القانونية

مخالفات دستورية للحكومات العراقية المتعاقبة بعد ٢٠٠٣

مخالفات دستورية للحكومات العراقية المتعاقبة بعد ٢٠٠٣

مخالفات دستورية للحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003
• عادل عبد الزهرة شبيب / مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية
منذ التغيير في 2003 والى اليوم عجزت الحكومات المتعاقبة في العراق عن اداء دورها ولم تلتزم بأحكام الدستور العراقي بعد تشريعه في العام 2005 حيث تم تكريس الطائفية والمحاصصة وتفشي الفساد المالي والاداري واصبح كل شيء في العراق سيئا بشهادة المنظمات الدولية المتخصصة , فهو الأكثر فسادا بين دول العالم حسب منظمة الشفافية الدولية, وهو الأسوأ بالنسبة الى رجال الأعمال وبالنسبة لجودة المعيشة , والأسوأ في مستوى التعليم والصحة والخدمات, ويوجد فيه اسوأ برلمان في التاريخ حسب صحيفة الديلي ميل البريطانية حيث يتقاضى رواتب خيالية ولا يقدم مقابلها قوانين تمس حياة المواطنين, بل حتى جواز السفر العراقي لم يسلم من الانتقاد حيث اعتبر اسوأ جواز في العالم. ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم من معالجة مشكلة البطالة المتفاقمة وخاصة بين الشباب والخريجين ولم تتمكن من الحد من الفقر المدقع ومعالجة مشكلة السكن وازمة الكهرباء على الرغم من انفاق مليارات الدولارات ولم تعالج مشكلة توفير الماء النقي سواء في بغداد او المحافظات, كما تراجعت الصناعة والزراعة والسياحة والتعدين وتحول العراق الى بلد مستورد لكل شيء حتى سلة غذائه يتم استيرادها واصبح اقتصاده اقتصادا منكشفا على العالم . فكل شيء في العراق اصبح سيئا نتيجة سوء الادارة وانعدام الخطط الاستراتيجية الاقتصادية ونهج المحاصصة والطائفية الذي يهمش العناصر المؤهلة والكفؤة .
كل هذه الأمور لم تتحملها الجماهير فخرجت منتفضة سلميا مطالبة بالإصلاح الجذري , الا ان الحكومة واجهتها بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز والمياه الساخنة والهراوات والاعتقالات تعبيرا عن ( ديمقراطيتها ) التي تؤمن بها . اضافة الى ذلك لم تلتزم الحكومة الحالية وكل الحكومات المتعاقبة بأحكام الدستور العراقي , فعلى سبيل المثال :
نصت المادة (9)/ اولا (ب) من الدستور العراقي على : ((يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة .)) بينما نجد اليوم ان الميليشيات العسكرية منتشرة وتمارس نشاطها بكل حرية وتفرض نفسها على الدولة ولها ارتباطات بدول اقليمية ولم تمتثل للقرارات الحكومية الصادرة بدمجها مع القوات المسلحة الرسمية وهذا مخالف بشكل صارخ لهذه المادة .
كذلك جرت مخالفة المادة (9)/ ثانيا التي اكدت على : (( تنظم خدمة العلم بقانون )).
اما المادة (12)/ اولا التي نصت على :(( ينظم بقانون علم العراق وشعاره ونشيده الوطني بما يرمز الى مكونات الشعب العراقي .)) فأين ذلك القانون بعد مرور ثمانية عشر عاما ؟
واشارت المادة(14) من الدستور العراقي الى : (( العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الأصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الراي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي .)) فهل العراقيون اليوم متساوون امام القانون فعلا ؟؟
ونجد ان المادة (16) من الدستور العراقي قد نصت على :(( تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين , وتكفل الدولة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتحقيق ذلك )). واليوم في العراق لا يوجد أي تكافؤ في الفرص لكل العراقيين ففي التعيينات مثلا يعين ابناء واقارب المسؤولين ومن منتمي الأحزاب السياسية الحاكمة حتى لو لم يملكوا الشهادات والمؤهلات المناسبة او يملكون شهادات مزورة كما نجدهم يحتلون السفارات والملحقيات العراقية في الخارج بينما يحرم اصحاب الشهادات الجامعية والشهادات العليا من فرص التعيين ويواجهوا بالماء الساخن والرصاص الحي لأنهم تجرؤا وطالبوا بحقهم الدستوري في التعيين في مؤسسات الدولة التي اصبحت اقطاعات لهذا الوزير او ذاك وللكتل الحزبية المتنفذة .
