اللجان

ندوة حول الاتفاقية العراقية – الصينية وميناء الفاو

ندوة خاصة عن الاتفاقية العراقية-الصينية وميناء الفاو   بدعــوة مــن مــركز بغــداد للتنمية القانونية والاقتصاديـة تم تنظيــــم النــدوة الموسومــة بـ (الأبعاد الاقتصاديــــــــة للاتفاقيـــــة العراقيـــــة – الصـــــينية واهميـــــة بنــــــاء مينـــــاء الفـــــاو) عبر الدائرة الكترونية وذلك في يوم السبت الموافق 16 من شهر كانون الثاني / 2021. استضاف فيها مجموعة  من الاساتذة المختصين بالشؤون الاقتصادية و الإستراتيجية ومختصين في الشأن العلاقات الدولية بالإضافة الى اعضاء المركز  وقد ادار الندوة الاستاذ حيدر جاسم مثنى عضو الهيأة الإدارية في مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية والذي استهل الندوة بالترحيب بالسادة الضيوف وبعدها تحدث قائلا:   خلال العقدين الماضييين، شهدت الصين تغيرات كبيرة ابهرت عالمنا الجديد وحققت تطورا كان محط تقدير وفخر لشعوب العالم. حيث تطورت  القدرات الاستراتيجية للصين، وتنامت إمكاناتها  الاقتصادية والسياسية والثقافية. ان ذلك  ليس تغييرا هائلا في الصين فحسب، بل هو أيضا تقدم هائل  للمجتمع البشري، وبالتالي مساهمة كبيرة لجهة دعم التنمية المشتركة والسلام العالمي وبناءعلاقات دولية حديثة النمط تعتمد الاحترام المتبادل والعدالة الاجتماعية والتعاون والمنفعة المشتركة. تمتد جذور العلاقة بين الصين والعراق لزمن بعيد، وخلال   هذه الفترة   التاريخية الطويلة، امتلئت صفحاتها بالكثير من الشواهد و الأدلة على عمق العلاقات  بينهما. في ديسمبر 2015 خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي، اعلن البلدان في بكين عن اقامة شراكة استراتيجية ودفع مشروع الحزام والطريق الى الامام، ويمكن اعتبار هذه الخطوة تتويجا لعلاقات الصداقة المتنامية بين البلدين.   وتتضمن هذه الشراكة العديد من الالتزامات والاتفاقيات، بما في ذلك الالتزامات والاتفاقيات بشأن التعاون وتبادل المصالح. وكما اكد الرئيس شي “ان الصين تقدر علاقاتها مع العراق، وتراه شريكا هاما للتعاون في الشرق الاوسط“.  وبهذه المناسبة يسر مركز بغداد للتنمية القانونية عقد ندوته المعنونة “الابعاد الاقتصادية للاتفاقية العراقية – الصينية واهمية بناء ميناو الفاو” نستضيف فيها كل من: الدكتور مازن خليل ابراهيم/ باحث في العلاقات الدولية والدراسات الستراتيجية. الاستاذ حسين العسكري/ محلل اقتصادي واستراتيجي عضو مؤسس لمعهد الحزام والطريق في السويد. د. عودت الحمداني/ باحث ومحلل اقتصادي رئيس اللجنة الاقتصادية  في مركز بغداد.     ثم ترك الحديث للسادة المحاضرين في الندوة فتحدث الدكتور مازن خليل ابراهيم/ باحث في العلاقات الدولية والدراسات الستراتيجية قائلا:   رسمت بريطانيا عند أحتلالها العراق حدودة السياسية، والتي منحته ممراً ضيقا على الخليج العربي لا يزيد طوله عن( ٥٨) كم، ونتيجة لزحف الحدود الإيرانية باتجاه شط العرب بسبب عامل النحت فان طول السواحل العراقية يتناقص باستمرار، فضلا عن ضيق المنفذ البحري العراقي، فان ضحالة المياه، وقلة عمقها قبالة السواحل العراقية، زاد من صعوبة بناء المرافئ والأرصفة البحرية، لذلك أقام العراق ميناء البصرة على مياه شط العرب بعيداَ عن الخليج، كما اضطر العراق لبناء ميناء أم قصر على قناة بحرية تم شقها في أحد الأذرع البحرية للخليج العربي في المياه المشتركة العراقية – الكويتية (خور الزبير)، وقد بنى العراق ميناء البكر النفطي وسط مياه الخليج العربي على بعد (٢٤) كم من الخط الشاطئ، وفي عام ١٩٧٠ طلب من الكويت استئجار جزيرتي (وربة وبوبيان) لاستخدامهما في بناء المرافئ لمدة مئة عام لعمق مياهها، لكن الكويت في حينها رفضت لخوفها من أن العراق يريد لنفسه موطئ قدم وأنه لن يخرج منها، وخلال الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثمانية أعوام (١٩٨٠-١٩٨٨)، أغلق منفذ العراق على الخليج تماما، وكان العراق يصدر معظم نفطه عن طريق تركيا والسعودية بوساطة أنابيب النفط، وهذه نقطة ضعف جيوبولتيكية عند مقارنته مع دول جواره التي تمتلك سواحل طويلة، مما قلل من استفادته من مرور البضائع عبر أراضيه كتجارة ترانزيت. 
  1. الاهمية الجيوسياسية لميناء الفاو الكبير.
     يمثل موقع العراق الجيوسياسي بشكل عام موقع الصدارة الجديد للاتصال مع أوربا برا ، وليكون جسرا ً أرضيا بين شرق أسيا وأوربا، عبر تركيا وسوريا،  فألمسافة بين الموانئ العراقية في شمال الخليج العربي والأراضي التركية لا تزيد على ١٢٠٠ كم، مما سيفعل خط سكة حديد   [ برلين – بغداد ] الذي كاد أن ينفذ في بداية القرن العشرين لولا قيام الحرب العالمية الثانية،  لتصبح الموانئ العراقية ومنها ميناء الفاو الكبير من أهم الموانئ الإستراتيجية التي ستغير خارطة النقل البحرية العالمية، وإن العراق يملك من المقومات الاقتصادية ما يجعله مركزا ً عالميا ً للتجارة والاستثمار، وتعد محافظة البصرة بحكم موقعها الجغرافي المطل على الخليج العربي، أهم المدن العراقية من حيث امتلاكها للواجهة البحرية الوحيدة التي تربط العراق مع العالم الخارجي، ومع ما تمتلكه من ثروات نفطية، يستطيع من خلالها العراق، أن يطور علاقاته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مع دول العالم، ويقع ميناء الفاو الكبير في منطقة اسمها الفاو أو شبه جزيرة الفاو جنوبي محافظة البصرة عند مصب شط العرب في الخليج العربي مباشرةً، والذي من المنتظر أن يصبح من أكبر عشر موانئ في العالم وأكبر ميناء في الشرق الأوسط، وسيحول الفاو إلى مدينة عالمية تجارية اقتصادية ضخمة، ويسهم في خلق فرص عمل كثيرة، حيث من المتوقع أن يبلغ عدد العاملين في بناء الميناء نحو 300 ألف عامل.
  1. الاهمية الاستيراتيجية.
   تأتي الأهمية الاستراتيجية في انجاز ميناء الفاو الكبير من انها سوف تفي بمتطلبات العراق الاقتصادية والسيادية والتنموية، لأنه ميناء سيادي وليس اقتصادي فحسب؛ لكونه يمثل جسرا ارضيا يربط الشرق بالغرب يختزل المسافات والوقت مقارنة بقناة السويس ورأس الرجاء الصالح، وحين يتم إنشاء ميناء الفاو الكبير سوف يغير خارطة النقل البحرية العالمية وسيخلص العراق من همومه الجيوستراتيجية ويجعله جسراً أرضيا يربط الشرق بالغرب ويحول العراق إلى أهم قناة جافة في العالم.
  1. الأهمية الاقتصادية.
  من المؤمل أن يحدث مشروع الفاو الكبير نقلة نوعية، ويحقق الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية له، عبر تحريك عجلة الملاحة البحرية، وستكون المدينة الصناعية في منطقة الفاو الأولى في الشرق الأوسط، وستبلغ طاقته الاستيعابية القصوى 99 مليون طن سنويًا، ويهدف فضلاً عن تنشيط قطاع النقل في العراق إلى تنويع طرق الاستيراد والتصدير، كما سيتم بناء مخازن للحبوب وأبراج وساحبات هوائية وأحزمة ناقلة عدد 2 و22 رافعة نمطية بطاقات مختلفة، ومهابط للطائرات، وفتح طرق دولية وإقامة معامل لمعالجة المياه ومحطات للوقود، وتوقع اقتصاديون أن يحقق الميناء للعراق منافع تقدر بنحو 15 مليار دينار شهريًا عند اكتمال المشروع وعمله بطاقته القصوى، لذا من المتوقع أن تصبح منطقة الفاو حلقة وصل تربط العديد من الأطراف مع بعضها.   تأتي أهمية هذا المشروع العملاق من كونه منظومة متكاملة تتكون من الميناء، وشبة جزيرة الفاو، التي ستكون في حال اكمالها واحدة من اكبر المدن الاقتصادية العالمية، وثاني اكبر عشر موانئ بالعالم وبديلا عن ميناء هونغ كونغ، وذلك من خلال تطوير ظهير الميناء بمشاريع صناعية كبرى وبناء قاعدة اقتصادية قريبة من الأسواق تشمل ارصفة تجارية واسعة وساحات تفريغ ومصانع تكرير النفط والغاز الطبيعي، والبتروكيمياويات، ومهابط للطائرات إضافة الى شبكة واسعة من الطرق البرية، وسكك الحديد، ومدن سكنية وفنادق ومرافق ترفيهية وغيرها، إضافة الى توفير فرص عمل والقضاء على البطالة ليس في مدينة البصرة فقط بل في كل مدن جنوب ووسط العراق، ولتحقيق هذه الرؤية المشرقة وضمان نجاحها والدفع باتجاه الإسراع بتنفيذ المشروع وفق أسس علمية وقانونية. لكن هناك بعض الاثار السلبية والايجابية على ميناء الفاو الكبير منها:
  • اثار ميناء مبارك الكبير الكويتي على اقتصاد العراق بشكل عام وعلى ميناء الفاو الكبير بشكل خاص.
  يأتي الخطر الأول والأكبر على انشاء ميناء الفاو الكبير، من ميناء مبارك الكبير في الكويت، والتي باشرت الكويت بناءه في عام 2010 بقيمة 1.1 مليار دولار قبالة السواحل العراقية على جزيرة بوبيان، المشروع وكما اختارت الكويت تنفيذه، يقع على بعد كيلومترات قليلة من مشروع الفاو الكبير، وتعد أحرج منطقة ملاحية في العالم، كونها تفرض واقعًا جغرافيًا سياسيًا على العراق من حيث انها تغلق الرئة البحرية الوحيدة للعراق، الذي لا يملك منفذًا بحريًا غيرها، وتحرم العراق من ارتباطاته البحرية مع البلدان الأخرى، علمًا أن دراسة جدوى المشروع أقرت أن ميناء مبارك سيعتمد على التجارة الكويتية العراقية، إذ سيعتمد على الحركة التجارية العراقية بشكل كبير، من باب الاعتماد على الاستهلاك الذي تتركز أعلى نسبة له في العراق بنسبة 68%، ومن المتوقع أن 80% من السوق العراقية ستتحرك عبر ميناء مبارك الكبير في بوبيان لأن الموانئ العراقية لا تحمل سعة كبيرة للحاويات كما سيحمله ميناء مبارك.  والمشروع بحسب التقاير التي اثبتت ان الأضرار الجسمية التي ستلحق بالاقتصاد العراقي بشكل مباشر، أذ ستصاب الموانئ العراقية الواقعة شمال خور عبد الله بالشلل التدريجي بعد تنفيذ المشروع، كما ستلحق امتدادات الميناء بتقليص مساحة الجرف القاري للعراق، وإنشاء السواتر الخرسانية في خور عبد الله سيلحق ضررًا جسيمًا بالثروة السمكية في المياه الإقليمية العراقية. فضلًا عن خطة لتحويل الكويت إلى مركز إقليمي، تطمح فيها الكويت أن تصبح منطقة أساسية للتجارة الحرة تربط آسيا بأوروبا من خلال بناء مدينة تبلغ قيمتها 90 مليار دولار، وبناء سكك حديدية وشبكة مترو تخدم الميناء.   سبق للنائبة عالية نصيف، عضو البرلمان العراقية، وأن طالبت من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، برفع دعاوى قضائية في المحاكم الدولية ضد (الكويت لتجاوزها على حدود العراق البرية والبحرية ونهب ثرواته) وقالت (سبق وأن حذرنا من قيام الكويت بإنشاء ميناء مبارك الذي تهدف من خلاله إلى تدمير اقتصاد العراق، كما نبهنا إلى المخطط الخطير الذي تقوده الكويت وبعض الخونة، الذين كانوا مرتزقة ومحامين لها؛ وأخذوا على عاتقهم التنفيذ الأعمى للقرارات الدولية)، كما أعلنت نصيف، جمع تواقيع 100 من النواب لغرض إلغاء اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت، كونها تلحق أضرارا بالغة بالعراق.  لكن حادثا لافتا وقع منتصف شهر أكتوبر الماضي أدخل المشروع في حالة من الشك، حين أعلن محافظ البصرة أسعد العيداني، منتصف شهر تشرين الاول أن مدير شركة دايو المسؤول عن تنفيذ ميناء الفاو، وجد ميتا قرب موقع العمل في المدينة، مرجّحا أن تكون الوفاة ناجمة عن حالة انتحار، ويأتي الحادث الأخير ليعمق الشكوك بمن يقف وراء تعطيل إتمام بناء الميناء: وعندها أعلنت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن هذا المشروع يقف في قمة أولوياتها خلال المرحلة الحالية.
  • تاثير ميناء الفاو الكبير على قناة السويس.
  مشروع الفاو الكبير صُمم ليستوعب 99 مليون طن من الشحن سنويًا وليربط الخليج العربي بأوروبا بواسطة شبكة حديدية، وهذا بدوره يعد تهديدًا كبيرًا على قناة السويس ودورها في المنطقة المتمثل في الشحن البحري، ما بين آسيا وأقيانوسيا وأوروبا وصولًا إلى القارة الأمريكية، خصوصًا في ظل ما قامت وتقوم به الحكومة المصرية من تطوير لقناة السويس بحفر التفريعة الجديدة للسويس وتطوير الأرصفة البحرية بهدف توسيع مدخولات القناة.
  • تاثير ميناء الفاو الكبير على موانئ جبل علي.
مشروع الفاو الكبير في العراق يهدد مكانة موانئ جبل علي في دبي الذي يعد أكبر ميناء في المنطقة العربية بما يؤمنه من نفاذ لأسواق محلية وإقلمية وعالمية فيها أكثر من ملياري شخص، والجدير بالذكر أن الميناء المتعدد وسائط النقل البحري والبري والجوي يلعب دورًا محوريًا في اقتصاد إمارة دبي بشكل خاص واقتصاد الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، ويعتبر محوريًا كذلك لأكثر من 90 خدمة ملاحية أسبوعية تربط أكثر من 140 ميناءً في أنحاء العالم، وسبق ان شكلت الإمارات ثقلًا كبيرًا على مصر في فترات الحكم المختلفة من أيام مبارك إلى مرسي  ثم السيسي بعدم المساس بتطوير قناة السويس، لما تحمله من آثار سلبية على موقع جبل علي واقتصاد دبي، لذا فإنه من غير المستبعد أن تكون الإمارات غير راغبة بإتمام مشروع ميناء الفاو الكبير منذ إعلانه في السنوات الماضية للقضاء على الفكرة أو لتأخيره.   وايضا من الأسباب التي أدت إلى تاخير العمل بالمشروع وعدم إنجازه: هو تخوف بعض المراقبون من تغيير مواصفات بناء الميناء التي تفقده قدرته التنافسية مع موانئ المنطقة عموما، وميناء مبارك الكويتي خصوصا، فهناك تصريح في تشرين أول أكتوبر 2020 لمدير الشركة العامة للموانئ العراقية فرحان الفرطوسي قال فيها ( إن مساحة ميناء الفاو سيتم تقليصها، وان عمقه سيتم تقليله من 19.8 إلى 3. 14  مترا، إضافة إلى تقليل كلفة عقد البناء من 4 مليارات دولار إلى أقل من 2.5 مليار دولار). و على الحكومة العراقية ان تصل الى اليد الخفية التي لا تريد للعراق خيرا. بكل الطرق الامنية والسياسية والقانونية، وتستمر في تحقيق هدفها الاستيراتيجي المهم في اكمال بناء ميناء الفاو الكبير، وبناء طريق استيراتيجي دولي من جنوب العراق الى شماله ويربط بدول الجوار سوريا وتركيا ليسمح بالنقل البري السلس، بما يدره للعراق والعراقيين من خير وفير.   كما اوضح د. ما زن الاتفاقية العراقية – الصينية كالتالي: لغز اتفاقية بغداد وبكين.. البرلمان العراقي يلجأ إلى السفير الصيني      تتضارب الآراء والمعلومات المتعلقة باتفاقية عراقية صينية، إلى حد جعل البرلمان العراقي ذاته، يلجأ إلى دعوة السفير الصيني في بغداد، لشرح الاتفاقية الموقعة بين البلدين، وهو ما أثار انتقادات ناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي بشأن قانونية الإجراء ودلالاته. غموض حول اتفاقية العراق والصين      بعد نحو أربعة أشهر على توقيعها، تجدد الجدل مؤخرا بشأن الاتفاقية الاقتصادية التي وقعها العراق مع الصين في نهاية سبتمبر الماضي، وسط تحذيرات أطلقها خبراء وسياسيون عراقيون من أن يؤدي هذا الاتفاق إلى رهن نفط البلاد وتعرض مستقبله الاقتصادي للخطر. ويرى خبراء أن الإجراء الذي اتخذه مجلس النواب يمثل تجاوزا على صلاحيات الحكومة التي وقعت اتفاق هاما على عجالة من دون أن تأخذ رأي البرلمان حول الاتفاق الذي لا يعرف تفاصيله العديد من كبار المسؤولين.    وقال الخبير العراقي في شؤون الاقتصاد عبد الرحمن المشهداني إن “الإجراء الذي اتخذه مجلس النواب ربما يعد مقبولا في مراحل لاحقة، ولكنه غير ملائم حاليا، إذ كان الأولى دعوة ممثلي الحكومة لشرح تفاصيل الاتفاقية للجان المختصة في المجلس ليقدموا توصياتهم للنواب“. وأضاف في حديث مع موقع “الحرة” أن البرلمان لا يعرف تفاصيل الاتفاقية أكثر مما ذكر في الإعلام، ولكن اللافت للأنظار أن هناك أطرافا ترفض وأخرى تدعم الاتفاقية، وكل منهما أصبح “يخون” الأخر ويصفه بغير الوطني.  ماذا نعرف عن الاتفاقية حتى الأن كما تداول من قبل مستشاري رئيس الوزراء السابق؟     وبحسب المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء عبد الحسين الهينن نفى لموقع “الحرة” ما يتم تداوله عن أن هذه الاتفاقية سترتب أعباء مالية على العراق بمليارات الدولارات، وقال “إن هذا كلام غير صحيح”، ومشيرا إلى أن “هذه اتفاقية طبيعية بين وزارة المالية والبنك المركزي من جهة ومؤسسة دعم وضمان الصادرات الصينية من جهة أخرى ولا تتضمن أي قروض“.    وأوضح “عمليا نحن نصدر مليون برميل من النفط يوميا إلى الصين، والاتفاقية تتضمن عشرة في المئة مما نصدره وهو 100 ألف برميل، سوف توضع المقابل المادي لها في حساب لصالح صندوق الإعمار، أي أنه ليس تصديرا جديدا، وهذا يعني أن جزءا من التصدير سوف يحجز لحساب في بنك صيني في نيويورك لصالح الصندوق“.   وايضا يقول الهينن إن الاتفاقية سترفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين من 30 مليار دولار حاليا، إلى ما بين 45 و50 مليار دولار خلال نحو عشر سنوات. ويعد العراق ثاني أكبر مورد للنفط إلى الصين.   وكشف أن “المشاريع عبارة عن بنى تحتية وتشمل طرقا سريعة بين المحافظات وميناء الفاو الكبير، وسكك حديد وطرق ومدارس ومستشفيات ومدن سكنية ومطارات، مشيرا إلى أنها غير محددة المدة لكن التقديرات تقول إن ذلك خلال عشر سنوات“.   وبحسب ما كشف عن الاتفاقية حتى الآن، ” وفق مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون المالية مظهر محمد صال، فهي تتضمن “مبادلة عائدات النفط، بتنفيذ المشاريع في العراق. وأضاف أن الحكومة “فتحت حسابا ائتمانيا في أحد البنوك الصينية الكبيرة لوضع عائدات النفط البالغ 100 ألف برميل يوميا”، موضحا أن هذا الحساب “سيقوم بالصرف للشركات التي تقوم بتنفيذ المشاريع والبنى التحية في العراق“. وعن طبيعة المشاريع التي ستتولاها للصين في العراق، قال صالح إن الاتفاقية “ستركز على مشاريع البنى التحتية كالمدارس والمستشفيات والطرق والكهرباء والصرف الصحي، وسيتم تحديدها من خلال وزارة التخطيط وبالتنسيق مع مجلس الوزراء“. وكان رئيس لجنة الخدمات النيابية، وليد السهلاني، قد كشف إن بلاده ستشرف على الصندوق الصيني للإعمار ضمن الاتفاقية مع الصين، حيث يتم حجز إيرادات 100 ألف برميل يوميا من النفط المباع للصين، وبالتحديد لشركتي زاينهو وسينوك الصينيتين، وتوضع إيراداته في الصندوق العراقي الصيني“. ايداع قبل موافقة البرلمان   وكانت وسائل إعلام محلية سربت مؤخرا كتابا رسميا يشير إلى أن العراق قام بإيداع مبالغ مالية لشحنات مصدرة وفقا للاتفاقية العراقية الصينية في حساب لدى البنك الفيدرالي الأميركي وبمجموع مبالغ تزيد على 400 مليون دولار، وذلك لشهري أكتوبر ونوفمبر فقط. المتناقضات في الاتفاقية العراقية الصينية   كشف مستشار رئيس الوزراء الموجود في الصين رفقة الوفد العراقي عبد الحسين الهنين، عن أن (حجم الأعمال بين العراق والصين سيتجاوز الـ  10 الـمليار دولار 500 مليون).    بعد ذلك كانت هناك تصريحات مختلفه قليلا في وسائل الاعلام مختلفه منها على سبيل المثال صحيفه الزمان وغيرها من تقول في البدايه يكون هناك تحويل صادرات 100 الف برميل من النفط العراقي الى الشركات الصينية والمصارف الصينية تقدم ائتمان الى الصندوق العراقي الصيني هو 10 مليار دولار في السنة وبفوائد مدعومة من الحكومة الصينية. اذا نجحت الحزمة الاولى من المشاريع، ورغب العراق بزيادة الاستثمارات، يتم رفع سقف مبيعات النفط العراقي الى 300 الف برميل يومياً، وتقوم الصين بزيادة سقف الاقتراضات الى 30 مليار دولار؟؟. فاذا كانت كلفة احد المشاريع اعلاه مليار دولار، فأن المبلغ يؤخذ من الصندوق بواقع (850 مليون دولار من الصين 85 %( قرض) و 150 مليون دولار من مبيعات النفط العراقية 15 %) لم تذكر نسبه هذه الفوائد.   كما اكد الخبير الاقتصادي العالمي د ليث شبر ان الاتفاقية الصينية العراقية ترهن نفط العراق لمده 50 سنة وبعملي ان حكم الاتفاقية هي اكبر واخطر بكثير مماهو المعلن وانا اقول ان المخاطر نتكون نسبه الفائده العالية. حسب تأكيد ندى شاكر جودت، عضوة لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية ، المعنية الاكثر بدراسة هذه الاتفاقية ومناقشتها والتصديق عليها، فان اللجنة لم تتطلع على الاتفاقية العراقية الصينية التي ابرمتها حكومة عبد المهدي، مشيرة الى ان المعلومات التي تمتلكها هي ان الاتفاقية قديمة ولها تفاهمات ابان حكومة حيدر العبادي. مضيفة  أن لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية لاتملك أي معلومات عنها، وتجهل تماماً السياقات القانونية التي على ضوئها ابرمت تلك الاتفاقية؛ من جهتها  طالبت لجنة النفط والطاقة النيابية بالحصول على نسخة من اتفاقية التفاهم المبرمة بين العراق والصين، وقال رئيس اللجنة هيبت الحلبوسي في بيان، إن هناك معلومات عن توقيع العراق أكثر من ثماني اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الصين تتجاوز قيمتها 500 مليار دولار للسنوات العشر القادمة. وأضاف أن “الاتفاقية تتضمن إقراض الصين الحكومة العراقية أكثر من مئات المليارات من الدولارات على شرط ضمان ورهن النفط العراقي لمدة 50 عاما القادمة لتسديد القرض مع الفوائد المترتبة عليه”، ويتابع أن “هذه الاتفاقية ستعرض اقتصاد العراق ومستقبل أجياله القادمة للخطر في حال ثبوت هذه البنود في الاتفاقية التي تم توققيعها”. عدم إعلان الحكومة العراقية لبنود الاتفاقية أو تفاصيل المشاريع التي تعتزم الشركات الصينية القيام بها في العراق اشعل الجدل بين السياسيين والبرلمانيين انفسهم، ذلك ان مثل هكذا اتفاقيات مصيرية لا بد أن تمر عبر البرلمان العراقي، وفقا للنائب محمد إقبال الذي طالب بإرسال نسخة منها إلى أعضاء مجلس النواب لكي يطلعوا عليها.   وقال إقبال في تغريدة أن “إخفاء الوثائق بهذه الطريقة يعزز ما لدينا من التوقعات القاتمة حول هذه الاتفاقية” التي أشار إلى أن بعض الوزراء في الحكومة الحالية لم يطلعوا عليها أيضا. لكن هناك من ذهب أبعد من ذلك وربط هذه الاتفاقية بإيران والعقوبات المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة.  ووفقا  لزعيم حزب الحل جمال الكربولي فإن “اتفاقية الصين هي خطة إنقاذ اقتصادية وضعتها دولة مجاورة وفرضتها على الحكومة العراقية من اجل تمويل اقتصادها من المال العراقي بالباطن- كما تفعل منذ سنوات”، ويضيف الكربولي في تغريدته أن هذه الدولة المجاورة “تسعى بكل طاقتها لتمديد عمر حكومة تصريف الأعمال لضمان تنفيذ تلك الاتفاقية“.     والملاحظ أيضا أن جميع القوى العراقية المقربة من إيران بدأت مؤخرا حملة على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية التابعة لها للترويج لأهمية الاتفاقية مع الصين والآثار الإيجابية “الجبارة” التي يمكن تنعكس على العراق في حال مضى قدما في تنفيذها.   لكن التناقضات في التصريحات والمواقف تسود داخل البرلمان نفسه، وعلى النقيض من آراء لجنتي الاستثمار والنفط البرلمانيتين اعتبرت لجنة الخدمات النيابية، أن “المصلحة الاقتصادية العراقية وخدمة الاجيال” تتحقق في الاتفاقية الصينية، مؤكدة أن رأيها بالاتفاقية جاء بعد قراءتها “المتفحصة” لبنودها وتحققها من سمعة أسماء الشركات والمصارف التي تضمنتها. التنفيذ قبل التعريف   وبين مشكك ومؤكد ببدء تنفيذ الاتفاقية قبل ان يتعرف الشعب العراقي على بنودها، اكد رئيس لجنة الخدمات والإعمار النائب وليد السهلاني في تصريحات صحفية أن “الحكومة العراقية شرعت بتنفيذ الاتفاقية الصينية النفطية، “.كما اعلن النائب حنين القدو عن “تحالف الفتح”، عن البدء بتنفيذ الاتفاقية العراقية-الصينية، وقال القدو في تصريح صحفي إنه “على خلفية بدء تنفيذ الاتفاقية العراقية- الصينية، صدّرت الحكومة العراقية 100 ألف برميل نفط لبكين من أجل انطلاق الإعمار”، كما نقلت وكالة الأنباء العراقية.  وكانت وسائل إعلام عراقية قد سربت مؤخرا كتابا رسميا يشير إلى أن العراق قام بإيداع مبالغ مالية لشحنات مصدرة وفقا للاتفاقية العراقية الصينية في حساب لدى البنك الفيدرالي الأمريكي وبمجموع مبالغ تزيد على 400 مليون دولار، وذلك لشهري تشرين الثاني وكانون الاول فقط.  وتابع النائب أن “البرلمان لا يعارض البدء بتنفيذ اتفاقية الحكومة مع الصين رغم عدم عرضها قبل التنفيذ على البرلمان للاطلاع والتصويت عليها، وشكك السياسي المستقل ليث شبر، المستشار السابق لعبد المهدي، بنوايا تنفيذ الاتفاقية وقال عن توقيع الاتفاقية من قبل الحكومة المستقيلة وتنفيذها “يعكس وجود شبهات فساد“.  النوايا الصينية   يتوهم من يعتقد ان الصين تحمست لتوقيع اتفاقيتها مع العراق ودفعت الحكومة المستقيلة الى سرعة تنفيذها انطلاقا من باب الصداقة بين البلدين، او لمصلحة العراق واقتصاده والحرص   على بنيته التحتية.    الصين، ومن خلال هذه الاتفاقية، تريد ربط العراق ورهن اقتصاده ضمن مشروعها العملاق  الذي يعرف بمبادرة “الحزام والطريق”، الذي يقوم على انقاض طريق الحرير لبناء اكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية. تغطي مبادرة الحزام والطريق أكثر من (68) دولة، بما في ذلك 65٪ من سكان العالم، وَ 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، لذلك يقدر أنّها ستدرج ضمن أكبر مشاريع البنية التّحتيّة والاستثمار في التّاريخ.  كما تحرص الصين المحافظة على أسواق التّصدير، وفتح أسواق تصدير جديدة، فتتحول هذه المبادرة تدريجياً إلى تحالفات تجاريّة ترسخ مكانة الصّين تجارياً بشكل مستدام، ففي عام 2017 بدأت الصّين تجني أرباح هذه المبادرة فارتفعت صادراتها إلى الدّول التي تقع ضمن المسارين”الحزام والطريق” بنسبة 16٪، ونمت وارداتها بنسبة 27٪، وزيادة الواردات بدوره يؤدي لزيادة الإنفاق وتعزيز اقتصادها.  اما المحور الهام جداً، هو سعي الصّين لزيادة التّبادل التّجاري بالعملة الصّينيّة، ومن فوائدها تقليل تكلفة التّبادل التّجاري، وتقليل وقت التّسويّة (قياساً بالتّعامل باليورو أو بالدولار)، وتقليل مخاطر تقلبات أسعار الصّرف بالنّسبة لشركاتها. وتروج الصّين لاستخدام (اليوان) في التّعاملات التّجاريّة والمشاريع، حيث أن اتساع استخدام عملتها يجعلها عملة احتياطي وعملة صعبة.   و شكلياً، تهدف المبادرة إلى إحياء طرق التّجارة القديمة البريّة والبحريّة، ولكن في باطنها فإن المسارات تستهدف كتلة بشريّة هائلة، والغريب في الأمر أنّ المسارين البري(الحزام)، والبحري(الطريق) تلافيا إلى حد كبير المرور بمدن وموانىء عربيّة، وعلى الرّغم من مرور المسار البحري من(قناة السويس والبحر الأحمر)، إلا أنّ المسار لايقف عند أي من الموانئ الخليجيّة العربيّة، لكن بعض الخرائط التّفصيليّة تشير إلى أنّ ميناء السّويس المصري قد يكون من أحد المرافئ ضمن المسار، من هنا يأتي الاعتقاد أنّ المسار البحري وحتّى البري تم تصميمهم أيضاً لأهداف جيوسياسية قد تولد تحالفات من نوع ٱخر بعيداً عن التّجارة . التعليق اثناء المحاضرة على قناة وزم: ورغم أن الصين تتجنب طرح نفسها كبديل عن الولايات المتحدة، في العراق بالذات، إلا أن مجريات الأحداث تشير إلى أنها راغبة في ملء الفراغ الذي تدفع إليه بعض القوى السياسية بإصرارها على فك ارتباط العراق الكامل مع الولايات المتحدة، لصالح علاقات تعاون استراتيجية مع الصين. وهو التفسير المنطقي الوحيد لتبرير الحماس لربط العراق بترتيبات إقراض كبيرة وطويلة الأمد مع الصين،  وهنا نقول ان العراق لا يزال يمتلك احتياطياً نقدياً مريحاً من العملة الصعبة،  واحتياطيات ضخمة من النفط والغاز، يمكن أن تُستعمل كضمانة في اتفاقيات أكثر توازناً وتنوعاً مع عمالقة الاقتصاد العالمي، بدلاً من المخاطرة بالوقوع في فخ القروض الصينية.    — الاستاذ حسين العسكري/ محلل اقتصادي واستراتيجي عضو مؤسس لمعهد الحزام والطريق في السويد.:   أشكر مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية على اتاحة هذه الفرصة لي للحديث عن رؤيتي لاتفاقية اطار التعاون العراقية الصينية أو ما تسمى في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي “اتفاقية النفط مقابل الاعمار”.   لقد كثر الحديث عن طبيعة هذا الاطار للتعاون وإذا كان اتفاقية ام مجرد تفاهمات أو مذكرة تفاهم أو إذا كانت موجودة فعلا ام لا.   يمكن تسمية هذه الوثيقة التي تم التوقيع عليها بين وزارة المالية العراقية والشركة الصينية لضمان الصادرات والإئتمانات (سينوشور) في يوم 11 أيار / مايو 2018، باتفاقية اطار التعاون او مشروع التعاون، ومهما اختلفت التسميات فإنها موجودة وملزمة للطرفين، ولها آليات واضحة للتطبيق وحل الخلافات. باعتقادي لا يمكن فهم او تقييم هذه الاتفاقية واهمية بناء ميناء الفاو فقط من خلال النظر الى العراق والصين، إنما علينا ان ننظر إلى السياق العالمي كله من ناحية المكان والزمان أيضا. إن العالم الآن في مرحلة تحول حيث بدأت تبرز منظومة اقتصادية جديدة تقودها الصين وروسيا ومجموعة دول البريكس والدول المنضوية في مبادرة الحزام والطريق (أو طريق الحرير الجديد) ووصل عددها إلى 136 دولة، وهي منظومة في طور الصعود والنجاح. في ذات الوقت لدينا المنظومة الأطلسية التي ثبت فشلها اقتصاديا وسياسيا وعسكريا واجتماعيا وثقافيا، وكشف فايروس كورونا عن هشاشتها. فإما أن يتم التوصل الى توافق بين المنظومتين بالسير في ذات الاتجاه أو تحصل مواجهة كونية. بطبيعة الحال يفضل ان يسير الجميع في الاتجاه التصاعدي الناجح. لكن سيحتاج هذا الأمر الى مخاض عسير في الشهور القادمة. كما أن علينا أن ننظر الى الأربعين عام الماضين من التطورات الاقتصادية والسياسية والعسكرية ثم ننظر الى الخمسين عام القادمة لنرى أين تتجه المنظومتان. على هذا الأساس يفترض بصانع القرار ان يقرر من الآن ان يحدد المسار الذي يجب وضع العراق شعبا وأرضا وثروات عليه.   إن تقييمي لهذه الاتفاقية ليس لأية اسباب سياسية او ايديولوجية، إنما لأسباب اقتصادية بحتة. وقد تابعت عن كثب تطور الاقتصاد الصيني (شكل 4 و 5) وبروز فكرة طريق الحرير الجديد لأكثر من عقدين من الزمن عبر عملي في معهد شيللر الدولي. برأيي هذه الاتفاقية تنم عن عبقرية في صياغتها، خاصة الجزء المتعلق بالإتمانات وتكوين صندوق النفط مقابل الاعمار. إن عبقرية الفكرة هي في بساطتها  وفي استخدام كمية صغيرة نسبيا من النفط العراقي كأداة لإطفاء القروض على مدة زمنية طويلة الأمد. بينما يتم في ذات المدة تمكين العراق من بناء قدرات انتاجية فعلية تمكنه من زيادة ثرواته الاقتصادية غير النفطية. كما أن تسميتها “اطار تعاون” يجنبها مشكلة المرور بالبرلمان المحاصصي المعطل مثل الاتفاقيات المعتادة وتكتفي بموافقة مجلس الوزراء. وهذا ينم عن ذكاء مصمم الفكرة. يمكن اعتبار الاتفاقية العراقية الصينية مفتاحا للخروج من جملة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة في العراق. لكن هذا لا يعني أنها الحل الوحيد، بل هي بداية الخروج من النفق المظلم الذي مر به الاقتصاد العراقي في العقود الأخيرة. وألخص هنا رأيي في عدة نقاط:
  1. يعاني العراق من عجز كارثي في مجال البنية التحتية سواء الصلبة منها (الطاقة والطرق وسكك الحديد والموانئ والمطارات والمياه والإسكان والاتصالات) والناعمة (الصحة والتعليم والبحث العلمي). يستطيع العراق والصين التعاون في عدة مشاريع  (شكل 6) في أكثر من قطاع من قطاعات البنية التحتية أعلاه دفعة واحدة. حيث يمكن بناء ميناء الفاو مثلا ومد سكك حديد وطرق منه وإليه وبناء محطات طاقة وتحلية مياه ومنطقة صناعية بالقرب منه، كما يمكن بناء مشاريع بنية تحتية ومساكن ومستشفيات ومدارس ومشاريع مياه وصرف صحي في أكثر من مكان على الخارطة العراقية في ذات الوقت دون الإكتراث كثيرا بقضية التمويل. وأصبحت الشركات الصينية معروفة عالميا اليوم بانجازها للمشاريع بأوقات قياسية وبتكلفة منخفضة نسبيا وبكفاءة عالية، بحيث أصبحت تنافس الشركات الاوربية مثلا في مشاريع تبنى في أوربا ذاتها. وتحتل الشركات الصينية للانشاءات (شكل 8) المراتب الأربعة الأولى من بين عشرة أكبر شركات انشاءات في العالم، ومن بين المئة الأكبر في العالم توجد 30 شركة صينية. إن الطفرة غير المسبوقة للاقتصاد الصيني (شكل 8) اعتمدت بشكل كبير على قدرة هذه الشركات على بناء المشاريع الهندسية للنقل والطاقة. يمكن للعراق أن يضع هذه الاتفاقية في إطار خطتين خمسيتين تعنى الأولى ببناء البنية التحتية والثانية بعملية التصنيع والزراعة.
  2. هناك نسبة هائلة من البطالة خاصة بين الشباب تجعلهم قنبلة اجتماعية موقوتة وخزان للجماعات المتطرفة والمنحرفة. يمكن للمفاوض العراقي الذكي والحريص على مصلحة العراق أن يشترط على الجانب الصيني إشراك نسبة عالية من العمال والمهندسين العراقيين في كل مشروع من المشاريع التي تنفذها الشركات الصينية. العامل والمهندس الصيني لديه مستوى أجور عالي نسبيا اليوم ويتمتع برخاء واستقرار في بلده وليس مستعد للعمل في الخارج بمرتب أقل وفي ظروف صعبة. لذلك تقوم الشركات الصينية بتدريب سكان البلد المضيف وتشغيلهم بكلفة أقل. هكذا يتمكن العراق من تشغيل عشرات الالاف من الشباب العراقيين في هذه المشاريع. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يشترط الجانب العراقي تأسيس شركات عراقية ثانوية تقوم مثلا بأعمال الصيانة للمكائن المستخدمة في بناء المشاريع وتوريد مواد البناء.
  3. يعاني العراق من عجز دائم في الميزانية من جراء تحول العراق بشكل كامل الى اقتصاد ريعي يعتمد بشكل تام وخطير في سد جميع حاجاته المعيشية من تصدير النفط. كما أن العجز المزمن في الميزانية يمنع العراق من الاستثمار في البنية التحتية. لا يشكل تمويل هذه المشاريع وفق الاتفاقية الصينية العراقية أي أعباء مالية للميزانية التشغيلية للحكومة، لأن الاتفاقية تنص على تأسيس صندوق رأسمالي ائتماني مستقل في بنك صيني يساهم فيه العراق بنسبة 15% من مبيعات مئة ألف برميل نفط يوميا بينما تساهم فيه البنوك الصينية بنسبة 85% من رأسماله البالغ 10 مليارات دولار كبداية وذلك بضمان الشركة الصينية لضمان الصادرات والإئتمانات. كما أن عملية تسديد الائتمانات مريحة للجانب العراقية لأنها طويلة الأمد (عشرين سنة) وبدون فائدة. وينبغي ان يستفيد العراق من هذه الطريقة الذكية في التمويل الإئتماني عبر إنشاء بنك وطني لإعادة الاإعمار والتنمية إلى جانب صندوق النفط مقابل الإعمار، لإصدار ائتمانات للشركات العراقية الجديدة. إن فكرة الائتمان بخلاف القروض النقدية جديرة لوحدها بالبحث والدراسة، لأن هذف الائتمان هو رفع القدرات الانتاجية لليد العاملة وليس الحصول على ربح من القروض.
  إن قدرة الصين الإئتمانية هائلة جدا ولا تستهدف الربحية المالية، إنما تحويل رصيدها الهائل من العملات الصعبة التي تبلغ أكثر من ثلاثة ترليون دولار إلى مشاريع وأرصدة فيزيائية حقيقية تساهم في تطوير اقتصادها واقتصاد شركائها التجاريين.
  1. أما من ناحية تغيير بنية الاقتصاد العراقي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد متعدد المصادر، فإن كتلة مشاريع البنية التحتية المقترحة هنا سوف تمكن العراق من بناء صناعات عديدة بسبب توفر الطاقة الرخيصة والمواد الخام واليد العاملة الماهرة ومنافذ التصدير إلى الأسواق الاقليمية والعالمية. فمثلا يجب بناء صناعة بتروكيمياويات متقدمة بحيث يتم رفع القيمة المضافة لكل برميل نفط خام عدة أضعاف عن طريق تحويله إلى مواد بلاستيكية وكيمياويات وأصباغ وغير ذلك من المنتجات ذات القيمة العالية. هذا سوف يوفر مورد جديد للاقتصاد العراقي وكذلك تشغيل الالاف من العمال والمهندسين. كما ان عملية إعادة بناء شبكات المياه والري وبناء الطرق سوف يساعد في تأهيل القطاع الزراعي، بحيث يصبح العراق مكتفيا ذاتيا من بعض أنواع المنتجات الغذائية التي تنهك الميزانية بسبب استيرادها من الخارج وكذلك الحصول على موارد جديدة من تصديرمنتجات مثل التمور. ويمكن إحياء مشروع الحزام الاخضر العراقي (شكل 9) لتشجير الصحراء الغربية وزراعتها، وهناك خطط كثيرة لعمل ذلك. كل هذه الأنشطة الانتاجية سوف توقف نزيف العملة الصعبة التي تهدر اليوم في استيراد ابسط المنتجات من الخارج. وهذا هو السبب الرئيسي في الأزمة المالية في العراق.
  2. الاتفاقية طاردة للفساد؟ إن الطريقة الصينية في التمويل فريدة من نوعها من ناحية التخلص من الفساد، لأنه لا يتم تحويل كميات من النقد من البنوك الصينية إلى البلد الذي تقوم الشركات الصينية ببناء المشاريع فيه. ما يتم، لو نأخذ المثال الافتراضي إذا تولت شركة انشاءات صينية بناء مجمعات سكنية أو ميناء أو مطار فإنه يتم تحويل الأموال المخصصة لبناء المشروع من الحساب المخصص لصندوق “النفط مقابل الاعمار” في البنك الصيني إلى حساب الشركة الصينية التي تقوم بتنفيذ المشروع وكلاهما مقرهما في الصين. الأموال الوحيدة التي سوف تدخل العراق هي الأموال المخصصة لدفع مرتبات العاملين في المشروع من العراقيين، وأيضا شراء المواد من الأسواق المحلية وتنفيذ عمليات الصيانة داخل العراق من قبل شركات ثانوية محلية. وهذه الطريقة التي اتبعتها الصين في أفريقيا أثبتت نجاحا كبيرا في مكافحة الفساد.
  3. تساعد الاتفاقية في ربط العراق بمشروع طريق الحرير الجديد. سوف تمكن مشاريع البنية التحتية للنقل مثل ميناء الفاو وسكك الحديد والطرق السريعة إلى جعل العراق بموقعه الجغرافي (شكل 10) أن يصبح من المحاور المهمة للنقل على طريق الحرير البحري والبري، أي طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين والحزام الاقتصادي لطريق الحرير الجديد، مما سوف يجعله نقطة جذب االتجارة العالمية وأيضا للاستثمارات. توفر الطاقة الرخيصة واليد العاملة والقرب من الأسواق. لكن مشروع طريق الحريرالجديد الذي روجنا له في معهدنا معهد شيللر هو مشروع تنمية أكثر مما هو مشروع للتجارة. لقد طور عالم الاقتصاد الأمريكي وأستاذنا الراحل ليندون لاروش مفهوم ممر التنمية  (شكل 11) وهو يشبه فكرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير التس طرحها الرئيس الصيني في عام 2013 من كازاخستان. ويتكون ممر التنمية الذي يربط التجمعات السكانية وطنيا واقليميا وقاريا من شبكة من خطوط النقل مثل سكك الحديد والطرق السريعة وخطوط نقل الطاقة الكهربائية والنفط والغاز وقنوات المياه التي تغذي منطقة نشاط صناعي وزراعي بعرض مئة كيلومتر على جانبيها. هذه هي الخطوط التي نراها في خرائط طريق الحرير وفق تصورنا، فهي ليست وسيلة لنقل البضائع من النقطة ألف إلى النقطة باء، إنما تحفيز النمو الاقتصادي في كل بقعة تمر بها. على هذا الأساس علينا تأسيس مجموعة من ممرات التنمية العراقية تربط أجزاء العراق بموارده المختلفة بحيث تستفيد كل منطقة من مناطقه بالإرتباط بالموارد الطبيعية والبشرية الموجودة في المناطق الأخرى من العراق. ومن ثم يمكن توسيع تلك الممرات للارتباط بدول الجوار والأقاليم المحيطة بمنطقتنا. 
  4. ختاما أقول: لا يمكن لأي بلد في العالم التخلي عن التعاون مع الصين، لا ولا حتى الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها أو الاتحاد الاوربي. إن أحدى مفارقات العام 2020 هو أنه برغم كل سيل التهم والشتائم التي وجهها السياسيون الأمريكيون للصين إلا ان صادرات الصين (شكل 12) للولايات المتحدة ارتفعت في ذلك العام. كما ان رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية مارك ميللي أبلغ الكونجرس (شكل 13) في جلسة استماع في شهر مارس الماضي أن 97 بالمئة من جميع الأدوية أو المواد الداخلة في الأدوية واللقاحات والمضادات الحيوية للجيش الأمريكي تأتي من الصين.
  إن حاجة دول العالم للتعاون مع الصين ليست مبنية فقط على ما هي عليه الصين اليوم من قدرات اقتصادية وباعتبارها سوقا أيضا، إنما أيضا ما يمكن أن تصبح في المستقبل. فبالإضافة إلى توليها مكان الصدارة في الإنشاءات الهندسية في العالم اليوم والعديد من الصناعات، فإن الصين سوف تكون رائدة تكنولوجيا الاتصالات والذكاء الإصطناعي والكيمياء الحيوية وعلوم الفضاء وغيرها في العقود القادمة. كونوا واثقين من ذلك. لذلك فإن تكوين شراكة استراتيجية مع هذا العملاق الاقتصادي والتكنولوجي سيكون أمرا مفيدا جدا للعراق. لكن هذا الا يعني إغلاق الباب أماما القوى الاقتصادية الأخرى طالما ينفع ذلك مصالح العراق بالدرجة الأولى. على هذا الأساس تعتبر الاتفاقية الصينية العراقية مفتاحا لايجاد حل شامل لكل هذه المشاكل لأن الاتفاقية سوف تبني للعراق وشعبه المنصة الاقتصادية التي سوف يقف عليها الاقتصاد العراقي ليحرك عجلة الانتاج الصناعي والزراعي ويرسم طريقه نحو المستقبل. أنا متحمس تماما للتعاون مع الصين، لكن كما قلت، ينبع ذلك من قناعات اقتصادية ومتابعة لنجاحات الصين عبر العقود الماضية، ولا أبني ذلك على أية توجهات سياسية أو ايديولوجية. —  د. عودت الحمداني/ باحث ومحلل اقتصادي رئيس اللجنة الاقتصادية  في مركز بغداد تحدث بما يلي :     اولاَ : اهمية  الاتفاقية العراقية الصينية للعراق جاء توقيع الاتفاقية العراقية الصينية في وقت انشغال الشارع العراقي بقضيتين ساخنتين : الاولى : انطلاق التظاهرات الشعبية في المدن العراقية  التي تطلب بتغيير النظام الطائفي الذي حول العراق الى دولة فاشلة. والثانية : أزمة تشكيل الحكومة والفراغ الدستوري الذي يعيشه العراق في تلك الفترة . ان الاتفاقية العراقية الصينية تمثل مرحلة اقتصادية جديدة  في إعمار البنى التحتية للعراق في اطار برنامج يمكن تسميته (النفط مقابل الإعمار). خاصة وان العراق يزود الصين بما يتراوح  بين 750 ألف إلى  مليون برميل يوميا من النفط الخام , وأن حجم الاستيرادات السلعية من الصين لا يقل عن 30 مليار دولار في السنة. وان  استثمارات الصين في القطاع النفطي العراقي تصل الى 20 مليار دولار. وتتضمن الاتفاقية  بناء مدينة تتكون  من100 الف وحدة سكنية. – و انشاء 30 مستشفى مزودة بأرقى مواصفات المعدات الطبية. وانشاء 25 ألف مدرسة، وتنفيذ طرق سريعة وحديثة في جميع انحاء العراق، وتعبيد الطرق الخارجية، و بناء مطار للطائرات  وانشاء خطوط سكك حديد تربط جميع المحافظات وتزويد العراق بقطارات الطلقة بأحدث المواصفات. وإنشاء مجمعات سكنية تتجاوز 8 ملايين وحدة سكنية، وانشاء مصانع للبتروكيمياويات وإعادة تاهيل الكثير من المصانع  كمصنع الورق والحديد وغيرها، وانشاء جامعات في جميع المحافظات مع احياء سكن للأساتذة، واكمال مالم يوقع مع شركة سيمنز الألمانية من مشاريع الكهرباء و مشاريع الطاقة والتحلية، ودراسة الموارد المائية واعطاء الحلول وتنفيذ شبكات ري رئيسة وسدود وتنظيم الري، و إنشاء مدن سياحية في الاهوار، واحياء المدن الأثرية لازدهار السياحة  وانشاء ملاعب بأحجام مختلفة. وقد جاء في بنود الاتفاقية الموقعة بين الحكومتين العراقية والصينية في  23 ايلول 2019   ما يلي  :                                   1- الاتفــــاقية بدون شروط جزائيــــــــة وتندرج ضمن اتفاقيات الصداقة، وفي حال حصول خلاف يتم اللجوء الى هيئات التحكيم الدولية المعترف بها. 2- انشاء صندوق عراقي صيني للإعمار، وتشرف عليه الحكومة العراقية وشركة استـــشارية ضامنة ويتم اختيارها من قبل البنك المركزي العراقي من بين افضل 5 شركات عالمية كبرى. 3- الطرف الصيني الضامن للاتفاقية هو مؤسسة التأمين الصينية (ساينو شور) وهي منظمة حكومية عليا. 4- تحجز ايرادات 100 الف برميل يومياً من النفط المباع للصين وبالتحديد لشركتي (زنهوا وسينوك) الصينية الوطنية، وتوضع ايرادات هذا النفط في الصندوق العراقي الصيني. 5- سقف ائتمان المصارف الصينية الى الصندوق العراقي الصيني هو 10 مليار دولار، وبفوائد مدعومة من الحكومة الصينية. 6- اذا نجحت الحزمة الاولى من المشاريع، ورغب العراق بزيادة الاستثمارات، يتم رفع سقف صادرات النفط العراقي الى 300 الف برميل يومياً، وتقوم الصين بزيادة سقف الاقتراضات الى 30 مليار دولار. ونعتقد ان الاتفاقية ذات اهمية كبيرة للعراق ولو تم تنفيذها  فانها  سوف  تحقق  طفرة نوعية في الاقتصاد العراقي، و تجعل العراق دولة منافسة للدول المجاورة . فالاتفاقية  شملت  بناء واعمار كافة  البنى التحتية وكافة  الجوانب الاقتصادية والصحية والعمرانية واهمها انشاء ميناء الفاو الكبير الذي سيغير الموازين في المنطقة  نظرا لاهميته الاقتصادية والدولية.  ان العراق منذ عام 2003  وحتى الان لم يستفد من النفط المباع في تحقيق  اي مشروعات تنموية، وان الموازنة التشغيلية تستحوذ  على نسبة 90 % من وارادات الدولة النفطية. وبالتالي فان الحاجة ملحة لاستخدام النفط  في عملية تحقيق التنمية. وبهذا  المعنى  فإنَّ الاتفاقية مع الصين تؤسس لعملية استخدام النفط في التنمية من خلال عملية توفير إجباري لنسبة 3 %  والتي تمثل 2.2 مليار دولار في السنة من عائدات النفط . ثانياَ: الاهمية الاقتصادية والسياسية لطريق الحرير ان طريق الحرير الذي تسعى الصين لتحقيقه يعتبر اكبر مشروع بنية تحتية عالمي في تاريخ البشرية. و يضم  (68) دولة، بما يساوي  65٪ من سكان العالم، وَ 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتسعى الصين  من خلاله  الى تطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع العراق. ان الابعاد الاقتصادية والسياسية لطريق الحرير تتلخص في: اولاَ : الجانب الاقتصادي ويعني: 1:  عبر الطرق البرية  تعمل الصين على تعزيز التواصل والاستثمار والتجارة وتدفق رؤوس الأموال بينها  وبين آسيا وأفريقيا وأوروبا  (عبر آسيا والشرق الأوسط  ) 2- عبر الطرق البحرية ترتبط الصين بمشاريع مع بلدان بأفريقيا والشرق الأوسط عبر جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا . 3 – أن المجموعة الدولية المرتبطة بمبادرة الحزام الاقتصادي والطريق تشكل اليوم حوالي 66% من سكان العالم وقرابة ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ونستنتج من ذلك ان كافة الدول الموقعة على المبادرة ترتبط  بعلاقات تجارية واقتصادية ومشاريع استثمارية مع الصين  . ثانياَ: الجانب السياسي:   ويعني  ان طريق الحرير ليس طريقاَ  لنقل البضائع بالمعنى  المتعارف عليه، وانما  هو خارطة سياسية  تتبناها الصين لقيادة العالم ولعزل بعض الدول ومنها الولايات المتحدة الامريكية. اي ان  طريق الحرير هو اجندة سياسية جديدة للعالم  تقودها الصين من اجل  ان  يتحول الى تحالف سياسي عالمي واسع  لمواجهة الولايات المتحدة. وبالنسبة الى الولايات المتحدة الامريكية  فانها  تشعر بخطر هذا المشروع الصيني الضخم  خاصة اذا انضم اليه العراق وسوريا. ونعتقد ان احد اسباب احتلال امريكا للعراق اضافة للأسباب الاخرى المعروفة هو ايقاف التوغل الصيني في المنطقة. ولأجل مجابهة المشروع الصيني  وضعت الولايات المتحدة الامريكية بالاتفاق مع الدولة العبرية مشروع صفقة القرن الذي يخدم مصالح الكيان الاسرائلي، ويضر بمصالح البلدان العربية وخاصة دولة  فلسطين . ان  مشروع صفقة القرن هو مشروع اقتصادي تسعى اسرائيل من خلال النافذة الاقتصادية ومن خلال علاقتها  الجديدة مع بعض البلدان العربية  للتمدد في المنطقة العربية. والصين مهتمة بطريق الحرير  اهتماماَ كبيراَ لانه  يحمل رؤية سياسية  جديدة للعالم. فوصول طريق الحرير الى العراق والى اللاذقية  سوف يغير المنطقة اقتصادياَ وسياسياَ . ان  المشروعين  المشروع الصيني  و مشروع صفقة القرن الامريكي  يتصارعان اقتصاديا وفكريا وسياسيا في المنطقة. و الولايات المتحدة الامريكية تريد تمرير مشروع صفقة القرن  وتسعى الى  ضم العراق  اليه  ولهذا فانها  تسعى الى افشال المشروع الصيني وتخريب علاقة العراق مع الصين لابعاد العراق من الانضمام الى طريق الحرير.  ونعتقد أن من الضروري ، أن يكون  العراق ضمن المسار الحديث لطريق الحرير باعتباره أهم طريق مستقبلي للتجارة العالمية وتحقيق منافع اقتصادية وسياسية كثيرة  ثالثاَ :الاهمية الاقتصادية  الاستراتيجية لميناء الفاو ومحاولات افشاله  تكمن اهيمة انشاء ميناء الفاو الكبير بكونه واحداَ من اكبر 12 ميناء في العالم. وانه يمثل حلقة وصل بين دول الشمال والجنوب عند ربطه  بالسكك الحديدية  مع تركيا  وسوريا والاردن و اوربا  و البحر الابيض المتوسط.  وبكونه  من المشروعات الاستيراتيجية المهمة للاقتصاد العراقي ولانه سوف يساهم في تسهيل عمليات النقل والعبور والتجارة البينية بين العراق ودول الشرق  واوربا.  ويعد المنفذ البري الوحيد الذي يربط الشرق والغرب مع اوربا  عبر الموانيء  العراقية. ومن المتوقع أن يوفر ما لا يقل عن 70 ألف فرصة عمل  وسوف يعزّز مكانة مدينة البصرة كعاصمة اقتصادية للعراق لأنه ينشط الحياة الاقتصادية فيها. وأبرز ما يميز ميناء الفاو الكبير هو موقعه الإستراتيجي، الذي يشرف بشكل شبه مباشر على موانيء الخليج، و الموانيء العالمية في اعالي البحار.   لذا فان ربط القناة الجافة  بموانيء  العراق سيمنحه مكاسب اقتصادية كبيرة لا تنحصر بتعرفة مرور القطارات عبر السكك العراقية والشاحنات عبر الطرق البرية في الاراضي العراقية  بل ويتعدى ذلك الى  اجور عوائد السفن البحرية القادمة الى موانيء العراق وكذلك اجور وعوائد الوكالات البحرية وفرص العمل لعمال الشحن والتفريغ.  أن الأهمية الإستراتيجية لميناء الفاو تثير قلق الدول الاقليمية، إذ ان مشروع الفاو سوف يجعل العراق بوابة للتجارة الدولية. ولهذا تسعى بلدان الخليج والولايات المتحدة الامريكية واسرائيل  لافشاله.  فقد  اعلنت السعودية في 10\12\2015 عن انشاء قناة بحرية تربط الخليج العربي مع البحر الاحمر عبر الصحراء بتكلفة 50 مليار دولار ومن المتوقع ان  تصل ايرادات هذة القناة الى  48 مليار دولار. في حين تقدر ايرادات القناة الجافة العراقية باكثر من 65 مليار دولار وتكلفة انشائها لا تتجاوز  18 مليار دولار . ونستنتج من ذلك انه  لا بديل لدول الخليج وايران في نقل بضائعها  الى دول اسيا  واوربا  الا عبر  الموانيء العراقية. عن  طريق القناة الجافة التي هي عبارة عن خط سكك حديدية تمتد من ميناء الفاو الى الحدود السورية في ربيعة بطول 1120 كيلو م2 وتخترق الحدود السورية لتصل الى المنفذ الحدودي  التركي (في منطقة نصيبين ) مع سوريا بطول 83 كم2 ثم يرتبط هذا الخط مع  الشبكة العالمية للسكك الحديدية  داخل الاراضي التركية. فالقناة الجافة العراقية اقصر واسرع الطرق واقلها تكلفة واكثرها امناَ، وسيؤدي ذلك الى انعاش الحركة التجارية في الموانيء  العراقية. ان ميناء الفاو سوف يؤثر على كل المنطقة ولهذا نجد الموقف الإقليمي يعارض انشائه وإكمال بنائه، خصوصاً أن دولة الكويت تسعى إلى إجراء ربط سككي مع العراق ليكون ميناء مبارك الكبير الذي يشيّد في جزيرة بوبيان بديلاً في الأهمية عن ميناء الفاو الكبير”. ان الكويت والامارات سيكونان اول المتضررين من انشاء ميناء الفاو لذلك  وجدنا نفوذ هذة الدولتين  قوية على الكتل السياسية والقوى المؤثرة في القرار العراقي لمنع تنفيذ المشروع. ان  نجاح ميناء الفاو اصبح قضية سياسية ووطنية وقضية راي عام عراقي و فيها تدخلات  دولية كثيرة من اجل اجهاض المشروع. وللاسف الشديد ان بعض القادة السياسيين العراقيين  يغضون النظر عن هذا التدخل  الفض ويجاملون الكويت والامارات على حساب  مصالح بلدهم العراق.  لذا نطالب ان يكون قرار بناء  ميناء الفاو  قرار وطني عراقي وندين كافة التدخلات الاجنبية  في شؤون بلدنا .  صراع التعاقد على تنفيذ ميناء الفاو  بالرغم من المزايا الكثيرة التي تقدمها الشركات الصينية المعروفة برصانتها وقدراتها التكنولوجيا، فقد انحازت وزارة النقل العراقية للتعاقد مع شركة دايو الكورية لتنفيذ مشروع الفاو. ان توقيع عقد  بناء الفاو مع شركة دايو الكورية المعروفة بفضائحها المالية، قد تم بشكل غير قانوني ويؤخر عملية انجاز الميناء ويرهق الدولة العراقية  مالياَ. لذا كان  يجب على وزارة النقل ان تعرض المشروع الى مناقصة عالمية و علنية وشفافة وتدعو اليها  الشركات العالمية  وعلى اساس الدفع  بالاجل . لقد تمحورت العروض لبناء مشروع الفاو الكبير بين الشركة الصينية وشركة دايو الكورية. ولاهمية عروض الشركتين  نوضح عرض كل منهما: 1- ان الشركة الصينية تقوم ببناء الميناء وفق المواصفات المتفق عليها  بتكلفة  2,150  مليار دولار وتبني  فيه 350 رصيف بكلفة 30 مليون دولار للرصيف الواحد . وتتعهد بانجاز بناء المشروع خلال 4 سنوات, وتتبرع الشركة ببناء 12 مشروعاَ مجاناَ، ويقوم العراق بتسديد تكلفة المشروع خلال 20 عاماَ بفترة سماح 5 سنوات. 2-  الشركة الكورية دايو فتقوم ببناء المشروع بكلفة 2,650 مليار دولار وتبني في الميناء 94 رصيفاَ وكلفة الرصيف الواحد 60 مليون دولار وتنجز بناء المشروع بخمسة سنوات وعلى العراق ان يسد كلفة المشروع مقدماَ، بالاضافة الى مطالبتها  باعفاءات  كمركية. ونستنتج من ذلك ان عرض الشركة الصينية  يحول مشروع الفاو الى  شركة استثمارية تمول نفسها بنفسها. اما الشركة الكورية دايو فحددت  تكلفة المشروع بزيادة 500 مليون دولار عن تكلفة الشركة الصينية  وتطالب بدفع  كامل المبلغ مقدماَ و حددت فترة انجاز المشروع  بزياد سنة  عن الشركة الصينية. و الشركة  الكورية رفعت  سعر الرصيف الواحد من 30 مليون دولار الى 60 مليون دولار. وفوق هذا وذاك  تطالب  باعفاءات ضريبية. ويعني ذلك ان المقاولين الثانويين في الشركة يستطيعون ادخال الاف الاطنان من المواد المعفية من  الضرائب ودون المواصفات  ويبيعونها في السوق السوداء . ان ميناء الفاو سوف يغير الاوضاع في المنطقة. ولهذا فالبلدان المتضررة من مشروع الفاو اتجهت  للانضمام الى صفقة القرن لافشال هذا المشروع، ويحاولون ايضا عرقلة طريق الحرير. ويتضح ذلك من اقامة العلاقات بين الكيان الاسرائيلي وبلدان الخليج وبعض البلدان العربية الاخرى. فالمعرقلين لميناء الفاو هم الذين يدعمون صفقة القرن علناَ.  وللاسف الشديد وافقت الحكومة العراقية على احالة ميناء الفاو الى شركة دايو الكورية بتواطئ مكشوف من  بعض الكتل السياسية واحزابها المتنفذة في السلطة. وعليه فان بناء  ميناء الفاو يعتبر بداية لتحول اقتصادي كبير في العراق وسيساهم بدرجة كبير في النهضة التنموية خصوصاَ وان العراق بحاجة ضرورية لمثل هذة  المشاريع التي تنقذه من وضعه الاقتصادي المتدهور.                 التوصيــــــــــات يمكن استخلاص اهم التوصيـــــــات التي تبلورت من خلال الندوة النقاشية والمعطيات وحسب رؤية اللجنة الاقتصادية في مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية وبما يلي: 1- تم عقد الاتفاقية مع الصين بعد أن فقد العراق أمله بالوعود الامريكية في تطوير اقتصاده وحل مشاكله  الاقتصادية والتكنولوجية لذلك توجه،  إلى الصين، للاستفادة من استثماراتها الضخمة في قطاعاته المختلفة. 2- ان الاتفاقية ذات اهمية  اقتصادية كبيرة للعراق ولو تم تنفيذها سوف تحقق طفرة نوعية في الاقتصاد العراقي و تجعله دولة منافسة للدول المجاورة. 3- ان العراق بحاجة الى دعم  دولٍ  متطورة  كالصين  لمساعدته بعملية إعادة  البناء والإعمار التي تمتلك الخبرات الفنية والتكنولوجية واللوجستية المتراكمة والسيولة المالية لمساعدته بعملية إعادة  البناء والإعمار. 4- ان الاتفاقية لا تكبل العراق بقروض خارجية ولا ترهن النفط  وانما يدفع العراق تكلفة  المشاريع التي تنجزها الصين مقابل تصدير 100 الف برميل يوميا. 5- ان الاتفاقية مع الصين تؤسس لعملية استخدام النفط في التنمية من خلال عملية توفير إجباري لنسبة 3%  والتي تمثل 2.2 مليار دولار في السنة من عائدات النفط. 6-  من المصلحة الوطنية  انضمام العراق الى مبادرة “الحزام والطريق” ، باعتباره مشروع عالمي  لبناء البنى التحتية. الذي يضم  65٪ من سكان العالم، وَ 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. 7- ندعم  مشروع بناء  ميناء الفاو الكبير لانه يمثل بداية لتحول اقتصادي كبير في العراق وسيساهم بدرجة كبير في النهضة التنموية  خصوصاَ وان العراق بحاجة ضرورية لمثل هذة  المشاريع التي تنقذه من وضعه الاقتصادي المتدهور. 8- ندعو لجنة النزاهه ولجنة مكافحة الفساد الى التحقيق في اسباب منح عقد بناء الفاو الى  الشركة الكورية دايو بالرغم  من المزايا التي تقدمها الشركة الصينية.    
ميناء الفاو حسب المخطط له
زر الذهاب إلى الأعلى