الاقتصادية

خارج النسق.. سياسة الإغراق وأثرها على الإنتاج الزراعي

تعرف سياسة، الإغراق بأنها حالة من التمييز في تسعير منتج ما وذلك عندما يتم بيع ذلك المنتج في سوق بلد مستورد بسعر يقل عن سعر بيعه في سوق البلد المصدّر، وتشكل الفروقات في الأسعار هذه تجارة غير منصفة تسبب ضرراً للإنتاج في الدولة المستوردة وقد يصل سعر المبيع في الدولة المستوردة إلى مستويات منخفضة جداً وما دون التكلفة يستهدف بشكل مقصود إزالة منافسين يصنعون منتجات شبيهة أو يؤخر قيام صناعة بسبب وجود واردات من السلعة بأسعار إغراق. وفي أغلب الحالات يجب أن تتخذ سلسلة طويلة من التحليلات المعقدة لمعرفة السعر المناسب في سوق البلد المصدر وهو ما يعرف بالقيمة العاديّة، ومعرفة السعر المناسب في سوق البلد المستورد وهو ما يعرف بسعر التصدير، وتحديد أسلوب مقارنة مناسب بين السعرين. إن، الإغراق عادة ما يحدث من دول تكون قيمة عملاتها أقل من قيمة عملة الدول المستوردة مقارنة بأسعار العملات الصعبة.

تعد ظاهرة ،الإغراق السلعي في العراق واحدة من التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي ولا سيما بعد 2003  حيث شهدت السوق العراقية انفتاحا كبيرا أمام السلع المستوردة من مختلف دول العالم والتي تكون ذات نوعية رديئة ورخيصة الثمن مما أدى إلى منافستها للمنتجات المحلية وكان ذلك أحد أسباب انكشاف الاقتصاد العراقي على العالم الخارجي ، اضف إلى ذلك ضعف القدرة على تكوين قاعدة وطنية لتطوير القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية وبالتالي عدم القدرة على منافسة السلع الأجنبية من حيث النوعية والسعر، الأمر الذي أدى إلى استشراء هذه الظاهرة في السوق العراقية وساعد في ذلك غياب القوانين والتشريعات التي تحكم عملية الاستيراد مما ترتب عليه هدر في الموارد المادية والبشرية واضعاف القاعدة الصناعية للبلد وتراجع القطاع الزراعي وزيادة معدلات البطالة وزيادة الميل نحو الاستهلاك اكثر مما كان عليه سابقا .

هناك عدة اسباب لظاهرة، الإغراق السلعي في العراق منها: –

  1. تعطيل قانون التعرفة الجمركية على الاستيرادات أدى إلى انخفاض اسعار السلع المستوردة حيث لم يتم سوى فرض ضريبة إعمار العراق بنسبة (5%) باستثناء الغذاء والدواء وهي نسبة متدنية لا توفر الحماية الكافية للمنتجات الوطنية.
  2. وجدت دول الجوار خاصة والدول الأخرى عامة في العراق بعد 2003 سوقا واسعة لتسويق منتجاتها ذات النوعية الرديئة اذ غزت السوق المحلية دون أن تخضع لرقابة كافية لفحص النوعية خاصة السلع الغذائية منها التي وجد الكثير منها منتهي الصلاحية.
  3. انسحاب الجهات الزراعية من توفير مستلزمات الانتاج الزراعي من بذور واغطية بلاستيكية ومواد مكافحة الأمراض مما جعل المزارع العراقي ضحية، الإغراق لاستيراد سلع زراعية منتجة من دول الجوار.
  4. ضعف هيئات التقييس الكمي والنوعي لتحديد ومتابعة السلع والصناعات ومدى جودتها.
  5. غياب الأجهزة الرقابية وعدم كفاية المختبرات المزودة بالأجهزة والكوادر المتخصصة مما انعكس سلبا على صحة المواطن العراقي، حيث أشارت إحدى إحصائيات حماية المستهلك إلى أكثر من 50% من السلع المستوردة غير صالحة للاستهلاك البشري.

ونظرا لتدهور الانتاج الزراعي في العراق بسبب سياسات، الإغراق فقد ترك العديد من الفلاحين مزارعهم وأصبحوا عاطلين عن العمل نتيجة السياسات الخاطئة وأساليب العمل غير الكفؤة التي أدت إلى تدهور وتخلف القطاع الزراعي والذي ساعد على ذلك هو عدم تفعيل قانون التعرفة الجمركية وقانون حماية المنتج ومكافحة الإغراق الأمر الذي أضعف من قدرة المنتوجات المحلية….. *

* عن جريدة طريق الشعب…

زر الذهاب إلى الأعلى