ما هي عناصر ومقومات العدالة الاجتماعية ؟
ما هي عناصر ومقومات العدالة الاجتماعية ؟
عادل عبد الزهرة شبيب
2021 / 10 / 29
تقوم العدالة الاجتماعية على عدة عناصر ومقومات من ابرزها :-
1. المحبة , أي ان يحب كل شخص لغيره ما يحب لنفسه .
2. تحقيق الكرامة الانسانية .
3. نشر المساواة والتضامن بين جميع افراد المجتمع .
4. احترام وتعزيز مفهوم العدالة الاجتماعية .
كما يمكن تشخيص بعض المعوقات التي تعترض العدالة الاجتماعية والمتمثلة بـ :
غياب الحرية وانتشار الظلم والفساد والمحسوبية .
عدم المساواة في توزيع الدخل بين الأفراد في المجتمع بحيث يختلف الدخل باختلاف العرق او الجنس او غير ذلك .
عدم المساواة في توزيع الموارد والممتلكات كالأراضي والمباني بين الأفراد.
عدم المساواة في توزيع فرص العمل بأجر .
عدم المساواة في الحصول على فرص التعليم .
عدم المساواة في توزيع خدمات الضمان الاجتماعي والخدمات الصحية .
الاقتصاد الريعي للدولة .
اما فيما يتعلق بموقف الماركسية من العدالة الاجتماعية فقد ركزت النظرية الماركسية على الصراع الطبقي وعلى التفاوت الاجتماعي والصراع الناشئ من جهود الطبقات السائدة في الدفاع عن ثرواتها وامتيازاتها. واشار ماركس الى ان الأفكار السائدة هي افكار الطبقة السائدة. وترى النظرية الماركسية امكانية تغيير الواقع الظالم نحو العدالة والمساواة , وترى ان مفهومي العدل والظلم غير مطلقين بل يتغيران من عهد الى آخر تبعا للتغيرات التي تطرأ على العلاقات الاجتماعية وان اقامة العدل يعني تحرير المجتمع من الاستغلال , وبينت بأنه عند الاطاحة بالبرجوازية وصعود الطبقة العاملة عند ذلك تقوم علاقات عادلة اصلية من المساواة والصداقة الأخوية والتعاون بين جميع الناس ضمن مجتمع شيوعي يسود فيه نظام اجتماعي لا طبقي يتحقق فيه توزيع الثروة حسب المبدأ القائل : (( من كل حسب مقدرته ولكل حسب احتياجاته )) .
اما بالنسبة للعراق فتغيب عن نظامه العدالة الاجتماعية كون اقتصاده اقتصادا ريعيا استهلاكيا استيراديا بامتياز حيث تتعارض العدالة الاجتماعية مع الاقتصاد الريعي والدولة الريعية . وان ابرز ما يؤكد على غياب العدالة الاجتماعية في العراق هو تنعم قلة من الأفراد المرتبطين مع الحكومة بالمغانم والامتيازات بينما الغالبية من العراقيين لا يتمتعون بذلك ويعانون الفاقة والحرمان والبطالة , وبهذه الكيفية فإن مقولة ( النفط ثروة عامة للجميع ) مقولة غير صحيحة في العراق حيث يكون الأمر صحيحا هو ان ( النفط ثروة خاصة بالحكومة ومن يواليها ) .وتشير التقديرات الى ان حوالي 20% من سكان العراق مستفيدين من الثروة النفطية حاليا نتيجة الارتباط بالحكومة وان 80% من افراد الشعب العراقي لا يتمتعون بحقوقهم من النفط العراقي بل يعانون من الفقر الذي ازدادت نسبته وكذلك ارتفاع نسبة البطالة التي تتراوح بين 30 – 40 % والتي اخذت تتفاقم لتشمل حتى اصحاب الشهادات العليا , الى جانب سوء الخدمات التعليمية والصحية والبنى التحتية وغيرها .
ومما يزيد من غياب العدالة الاجتماعية سوءً هو المديونية التي ازدادت والتي ستتحملها الأجيال اللاحقة كعبء اضافي لعدم تمتعها بالحقوق المالية النفطية بسبب عدم استثمار النفط من قبل الادارة الحالية بالشكل الذي يضمن حقوق الأجيال اللاحقة وبسبب سوء ادارة العوائد المالية النفطية الكبيرة وغياب الارادة الحقيقية وانعدام الرؤية الاستراتيجية التي من خلالها يتم الوصول الى بناء اقتصاد سليم وتوزيع عادل للثروات بين الجيل الحالي والأجيال المستقبلية .
