الاقتصادية

وقفة اقتصادية .. الأمن الغذائي على حافات الخطر

يتعرض العراق كغيره من العديد من الدول التي تتشارك معه في مواجهة المشاكل ذاتها من حيث تفاقم المخاطر المحدقة بالأمن الغذائي لأسباب مختلفة، ابرزها النزاعات بين الدول والتحول المناخي؛ اذ ينذر بمرحلة صعبة من الجفاف، غير ان نوع وحدة هذه الاسباب يختلف من بلد الى اخر، برغم وجود عوامل مشتركة واهمها الخصوصيات في كل بلد، التي تتعلق بالسياسات الاقتصادية والاروائية وادارة الموارد البشرية والمالية.

  فحسب منظمة الغذاء والزراعة (فاو) ان العراق ضمن قائمة الدول التي تتعرض للجفاف وعددها 44 دولة تعاني من حالة تستدعي تقديم المساعدات الخارجية؛ ففي تقريرها بهذا الشأن تبين ان النزاعات والجفاف أديا الى تفاقم ظروف انعدام الامن الغذائي. 

ويشير الخبراء في شأن ذلك الى عدم الاستغلال الامثل للموارد البشرية والمالية، واستشراء الفساد، وغياب الخطط التنموية العلمية غير الشكلية، وخاصة في قطاع الزراعة، ما يؤدي الى هدر المياه التي تأتي بالأصل شحيحة او لا تأتي احيانا بسبب سياسات دول المنبع التي تتغاضى عن حاجة العراق.

ومن المناسب التذكير هنا بطبيعة الانتاج الزراعي في العراق؛ حيث تتوافر فيه كل مقومات الانتاج الزراعي الناجح، الا ان بدائية اساليب الانتاج في الاعمال الزراعية وتخلفها عما يطبق في دول العالم، وتحول واضح في المهنة من الزراعة التي تدخل في التغذية الجيدة وتؤمن الغذاء الصحيح للمواطن الى مهن اخرى بسبب تقليص الانفاق على تطوير قطاع الزراعة، حيث لم تزد التخصيصات المالية في موازنة 2021 على 300 مليار دينار. وكل ذلك قد ادى الى ان اللحوم الحمراء والبيضاء وبيض المائدة والاسماك المنتجة محليا والمستوردة لا تستجيب لحاجة السوق، بالإضافة الى ارتفاع اسعارها. لهذا فان التقديرات البحثية تشير الى ان ما يربو على اكثر من عشرة ملايين من السكان الذين يقعون تحت خط الفقر يعانون من سوء التغذية؛ فقد ازدادت نسبتهم قياسا بمجموع السكان، الى اكثر من 31 في المائة، حسب تقديرات وزارة التخطيط.

    ومن المناسب  التنويه  الى الاسباب الاكثر تأثيرا على ازمة الزراعة في العراق وانعكاساتها على الامن الغذائي هي المواقف غير المسؤولة من دول الجوار التي تتبع سياسات اروائية مع العراق، تتعارض كليا مع لوائح الامم المتحدة ذات الصلة  والاكثر من ذلك تقوم بتصدير منتجاتها الزراعية الى السوق العراقية. وعلى سبيل المثال فان ايران الدولة الجارة ـ وتقيم علاقات متعددة المستويات مع العراق ـ عملت مع سبق الاصرار على تحويل الروافد التي تصب في الارض العراقية الى اراضيها، مما ادت بهذه السياسة الى تصفير حجم الموارد المائية. وعلى الرغم من كل ذلك يصرح رئيس غرفة التجارة الايرانية العراقية بان حجم التبادل التجاري مع العراق للعام 2021 وصل الى 20 مليار دولار. وبالمثل تتصرف تركيا التي تسمح فقط بمرور كميات قليلة من المياه، لا تكفي لحاجة العراق لاستغلال قطاعها الزراعي، بسبب قيامها بإنشاء العديد من السدود على نهري دجلة والفرات بدون التشاور مع العراق.

هذا الواقع المرير يستدعي من  الحكومة العراقية الحالية او اللاحقة، مواجهة مخاطر الامن الغذائي عبر منظومة من الإجراءات ومن بينها:

1. ايلاء اهتمام اكبر بأزمة المياه باتخاذ الاجراءات العاجلة من اجل معالجتها  مع دول الجوار عبر خطة تفاوضية على اعلى المستويات وليس الاقتصار على الوزارات المعنية والاستعانة بخبراء على درجة عالية من التخصص في الخبرة والقدرة التفاوضية، ضمن الوفود المفاوضة انطلاقا من حجم قيم التبادل التجاري مع الدول المذكورة.

2. التأكيد على توافر المخزون الاستراتيجي السلعي من المواد الغذائية من المنتج المحلي والمستورد، مقرونا بحماية المنتج الوطني وحماية المستهلك. 

3. قيام الاجهزة الرقابية بمراقبة البضائع المنتجة والمستوردة بما يؤمن جودة النوعية ومطابقتها مع الشروط الصحية.

4. تحسين مواد السلة الغذائية التي تتحدث عنها وزارة التجارة، بما تتضمن المواد الغذائية الرئيسية التي تحتاجها العائلة العراقية وخاصة العوائل الفقيرة.. &

& عن جريدة طريق الشعب..

زر الذهاب إلى الأعلى