رشوة
القاضي إياد محسن ضمد
الرشوة جريمة تؤشر لانعدام الشرف لان من يرتكبها يعاني من اختلال في قيم الشرف والنزاهة ويعيش حالة من حالات العوق القيمي والأخلاقي لأجل ذلك فقد اعتبرتها اغلب النظم القانونية العقابية ومنها قانون العقوبات العراقي من الجرائم المخلة بالشرف وان من يرتكبها يغدو غير صالحا لاي وظيفة تنفيذية او تشريعية او قضائية او حتى وظائف القطاع الخاص والسبب لان المرتشي شخص غير امين على مصلحة الوظيفة ويمكن ان يبيع الامانة التي اودعتها الوظيفة العام لديه بالمال وهو بذلك يبيع شرفه وقيمته الانسانية ويتحول الى مسخ فهو شخص يمكن ان يقايض اي قيمة اعتبارية بالمال.
ولم تعد الرشوة مقتصرة على صورتها التقليدية المتمثلة بتعاطي او طلب المنفعة لقاء القيام بعمل او الامتناع عنه بل ظهرت صور اخرى ابرزها صورة التخادم وتبادل المنافع بين مجموعة من اصحاب النفوذ فيخل المرتشي بواجبات وظيفته لقاء خدمة تؤدى له في وزارة او دائرة المرتشي وهذا النوع هو اخطر انواع الرشوة وصورها لان الوظيفة العامة سيصيبها الضرر في دائرة الراشي ودائرة المرتشي
ولان ثقافة طلب الرشوة وتلقيها صارت شائعة تولد انطباع لدى المواطنين بان المعاملة وفي بعض الدوائر لا يمكن انجازها بدون دفع مبالغ مالية وراح الناس يحجمون عن الاخبار عند تعرضهم للابتزاز رغم ان المبتزين يعطلون انجاز معاملاتهم ويجبرونهم على دفع مبالغ الرشوة ولم يعد اثر الرشوة يقتصر على الحاق الضرر بالوظيفة العامة بل راح يتعداه الى احداث اثار اقتصادية واجتماعية كبيرة تتجاوز حدود وظيفة المرتشي.
فالمنظمات الدولية ومنذ زمن طويل تربط بين الرشوة وانتهاك حقوق الانسان بمعنى ان طلب الرشوة ودفعها ينتهك الكثير من حقوق الإنسان ذات الصلة بالمواطنين فخذ مثل أن شخصا يدفع رشوة للحصول على وظيفة فانه ينتهك حق الاخرين في الحصول على العمل ومساواتهم في التوظيف وخذ مثلا ان مدير شركة يدفع رشوة كي يرسو احد العطاءات الحكومية على شركته فانه ينتهك حقوق اصحاب الشركات الاخرى في القطاع الخاص في المنافسة المشروعة وينتهك حق المواطنين في الحصول على خدمات عامة جيدة ولان اثر تعاطي الرشوة كبيرا وخطيرا يدفع باتجاه انهيار ثقة المواطن بالدولة فان مكافحة هذه الجريمة تمثل التحدي الابرز للدولة ممثلة بسلطات انفاذ القانون وان اتساع دائرة اخبار المواطنين عند تعرضهم للابتزاز وزيادة حالات الضبط للمرتشين يعني تصاعد مؤشر مكافحة الفساد وان الامور تسير باتجاهها الصحيح. *
* عن مجلس القضاء الاعلى