظيم أمر قانوني معين ولغرض تفادي الإدارة اتخاذ قرارات ارتجالية وعشوائية من الممكن لها اللجوء إلى العمل الاستشاري والاستعانة بما تبديه من أراء عليها، يراجع في ذلك: محمد خالد مراد، الاستشارة القانونية (آلية تكوين الرأي القانوني) واقع ومرتجى، بحث منشور على الموقع الالكتروني www.starttimes.com 3/11/2018/  (.مساءا8:25) ووقت الدخول تاريخ

وأيضا، ريما محمد فرج، عقد المشورة، الطبعة الأولى، المنشورات الحقوقية، دمشق، 2006، ص95.

([2]) يتمثل العمل الاستشاري من خلال قيام الهيئات الاستشارية( التي سنبينها لاحقاً) بتقديم رأي حسب مدار الحالة المعروضة على الإدارة وفي المجال القانوني له مسميات مترادفة فقد يكون رأي قانوني أو مشورة قانونية أو استشارة قانونية والتي تبين حكم القانون في مسألة ما من خلال رأي قانوني تقدمه الجهة المستشارة المشكلة من مجلس أو هيأة من القانونين من اجل مساعدة الإدارة في حل ما معروض عليها من نزاع أو مسألة غامضة في موضوع قانوني.

والجدير بالذكر إن مهنة إعطاء الاستشارات القانونية في ظل القانون الفرنسي الصادر في 31/12/ 1971 لم يسمح لمن يزاول مهنة المحاماة بتقديم الاستشارات القانونية وعمل على فصل كلا الأمرين، ومنذ صدور القانون رقم (90-1259) في 31/12/ 1990 والذي طبق من العام 1992 بدمج مهنة المحاماة مع تقديم الاستشارات القانونية وأصبحت تمارس في المكاتب المهنية المؤسسة طبقا للتنظيم التشريعي والقانوني، يراجع في ذلك د. محمد حاتم البيات، المشورة القانونية كعمل من إعمال المحاماة( دراسة مقارنة)، بحث منشور في مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 23، 2007، ص 236 وما بعدها.

[3])) يراجع في ذلك، د. نواف كنعان، القانون الإداري، الكتاب الثاني، دار الثقافة للنشر، عمان، 2005، ص 263-264، د. ماهر صالح الجبوري، الوسيط في القانون الإداري، الطبعة الأولى، من دون دار نشر، 2009، ص 348، د. سعاد الشرقاوي، المنازعات الإدارية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1976، ص199.

[4])) د. محمد موسى عبد الكريم، فكرة الانحراف بالإجراء كوجه من أوجه الطعن لمجاوزة السلطة، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997، ص 57 وما بعدها.

[5])) د. محمود حلمي، عيوب القرار الإداري، بحث منشور في مجلة العلوم الإدارية، السنة الثانية عشر، العدد الثاني، 1970، ص 122.

[6])) د. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، الإغراق في استعمال الإجراء، بحث منشور في مجلة العلوم الإدارية، السنة الثانية والعشرون، العدد الثاني، كانون الأول، 1980، ص210، د. ماجد راغب الحلو ود. محمد رفعت عبد الوهاب، القضاء الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1994، ص732، د. علي خطار شنطاوي، موسوعة القضاء الإداري، الجزء الثاني، دار الثقافة للنشر، عمان، 2008، ص775.

[7])) د. محمد موسى عبد الكريم، مرجع سابق، ص54.

[8])) حكم محكمة القضاء الإداري المصري في 16/ 12/ 2006، الطعن رقم 7030لسنة 46 ق، مشار إلية لدى مؤلف د.ماجد راغب الحلو، القرار الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، ص171-172.

[9])) د. خالد سارة الزغبي، القرار الإداري، بين النظرية والتطبيق، الطبعة الأولى، دراسة مقارنة، عمان، 1993، ص 100.