اما المادة (19) من الدستور فنصت على :(( القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون )). وهذه المادة الدستورية لم يتم احترامها حيث تتدخل الكتل السياسية والنواب في شؤون القضاء الذي اصبح مسيسا .
كما لم تلتزم الحكومات المتعاقبة بالمادة (29) /ب التي نصت على: (( تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة وترعى النشء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم .)). ونصت المادة (29) ثالثا على : (( يحظر الاستغلال الاقتصادي للأطفال بصوره كافة وتتخذ الدولة الاجراء الكفيل بحمايتهم )) , واليوم نجد كثير من الأطفال يعملون في المناطق الصناعية الخاصة بالسيارات والمحلات الاخرى لإعالة عوائلهم الفقيرة بدلا من توجههم للمدرسة في ظل غياب دور الدولة . اضافة الى قيامهم بالتسول والبحث في القمامة عما يفيدهم .
بينما نصت المادة (30)/ اولا التي لم تلتزم بها الحكومات المتعاقبة على : (( تكفل الدولة للفرد وللأسرة وبخاصة الطفل والمرأة – الضمان الاجتماعي والصحي والمقومات الأساسية للعيش في حياة حرة كريمة , تؤمن لهم الدخل المناسب والسكن الملائم )). واليوم نجد كثير من الأطفال والنساء يمارسون التسول ومسح زجاج السيارات وبيع الشاي والمناديل الورقية في التقاطعات, في ظل تخلي الدولة عن واجباتها تجاههم .
ونجد ان المادة (30) / ثانيا من الدستور العراقي قد نصت على :(( تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة او المرض او العجز عن العمل او التشرد او اليتم او البطالة وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم وينظم ذلك بقانون )) فهل فعلت الحكومات المتعاقبة ذلك التزاما بالدستور ؟ وهل مارس مجلس النواب العراقي دوره الرقابي ؟
وفي العراق هل صانت الحكومات المتعاقبة حرية الانسان وكرامته ؟؟ كما ورد ذلك في نص المادة (37)/ اولا /أ : (( حرية الانسان وكرامته مصونة )) .
(ب) : (( لا يجوز توقيف احد او التحقيق معه الا بموجب قرار قضائي )).
(ج): ((يحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الانسانية ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه , او التهديد او التعذيب , وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي اصابه وفقا للقانون )).
كما اوضحت التظاهرات اليوم في مدن العراق المختلفة عدم التزام الحكومة بالمادة (38) من الدستور وفقراتها التي نصت على :(( تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب :-
اولا : (( حرية التعبير عن الراي بكل الوسائل )).
ثانيا :((حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر )).
ثالثا 🙁 ( حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون )).
اما المادة ( 107 ) من الدستور العراقي فتناولت :(( يؤسس مجلس الخدمة العامة الاتحادي يتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة الاتحادية بما فيها التعيين والترقية وينظم تكوينه واختصاصاته بقانون )) , علما ان مجلس الخدمة العامة كان يعمل به في سبعينات القرن الماضي واليوم حال نهج المحاصصة والطائفية على تنفيذ القانون الذي صدر قبل فترة .
اما بالنسبة للمادة (111) من الدستور العراقي فقد نصت على 🙁 ( النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات )) . فهل هو كذلك فعلا ؟؟؟ ام ان العوائد المالية النفطية الكبيرة تستفيد منها الأقلية الحاكمة دون الشعب . كما لم تنعكس العوائد المالية الكبيرة في اقامة المشاريع الاقتصادية المختلفة وتحسين الظروف المعيشية لأبناء الشعب . وفي هذا تقصير كبير لكل الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم حيث يقضم الفساد والميليشيات الجزء الكبير من هذه العوائد دون الاستفادة منها لمصلحة الشعب العراقي , ولذلك لا يمكن القول اليوم ان النفط والغاز هو ملك كل الشعب . وبناء على ذلك اليس من حق الجماهير الشعبية اليوم التي اصابها اليأس من الانتفاض سلميا ضد سوء الادارة والفساد والظلم والمحاصصة والبطالة والفقر وغياب العدالة الاجتماعية ؟؟؟

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى