الاقتصادية

موقف الحزب الشيوعي السوداني من اقتصاد البلاد المتخلف  وعوامل النهوض به

موقف الحزب الشيوعي السوداني من اقتصاد البلاد المتخلف  وعوامل النهوض به

  • عادل عبد الزهرة شبيب / بغداد

سبب نظام المخلوع البشير بسياسته الفاشلة العديد من الأزمات المالية والاقتصادية الخانقة للبلاد وعلى مختلف الأصعدة المالية والصناعية والزراعية والخدمية اضافة الى تدهور قطاعي التعليم والصحة والتي انعكست آثارها على الكادحين بشكل خاص حيث تدنى مستوى الدخل وانتشر الفقر والبطالة ما ادى الى الانتفاضة الجماهيرية الشعبية من اجل تغيير الواقع السياسي والاقتصادي المتردي في البلاد . وكان لتقسيم السودان عام 2011 وانفصال الجنوب السوداني خسارة كبيرة لموارد طبيعية واقتصادية كبيرة كالنفط والذهب,

  حيث فقد السودان نحو ثلاثة ارباع انتاج النفط ونصف الايرادات المالية العامة وثلثي قدرته على سداد المدفوعات الدولية, كما تراجع المعدل السنوي  لنمو الناتج المحلي الاجمالي  من 7,8 % عام 2008 الى 3,1 % عام 2014 , في حين بلغ معدل البطالة 19,2% عام 2014 ووصل حجم الدين الخارجي للسودان في نهاية عام 2013 الى نحو 45 مليار دولار . كما اثرت العقوبات الأمريكية على السودان  سلبا على الجنيه السوداني  امام الدولار الأمريكي بسبب ايقاف معظم البنوك الأجنبية التعامل مع البنوك السودانية وانعكس ذلك على ارتفاع الاسعار ارتفاعا حادا  وقد عجزت الحكومات المتعاقبة في عهد المخلوع البشير عن انقاذ واصلاح الاقتصاد السوداني  وقضم الفساد الكبير معظم موارد البلاد مما زاد من معاناة الشعب السوداني الذي رفض سياسات النظام السابق  وخرج محتجا باحتجاجات جماهيرية شعبية كبيرة اطاحت بالنظام ومنظمته الاقتصادية .

السودان غني بثرواته من نفط وذهب وزراعة وثروة حيوانية  وغيرها لم يتم استثمارها بشكل سليم لصالح الشعب والوطن .

واليوم تواجه الحكومة السودانية الجديدة العديد من التحديات حيث ترتبط  عملية اعادة البناء الاقتصادي للدولة بشكل وثيق بالحل السياسي وبتحقيق مطالب الجماهير الثائرة . الم تنتهي  مرحلة تحرير السودان وتبدأ مرحلة التعمير ؟ ويرى الحزب الشيوعي السوداني  بأن كل الحكومات المتعاقبة  في السودان قد فشلت  في استغلال الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة  واقامة صناعة زراعية , بل بالعكس ساهمت في تدمير الاقتصاد السوداني الى درجة الانهيار التام  وفضلت اعتماد الاستيراد لسد حاجة السكان بدلا من التصنيع, كما تم بيع الأراضي الزراعية للمستثمرين العرب وتأجيرها .  كما يرى الحزب الشيوعي السوداني  بأن سياسة الاقتصاد الحر وتحرير السوق قد ادت الى احداث اوضاعا سلبية في الاقتصاد السوداني من خلال تدهور قيمة الجنيه السوداني ورفع تكلفة المدخلات الزراعية المستوردة من آليات وبذور وأسمدة ومبيدات وخيش وجازولين حيث ارتفعت قيمة الواردات الزراعية بنسبة 23 % من عائدات الصادرات الزراعية وارتفعت الى 63% في المتوسط خلال الاثني عشرة سنة الاولى من حكم نظام المخلوع .وساهمت سياسة النظام المباد في تخريب الزراعة  وتدهورها  فعلى سبيل المثال كانت الأراضي  المزروعة قطنا تبلغ في المتوسط حوالي 875 ألف  فدان وتدهورت في العشر سنوات الاولى لسلطة رأس المال  الطفيلي الة متوسط 431 ألف فدان وانحدرت في موسم 2015 – 2016 الى 13 ألف فدان فقط , اضافة الى تدهور القطاع الحيواني وانتاجه . اما بالنسبة للصناعة فلم تسلم من الاهمال والتخريب في عهد النظام المخلوع فمثلا كان السودان يمتلك صناعة زيوت طعام طاقتها الانتاجية التصنيعية تبلغ 3 ملايين طن من الزيوت وتدهور الانتاج حتى بلغ في عام 2003 نحو 90 ألف طن  فقط  ووصل اعلى انتاج له في عام 2008 الى 160 ألف طن , كما تدهورت صناعة الصابون  حيث اصبح السودان مستوردا لها  الى جانب تدهور صناعة الغزل والنسيج وكل الصناعات عموما . ويرى الحزب الشيوعي السوداني  ان سياسة التحرير الاقتصادي  وفتح الاسواق للبضائع الأجنبية المستوردة هي اول مهددات التطور الصناعي في السودان , كما ان الخصخصة قد اعاقت تطور الاقتصاد السوداني حيث تم بيع مرافق القطاع العام لشريحة  طبقة الرأسمالية الطفيلية  التي لا علاقة لها بالإنتاج مطلقا وان رفع الدولة يدها عن قيادة الاقتصاد وتخطيط مسيرة نموه وتطوره ادى الى حد كبير الى الدمار والانهيار  للاقتصاد السوداني . كما بين الحزب الشيوعي السوداني ان اهدار الموارد هو احد المعوقات الأساسية في تطور الاقتصاد السوداني حيث لم توجه الى تطوير الانتاج الزراعي والصناعي  والتعليم والصحة وانما وجهت لاستيراد الكريمات والزهور  والطيور وغيرها . فالسودان لم يستفد من موارده المالية في الانتاج ولجأ الى الاقتراض من الخارج لبناء الطرق والجسور وشبكات الماء والكهرباء للمدن حتى بلغت مديونية السودان الخارجية نحو  45 مليار دولار . كما عانى السودان من تفشي الفساد الكبير في مفاصل الدولة وعن طريقه ضاعت مليارات الدولارات  التي كان من الممكن استثمارها في تحسين احوال الشعب السوداني .ويرى الحزب الشيوعي السوداني ضرورة اصلاح الأوضاع الاقتصادية المتردية في السودان وتشجيع وتطوير الجمعيات التعاونية  حيث يعتبر الحزب نمط التعاونيات السائد في السودان هو شكل اجتماعي  تشاركي نابع من صميم  العادات والتقاليد السودانية الجماعية . ويقف الحزب الشيوعي السوداني مع الاستثمارات الأجنبية بهدف تطوير اقتصاد البلاد والنهوض به ولكن وفق شروط محددة  تتمثل بـ :

  1. تحديد مجالات الاستثمار التي تحتاجها البلاد من قبل الدولة .
  2. ان يكون الاستثمار قائما على سياسة المنفعة المتبادلة التي تعود للبلدين بالفائدة المرجوة .
  3. ان يكون للاستثمار الأجنبي دورا في تطوير التنمية الزراعية والصناعية والخدمية وفقا للخطة التي تضعها الدولة كقائدة للإنتاج في مجالاته المختلفة .

ويرى الحزب الشيوعي السوداني  ان المطلوب من الحكومة الجديدة هو وقف التدهور الاقتصادي ومحاصرته وتحقيق التوازن الداخلي والخارجي  ومحاصرة الضائقة المعيشية وتخفيف وطأتها  وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين واعادة النظر بالإنفاق الأمني دون التأثير على القدرات القتالية للقوات المسلحة  وقدرتها على حماية الوطن والمواطنين وتخفيض الانفاق على قطاع الرئاسة ومجلس الوزراء  مع تقليص مجلس الوزراء وتجنب تعيين وزراء دولة بحيث لا يزيد عدد الوزراء عن عشرين وزيرا , اضافة الى خلق  مصادر للإيرادات دون الاعتماد على الضرائب غير المباشرة التي تثقل كاهل المواطن وتشكل سببا رئيسا في تفاقم الضائقة المعيشية . ويؤكد الحزب على استرداد الأموال المنهوبة من قبل منسوبي النظام المباد ومصادرتها ومصادرة اصول المؤتمر الوطني وكافة ممتلكاته واعادة النظر  في معاشات الدستوريين خلال فترة الدكتاتوريات العسكرية . وبذلك سيضمن الحصول على اموال طائلة يمكن توجيهها لخدمة الشعب السوداني . والحزب مع الغاء الضرائب الاتحادية والولائية على الزراعة وقطاع الثروة الحيوانية والغاء الازدواج الضريبي الذي يؤدي الى زيادة العبء على المنتجين ويلتهم ارباحهم  ويؤدي الى ارتفاع الاسعار النهائية للسلع ومن ثم زيادة تكلفة المعيشة  والغاء ضريبة القيمة المضافة على منتجات القطاع الصناعي وعلى المنسوجات  والغاء الرسوم الجمركية على مدخلات الانتاج  الزراعي والصناعات الغذائية وتخفيض الضرائب المباشرة على الصناعات الغذائية بنسبة 50% والغاء كافة الرسوم التي يتحملها  المواطن في قطاع الصحة والتعليم مع زيادة الموارد المخصصة من الخزينة العامة لقطاعي الصحة والتعليم وتوحيد سعر الكهرباء وتخفيضها على القطاع الصناعي من اجل خفض تكلفة الانتاج , والسعي للحصول على الاعفاء من الديون كليا او جزئيا ورقابة الدولة على تعدين الذهب والحيلولة دون تهريبه .

وفي مجال التحديات  المختلفة التي تواجه الحكومة الانتقالية الجديدة في السودان :

يرى الحزب الشيوعي السوداني في برنامجه الذي ينطبق على هذه المرحلة الانتقالية  :

  • ضرورة تصفية الأجهزة القمعية الرسمية وغير الرسمية لنظام البشير واقامة النظام الديمقراطي .
  • التحرر من الخضوع لوصفات البنك وصندوق النقد الدوليين تحت لافتات التثبيت والتكييف الهيكلي وخلافهما .
  • اعادة تأهيل قطاع الدولة واعادة نشاطه .
  • تصفية تشريعات نظام البشير التي تركز الثروة بأيدي شريحة الرأسمالية الاسلاموية الطفيلية التي يجسد مصالحها والتي كانت مصالحها مرتبطة تماما مع سلطة البشير وقاموا برهن ثروة البلاد النفطية للشركات الأجنبية بموجب اتفاقات سرية .
  • العمل على تجاوز الواقع المزري الذي يعيشه السودان وبناء سودان حر ديمقراطي موحد ترفرف فوقه رايات السلام والعدالة الاجتماعية .
  • عدم التمييز والاستعلاء بدوافع العرق او الجنس او اللغة او الدين او الثقافة واعتباره فعلا محرما, وادانة ومنع الاسترقاق وتجارة الرقيق بوصفهما وصمة في جبين الانسانية .
  • التأكيد على ديمقراطية النظام السياسي وضمان الحقوق السياسية للجماهير وانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التعددية ورفض نمط الحزب الواحد .
  • ان استقرار الديمقراطية في السودان رهن بالانعتاق من اسار النهج الانقلابي للوصول الى السلطة .
  • الفصل بين السلطات الثلاث وتوفير الضمانات لممارسة التعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة .
  • العمل على اجراء اصلاح قانوني شامل يسقط كل القوانين التي تتعارض مع الدستور الانتقالي.
  • اصدار قانون ديمقراطي لتنظيم العمل النقابي يضمن تكوين النقابات بالمعيار الفئوي لا بمعيار المنشأة يؤمن استقلالها وحرية الانضمام اليها ويدعم ديمقراطيتها من حيث الهيكلة والأداء ويحظر التدخل الحكومي والحزبي في شأنها
  • اصدار قانون لمحاربة الفساد بكل صوره واسترداد المال العام .
  • تحرير الخدمة المدنية من هيمنة الحزب الواحد واعادة تنظيمها على اسس قومية تراعي مبادئ الكفاءة والمؤهل والمنافسة , والامتناع عن تعيين او فصل كوادرها بدوافع سياسية او حزبية .
  • حل الميليشيات كافة وحصر السلاح بيد القوات المسلحة والشرطة .
  • وفي مجال التحديات الاقتصادية للسودان فإن على الحكومة الانتقالية المدنية الاهتمام بهذا الجانب لتحقيق التنمية الاقتصادية – الاجتماعية حيث لم تفلح سياسات التنمية الرأسمالية التابعة التي انتهجتها حكومة البشير في انتشال البلاد من التخلف والفقر وتوحيد البنية الاقتصادية المفككة وفي اقامة السوق الوطنية الموحدة مترابطة الأهداف وفي تحقيق الاستقلال الاقتصادي , بل بالعكس فقد كرست التخلف والتبعية لمراكز الرأسمالية العالمية وتقليص دور الدولة الاقتصادي والخضوع لوصفات صندوق النقد والبنك الدوليين واشرافهما المباشر على اعداد السياسات الاقتصادية للبلاد وتنفيذها في ظل تخلي الدولة عن مسؤولياتها الاجتماعية وتفشي البطالة واستخدام العمالة الاجنبية واحلالها مكان العمالة الوطنية , وارتفاع عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر من سكان البلاد الى 95 % 98% في المناطق الريفية كما هو الحال في دارفور , وتخلف الزراعة والصناعة. وهذا الوضع يتطلب برنامجا اقتصاديا من قبل الحكومة الانتقالية لمعالجة ازمات البلاد الاقتصادية والاجتماعية وتخفيف معاناة الجماهير التي احتجت بتظاهراتها على هذه الأوضاع التي كرسها نظام البشير الاسلاموي.
  • التأكيد على الدور الاقتصادي الفاعل للدولة في وضع الاستراتيجية والسياسات وخطط التنمية والاشراف والاسهام بفاعلية في النشاط الانتاجي واحجام رأس المال الأجنبي ورفض سياسات الخصخصة. ويرى الحزب الشيوعي السوداني ضرورة اعتبار القطاع الخاص السوداني احد الدعامات الرئيسية لعملية التنمية الوطنية الديمقراطية.
  • التأكيد على دور القطاع التعاوني في دائرة انتاج السلع والخدمات وفي دائرة الاستهلاك , وان التركيز على قطاع الدولة والخاص والتعاوني لا يعني استبعاد الأشكال الأخرى للملكية كالملكية المختلطة وملكية رأس المال الأجنبي والملكيات الصغيرة وفقا لخطط التنمية, فلكل منها دورا في عملية التنمية الوطنية الديمقراطية مع الاهتمام بالقطاع غير المنظم من حرفيين وصغار المنتجين والانتاج المنزلي والباعة المتجولين وبائعات الشاي والأطعمة والعمل على تنظيم العاملين في هذا القطاع بحيث يكتسب نشاطهم الشرعية دون ارهاقهم بالضرائب والرسوم .
  • ومن التحديات الاقتصادية الاخرى التي يجب الاهتمام بها في هذه المرحلة الانتقالية قضية التصنيع الذي يشكل جوهر التنمية والذي ينبغي العمل على تطويره تكنولوجيا وتأهيل الكوادر البشرية والارتقاء بالقدرات المؤسسية مما يفضي الى الارتقاء بكفاءة استخدام الموارد وزيادة انتاجيتها مع الاهتمام بالقطاعات الاستخراجية وتطويرها وتطوير النقل والاتصالات والطرق النهرية والبرية والبحرية والموانئ والنقل الجوي والطيران وتطوير القطاع المالي والمصرفي وتنشيط وجود الدولة فيه .
  • التأكيد على الاصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي وتأمين الغذاء للسكان والمواد الخام للصادر والفائض الاقتصادي للتوسع في الانتاج .
  • التخفيف من حدة الفقر ومعالجة الأوضاع الزراعية الغذائية الحرجة والقضاء على التخلف الاقتصادي والأزمة الغذائية .
  • ومن جهة اخرى فلا بد من اطلاق سراح المعتقلين سياسيا والأسرى والمحكومين سياسيا والغاء القوانين المقيدة للحريات وحقوق الانسان في السودان واسقاط كل الأحكام الجائرة بحق قادة الحركة الوطنية السودانية.

ويبقى الهم الأكبر للشعب السوداني وقواه الوطنية هو تفكيك نظام البشير الدكتاتوري التسلطي واقامة حكومة انتقالية مدنية وابعاد الجيش عنها ورفض الانقلاب العسكري, ولا تنازل عن مطالب الشعب السوداني المشروعة.. #

#.  عن جريدة الميدان السودانية..

زر الذهاب إلى الأعلى