عامة

ضحايا الإدمان… في ظل جائحة كورونا

ضحايا الإدمان… في ظل جائحة كورونا

بقلم الكاتبة: غنيمة حبيب
كشف التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2021، بأن هناك حوالي 275 مليون شخص تعاطوا المخدرات في جميع أنحاء العالم في العام الماضي وهو العام التي واجهت به الدول وباء كورونا (كوفيد 19)، في حين عانى أكثر من 36 مليون شخص منهم من لديهم اضطرابات تعاطي المخدرات.
كما بين التقرير بأن تعاطي القنب قد ازدادت في السنوات الـ 24 الماضية بما يصل إلى أربع مرات في أجزاء من العالم، على الرغم من وجود دلائل على أن تعاطي القنب لها أضرار صحية ونفسية، وخاصة بين المستخدمين المنتظمين على المدى الطويل، ناهيك عن انخفاض النسبة المئوية للمراهقين المستخدمين للقنب ، مع علمهم بأن المخدرات ضارة بنسبة 40%.
كما لاحظ التقرير بأن الدول التي تم عمل الدراسات الاستقصائية بها ارتفعت نسبة تعاطي القنب بها خلال الجائحة إلى 42%، ولوحظ أيضا ارتفاع في الاستخدام غير الطبي للأدوية الطبية في الفترة ذاتها.
وبين التقرير بأن سوق المخدرات قد شهدت استئنافا سريعا لعمليات الترويج والتصدير للدول بعد تعطيل أولي في بداية الجائحة، وشهدت حالة من الانفجار أدت إلى تسريع ديناميات معينة موجودة مسبقا على امتداد سوق المخدرات العالمي، مما يدل على قدرة المهربين على التكيف سريعا مع البيئات والظروف المتغيرة.
ودول المنطقة ليست بمنأى عما يحصل في العالم حيث أن معدلات الإدمان والتعاطي وصلت في بعض دول المنطقة إلى 12% من عدد سكانها، وبات الكثير من شبابنا اليوم ضحايا جدد لتلك الأزمة المستجدة، التي أوجدت زيادة في معدلاتها عما كانت عليه في السابق وأثّر سلبا على الجميع.
فلا يمر علينا يوم دون قراءة خبر في الصحف المحلية عن حالات تعاطي مواد مخدرة أو عنف.. وصرنا نسمع عن مقتل شخص، وطعن آخر ومشاجرة دامية وضرب وانتحار بشكل مخيف وبطرق بشعة، فكل ذلك نتيجة طبيعية بسبب الأوضاع المستجدة واستمرار الضغوطات، وتوفر حصولهم على أنواع كثيرة من المخدرات والمهلوسات .
فشبابنا أصبحوا ضحايا لهذا السم القاتل، خاصة في ظل غياب الحلول التي تساعدهم على تخطي تلك الضغوطات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي يواجهونها وتأثيراتها السلبية عليهم، هذا فضلا عن ارتفاع المعرضين للضغوط النفسية على المتعافين من الإدمان من ناحية أخرى، الذين يعانون من القلق والتوتر نظرا لتقييد حرياتهم وأحيانا من قلة فرص العمل ومصادر الدخل، مما يتطلب من المسؤولين وضع آليات جديدة للحدّ منها، كما يفرض علينا الوقوف بشكل جدي وحازم للتصدي لتلك المشكلة الخطيرة التي يذهب ضحيتها شبابنا، فمشكلة انتشار المخدرات بينهم تستحق الدراسة والبحث حتى لا تتحول إلى كارثة يصعب التعامل معها في المستقبل.
فالمسؤولون في الدولة ومؤسسات المجتمع المدني تقع على عاتقهم المسؤولية الأكبر، فلا بد من تكريس الجهود للبحث عن حلول جذرية للقضاء على هذه المشكلة لاحتواء جيل المستقبل وحمايتهم، هذا مع إعادة النظر في القوانين والتشريعات ، ومنح تراخيص للقطاع الخاص لإنشاء المصحات العلاجية التي ستسهم بشكل كبير في إنقاذ وإعانة من سقطوا فريسة لهذا السم القاتل، كما علينا إنشاء تحالف إقليمي يساهم بتخفيف المعاناة عن الأسر المتضررة والعمل على وضع برنامج وقائي يحمي شبابنا من تلك الآفة.
ولا ننسى دور الأسرة وأولياء الأمور، فعليهم كسر الحواجز النفسية بينهم وبين أبنائهم، فيتقربوا منهم، ويشعروهم بالأمن والأمان، ويتفهموا طبيعة اختلاف شخصياتهم وفترات أعمارهم ، يحاوروهم ويستمعوا لهمومهم الصغيرة ومشكلاتهم البسيطة وأحلامهم الكبيرة، خاصة في ظل عدم وجود سبل للترفيه عن أنفسهم وتفريغ طاقتهم السلبية والملل والضجر وعدم انشغالهم بأجواء الدراسة التي كانت تأخذ من وقتهم الكثير.
فلنكن العون والأمان والسند لأبنائنا، ونعمل على حمايتهم وإيجاد حل لمعاناتهم حتى لا يكون هناك ضحايا جدد تضاف أرقامهم للضحايا القدامى.. فشبابنا هم الحاضر والمستقبل.

كاتبة كويتية
g.h.karam@hotmail.com

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى