عندما تكون التجارة منفلتة
عندما تكون التجارة منفلتة
ابراهيم المشهداني
2013 / 2 / 3
عرفت التجارة منذ زمن بعيد إن لها أدوارا كبيرة في بناء الحضارة الإنسانية ففضلا عن دورها في نقل السلع بين البلدان فإنها وسيلة فعالة في نقل الأفكار والثقافات والعلوم الإنسانية والعلوم الصرفة وفي تلاقح الحضارات الإنسانية والتقريب بين الشعوب من خلال الفن والأدب ونقل الاختراعات والتكنولوجيا والخبرات والتجارب النافعة ، لكنها ومع هذه الأدوار النبيلة فان لها أدوارا تخريبية في تفتيت بنية المجتمع وتلويث طباعه ، فقد أسهمت في نقل المخدرات وغيرها من السموم التي عفنت جسد الإنسان وحولته إلى وحش كاسر وفي نقل الأسلحة بما فيها التدميرية لتوصلها إلى أيدي الإرهابيين والعصابات الإجرامية والتي تشكل الخطر الأكبر في تهديد السلم العالمي وتهديد الحياة الإنسانية في الكثير من البلدان ولعل العراق والذي كان له تاريخيا فضل كبير في التفاعل مع الحضارات الإنسانية ، يتعرض اليوم ، كما هو شان العديد من البلدان العربية والأجنبية إلى تهديد هذا النوع من التجارة .فمنذ سنوات الحصار في تسعينات القرن الماضي والى اليوم ظهرت حيتان لا يهما في هذا المجتمع إلا الكسب الحرام والابتزاز بمختلف الطرق والأساليب،سواء في تدميرا لاقتصاد باستيراد المواد الرديئة من مناشيء شتى ، مواد قصيرة في عمرها الاستهلاكي ومضرة على الصحة العامة سواء كانت أدوية منتهية الفعالية أو مشروبات مسرطنة في طريقة تعبئتها إلى غير ذلك مما هو ضار ومدمر كتب عنه الشيء الكثير .إلا إن مما يثير القلق والامتعاض هو إسراف هذه الحيتان في الكسب السحت لتعظيم إرباحها دون وازع من ضمير ، بتركيزها على استيراد أنواع المواد التي تهدد البيئة وتعزز من عادات وسلوكيات تتعارض مع سلمية الحياة الاجتماعية ناهيك عن تجارة الأسلحة وتزويد العصابات والميليشيات لتصفية كوادر البلد وطاقاته البشرية الخلاقة والمبدعة تنفيذا لمخططات أجنبية وتصفية حسابات بين إطراف داخلية. فقد عرف من بين العادات الاجتماعية الضارة التي يمارسها العراقيون استخدام الأسلحة في تشييع الموتى وفي الإعراس والختان أو حتى عند عودة الناس من أداء شعائر الحج واليوم فطن حيتان التجارة على استيراد أنواع المفرقعات ، لتستخدم في معظم المناسبات التي تحدثت عنها وكان الأجهزة الحكومية غير معنية بمنع استخدام هذه المفرقعات التي تقلق الناس وتزعج المرضى وكبار السن والأطفال ومما يلفت الانتباه إن هذه المفرقعات استخدمت بأوسع نطاق في مناسبات مهمة لاسيما في التعبير عن النشوة عند فوز الفريق العراقي في مباريات كرة القدم والاسوا من ذلك ففي هذا العام استخدمت بشكل مفرط في مناسبة المولد النبوي الشريف التي يجلها ويستذكرها المسلمون في كل عام بشكل أساء إلى هذه المناسبة وخاصة من قبل الإحداث وكان هناك جهة معينة تقف وراء هذه الظاهرة الغريبة .إن مسؤولية انخراط الشباب وخصوصا الإحداث في هذه الظاهرة تتحملها العديد من الجهات الحكومية المختصة ومنها الأجهزة الأمنية التي كان عليها منع الشبيبة من ممارسة هذه العادة الخطرة لا إن تنظر إليها بدون مبالاة وكان الأمر لا يعنيها ،كما يتعين على الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية منع دخول كافة السلع والمواد الضارة بالصحة والاقتصاد والمجتمع ، ولا ننسى دور المؤسسات التربوية في توعية الطلبة من خطورة استخدام المفرقعات لأنها من السلوكيات الضارة والمعيبة وان تضعها كمفردة في مناهجها .لقد كتبت الصحافة ووسائل الإعلام عن خطورة هذه الظاهرة ولكن لا حياة لمن تنادي وليس هناك من تفسير سوى تلاقي المصالح إما دوائر الرقابة التجارية في وزارة التجارة فيبدو إنها غير معنية بهذا الأمر .فهل ستنتبه الحكومة إلى مخاطر هذه العادات وهل ستضع التشريعات الضرورية التي تمنعها بشكل بات أم أنها ستظل مغمورة بصراعاتها السياسية مع بعضها البعض في نفق لا ضياء في نهايته .وتترك الناس ضحية لكل من هب ودب ؟… #
# عن الحوار المتمدن…