اللجان

عن الرأسمال

عن الرأسمال

سمير طبلة
(Samir Tabla)

2012 / 5 / 25

نحر الرأسمال العالمي أكثر من 120 مليون إنسان، خلال القرن الماضي، في حربين كونيتين، إضافة لعشرات الحروب المحلية، طمعاً في إعادة إقتسام خيرات البشر والطبيعة بين ضواريه.
إلا ان بروز ما سميّ بالمعسكر الاشتراكي، بعد الحرب العالمية الثانية، ونمو الرأي العام العالمي المُطالب بالسلم، إضافة لأسلحة الدمار النووي الشامل، وعوامل أخرى، لَجَمَ شراسة الرأسمال، وأجبره على تبديل أساليبه، وإن بقي – وسيبقى – الربح هدفه الأعلى.
ترافق هذا مع ثورة علمية واسعة تعاظمت، بشكل مذهل، في النصف الثاني من القرن المنصرم، خصوصاً المعلوماتية منها. محققاً للرأسمال أرباحاً فلكية، لم يصلها الناس عبر تاريخهم المديد. ولكنه بالمقابل خدم البشرية، وعجّل من تطورها المتسارع. فهل مَنْ ينكر هذا؟!
وأدرك ذات الرأسمال ان ما لم يصله بالقتل والدمار يصله بالعلم والبناء، وإن لم ولن يتورع، عن تنفيذ أساليبه القديمة، في أكثر من مكان، موزّع على أربع أركان المعمورة.
وبعيداً عن غلاة الدفاع عن الرأسمالية (فوكوياما مثلاً)، او ملطّفي واقعها، مقابل دعاة الموت، شعاراتياً حتى الآن، على الأقل، يُطرح السؤال الإشكالي: أ لم يقدم سعي الرأسمال (وجوهره الربح) البشرية الى الأمام؟ ليلحقه سؤال آخر أكثر إشكالية: أ لم يزل الرأسمال ثورياً، بمعنى تغيّيره العالم نحو الأفضل؟
وقبل تسديد رماح الشك، ونصب المشانق، ينبغي ان يُدرك ان لا شر ولا خير مطلقان. او هكذا يؤكد ديالكتيك ما تزكيّه الحياة. والأخير معيار صحة الأفكار والآراء، أياً كانت.
وبالتالي، فالتقدم، إن صدقت نواياه في مستقبل أفضل للبشرية، مُطالب بفهم جوهر ما استنتجه مفكرو البشرية، وماركس أحد أعمقهم، عن دور الرأسمال الثوري، أقلّها حتى الساعة، وليس ماضياً فقط. فتطبيقات أفكار أخرى لم تنجح، عملياً.
الرأسمالية ليست نهاية التاريخ. أما كيف ومتى تكون نهايتها وصولاً لمجتمع اللاإستغلال فأسئلة تسعى للإجابة عنها، حالياً، تجارب شعوب متقدمة (الاسكندنافية مثلاً) في تقليص الهوة بين منتجي الخيرات المادية والروحية وبين من يستغلهم.
فقاطرات التاريخ تمضي قدماً، وإن تراجعت أحياناً. ومَنْ لا يلحق بعرباتها المسرعة يُوضع، كما وضع غيره، في المتحف، بألطف الأوصاف!

لندن 24/5/2012…….. .  @

@.   عن الحوار المتمدن….. 

زر الذهاب إلى الأعلى