لبنان في ضوء خطاب الحزب الشيوعي اللبناني
لبنان في ضوء خطاب الحزب الشيوعي اللبناني
يشارك الحزب الشيوعي اللبناني وبقوة في الحركة الاحتجاجية الشعبية في لبنان دفاعا عن مصالح العمال والموظفين والفقراء وكل الكادحين وشغيلة اليد والفكر . وقد اعلن الحزب موقفه من النظام الطائفي ومن حماية البيئة وقطاع النفط والغاز والتغطية الصحية الشاملة والسكن والتقاعد والتعليم ومكافحة البطالة والفقر وتوقير الكهرباء والماء الصالح للشرب وغيرها الكثير انطلاقا من نظرية بناء الدولة الوطنية العلمانية الديمقراطية .
لقد شهد لبنان في الآونة الأخيرة سلسلة تحركات احتجاجية شعبية تهدف الى تحسين الوضع المعيشي للمواطن ومعالجة البطالة والفقر . وتحت شعار ( الى الشارع ) دعا الحزب الشيوعي اللبناني وقوى مجتمعية اخرى الى التظاهر للمطالبة بعدة امور . وحسب الحزب الشيوعي اللبناني فإن المطالب هي ليست مطالب صغيرة كزيادة اجور او تخفيض اسعار الدواء وانما هي اكبر من ذلك حيث بلغ اقتصاد البلاد مرحلة الانهيار وهذا الانهيار يحتاج الى معالجات وهذه المعالجات يجب ان يتحمل مسؤوليتها اشخاص معينين , وان من يملك المال عليه ان يدفع حيث تراكمت الأموال طيلة السنين الماضية لدى القوى الحاكمة ومصارفها وعلى رأسها مصرف لبنان . وعلى الطبقة الحاكمة ان تتحمل الدفع وليس الشعب الذي يعاني من سوء ادارتهم ولأنهم اصحاب الأموال .
لقد حلل الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني ( حنا غريب ) من خلال تصريحاته الوضع اللبناني والتحديات التي تواجهه ومهمات الحزب في هذه المرحلة من تاريخ لبنان , حيث شخص الحزب :
1. عالميا ,اشتداد الصراع بين قوة العمل ورأس المال وتفاقم ازمة النظام الرأسمالي العالمي على غير صعيد بالتزامن مع ترسخ سيطرة رأس المال المالي والريعي وانتشار اوجه عدم العدالة في مناحي الحياة كافة .
2. عمق ازمة نظام الطائف والعجز عن الالتزام بتحقيق الانتظام العام في الحياة السياسية اللبنانية وتزايد فرص الانهيار السياسي الداخلي .
3. انحلال صيغة الطائف وتحولها من صيغة صممت من اجل اعادة توزيع السلطات والحصص بين الطوائف الى صيغة لنظام يجسد ((الفدرلة )) التي انبثقت كشكل هجين لمفهوم الديمقراطية التوافقية .
4. استشراء البطالة خصوصا في صفوف الشباب والنساء اضافة الى الفقر والهجرة .
5. تعمق الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان والتي يتحمل مسؤوليتها التحالف الضيق بين الحكم وحيتان المال .
6. زيادة تركز الدخل والثروة في مصلحة اقلية متنفذة وزيادة معاناة الطبقة العاملة وجميع الذين يعملون ليل نهار من اجل تأمين الحد الادنى من احتياجات العيش الأساسية .
7. أدت سياسات الأقلية المسيطرة في لبنان واحتكاراتها وتهربها الضريبي وتقاسمها للمال العام الى تحويل الاقتصاد اللبناني الى اقتصاد مشبع بالأنشطة الريعية البائسة والعجز عن خلق الوظائف المنتجة واستيعاب التقدم التكنولوجي .
8. انهيار البنى التحتية ووظائف الدولة الأساسية .
9. ان نصف اللبنانيين لا يزالون بلا تغطية صحية نظامية واكثر من 75% منهم محروم من راتب تقاعدي او ضمان شيخوخة, واكثر من 60% منهم لا تكفيهم مداخيلهم واجورهم لتأمين نفقاتهم الشهرية الضرورية , وان نصف هؤلاء يعيشون فعليا تحت خط الفقر الأعلى بينما يعيش ربعهم في فقر مدقع .
10. مقاومة الرجعية الشرسة لأركان النظام الطائفي في لبنان ضد أي تجديد للحياة السياسية يحققه قانون انتخابي عصري وذو قاعدة تمثيلية ديمقراطية عريضة .
وفي لبنان فقد خاضت الجماهير الشعبية مواجهات مشرفة من اجل قضايا ومطالب سياسية واقتصادية واجتماعية , ونجحت في بث الارتباك في صفوف التشكيلات الطائفية الحاكمة.
ويرى الحزب الشيوعي اللبناني ان هذه المرحلة تتطلب توحيد جميع الفئات والقوى السياسية والاجتماعية والمدنية والنقابية حول برنامج موحد من اجل تحويل الاعتراض الديمقراطي في البلاد الى فعل سياسي . ويعتبر الحزب ان الانتخابات النيابية كمحطة في معركة سياسية مفتوحة وهي تشكل امتحانا حقيقيا لكل قوى الاعتراض والتغيير الديمقراطي في مدى قدرتها على النجاح بأن تتوحد حول برنامج مشترك وضمن ائتلاف سياسي يخوض الانتخابات على اساسه على امتداد الساحة اللبنانية وفي الدوائر الانتخابية كافة بمواجهة قوى السلطة .
وفي هذا المجال قام الحزب الشيوعي اللبناني بسلسلة من الاتصالات واللقاءات مع قوى المعارضة والتغيير الديمقراطي وشخصيات وطنية لطرح برنامجه السياسي والاقتصادي والاجتماعي بهدف تشكيل تحالف معارض للسلطة القائمة حيث تم اللقاء بحزب ( طليعة لبنان الاشتراكي ) و ( التنظيم الشعبي الناصري في صيدا ) وحركة ( مواطنون ومواطنات في دولة ) وكذلك ( حزب الشعب ).
وينظر الحزب الشيوعي اللبناني الى الاستحقاق النيابي القادم من موقع الساعي الى التغيير , حيث اطلق دعوة الى كل الوطنيين والديمقراطيين وكل المتضررين من النظام الحاكم ووجه نداءه الى اللبنانيين نداء الخروج من دوامة التراجع والبدء بعملية التخلص من النظام القائم عبر التصويت في الانتخابات المقبلة لخيار التحرر والتطور والتقدم . وتوجه الحزب بندائه الى كل قوى الاعتراض والتغيير الديمقراطي (( اتحدوا وكونوا معاً صوتا واحدا للتغيير )) فلا خيار للنجاح في هذه المواجهة الا بالوحدة .
وبهذا الصدد فقد حدد الحزب مهام الشيوعيين اللبنانيين في هذه المرحلة من خلال تأكيده على :
1) رفضه للقوانين الانتخابية الطائفية وفي مقدمتها القانون التأهيلي الذي اطلق عليه الحزب (( قانون الفصل المذهبي )).
2) يعمل الحزب على كسر الحلقة الوظيفية التي تبيح للأقلية الحاكمة الاستيلاء على مداخيل اكثرية اللبنانيين وآمالهم .
3) تحرير العمال وعموم الشعب اللبناني من واقع العوز والفقر والجوع والخوف من المخاطر التي تهددهم في حاضرهم ومستقبلهم .
4) يؤكد الحزب على تعزيز الانتماء الوطني والاندماج المجتمعي والمساواة بين المواطنين .
5) طرح الحزب في مؤتمره الحادي عشر مشروعا للانتخابات للنسبية الكاملة خارج القيد الطائفي في لبنان دائرة واحدة .
6) ضرورة التغيير الحاسم في موازين القوى السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد .
7) دعا الحزب الشيوعي اللبناني كافة الاحزاب والقوى والشخصيات اللبنانية اليسارية وغير الطائفية بما فيها جمعيات وهيئات غير حكومية الى الالتقاء للتداول والتوافق حول الخطوط العامة لمبادرة وطنية هدفها الدفع نحو تجميع هذه الاحزاب والقوى.
8) تصعيد المواجهة المفتوحة ضد تحالف حيتان المال والنظام السياسي الطائفي والمذهبي والضغط من أجل انتزاع قانون عصري وديمقراطي للانتخابات .
9) يدرك الحزب الشيوعي اللبناني ان المرحلة المقبلة في لبنان تحمل في طياتها تحديين أساسين يتطلب من الحزب الاستمرار في حشد الموارد ومواصلة العمل في ساحتهما :
التحدي الأول : ضرورة تصعيد كل التحركات النقابية المطلبية والشعبية والمشاركة فيها والتصدي لمشروع الموازنة والابقاء على حالة الاستنفار ((الاقتصادي )) الشعبي في مواجهة الهجوم المضاد لـ (( الهيئات الاقتصادية )) التي تحاول الابقاء على المصالح الاقتصادية لرأس المال المالي والريعي والعقاري والاحتكاري بمنأى عن أي ضرائب أو اصلاح ضريبي يطال الأرباح والريوع والفوائد. ويشدد الحزب على قطع دابر استباحة ونهب المال العام من قبل القوى الطبقية والطائفية الحاكمة .
التحدي الثاني : يكمن في تزايد الضغوط ومخاطر الهجمة الامبريالية الشرسة على المنطقة وامكانية حصول عدوان اسرائيلي على لبنان في محاولة للقضاء على المقاومة . وان الحزب في حالة حصول ذلك العدوان سيقف كعهده مدافعا عن الوطن ,وهو الذي أسس المقاومة منذ خمسينيات القرن الماضي وأطلق المقاومة الوطنية في عام 1982 سيكون حاضرا للدفاع عن الوطن والأرض.
ويرى الحزب الشيوعي اللبناني أن المرحلة المقبلة هي مرحلة تركز الصراع على جميع المستويات وهذا يتطلب أعلى درجات التعبئة والوعي على المستويين السياسي والتنظيمي من أجل زيادة درجة الكفاءة والكفاحية والاستعداد لدى الشيوعيين لتنفيذ المهمات الحزبية والالتزام بها وانجاز مقررات المؤتمر الحادي عشر .
كما طرح الحزب مسألة الالتزام المشترك بالمبادئ والتوجهات الأساسية الآتية :
1. خوض المعركة الانتخابية في كل الدوائر بالروحية الديمقراطية الكلية وليست الجزئية الضيقة.
2. انخراط كل مكونات قوى الاعتراض والتغيير الديمقراطي في العمل الفوري على بناء تفاهمات انتخابية في كل الدوائر تحت سقف مشروع برنامجي وشعارات انتخابية ولوائح موحدة في الدوائر كافة .
3. ان معركة الانتخابات بالنسبة للحزب الشيوعي اللبناني هي معركة برامج وبناء البديل وهي معركة بناء الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية العلمانية .
4. بذل مزيد من الجهود من قبل كل مكونات قوى الاعتراض الديمقراطي لكي تحاول تأطير وتنسيق كل انواع المبادرات والتفاهمات التجميعية غير المكتملة من خلال العمل على توحيدها جميعا وبشكل كامل بعضها الى بعض .
5. هذه المبادرة الموجهة لقوى الاعتراض الديمقراطي لا تلغي دور الحزب الشيوعي اللبناني كحزب يساري يسعى للتغيير وتقدم المجتمع وصولا الى تحقيق الاشتراكية .
هذا ويعتبر الحزب الشيوعي اللبناني من اقدم الأحزاب في المنطقة العربية حيث تم تأسيسه في الرابع والعشرين من تشرين الأول عام 1924 وتم حضره بعد الاستقلال, كما خاضت فصائله المسلحة ( الحرس الشعبي ) معارك ضارية ضد القوى اليمينية. وكان الحزب من المساهمين في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي عام 1982 ضمن جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. وعقد الحزب مؤتمره الحادي عشر في الفترة من ( 22- 24 نيسان 2016 ) تحت شعار (( من اجل بناء الدولة الديمقراطية العلمانية المقاومة على طريق بناء الاشتراكية )), وتم انتخاب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني ( حنا غريب ) في اول اجتماع للجنة المركزية للحزب بالتزكية بدلا من الأمين العام المنتهية ولايته ( جورج حاوي ).
• مجلة النداء الصادرة عن الحزب الشيوعي اللبناني الاعداد 313 و314 في 5 و19 أيار 2017 و329 في 19/1/2018.
المصدر : الحوار المتمدن – بقلم : عادل عبد الزهرة شبيب