ليس مجرد كلام.. المتسولون.. حكاية لا تنتهي!
ليس مجرد كلام.. المتسولون.. حكاية لا تنتهي!
- عبد السادة البصري
كلّما شاهدت متسوّلاً في الشارع، وما أكثرهم ؟! تذكّرت أحداث الفيلم العربي (المتسوّل ــ لعادل إمام) وكذلك فيلم (مولد يا دنيا ــ لعفاف راضي وتوفيق الدقن ) وما شاهدناه في أفلام أخرى من اختطاف وتأجير أطفال وصبايا وفتيان وعمل عاهات تمويهية أو دائمية لبعض كبار السن وتوزيعهم في الشوارع والتقاطعات والأسواق لكسب المال عن طريق التسوّل ، وينتابني التساؤل: هل أن جميع هؤلاء نصّابون ؟ وأجيب بنفسي : لا طبعاً ،هناك عوائل تنام الليل على الطوى بلا عشاء، أو تأكل وجبة فقيرة واحدة فقط في اليوم، لهذا تضطرّ إلى التسوّل . والسبب هو لامبالاة الحكومات والمسؤولين بمعيشة المواطن بشكل عام !
أعيد التفكير بما حدث ويحدث من فساد دفع نسبة عالية من الناس الى ما تحت خط الفقر ، ومن يعيش تحت خط الفقر لا بدّ أن يجد وسيلة لتوفير لقمة عيشه مهما كانت الأساليب والنتائج. وأكرر ألف مرة أن السبب هو الفساد وما نرى من تفكير وتنظير وعمل للمصالح الخاصة سواء الطائفية أو الحزبية أو الشخصية ، والناس تأكل الحصرم وتشرب الماء الآسن وتنام في العراء !
لو كانت هناك رعاية حقيقية وجادّة للفقراء والمعوزين والأرامل والمطلّقات والأيتام لما شاهدنا هذا الكم من المتسولين ؟! وبجلسة إحصائية قصيرة لمن هم تحت خط الفقر نجد أن نسبتهم تتجاوز الخمسين، مع تكاثر أعداد الأرامل والأيتام والمطلّقات كل يوم لأسباب نعرفها جميعاً. لكن هل الرعاية الاجتماعية تستطيع استيعاب هذا العدد المتزايد وتحلّ مشاكلهم ؟! نعم، تستطيع إذا كان هناك تنظيم إداري ومالي مستمر وبصورة دقيقة ومتواصلة. لكن كيف يتحقق ذلك وما زالت الاستحقاقات المالية للكثير من الذين أكملت معاملاتهم منذ أشهر، متوقفة بحجة توقف صرف التخصيصات المالية !
وهناك ايضا العديد من النازحين الذين لم تُحَل مشاكلهم حتى هذه اللحظة ، ومع هذا وذاك هناك مَنْ استغل هذه الظاهرة وبات متفنناً في إيجاد أساليب كثيرة ومتنوعة للحصول على المال بطريقة سهلة وغير متعبة كما في الأفلام !
حكاية المتسولين وأطفال الشوارع لن تنتهي إذا لم تكن هناك دراسة جادة لإيجاد حل ناجع وحازم لها ، كفتح دور رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة من المعوزين ، وبث الوعي بين الناس حول هذه الظاهرة غير الحضارية ، بعد أن نجد حلاً لتوقّف التخصيصات المالية للرعاية أولاً ، والقضاء على الفساد بكل أشكاله ثانيا ، وإعطاء المواطن حقوقه الشرعية والدستورية المعمول بها في كل دول العالم ثالثا، ليشعر المواطن أنه في بلد يحترمه كإنسان ، لا كرقم انتخابي عند الحاجة فقط !
وعلينا كذلك التوجه الجاد لحل الأزمات المتفاقمة كالخدمات والبطالة والتعليم والسكن ، وفتح قنوات محبة وتآخٍ بين الناس جميعا ليعرفوا أنهم أبناء وطن واحد بلا أحقاد وضغائن وثارات !
عندها ستنتهي حكاية المتسولين ويشعر كل فرد بانتمائه الحقيقي لهذا الوطن !… #
#. عن الحوار المتمدن….