[10])) من أساسيات العمل القضائي الفصل في خصومة قائمة بين شخصين أو أكثر، في حين أن العمل الاستشاري لا يفصل في خصومة بل يعطي رأي في موضوع معين ولا تتوفر له صفة الإلزام، كذلك اثبت الواقع استقرار الإجراءات القضائية مثل حضور الجلسات وعلانية الجلسات، بينما الأمر ليس كذلك بالنسبة للإجراءات الإدارية غير القضائية لم تتسم بطابع الاستقرار، وهو ما دفع القضاء الفرنسي إلى البحث عن مدى وجود قواعد عامة للإجراءات يتعين مراعاتها من قبل القضاء الإداري، وجهة الإدارة مع عدم وجود النص المحدد لذلك، يراجع في تفاصيل ذلك، د. محمود حافظ، القرار الإداري، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، من دون سنة نشر، ص 28وما بعدها.

([11])  يرى الفقيه ويبر أن العمل الاستشاري هو كالقرار الإداري من حيث عدم خضوعه لشكل معين، وهو ليس بحاجة إلى نشر أو تسبيب، ولكن يكون محل للرقابة القضائية من حيث الشكل والموضوع.                                                                           YIVES WEBER,L, ADMINISTRAATION CONSULTIVE, PARIS, 1986,P196.

[12])) (R) .HOSTIOU,PROCEDUR ET FORMS DE1 , ACTE ADMINSTRTIF ANILITERAALE DROIT FRANCAYS, PARIS, 1974,P55.

([13]) YEVIS WEBER,OP.Cit,pp.223,ets.

[14]))  CHRISTEN LAVIALIE, LE VOLUTUTION DE LA CONCEPTION DE LADECITON EXEUTOIR DROIT ADMINISTRATIVE FRANCAIC, PARIS,1974,P204.

[15])) p55. ,itc op,uoitosh.(R) : YEVIS WEBER,OP.Cit,pp.233,ets

[16])) YEVIS WEBER,OP.Cit,pp.228,ets.

[17])) د. محمد عبد العال السناري، أصول القانون الإداري، دراسة مقارنة، مكتبة الآلات الحديثة، القاهرة، من دون سنة نشر، ص483.

[18])) د. محمد عبد الحميد أبو زيد، المطول في القانون الإداري، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996، ص 291 وما بعدها.

[19])) مهند سعيد توفيق البشتاوي، عيب الشكل والإجراءات في القرار الإداري، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق – الجامعة الأردنية، 1994، ص 34.

[20])) د. ماهر صالح الجبوري، ( إرادة الإدارة العامة ودورها في إعمالها القانونية- دراسة مقارنة)، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، مجلد 13، العدد الثالث، آذار 2006، ص 9.

([21]) د. محمد فؤاد عبد الباسط، أعمال السلطة الإدارية، مكتبة الهدايا للطبع والنشر، الإسكندرية، 1989، ص74.

[22])) د. محمد إبراهيم الدسوقي علي، الرقابة على أعمال الإدارة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010، ص136.

[23])) د. عبد الغني بسيوني، النظرية العامة في القانون الإداري، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2003، ص446.

([24]) حمدي أبو النور السيد، الإدارة الاستشارية، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق – جامعة حلوان، 2004، ص 142 وما بعدها.

[25])) حمدي أبو النور سيد، مرجع سابق، ص 373.

[26])) يضم المجلس داخلة، خمسة أقسام ذات اختصاصات مختلفة تساعده على تقديم رأيه في الأمور المختلفة التي تستشار فيها الحكومة، وهذه الأقسام هي(قسم الداخلية- قسم المالية- قسم الأشغال العامة- القسم الاجتماعي- قسم التقارير والدراسات)، د. ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري، مرجع سابق، ص 74 وما بعدها.

[27])) تراجع في ذلك المواد(39/2- 38- 37/2) من الدستور الفرنسي لعام 1958.

 

([28]) د. عبد الغني بسيوني، القضاء الإداري، منشأة المعارف، الإسكندرية، ص88 وما بعدها.

[29])) د. محمد إبراهيم، مبدأ الفصل بين الهيئات الإدارية والقضائية، بحث منشور في مجلة الحقوق، السنة15، العدد الأول، ص48.

[30])) د. عصمت عبد المجيد بكر، مجلس الدولة، دار الكتب العلمية، 2011، ص53.

[31])) احمد بوضياف، الهيئات الاستشارية في الإدارة الجزائرية، أطروحة دكتورا مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق والعلوم الإدارية،الجزائر، 1982، ص 228 وما بعدها.

[32])) المواد (69- 70-71) من الدستور الفرنسي لعام 1958.

([33]) المجلس الاقتصادي والاجتماعي، نماذج بالمغرب وفرنسا، مقال منشور على الموقع الالكتروني، www.profvb.com   (تاريخ ووقت الدخول، 9/11/2018/ الساعة 11 مساءا).

[34])) المادة (70) من الدستور الفرنسي لعام 1958، وأيضا احمد بوضياف، مرجع سابق، ص 234.

[35])) احمد بوضياف، المرجع السابق، ص 241.

[36])) أحمد بوضياف، مرجع سابق، ص 244.

[37])) وفقاً للمادة (63) من قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972، التي حددت مهام قسم التشريع ضمن المجال التشريعي فقط، ولا يمكن له إبداء رأي في المجال الإداري الذي نص( على كل وزارة أو مصلحة قبل استصدار إي قانون أو قرار من رئيس الجمهورية ذي صفة تشريعية أو لائحية، أن تعرض المقترح على قسم التشريع لمراجعة صياغته ويجوز لها أن تعهد إليه بإعداد هذه التشريعات).

[38])) د. سالم بن راشد العلوي، القضاء الإداري، الجزء الأول، دراسة مقارنه، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2009، ص94.

[39])) تباشر هذه اللجان عملها بموجب المادة (61) من قانون مجلس الدولة الحالي رقم 47لسنة 1972 من خلال ما يتم الإحالة إليها من قبل رئيس إدارة الفتوى، ولم يلزم القانون رئيس إدارة الفتوى بالإحالة إليها بل تكون الإحالة وفقا لسلطته التقديرية، إذا كانت المسائل تدخل في اختصاصها، كذلك أن الإدارة غير ملزمة بأخذ رأيها طالما أن القانون لم يلزمها في ذلك، وتتعلق موضوعاتها بالآتي:

  • الالتزام الذي يتعلق في مورد من موارد الثروة الطبيعية2- صفقات التوريد والإشغال العامة3- الترخيص في تأسيس الشركات التي ينص عليها القانون4-المسائل التي تكون محل خلاف بين إدارات ولجان قسم الفتوى أو لجانه)، يراجع في ذلك المادة(61) من قانون مجلس الدولة المصري.

[40])) د. محمد فؤاد مهنا، مبادئ وأحكام القانون الإداري في جمهورية مصر العربية، مؤسسة شباب الجامعة، من دون سنة نشر، ص 457.

[41]))  د. محمد عبد الحميد أبو زيد، دور القضاء في علو القانون، مطبعة العشري، القاهرة، 2008، ص 118.

[42])) يراجع في ذلك، المادة (66) من قانون مجلس الدولة المصري، وأيضا د. سعاد الشرقاوي، القضاء الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1984، ص 136 وما بعدها.

[43])) حدد القرار الجمهوري الخاص بالعدد 3418 في 1971عدد المجالس القومية واختصاصاتها وهذه المجالس هي: المجلس القومي للإنتاج والشؤون الاقتصادية، والمجلس القومي للتعليم والبحث العلمي والتكنولوجي، والمجلس القومي للثقافة والفنون والآداب والإعلام، والمجلس القومي للخدمات والتنمية الاجتماعية، يراجع في ذلك د. محمد فؤاد مهنا، سياسة الإصلاح الإداري وتطبيقاتها في ضوء مبادئ علم التنظيم والإدارة، دار المعارف، القاهرة، 1978،ص 340.

([44]) عند اجتماع الجمعية التأسيسية لوضع الدستور المصري تبنى رأي إلغاء هذه المجالس، أو تقسيم المجالس القومية على الوزارات المتخصصة، وهناك من أيد الإبقاء على هذه المجالس وضرورة بقائها مع إلزام ما تقدمه من أراء استشارية وإلزامية وتوصيات، لما تضمه من علماء ومثقفبن ووزراء سابقين في مختلف المجالات، يراجع في ذلك شيماء حمدي، غضب بين موظفي المجالس القومية المتخصصة عقب طرح فكرة إلغائها، مقال منشور على الموقع الالكترونيwww.youm7.com، ص2،( تاريخ ووقت الدخول 10/11/2018/ السابعة مساءا).

[45])) د. أنور رسلان، أصول الإدارة العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1995، ص172.

