الفكر السياسي

هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية ؟

هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية ؟

هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية ؟

يوسف ابو الفوز

2009 / 11 / 11

عرفنا أن الديكتاتورية ، كما تشير الادبيات السياسية ، الى انها شكل من أشكال الحكم ، تكون فيه السلطة مطلقة بيد حاكم فرد لا يتقيد بدستور او بقوانين ، وبل يكون هو القانون ، دون مراعاة أي عوامل سياسية أو اجتماعية . لكن العلوم السياسية ايضا تشير ، وكبار المفكرين ، الى ان مفهوم الديكتاتورية لا يمكن ان يقف عند مفهوم الفرد الحاكم الديكتاتور، بل يمكن ان يمتد ليكون ديكتاتورية كتلة من الناس او فئة او طبقة ، والى هذا اشار فلاديمير لينين (1870 ـ 1924 ) في معرض نقاشه مع كارل كاوتسكي عام 1918 في كتابه حول الثورة البروليتارية . وقد وصفت الانظمة الشمولية ، بأنها نظام الحزب الواحد ، وأنها انظمة ديكتاتورية بدون جدال ، لانها تحمل ممارسات النظام الديكتاتوري حيث تعبئة الجماهير بشكل ديماغوجي بايدلوجيا الحزب الواحد الحاكم ، وحيث يتم توجيه النشاط الاقتصادي والاجتماعي بشكل تعسفي بقوة الاجهزة الامنية لصالح النظام الحاكم . ويشير العديد من خبراء العلوم السياسية الى ان هذه الانظمة الشمولية الديكتاتورية ، التي يوجد الكثير منها في مناطق العالم الثالث، تتميز بعدم الاستقرار السياسي وتبرز فيها الانقلابات والاضطرابات والخلافات السياسية التي غالبا ما تكون ضد مصالح جماهير الشعب .
يطرح المفكر الفرنسي ريمون آرون (1905 ـ 1983 ) الفيلسوف وعالم الاجتماع ، والمدافع عن الليبرالية ، في كتابه ( الديمقراطية والشمولية ) الصادر في باريس عام 1965 ، اهم مقومات وعناصر النظام الشمولي فيشير الى احتكار السلطة السياسية من قبل حزب واحد ، يستند في نشاطه وعمله الى ايدلوجية تقود فعالياته ونشاطاته ، ولاجل نشر هذه الايدلوجيا سوف تُسخر كل اجهزة الدولة ، التي يكون تحت تصرفها كل وسائل الاتصالات من وسائل الاعلام ، وأيضا الوسائل الامنية القمعية .
ان المخاطر التي تهدد العراق ، بعد الانتخابات القادمة اذا تمت على ضوء قانون الانتخابات الذي اقره البرلمان العراقي في الثامن من الشهر الجاري ، ستقود البلاد الى كارثة سياسية ، أذ ان نتائج الانتخابات ستقود الى ان يشهد العراق حكما شموليا من نوع جديد ، فالقانون اذ يقوم باقصاء قسري للعديد من مكونات الشعب العراقي ، فأنه يضع جدرانا امام دخول اي قوة سياسية اخرى تؤثر في القرارات السياسية ، ويمهد بذلك الطريق لصعود فئة ذات طابع طائفي واحد ، للاستحواذ على السلطة ، وتعمل بأيدلوجية طائفية فكرية وسياسية واحدة . فالحديث عن الفوارق بين القوائم الانتخابية المتنفذة الحالية سيتلاشى امام ذوبان الفوارق عند قيادات هذه القوائم حين تكون قضية الاستحواذ على السلطة واحكام السيطرة عليها المهمة الاساسية ، وستكون هناك عوامل مساعدة كثيرة ، خارجية وداخلية ، لظهور التقارب بين مكونات طائفية محددة . وعندها فان العراق مقبل على فترة حياة سياسية تتسم بصعود طائفة محددة ، ستسعى لممارسة نظام حكم وفق سياقات ديكتاتورية ، عندها يمكن الحديث عن ما يمكن تسميته “الديكتاتورية الطائفية ” .
وبما ان شعبنا العراقي قد ذاق الامرين من الحكم الديكتاتوري المقبور ، فلابد اذن من الاكثار من الحديث عن الديمقراطية . ألم يكن الديكتاتور صدام حسين اكثر من تحدث عن الديمقراطية ؟ الم يكن لديه مجلس وطني سماه الشعب بالاسطبل الوطني لانه ليس أكثر من واجهة تجميلية ؟ نحن اذن مقبلون على برلمان سيكون واجهة شكلية من اجل تلميع الحياة السياسية ، وسيقوم هذا البرلمان بتشريع قوانين تقود العراقيين الى الترحم على عهود سابقة.

11 تشرين الثاني 2009
سماوة القطب…. *

* عن الحوار المتمدن…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى