حرية الرأي والتعبير
حرية الرأي والتعبير
حرية الرأي والتعبير
حرية الرأي والتعبير
بقلم الحقوقيـة: لين ياسر برهم…. *
تعرّف حرية التعبير بقدرة الفرد أن يعبر عن آرائه وأفكاره بحرية تامة وبكافة الوسائل المتاحة بغير تدخل أو رقابة من الغير. وتشمل حرية التعبير نوعين، الأول حرية اعتناق آراء معينة وتلقيها، وهي تكون أمر داخلي بوجدان الفرد. أما الثانية حرية التعبير عن هذه الآراء ويتم ممارستها من خلال عرض الفرد لآراءه للآخرين، ولكن ممارستها تحتاج إلى ضمان وحماية وعدم إضرارها بحقوق الآخرين أو بالمصلحة العامة[1].
هناك العديد من الحقوق والحريات التي يمتلكها الفرد، ومن هذه الحقوق الحق في حرية الرأي والتعبير والفكر، وتتعدد أنواع البحث عن المعلومات والأفكار، بالإضافة إلى تلقيها ونقلها للآخرين، بغض النظر عن الحدود المقررة، وسواء أكان ذلك شفاهةً، أو كتابةً، أوطباعةً، أو في قالب فني، أو بأي وسيلة أخرى يقوم باختيارها[2](الفقرة 2 من المادة 19 من العهد الدولي).
يمكن أن تكون ممارسة الحقوق موضوعاً لفرض المسؤوليات اللاحقة، فبالتالي لا يجوز أن يتم إخضاع ممارسات الحقوق التي نصُّ عليها أعلاه لرقابة مسبقة، وهذه المسؤوليات يحددها القانون صراحةً، وتكون ضرورية ولازمة من أجل ضمان عدة أمور وهي:
- احترام سمعة الآخرين واحترام حقوق الآخرين.
- حماية النظام العام، أو الأمن العام، أوالصحة العامة، أو حتى الأخلاق العامة، فليس من الجائز تقييد حق التعبير، بغض النظر عن الأساليب والوسائل المتعبة سواء مباشرة أو غير مباشرة، مثل: التعسف في الإشراف الحكومي أو غير الرسمي على الصحف، أو على تردد موجات الإرسال التلفزيونية أو الإذاعية، أو الآلات أو الأجهزة التي تستعمل في نشر المعلومات، أو في أي وسيلة ثانية من شأنها أن تقوم بعرقلة نقل الأفكار والآراء وانتشارها وتداولها[3].
وهذا ما جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وعلى الرغم من ما جاء في الفقرة (2) من المادة (19)، إلا أنه يمكن إخضاع وسائل التسلية العامة إلى رقابة مسبقة ينص عليها القانون، وذلك من أجل تنظيم الحصول عليها، لضمان الحماية الأخلاقية للأطفال والمراهقين. كما وأن تشكيل التحريض على العنف الذي يخالف القانون، أو أي عمل غير قانوني آخر ومشابه ضد أي شخص أو ضد مجموعة أشخاص مهما كان سببه، بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق، أو الأصل القومي أو اللغة، وذلك من خلال الكراهية العرفية أو القومية أو الدينية، تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون[4].
حرية الرأي تعتبر مقدمة أساسية لكي تشكل شخصية الإنسان سياسياً واجتماعياً، وتعتبر المدخل الأساسي من أجل تكوين قناعة ذاتية باتجاه فكري أو بآخر، أو بتكذيب معلومة أو بتصديقها. وهي أمر بداخل الإنسان يتشكل من خلال اجتهاده الشخصي، أي ليس بعمليات غسيل المخ لحقن يقينه الداخلي بقناعة متعسفة[5]. فلذلك يمتاز الحق في التعبير والرأي بالصبغة القانونية، حيث تم تنظيمه من الناحية الدولية:
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في نص المادة (19): حيث أتى بأن كل شخص يملك حق في التمتع بحرية التعبير والرأي، والحق هذا يشتمل على: التماس الأفكار والأنباء، وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأي وسيلة كانت ودونما اعتبار للحدود، ويشتمل هذا الحق على حرية اعتناق الآراء دون مضايقة[6].
- ونظم هذا الحق أيضاً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، في المادة (19): أن لكل إنسان الحق في أن يعتنق آراءه دون مضايقة، كما ونص على عدة بنود في المادة (19) والتي نظمها كتاب حقوق الإنسان للدكتور زكريا المصري، والتي ذكرتها أعلاه[7].
أما من الناحية المحلية فقد نظّم القانون الأساسي الفلسطيني الحق في حرية التعبير والرأي في المادة (19): حيث لا يتم المساس بحرية الرأي ولكل انسان حق التعبير عن رأيه، سواء بنشر قوله أو كتابته أو غير ذلك من الوسائل الخاصة بالتعبير أو الفن، وذلك مع مراعاة أحكام القانون[8].
تعتبر مساحة الحرية من منطلقات شخصية الإنسان وذلك دون تدخل مخل من جانب الأفراد والسلطات، كما وتعتبر مساحة بكر. ومن خلال حرية الرأي يقدر الإنسان أن يحدد موقفه من انتمائه لمؤسسة اجتماعية أو حزب معين، وهذا هو أساس ديمقراطية التنظيم الاجتماعي والسياسي، من غير حرية الرأي لن يكون هناك انسان اجتماعي وسياسي وفق مفهوم الإيجابية الإنسانية في الحياة الاجتماعية والسياسية، فبذلك تسود اللامبالاة والسلبية ويكون هناك انفصال وجداني بين الإنسان والسلطة أو حتى بينه وبين المجتمع عموماً، وهذا يعتبر أكبر آفات التدني والتخلف والتراجع عن التنمية والتقدم، نظراً لغياب الإبداع الشخصي ف شتى المجالات. تبني حرية الرأي الذات الإنسانية المتميزة لكي لا يكون الفرد إمعة، فالمشاركة الإنسانية التي تعد مظهر للنشاط الإنساني الذي يبدأ داخلياً بتكوين رأي حر[9].
ترتبط حرية التعبير بالمشاركة الإنسانية حيث ألحقتها المادة (19) من الإعلان بحرية الرأي، واعتبرتا وجهين لعملة واحدة، يلزمهما حرية في التحري والبحث عن المعلومات وتلقيها وإذاعتها، وذلك بأي وسيلة كانت. أما المادة (19) من العهد الدولي تفرد الفقرة الأولى لحرية اعتناق الآراء وذلك باعتبارها حرية مطلقة لا تستطيع السلطات أو الأفراد التدخل فيها. بينما حرية التعبير فليست كذلك، فقد قيّدت لحد من إطلاقها وهذا ما رأيناه فيي الفقرة الثانية والثالثة[10].
ترتبط حرية الرأي بالحق في المعلومات، حيث يتم إظهارهما معاً حرية التعبير بقدر ما يكونا أساساً لها، فمن أجل أن يعبر الإنسان عما بداخله يحتاج إلى أن يكون بداخله أفكار، فبالتالي يحتاج إلى معلومات يبحث عنها ثم يتلقاها بحرية، فمصادرة منبع المعلومات يمنع من تداول المطبوعات، كما والتشويش على الإذاعات يعتبر حد لمنبع من منابع المعلومات التي تلزمنا كي نكوّن الرأي بحرية، ثم فتح الطريق للتعبير بحرية. ويكون الاعتداء على حرية الرأي إذا ما صودر حق الإنسان في الخطابة أو الكتابة أو الرسم أو غيرها من الطرق.
بقلم الحقوقيـة: لين ياسر برهم…. *
* عن موسوعة ودق القانونية….