رحلة المفاوضات العراقيه المائيه مع الدول المتشاركه هل من نهايه
رحلة المفاوضات العراقيه المائيه مع الدول المتشاركه هل من نهايه
عبد الكريم حسن سلومي
2019 / 3 /15
تسعى بعض دول المنطقه المحيطه بالعالم العربي ومن منتصف القرن العشرين الماضي للسيطره على منابع المياه العذبة
وتتبع تركيا ومنذ عقود سياسة مائية تحاول فيها بسط سيطرتها على موارد المياه في منابعها والتحكم بالمياه الداخله لدول الجوار المتشاركه معها بالانهار الدوليه وروافدها وتسعى لاستثمار كميات هائله من المياه ومساحات واسعه من الاراضي
لقد بدأت تركيا فعلا تنفيذ مشاريع عملاقة لإنشاء السدود من منتصف القرن الماضي تحت مايسمى مشروع جنوب شرق الاناضول والذي يختصر تسميته بمشروع (الكاب) والذي يتضمن بناء سدود عملاقة على نهرَي دجلة والفرات الذين يعتبران مصدر الحياة لسكان سوريا والعراق .
ان مشروع جنوب شرق الأناضول GAP)) هو مشروع تنموي اقتصادي لمنطقة جنوب شرق الأناضول في تركيا ويهدف المشروع إلى توسيع الرقعة الزراعية وتوليد الكهرباء عبر بناء 22 سداً ونفقاً على نهري الفرات ودجلة وروافدهما .
و يهدف مشروع الكاب داخل تركيا إلى إحداث تغيير في الطبيعة السكانية للمنطقه التي تسكنها غالبيه كرديه وان الغايه السياسيه هي الهدف الاول من هذه المشاريع حيث ستؤدي لتغير اجتماعي كبير بالمنطقه وتمحو تراث ثقافي تاريخي مهم و على الصعيد الخارجي فأن إنشاء السدود والسيطرة على دجلة والفرات سيؤدي لخلق أزمات مائيه في منطقة الرافدين من خلال تخفيض حصص المياه لسوريا والعراق وحبسها في خزانات تركيا الصناعيه لتصل لهدفها الحقيقي باستخدام المياه كسلاح فعال لخدمة تطلعاتها السياسيه ومصالحها القومية.
لقد ترك بعض هذه السدود بعد تشغيله أثراً كبيرا وسبب خلل كبير في وصول كميات المياه كما ونوعا للدول المتشاركه مع تركيا ومن اهم هذه السدود سد أتاتورك على نهر الفرات وسد علي صو(أليسو) على نهر دجلة لقد أدى انخفاض كميات المياه في الجزء الأسفل من أحواض دجلة والفرات إلى تصحر أجزاء كبيرة من الأراضي الزراعية في سوريا والعراق كما اثر الانخفاض في تكوين الاهوار في جنوب العراق والتي تعد اليوم من التراث العالمي فتقلصت مساحة الاهوار التي كانت كمسطحات مائيه تعمل مصدات للعواصف الترابيه كما ادى ذلك الى هجرة الكثير من المستوطنين والزارعين للأراضي في وسط وجنوب العراق وعلى ضفتي دجله والفرات اضافة لتوقف كثير من محطات توليد الطاقه الكهرومائيه في داخل العراق وسوريا وبسبب انخفاض واردات المياه فقد ازداد الجفاف وكثرت العواصف الترابيه والرمليه وانتشرت الكثبان الرمليه والتصحر في المحافظات الجنوبيه والغربية للعراق ووصل التصحر لتخوم المدن العراقيه .
ولليوم لم تعتمد السياسة التركية مبدأ التعاون المشترك والمنصف للاستفاده من موارد المياه المشتركه بل واضح انها تتبع سياسه قاسيه مستغله التغيرات السياسيه التي حصلت بدول الجوار وان تركيا لاتحتاج لكل ماتخزنه من المياه وان ماتخزنه اليوم فعلا يغطي حاجتها لسنوات عديده رغم ان مناخها افضل كثيرا من مناخ الدول العربيه المتشاركه معها .
لقد ادت هذه السياسة لخلق أزمات بيئيه وهجرات وتقليص انتاج الغذاء في دول التشارك المائي وتشير مؤسسات بيئيه عالميه الى ان مشروع الكاب ستنتج عنه تاثيرات بيئيه خطيره في دول الجوار التركي ودعت تركيا الى الاستثمار المائي بالتعاون مع دول الجوارالمائي
وقد سعت دول الجوار التركي ومن عقود للحصول على حصص مائيه عادله و منصفه معتمده على المكتسبات التاريخيه المائيه والتعاون الفعال من اجل استثمار مشترك حقيقي لموارد المياه الا ان تركيا كانت تتحجج دوما بسوء ادارة موارد المياه بالدول المتشاركه وان الانهار دجله والفرات انهار وطنيه تركيه مخالفه بذلك كل الاعراف والقوانين الدوليه وهي تعلم ان الدول العربيه المجاوره لها والمشتركه معها بالتاريخ والدين هي مناطق جافة وقاحلة ولديها نسبة كبيره في معدل تزايد أعداد السكان مما يزيد نسبة الطلب على المياه ومع علمنا حقيقة ان هذه الدول تعاني فعلا من سوء الإدارة لموارد المياه وقلة كفاءة ادارة المشاريع المائيه لكافة الاستخدامات ورغم ان السبب ايظا لذلك وبالدرجه الاولى يعود اصلا الى مؤامرات دوليه ادخلت الدول العربيه المجاوره لتركيا بمتاهات وحروب اثرت على البنى التحتيه لمشاريع المياه ولكن علينا ان نعلم ان سوريا والعراق كان لها السبق تاريخيا باستثمار موارد المياه بالزراعه وانها كثيرا ماتحملت اضرار هائله من جراء الفيضانات الناتجه من اعالي الانهار وانها شرعت فعلا بتحسين ادارتها لموارد المياه ولكن المؤمرات التي ادخلت فيها البلدان العربيه وفقا للمخططات العالميه والتي كانت تركيا طرفا فيها كبير ادت لتوقف الدول العربيه عن استمرار تنفيذ خططها الاستراتيجيه بتطوير البنى التحتيه لرفع كفاءة ادارة موارد المياه
ان شدة الخلافات قد بدأت تتصاعد بعد قيام تركيا عام 1990بأغلاق نهر الفرات كليا لمدة تسعين يوما لتملئ خزان أتاتورك واستمرت الخلافات بالتصاعد تاره والتجميد تارة اخرى وحسب ظروف المنطقه سياسيا
إنّ مفاوضات المياه في الوقت الراهن تبدو وهميه وغير حقيقيه ومتخذه لطريق المماطله والوعود والحلول الوقتيه من جانب تركيا وليست إيجابية وغير مجديه فقد ان الأوان لغلق ملف المياه بصوره نهائيه بالطرق السلميه او اللجوء للتحكيم الدولي وألا فأن الجفاف والتصحر بانتظار العراق بعد استحواذ تركيا على مياهه ومياه سوريا…. ¶
¶. عن الحوار المتمدن…..