حقوق الانسان في العراق واجب الحكومة الاول
حقوق الانسان في العراق واجب الحكومة الاول
ابراهيم المشهداني
2010 / 10 /3
عممت وزارة حقوق الانسان كراسا معد اعدادا جميلا تحت عنوان اثر الارهاب على حقوق الانسان لعام 2009ووضعت له السيدة المهندسة وجدان سالم وزيرة حقوق الانسان مقدمة اشارت فيها الى النجاحات التي تحققت في مطلع عام 2009متمثلة من بين امور عديدة ذكرتها في المقدمة جاهزية القوات الامنية العراقية في استلام الملف الامني بعد انسحاب القوات الأمريكية وطمأنتنا الست الوزيرة ان عجلة التصدي للارهاب ما زالت تمضي قدما من خلال تشخيص الجماعات الارهابية وان كانت تسعى لذلك من خلف الحدود واختتمت مقدمتها بمسؤولية الحكومة عن وضع الستراتيجيات والسياسات للقضاء على مظاهر العنف بواسطة فرض القانون الذي يضمن تحقيق الامن والامان للانسان وعدم انتهاك حقوقه وفي هذه الفقرة اشارة الى عين الحقيقة عندما حملت الحكومة المسؤولية المباشرة في الحفاظ على حقوق الانسان العراقي .
ان حقوق الانسان التي عبرت عنها الست الوزيرة لا تتوقف عند معبر الامن وانما يمر عبر معابر دستورية وقانونية سياسية واجتماعية واقتصادية ومختلف الحريات العامة وقبل هذا وذاك حقه في تامين العيش الرغيد والتمتع بحقه في خيرات العراق وموارده الوفيرة وحقه في توفير فرص العمل بل وحقه في محاسبة الحاكم عندما يجد حقه مسلوبا في كل هذه الميادين عبر نظام قضائي لا يطاله الشك ولو من بعيد .
ولم يغفل الكراس التعريف بالمواثيق الدولية المعنية بمكافحة الارهاب ومنها اتفاقية جنيف لمنع ومعاقبة الارهاب الا ان هذه الاتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ بسبب عدم التصديق عليها من جانب الدول الموقعة وكانت
وكانت الهند هي الدولة الوحيدة التي صادقت على هذه الاتفاقية . كما إن المجتمع الدولي وضع ومنذ عام 1963 ثلاثة عشر صكا قانونيا عالميا لمنع الاعمال الارهابية وان اهم انجازات منظمة الامم المتحدة هو قيامها بوضعها نظام معاهدات واتفاقيات دولية توفر الاطار القانوني لقمع الإعمال الإرهابية وملاحقة مرتكبيها والحد من
إمكانية حصولهم على المواد التي يحتاجونها في إعمالهم الإرهابية …..الخ
وتوقفت الدراسة عند التشريعات الوطنية المتعلقة بضحايا الارهاب ومنها قانون تعويض المتضررين جراء العمليات والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية رقم 20 لسنة 2009 ، وقانون وزارة الهجرة والمهجرين المرقم21 لسنة 2009 والمتعلق برعاية المهاجرين والمرحلين والنازحين واللاجئين قانون مكافحة الإرهاب
وقانون شبكة الحماية الاجتماعية ومقترح قانون رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة ومقترح قانون رعاية الطفولة
ومقترح قانون استيراد الألعاب النارية للأطفال .
ولم يخلو الكراس من الاحصائيات المتعلقة بضحايا الاعمال الارهبية فبينت الدراسة إن مجموع الجرحى لعام 2008كان 22357بينهم18532 من الرجال و2123 من النساء و1702 من الاطفال فيما كان عدد الشهداء لنفس العام 7438 بينهم 6095 من الرجال 637 من النساء في حين كان عدد الشهداء من الاطفال 406اما في عام 2009 فقد أشارت الدراسة إلى إن عدد الضحايا من الجرحى والشهداء كان مايلي :
مجموع الجرحى 15935 بينهم 12553من الرجال و2338 من النساء و1044 من الاطفال اما عدد الشهداء فكان 4068 بينهم 3267 من الرجال 439 من النساء و362 من الاطفال ولم تنس الدراسة الاحصاءات المتعلقة بالضحايا من منتسبي الدولة ففي عام 2008 قدمت وزارة الداخلية 874 شهيدا و2794جريحا و35 مفقودا اما في عام 2009 فقدمت الوزارة المذكورة 360 شهيدا و1123 جريحا و19 مفقودا فيما قدمت وزارة الدفاع في عام 2008 147 شهيدا و395 جريحا و21 مفقودا وفي عام 2009 قدمت 171 شهيدا و836 جريحا و2مفقودا إما الوزارات ا المدنية فلم تكن بمنأى عن الإعمال الإرهابية فها هي وزارة الكهرباء تقدم عام 2008 20 شهيداوثلاثة جرحى وفي عام 2009 قدمت 886 شهيدا و588 من الجرحى و55 مفقودا فيما قدمت وزارة النفط في عام 2008 14 شهيدا و22 جريحا و4مفقودين بينما قدمت في عام 2009 471 شهيدا و1329 جريحا وثلاثة مفقودين اما وزارة الاسكان فقدمت في عام 2008 17 شهيدا و6جرحى وفي عام 2009 5 من الشهداء و25 جريحا .
ولم تنس الوزارة المذكورة في دراستها الاشارة الى ظاهرة الجثث المجهولة التي تمثل ظاهرة الاغتيالات
التي تمارسها المافيات والمنظمات الارهابية فقد ذكرت بعض الاحصائيات رغم تواضعها الا انها تدلل على استمرار هذه الظاهرة التي ظهرت بواكيرها عام 2005 ففي عام 2009 وهو العام الذي يفترض فيه تحقق الاستقرار الأمني كان عدد الضحايا 1152منها 988 جثة تم التعرف عليها و164 جثة مجهولة الهوية
لقد استغرقت الدراسة في التوقف عند الجهد الحكومي في مواجهة الإرهاب وملف التهجير والنزوح القسري مبينة ان عدد المهجرين قد وصل لغاية 20/6/2009الى1392746والصعوبات التي تواجهها العوائل النازحة من شظف العيش وسوء الخدمات بمختلف انواعها كما توقفت عند العوائل المهاجرة الى الخارج وخاصة في دول الجوار وحسب احصائيات وزرارة الهجرة والمهاجرين والمفوظية السامية لشؤون اللاجئين فان عدد اللاجئين في دول الجوار بلغ525629مواطن عراقي منهم10200 في مصر و150000 في لبنان و150000في الأردن اما في سوريا فان العدد يصل الى 215429 .
وجدير بالذكر ان الدراسة احتوت على ملفات تفصيلية تتعلق باستهداف الاقليات ،المسيحيون والصابئة والايزيديون ،وملف ضافي عن اثر الإرهاب على الفئات المستضعفة في المجتمع العراقي ،كما عبرت عنها الدراسة ،تناولت فيه موضوعات العنف ضد المرأة ظهرت تجلياتها في سقوط 2123 شهيدة و637 جريحة نتيجة الإعمال الإرهابية وسلب حق الحياة من الطفل من نفس القوى الظلامية حيث أدت إعمالهم الإجرامية إلى سقوط 2746شهيدا و768 جريحا في عامي 2008و2009 إضافة إلى بروز ظاهرة اليتم في المجتمع العراقي كعملية متراكمة بسبب الحروب التي شنها الديكتاتور وضحايا الاحتلال والعنف الطائفي الذي وقع لاحقا ولم تكن قضية ذوي الحاجات الخاصة اقل شاننا من التداعيات الاجتماعية التي أصابت مختلف شرائح المجتمع .
وقفة تقييميه
• لابد من الاعتراف إن وزارة حقوق الإنسان قد وضعت مصدرا غاية في الأهمية سواء بالنسبة للحكومة وهي الجهة المسئولة بالدرجة الأساسية عن ضمان الأمن والأمان للشعب العراقي بمختلف شرائحه الاجتماعية والقومية وأقلياته الدينية ولا ينبغي إن يتوقف دور وأهمية هذا المصدر للباحثين والمتتبعين فقط وإنما يجب إن توضع الخطط والآليات لتنفيذه في ذات الوقت الذي ينبغي إن لا يتوقف الطموح عند إبقاء وزارة حقوق الإنسان كباحثة ودارسة لمشاكل المجتمع وحقوق الإنسان العراقي المعذب فقط وإنما إن يكون دورها اكبر من ذلك بكثير لا سيما إن أوضاع الإنسان العراقي مستلبة في مختلف الميادين فلا تغرينا الشعارات البراقة التي ترفع في مواسم الانتخابات الأمر الذي يتطلب وضع هذه الوزارة في مستوى أكثر من سيادية وهو التعبير الذي ظهر بعد سقوط النظام وبات هدفا للكتل التي تحقق بمعايير الطائفية والاثنية فوزا برلمانيا لتأخذ حصتها من الوزارات السيادية وهذا الدور الذي نتحدث عنه لوزارة حقوق الإنسان إن تكون وزارة سيادية وان تتمتع بسلطة اتخاذ القرارات واجبة التنفيذ من قبل جهات عديدة وخاصة الوزارات الأمنية وان تستند إلى تشريعات قانونية في قراراتها وهذا الهدف نضعه إمام البرلمان الجديد .
• لقد انطوت الدراسة على طائفة واسعة من التوصيات الايجابية في كل فصل من فصول الدراسة وهي ذات إبعاد إنسانية تستهدف التخفيف من معانات الشرائح التي تعرضت لمختلف صنوف الاذي والحرمان والتي أوردتها الدراسة بالتفصيل ما يتطلب من الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني إن تضع الإستراتيجيات والبرامج لتنفيذ هذه التوصيات بالتنسيق مع وزارة حقوق الإنسان .
• وبالرغم من الجهود التي بذلتها الوزارة في إعداد هذه الدراسة إلا أنها جاءت مفتقرة إلى الإحصائيات للسنوات السابقة لعامي 2008و2009 المتعلقة بضحايا الأخطاء العسكرية لقوات الاحتلال والشركات الأمنية التي تعاقدت معها والتي كانت تقتل الناس بدعوى التهديد والمطالبة بالتعويضات المجزية لعوائل الضحايا .وكذلك ما سببته الصراعات الدموية الطائفية التي كانت تقف ورائها جهات حاكمة وأخرى خارجية وكانت حربا حقيقة لا ينبغي بأي وجه من الوجوه التخفيف من أثارها بل إن خطورة هذا الأمر واحتمالات تجدده يتطلب من الجميع الناي
بنفسها عن تشكيل المنظومات الميليشياوية وتجريدها من أسلحتها هذا إذا أردنا بناء مجتمع مسالم ومتصالح مع نفسه وكان على الوزارة التوقف عند هذا الأمر بالدراسة والتحليل .
• إن الحقوق التي تضمنها قانون تعويض المتضررين رقم 20لسنة 2009من جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الحربية غير كاف لجبر خواطر عوائل الضحايا والتي تعاني بالأصل من شظف العيش فكيف بها عندما تفقد معيلها الوحيد ؟الأمر الذي يتطلب إعادة النظر بهذا القانون وتعديله بما يعيد البسمة إلى أيتام وأرامل الضحايا وهذ أفضل بكثير من توزيع الأراضي على ضفاف دجلة للميسورين من وزراء الدولة وموظفيها الكبار الذي لم يسكنوا في خيمة وبيت أيل للسقوط
• كان على الدراسة إن تتوقف بصورة جدية عند قضية المعتقلين وطرق اعتقالهم والظروف البيئية للمعتقلات والسجون وأساليب التعامل مع المعتقلين فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته وآيا كانت القوة الجرمية للمعتقلين فكل القوانين الدولية أعطت الحق للمعتقل الدفاع عن نفسه وان الأجهزة الأمنية مدعوة للاعتماد على الأدلة والمبرزات الجرمية والحكم وفقا للقانون والابتعاد ما أمكن عن الاعتقالات العشوائية فان من شان ذلك إن يخلق أعداء جدد للعملية السياسية التي نطمح إلى تعميق محتواها الديمقراطي فضلا عن ذلك كله الاتفاق مع القوات الأجنبية تسليم المعتقلين في سجونها مع ملفاتهم إلى السلطات العراقية للتعامل معهم وفق القوانين العراقية .
• إن تحقيق الأمن عن طريق فرض القانون وحده كما جاء في المقدمة التي كتبتها معالي وزيرة حقوق الإنسان لا يكفي إلا إذا اقترن بحزمة من التشريعات والإجراءات الاجتماعية والاقتصادية وتوفير الخدمات الأساسية الصحية والتعليمية والبيئية وغيرها .
• إن الدراسة التي أعدتها وزارة حقوق الإنسان تظل مرجعية أساسية وهامة لكل من يعنيهم الأمر من مؤسسات حكومية ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية ومؤسسات جامعية ودراسات بحثية .*
* عن الحوار المتمدن…..