ســيــنـتـفــض جــدُ نا حــمـورابــي
ســيــنـتـفــض جــدُ نا حــمـورابــي
د. فلاح اسماعيل حاجم
2004 / 12 / 6
منذ سنين وانا احاول ان يكون السبت يوم عملي؛ حيث يتيح لي ذلك امكانية اللقاء ببعض الاصدقاء من زملاء الدراسة سابقاً والذين يجمعون الآن بين مهنة التدريس والعمل في اجهزة الدولة الاخرى ومن بينهم مستشار في المجلس الفيدرالي (احد مجلسي البرلمان الروسي)؛ ونائب برلماني (مساعد مسوؤل لجنة التشريع في مجلس الدوما)؛ والمستشار الاول لمحافظ منطقة ضواحي موسكو (وحدة ادارية ومن الاطراف الكبيرة في الفيدرالية الروسية). وكثيراً ما تحولت لقاءاتنا في القسم العلمي الى طاولات مستديرة مصغرة تناقَشُ فيها مختلف الموضوعات العلمية والسياسية وخصوصاً الملتهبة منها على شاكلة الانتخابات الاوكراينية والوضع العراقي الراهن؛ لذا تجدني مضطراً للتحضير مسبقاً اذ انني اعلم ان سيل اسألتهم حول الوضع في العراق سيكون فاتحة لمؤتمراتنا العلمية المصغرة (كما يحلو لبعضهم تسميتها). تجدني حريصاً على توخي الدقة والعلمية في مناقشة وضعنا سيما وان بعضهم يقوم بتعديل محاضرته قبل بدايتها بدقائق استناداً الى مداخلتي (اذا صح تسميتها كذلك).
يوم امس (السبت) دفعت باتجاه أن تكون مادة النقاش مخصصة لموضوعة ممارسة الحق الانتخابي في ظروف المهجر؛ كان الجميع متفقين على ان التشريعات الانتخابية لا تميّز بين المواطنين على اساس مكان اقامتهم؛ اذ تذهب جميعها الى وضع المواطنة والآهلية كشرطان للتمتع بالحق الانتخابي؛ فيما يُعتبر استثناء المواطنين مهما كان عددهم من ممارسة حقهم في اختيار ممثليهم لاجهزة الدولة خرقاً لواحدٍ من اهم المبادئ الانتخابية الأ وهو مبدأ الاقتراع العام والشامل وتجاوزاً على نص المادة 21 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان. وذات الاجماع حصل بشأن المسؤولية المباشرة للمفوضية العليا المستقلة عن تأمين الحق الانتخابي للعراقيين ذلك لأنها الجهاز الحكومي الأرأس الذي تقع على عاتقه مهمة القيام بالعملية الانتخابية. وفي ظروف العراق الراهنه قد يكون من الممكن اتباع اساليب غير طبيعية مثل اللجوء الى المنظمات الدولية للمساعدة على احصاء الناخبين العراقيين في الخارج وطبع الوثائق الانتخابية …الخ من المسائل اللوجستية؛ ولكن في جميع الاحوال فأن التمييز بين العراقيين في ممارسة الحق الانتخابي يعتبر غير وارد بأي حال من الاحوال وتحت اية ذريعة كانت.
عندما سمع احدهم عن المبلغ المرصود للمنظمة الدولية للهجرة كاد يغص برشفة الشاي؛ وذكٌَرَ احدهم باعفاء روسيا ﻠ 90 % من ديون العراق؛ فيما عاد ثالث الى بداية التسعينات حين كانت الحملات الانتخابية و صناديق الاقتراع تستخدم لغسيل الاموال. بين هذا وذاك كنت شاردَ الذهن افكر بوزراء حكومتنا المؤقتة وهم يطرقون ابواب الدوّل المانحة استجداءاً للمساعدة.
في الطريق الى الدرس همس لي ايفان شومسكي (المستشار الاول للمحافظ): سينتفض جدكم العظـيم حــمورابي لـو سمع بما يجري لـكـم.
موسكو 5/12/2004…… *
* عن الحوار المتمدن….