([46]) حل مجلس الخدمة المدنية الذي انشأ بموجب قانون الخدمة المدنية المصري الجديد رقم 81 لسنة 2016 محل لجنة شؤون العاملين التي تضمنها قانون العاملين المدنين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، والذي كان يعمل على تقديم الاقتراحات والآراء فيما يتعلق بشؤون موظفي الدولة طبقاً للمادة (4) من قانون العاملين المدنين رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1978.

[47])) يراجع في ذلك المادة الثالثة من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 الفقرات (أ-ب-ج-د-ه-و-ز).

[48])) تنص المادة الثالثة من قانون الخدمة المدنية المصري على ان يتألف مجلس الخدمة من رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وعضوية كل من:

  • رئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع2- رئيس قطاع الخدمة المدنية بالجهاز3- رئيس قطاع الموازنة العامة بالدولة4- عضو من المنظمات النقابية المنتخبة يختاره الاتحاد العام لنقابات عمال مصر4- أربعة خبراء في الإدارة والموارد البشرية والقانون، يختارهم الوزير المختص لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد ولمرة واحدة،

[49]) ) ورد كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالعدد ( ق/2/ 27/ 1652) في 2/4/ 2009، ثالثا 6 على تأكيد تشكيل هيأة مصغرة للرأي داخل الدائرة أو القسم القانوني تتولى دراسة وبحث القضايا المهمة والعاجلة والتي تتطلب أغناء الرأي القانوني.

[50])) سناء عبد طارش، مجلس الدولة( تنظيمه وأفاق تطوره)، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق، جامعة النهرين، 2004،ص20.

[51])) المادة (1/أولا/ م/2/أولا) من قانون رقم 17 لسنة 2013، قانون التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة.

[52])) يقدم مجلس الدولة آرائه بشأن التقنين بوصفه جهازاً فنياً، بالإضافة إلى إبداء الرأي كونه مستشار القانوني للدولة.

[53])) المادة(4) من التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة المرقم 65 لسنة 1979.

([54]) سناء عبد طارش، مرجع سابق، ص 23 وما بعدها.

[55])) المادة(6) من قانون مجلس شورى الدولة المرقم 65 لسنة 1979.

[56])) المادة(4/1) من قانون المعاهدات رقم 111لسنة 1979، المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 271 في 17/ 9/ 1979.

[57])) المادة(6/3) من قانون مجلس شورى الدولة المرقم 65 لسنة 1979.

([58]) صباح صادق جعفر الانباري، مجلس شورى الدولة، الجزء الأول، الطبعة الأولى، ص17.

[59])) فتحي زيتون، التنمية الإدارية في القطر العراقي، بحث مقدم إلى المؤتمر العربي للتنمية الإدارية في الرياض، عن مجلس التخطيط، المركز القومي للاستشارات والتطوير الإداري، بغداد، 1978، ص2 وما بعدها.

[60])) بين قسم الاستشارات والنظم العائد للمركز، بأن القسم المذكور قدم من عام 2008 ولغاية 2011 (72) مهمة، في مجال تقديم الخدمات الاستشارية، حيث قدم المركز وبناء على طلب من مجلس النواب خدمات استشارية لإعداد دليل خاص بالوصف الوظيفي للعاملين في دوائر المجلس، فضلاً عن المجالات الأخرى المتمثلة، هندسة الموارد البشرية، ترقية العاملين، وضع برامج السلامة والأمن، لمزيد من التفاصيل يراجع في ذلك، النشرة الإخبارية للمركز الوطني للتطوير الإداري وتقنية المعلومات، 2011، ص2، و دليل المركز الوطني للتطوير الإداري وتقنية المعلومات، 2011، ص 6.

([61]) ناجي البصام، إدارة التنمية في العراق ومصر، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، بيروت، 1975، 315.

[62])) المادة(8/ف/ رابعاً والمادة 15/ ف/ أولا وثانيا وثالثاً) من قانون وزارة الأعمار والإسكان المرقم 32 لسنة 2012، والمنشور في جريدة الوقائع العراقية رقم 4238 في 7/5/2012.

([63]) تقرير المركز القومي للاستشارات الهندسية لسنة 1990، مطبعة الأديب البغدادية، ص3 وما بعدها، وأيضا، دليل وزارة الإسكان والتعمير، 2008، ص32.

[64])) المادة الأولى من النظام الداخلي، للمركز الوطني للاستشارات الهندسية، رقم (1) لسنة 2007.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى