عامة

درجة الوعي ومشكلة الإدمان

درجة الوعي ومشكلة الإدمان

بقلم: غنيمة حبيب كرم
يتمتع الأفراد في كل المجتمعات بدرجات متفاوتة من الوعي الذي ينعكس بشكل جلي على التصرفات والسلوك، حيث لا يمكن أن تتشابه الأسر في المعرفة والخبرة اللتين تشكلان درجة الوعي لديها، فهناك بعض الأسر يحاولون بشتى الطرق أن ينكروا وجود مدمن في المحيط الأسري، مدعين بأن ما يمر به المدمن نتيجة مرحلة عمرية مؤقتة وسوف تزول عند تجاوز تلك المرحلة، ويبقى الحال كذلك إلى أن تتفاقم مشكلته، ومنها تبدأ رحلة البحث عن العلاج.
ولعل قلة الوعي لدى الأهالي وخشيتهم على أبنائهم يدفعهم في بعض الأحيان إلى ارتكاب أخطاء جسيمة من خلال تأمين المادة للمدمن بزعم أنهم لا يريدون أن يلجأ إلى السرقة، أو إقناعه بتعاطي أنواع أقل خطورة، والذي قد يكون سببا في تمادي المدمن في الاستمرار بالتعاطي، ويقف ذلك عائقا أمام رغبته في التعافي طالما استطاع الاستحواذ على عاطفة اسرته وتفهمهم لحالته.
وهناك أسر ردود أفعالهم تختلف عما ذكرناهم أعلاه، ففي حال اكتشافهم بأن هناك مدمنا في أسرتهم نجدهم يسارعون في البحث عن حلول من دون الالتفات لنظرة المجتمع بعد أن يدركوا بأن الادمان مرض يحتاج علاجا، وليس جريمة أخلاقية تستوجب العقاب.
وعند توقف المدمن عن التعاطي بعد علاجه نجد هذه الاسرة تحاول تثقيف نفسها من خلال الاطلاع على مشكلة الإدمان وطبيعة مرضه، والتعرف على المسببات التي كان لها دور في إدمانه، وكذلك التعرف على الاساليب التي تساعده في استمرارية التعافي، وتحاول الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين من الاسر التي لديها نفس الهم وتعاني من نفس المشكلة، ما يجعل الأهالي على درجة أعلى من الوعي، ويحول دون وقوعهم في الأخطاء التي تؤدي في النهاية إلى انتكاسته، فالوعي يجعل الأسر يدركون حجم المشكلة، وهذا يعتبر من أعلى درجات الوعي المكتمل.
وهناك أمثلة أخرى كثيرة توضح الحاجة إلى الوعي في مشكلة الإدمان، وما أوردناه من أمثلة كان لتوضيح أهمية العمل على توفير القدر الكبير من الوعي لدى الأسر، ولا يرتبط ذلك على الأسر التي تعاني فقط من وجود مدمن فيها، ولكن الوعي مطلب لجميع أفراد المجتمع، فهي غاية لا بد أن نعمل على توفيرها، لأنه يشكل طوق أمان لحماية الأفراد من الوقوع في شرك الإدمان، ويفتح أبواب الأمل للأسر التي تعاني من وجود مدمن فيها.
فالوعي المجتمعي هو السبيل لمواجهة كافة المشكلات الاجتماعية، وهو أيضا سلّم يمكن أن نرتقي من خلاله لأعلى درجات الرقي والتحضر والنجاح.

كاتبة كويتية

g.h.karam@hotmail.com

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى