نقطة ضوء… إعصار التعصب !/ طه رشيد
- نشر بتاريخ الثلاثاء, 03 تشرين1/أكتوير 2017 20:01 في طريق الشعب
منذ مطلع القرن الماضي وحتى يومنا هذا اجتاحت العالم مجموعة من الأعاصير التي اقتلعت الشجر والبشر وما عمّره الإنسان من بنيان. وكان اولها اعصار «جالفستون العظيم» في عام 1900، والذي يعد الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة، حيث أسفر عن مقتل ما بين 8000-12000 ألف شخص.
وتوالت الأعاصير المدمرة في مناطق مختلفة من العالم وباسماء متنوعة:
«هايان»، و «ويلما»، و»كاترينا» و»تيب»، و»نانسي»، و»أيدا».
ويعد إعصار» بتريشيا» الذي ضرب المكسيك واحدا من أكثر الأعاصير شدة في التاريخ الحديث، وبلغت سرعة الرياح المصاحبة له قبيل ساعات من دخوله البر المكسيكي 325 كلم في الساعة، وهو رقم قياسي لم يسبق أن سُجل في التاريخ.
كل هذه الأعاصير كانت بفعل الطبيعة وتغيراتها الفيزيائية والمناخية، ولم يكن للبشر دخل مباشر بها. كما أنها لم تضرب المنطقة العربية التي عصف بها إعصار آخر أشد قسوة واكبر تأثيرا! ولم يكن العراق، ومنذ عقود، بعيدا عن تأثير هذه الزوابع والأعاصير التي غيرت جزءا من كيانه فتدحرجت رؤوس وسقطت تيجان وانهارت ممالك وامبراطوريات!
الإعصار المدمر الذي ضرب العراق هو الصراع الطائفي المتصاعد، الذي جاء نتيجة لسياسة خبيثة مارسها النظام السابق على مدى عقود. وما ان تم تجاوز المحنة التي حلت بشعبنا بسبب ذلك، حتى ظهرت إشكالية أخرى تتعلق بطبيعة النظام الذي جاء بعد السقوط، والذي اقيم على اساس المحاصصة التي كرست الفساد والانقسام والتعصب القبلي والاثني والطائفي والحزبوي والعرقي.
لقد رسخت الانظمة التي توالت على حكم العراق بعد 1963 الكراهية العرقية لهذا المكون او ذاك. ولعب ترويج النكتة سواء عند العرب او الاكراد حيزا كبيرا في زيادة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد. واليوم تتصاعد أصوات عنصرية مقيتة عند العرب والكورد للاسف، والمؤسف اكثر هو انخراط مجاميع من المثقفين في حملات عنصرية تعصبية للطرفين. بينما كان المنتظر من المثقف او المسؤول ان يدعو إلى الاحتكام للعقل وليس إلانخراط في دعوات التهديد والوعيد.
لنتجنب هذا الإعصار بالحكمة والحوار، فما زالت اشتراطات الحوار لم تستنفد بعد، وأي خيار آخر غير الحوار سيجعلنا نقرأ على العراق السلام!