واليوم نلاحظ في العراق عدم وجود المساواة بين العراقيين في توفير فرص العمل , فالعديد من العراقيين الشباب ومن الخريجين يعانون البطالة بينما ابناء واقارب المسؤولين في الدولة يتعينون في دوائر الدولة بسهولة وبغض النظر عن توفر المؤهلات المطلوبة للتعيين وهم خارج الضوابط , كما نجدهم بكثرة في السفارات والملحقيات العراقية في الخارج.
كذلك لا توجد عدالة ومساواة في الرواتب حيث ان رواتب وامتيازات الرئاسات الثلاث خيالية جدا لا يوجد لها مثيل في أي دولة في العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية , بينما تتميز رواتب الأكثرية من ابناء شعبنا بقلتها لا تكفي لتأمين الحياة المناسبة الكريمة . كذلك الحال فيما يتعلق بعدم توفر المساواة بين المتقاعدين ففي الرئاسات الثلاث بعد العمل لأربع سنوات تتم الاحالة الى التقاعد وبراتب تقاعدي خيالي لا يتناسب اطلاقا مع الخدمة ولا يطبق عليهم ضوابط قانون التقاعد الموحد الذي يطبق على الغالبية الذين افنوا حياتهم في الوظيفة ويحالون الى التقاعد براتب قليل جدا لا يكفي لتأمين الحياة المناسبة لعوائلهم . فأي عدالة وأي مساواة هذه ؟
ان الاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي وحيد الجانب يعتمد كليا على القطاع النفطي الذي تعتبر وارداته المكون الرئيس لموارد الدخل القومي والمكون الرئيس للناتج المحلي الاجمالي وتحول العراق الى دولة ريعية تبرز فيها السمات السلبية للدول الريعية والتي منها غياب الحريات العامة والحياة الديمقراطية الحقيقية وحقوق الانسان وحقوق القوميات وتهميش المجتمع في ظل ارتباط الدولة بالمراكز الرأسمالية المتقدمة التي تقف حائلا دون تخليصها من التخلف ووحدانية الجانب في الاقتصاد وتكرس فيها الطابع الريعي . وفي الاقتصاد الريعي فإن الحكومة هي المستفيد الأول من الريع الخارجي وليس الشعب . ان الدولة الريعية هي دولة تعيش على دخل غير مكتسب بالعمل وانما من المصادر الطبيعية. وفي الاقتصاد الريعي تتحسن فيه مداخيل ومستوى حياة ومعيشة فئات معينة قليلة بينما تبقى فئات كبيرة في المجتمع تعاني من الفقر والبطالة وشظف العيش بدون وجود أي عدالة اجتماعية . ان من عواقب الاقتصاد الريعي في العراق تفاقم ذهنية الاستبداد والتسلط وتفاقم ظاهرة الاتكالية لدى الحكام. وفي الاقتصاد الريعي تغيب الديمقراطية وتتقزم ان وجدت ويتفاقم الفساد المالي والاداري والسعي لامتلاك ترسانة كبيرة من السلاح والتحول الى عسكرة الاقتصاد لإسكات الشعب المحتج وقمعه ورفض مطالبه للبقاء في السلطة , وهذا هو حال العراق اليوم الذي يواجه المحتجين السلميين الذين يطالبون بأبسط الحقوق ورفع الظلم عنهم بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع وبالهراوات وخراطيم المياه والاغتيالات والاعتقالات غير الدستورية. فأي عدالة هذه؟ وفي هذا الصدد يؤكد الحزب الشيوعي العراق على تفعيل مبدأ المواطنة ومساواة المواطنين امام القانون وضمان تمتعهم بحقوقهم وحرياتهم العامة والشخصية كما نص عليها الدستور ولائحة حقوق الانسان الدولية. وكان شعاره المعتمد في مؤتمره الوطني العاشر : (( التغيير الشامل … دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية)) . فهذه الدولة تشكل البديل لدولة المحاصصة القائمة والولادة للأزمات التي يعاني منها العراق منذ التغيير في 2003 والى اليوم. فالحزب الشيوعي العراقي يؤكد وبكل وضوح على اقامة الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية المرتبطة حتما بمبدأ العدالة الاجتماعية لأنه لا ديمقراطية بدون عدالة اجتماعية . فلتكن العدالة الاجتماعية طريقنا للسلم والتنمية*
* عن الحوار المتمدن…