مدى دستورية تعديل القانون الخاص بالسن القانوني للتقاعد
مدى دستورية تعديل القانون الخاص بالسن القانوني للتقاعد
من المعروف قانوناً وعرفاً عندما تصدر التشريعات التي تخص الحياة المعيشية لفئة من المواطنين لابد أن تكون عادلة ومنصفة، ولاتكون ارتجالية وسريعة دون دراسة معمقة لحساب فئة على أخرى، لسبب يتعلق بردة فعل آنية، وفق ما يحصل حالياً وما يحدث في الشارع العراقي من مظاهرات لمجموعة من الشباب لإسباب مختلفة ومنها ايجاد فرص عمل لهم.
عند القاء نظرة على مسودة تعديل قانون التقاعد رقم 9 لسنة 2014 المقدمة من قبل مجلس الوزراء والمعدلة من قبل مجلس النواب العراقي، وخاصة الفقرة التي تتعلق بتقليل السن التقاعدي الى 60 عاما بدلاً من 63 عاماً باستثناء بعض الفئات المحددة فيه، رغم ان تعديل القوانين هو عمل تشريعي تختص به السلطة التشريعية، نتمنى أن لا يغيب عن ذهن المشرع العراقي، ان الفئة التي يإمرها بالتقاعد الاجباري دون سابق انذار هي فئة من كوادر وخبراء الدولة العراقية خاصة من أصحاب الشهادات بكلوريوس صعوداً، ولديها التزامات عائلية وأعباء مالية ومكيفة حياتها وفق رواتبها الحالية على بقائها لمدة ثلاث سنوات أخرى، لإن الراتب التقاعدي لايمكن أن يعادل الراتب الوظيفي بل يختزله الى النصف أو اقل، فيكون التعديل غير صائب وليس في محله، حتى في قوانين التنفيذ أو تحصيل الديون الحكومية أو التضمين أو قرارات المحاكم الخاصة بتخلية العقارات أو تسديد الاموال لصالح المدين، أو في الجانب الاداري لنقل الموظف مباشرته لوظيفة الجديدة ، هنالك مدد زمنية تحدد للمشمولين حتى يتسنى بالاخبار او المبلغ بالانذار تنفيذ القرار المطلوب الواجب التنفيذ.
لذلك نرى من الناحية القانونية عدا الانسانية بعدم دستورية هذه الفقرة من التعديل لإنها تتضمن خرقاً دستورياً في التطبيق الفوري للمساس بحقوق مواطنين منظمة حياتهم لبقائهم في الوظيفة العامة لمدة ثلاث سنوات أخرى، إضافة الى أن التعديل المذكور لم يعرض على مجلس الدولة من قبل الحكومة قبل اقراراه وارساله الى مجلس النواب وفق مارسمه الدستور العراقي وقانون مجلس الدولة النافذ، لذلك نرى أن التعديل من الناحية القانونية يجب أن يطبق بعد ثلاث سنوات من تشريعه لمختلف الأسباب التي تتعلق بإيجاد البديل للوظائف التي يتبوءها المذكورين، أو الجانب الإنساني والاجتماعي الذي يتعلق بحياة المشمولين بالتعديل، أو الجانب الدستوري الذي نوجزه نصوص مواد الدستور التي نراها تعارض هذا التعديل للفقرة التي تتعلق بتقليل السن القانوني لموظفي الدولة، وكما يلي:
1- المادة (2): أولاً:- ج- لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور.( ان هذا التعديل سوف يسبب ضرراً كبيراً لحقوق فئة كبيرة من كوادر الدولة المتقدمة ويغبن حقوقهم ولايراعى ما قدموه في الوظيفة العامة من خدمة امضى فيه منهم ما يزيد عن الاربعين عاماً).
2- المادة (14): العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي. (هنا الاستثاءات الواردة في التعديل لبعض الفئات أول المخالفات على هذا التعديل بعدم المساواة امام القانون).
3- المادة (16): تكافؤ الفرص حقٌ مكفولٌ لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك. (وهنا فقدان تكافؤ الفرص في الاسثناءات الواردة في التعديل لتفضيل فئة على اخرى).
4- المادة (19): تاسعاً:- ليس للقوانين أثرٌ رجعي ما لم يُنص على خلاف ذلك، ولا يشمل هذا الاستثناء قوانين الضرائب والرسوم.( يعتبر اصدار تشريع نافذ من تاريخ صدوره للإمور المالية التي ترتب حقوقاً لإشخاص بعد ثلاث سنوات كإنما التصرف ينفذ باثر رجعي).
5- المادة (30): أولاً:- تكفل الدولة للفرد وللأسرة، وبخاصة الطفل والمرأة، الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرةٍ كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم. ( أن هذا التعديل سوف يسبب ضرراً كبيراً لعوائل المشمولين من تقليل السن التقاعدي لإن حياتهم قد كيفت لثلاث سنوات تؤمن لهم الدخل المناسب من الرواتب خاصة من لديه ابناء في المدارس أو الكليات او ايجار سكن أو قروض من مصارف مختلفة لاسباب مختلفة).
6- مراعاة الاثر النفسي الذي سوف تتركه طريقة التعامل القاسية هذه بالنسبة لهذه الفئة وكانه عقوبة لتقدمهم في السن، وهو يخالف كل ما تقدمه الدول المتحضرة من إهتمام ورعاية وتقدير لمن قاموا بخدمة مؤسساتها طيلة خدمتهم الوظيفية.
واخيرا نتمنى إعادة النظر في الفقرة التي تتعلق بتقليل السن القانوني أو اعتبار نفاذها بعد ثلاث سنوات من تاريخ نشر التعديل في الجريدة الرسمية… #
# عن الحوار المتمدن..