شحنة إيمانية زائدة
شحنة إيمانية زائدة
رشاد الشلاه
2005 / 1 / 31
رغم اعتراف الأكثرية من منظري ومسوقي أنظمتنا” الملكجمهورية” وأكثرية ممثلي المجتمع المدني في منطقتنا بالأزمة البنيوية التي تعاني منها شعوب المنطقة و تداعياتها الكثيرة و منها انتشار الفكر الظلامي التكفيري التدميري ، ورغم ما قيل وكتب عن هذه الأزمة إلا أن المعالجات المستندة إلى دراسات جادة جريئة مدعومة بإرادة سياسة متنورة وصادقة تظل عند وصفها بلباقة ” قاصرة ” بل نجدها تدعو إلى الرثاء والى الضحك ولكنه ضحك كالبكاء ، ولما كان للتلفزيون من تاثيركبير في مجتمعاتنا التي تعاني من نسبة أمية اقتربت من سبعين بالمائة بفضل تسلط تلك الانظمة “الملكجمهورية” ومنجزاتها ناهيك عن أنظمة الملوك والمشايخ والسلاطين !. هنا سنرى نموذجا من ندوات التثقيف التلفزيونية ، وكيف اكتشف “العلماء” الداء والدواء
حول طاولة انيقة داخل صالة تلفزيونية مترفة جلس ثلاثة متحاورين ذ وي لحى مخضبة بالحناء الحضرمية يساعدهم ويشاركهم عبر خط هاتفي أحد أهل الحل و العقد و المعرفة بشؤون الدنيا و الآخرة، لمناقشة ومعرفة أسباب أستشراء ظاهرة الارهاب في البلد المحمي من كل مكروه . تشابك النقاش وصارذا شجون، وبعد أخذ ورد واسترشاد بآيات من الذكر الحكيم والسنة النبوية الشريفة وتبحر في احكام التنزيل وفي اصول الشرح والتأويل والناسخ والمنسوخ والفقه ورأي الفرد و الجماعة أكتشفوا طالت اعمارهم أن آفة الارهاب تكمن في “حقن” الشباب المسلم في بلدهم المصون بشحنة إيمانية زائدة !! حيث كان هؤلاء الشباب المساكين يحقنون بالشحنات الزائدة اينما ولوا وجوههم ، في البيت والمدرسة والمسجد والجامع فضلا عن وسائل الاعلام المقرؤءة والمسموعة والمرئية ذات الشحنات الايمانية الخارقة . وبما أن الاعتدال مطلوب “دائما” وهنا ايضا عودة للاسترشاد بسنن السلف الصالح الذي ينبذ “المغالاة “، فلابد من اصلاح هذا الخطأ “البسيط” ، وما على ذوي الشباب والمعلمين وألائمة والخطباء و موجهي وسائل الاعلام إلا إعادة تعيير كمية الشحنة الايمانية المطلوبة قبل وقوع الفأس في الرأس.
بالامس تناخى أصحاب اللحى المخضبة بالحناء والمعطرة بالمسك الضبياني في أروقة المساجد ومن على مئاذنها لحث الشباب المسلم الخليجي أن حي على الجهاد، وحقنهم بالشحنات دون عيار، مباركين لهم جهادهم في طرد المحتل السوفيتي الكافرلافغاستان فاتحين خزائن البترودولار ومقبّلين سلاح” المؤمن” الامريكي مع صرخات الله أكبر الله أكبر إن ينصركم الله فلا غالب لكم
اليوم تتعالى ذات الصرخات من” المجاهدين” ولكن ليس في افغانستان “المحررة” بل في دول ولادة ورضاعة ورعاية المجاهدين الخليجية، ترتفع هذه الصرخات مع تناثر اشلاء المسلمين مع اشلاء الشاب المسلم المحقون بشحنة زائدة
خلاصة ما أفتى به منورونا المشاهدين من على قناتهم المحتشمة أن كبرى الكبائر وهو حرام بين أن يفجر المسلم نفسه ليقتل مسلمين آخرين.. مع ابتسامة رضية للمشاهدين ، لكن شابا مزودا بشحنة زائدة لم يشاهد تلك الندوة، توجه من بلده الخليجي الى العراق عبر دولة مسلمة شقيقة كان يطمح بالجنة ، شابا محبطا كم منى نفسه بحبيبة شقراء ولم يفلح . في الطريق وهو يقود سيارته الملغمة تراءت امنيته قريبة اليه … ماهي الادقائق وسينعم بأريكة وفيرة في فردوس النعيم تحف به حورية آه..آه لو تكن شقراء . إنفجرت السيارة وقذفت به في الطريق الى الجنة عاليا . رفع جفنيه بعد ان تصاعد مفعول الشحنة الزائدة في دمه، تطلع حوله فرأى ملاكا من ملائكة الرحمة عند رأسه ، إتسعت عيناه شبقا وهو يحدق فيها وأعماقه تصرخ “مذهلة”، سألها بلهفة … أين أنا في الجنة ؟
أجابته بلهجتها البغدادية : لا عيوني ..بمستشفى الكرخ الجمهوري !!.. #
#. عن الحوار المتمدن.. .