الاقتصاديةالمقالات والبحوث

مصطلحات اقتصادية ــ العولمة

مصطلحات اقتصادية ــ العولمة

مصطلحات اقتصادية

العولمة

عادل عبد الزهرة شبيب / مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية

تعني العولمة جعل الشيء عالميا أو دولي الانتشار في مداه وتطبيقه . وقد ساعد التطور العلمي والتكنولوجي  وثورة الاتصالات على ازالة الحواجز بين شعوب العالم ليصبح العالم قرية كونية صغيرة.  ومنذ نشوء وتطور الرأسمالية وحتى الوقت الحاضر كانت وما تزال المجتمعات البشرية تعيش عملية سيرورة موضوعية لعملية تطور متسارعة وتوسيع مستمر لظاهرة تدويل العالم في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية بما فيها, التجارية والمالية, والاجتماعية والثقافية  والعلمية والتقنية والبيئية والعسكرية . وكانت عملية التدويل بطيئة في المراحل الاولى من الرأسمالية وشهدت تسارعا في مرحلة التطور الصناعي وبعد الثورة الصناعية .

والعولمة مصطلح جديد لظاهرة التدويل القديمة ولكنها ببنية ونوعية جديدتين في آن واحد , وهي ظاهرة حديثة في كثير من جوانبها الاساسية بحكم طابعها وتراكمها المعرفي وسرعة التحولات الجارية في القوى المنتجة فيها والتأثيرات العملاتية الناجمة عنها, وحافظت العولمة على طبيعة جوهرها الا وهو الاستغلال الرأسمالي الذي تجذر وتنوع اكثر فأكثر وتفاقم ايضا. والعولمة الرأسمالية باعتبارها عملية اقتصادية- مالية واجتماعية – سياسية وعلمية – تقنية وفكرية – ثقافية وبيئية واعلامية وعسكرية, ما تزال في بداية مرحلة جديدة في الرأسمالية على الصعيد العالمي , فهي تسير في طريق التطور والتنسيق والتكامل كمرحلة متممة ومستقلة ومتقدمة من مراحل التطور الرأسمالي والتدويل الاقتصادي. وان النصف الاول من القرن الواحد والعشرين سيشهد تطورا سريعا في هذا المجال وستبرز معه الى السطح تناقضات العولمة الاساسية المرتبطة بطبيعة وبنية الرأسمالية الدولية في مرحلتها الجديدة . وتقترن العولمة في المرحلة الراهنة بسعي مجموعة من الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسية للسيطرة على العملية الاقتصادية الدولية برمتها, أي على مجمل مراحل عملية اعادة الانتاج على النطاق الدولي ولكنها عاجزة عن أن تتفاعل مع الاقتصاد الدولي على أساس وحدة هذا الاقتصاد بسبب التباين الشديد القائم في مستويات تطور العالمين المتقدم والنامي .

ان مروجو العولمة من الليبراليين الجدد  يبذلون اقصى جهودهم للتبشير بضرورة تخلي الدولة الكامل عن التدخل والتوجيه والرقابة على الشؤون الاقتصادية وتصفية قطاع الدولة الاقتصادي  من خلال بيع مشاريعه الى القطاع الخاص المحلي او الدولي او ما يطلق عليها بعملية الخصخصة التامة لمشاريع الدولة الاقتصادية .

ان الدول الرأسمالية المتقدمة هي المستفيد الأول من سياسات العولمة الجارية ولكنها لا تنسجم ولا تستجيب لحاجات الدول النامية وترفض الاستجابة لقدر معين من مصالح الشعوب والبلدان الاخرى .

تتخذ العولمة الحديثة اشكالا عدة كالعولمة الاجتماعية وهي زيادة الترابط بين المجتمعات وازدياد التبادل الثقافي ويمثلها التطور الكبير في المواصلات والاتصالات . وهناك العولمة الاقتصادية وهي زيادة الحرية الاقتصادية والتبادل التجاري في العالم. كما يوجد شكل اخر للعولمة وهي العولمة السياسية وتتمثل بفرض الدول الغنية والقوية قوتها العسكرية على الدول الضعيفة والتدخل في قراراتها. وان ابرز مؤسسات العولمة, البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة الدولية

 للعولمة اثار سلبية واضحة  تتمثل بـ :

  1. تركيز القوة والنشاط الاقتصادي على الصعيد العالمي في أيدي مجموعات معدودة, ويتم تهميش الباقي ويتم تقسيم العالم الى عالم غني وعالم فقير .
  2. انتشار الفقر الذي يعتبر نتيجة واقعية حتمية لظاهرة التفاوت والقاعدة المهمة التي تأسس عليها اقتصاد العولمة.
  3. السيطرة الكبيرة للشركات المتعددة الجنسيات على نشاط التجارة والاستثمار والذي يؤثر على الدول النامية ويضعف انتاجها .
  4. تفشي البطالة وانتشارها والتي ستدفع الكثيرين للهجرة بحثا عن عمل .
  5. فقدان هوية المجتمعات وطمس أي معالم لشخصيتها وسيادتها وخصوصيتها .

ان ازمة الرأسمالية وتناقضاتها المعولمة تدفع طيفا واسعا ومتزايدا من الشرائح الاجتماعية للوقوف ضدها بسبب تعرض مواقع هذه الشرائح ومصالحها للضرر , و امكانية تطوير الحركات الاحتجاجية واكسابها محتوى مناهضا للرأسمالية وضرورة توحيد المطالبات المشتتة في تيار منسجم يعادي الامبريالية ويحمل في الوقت نفسه مشروعا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا تقدميا مع اهمية الجمع بين النضال من اجل التحرر الوطني والاستقلال وبين الخلاص من الهيمنة الرأسمالية المعولمة وتحقيق الديمقراطية ببعديها الاجتماعي والسياسي , وان النضال ضد الامبريالية لا بد ان يقترن على نحو متلازم بالنضال من اجل الديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى