المستثمر والمطور، والمطور الثانوي في قانون الأستثمار رقم 50 لسنة 2015
المستثمر والمطور، والمطور الثانوي في قانون الأستثمار رقم 50 لسنة 2015
المستثمر والمطور، والمطور الثانوي في قانون الاستثمار رقم 50 لسنة 2015
الدكتور محمد صباح علي
رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والأقتصادية
لدى البحث في نصوص قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 2015، ستجد في المادة (1) منه، مواد لتعريف المصطلحات المبينة لأغراض هذا القانون عبارة عن مفاهيم عامة تبين ما هو الاستثمار، ثم تعرج لتوضح من هو المستثمر، الذي فرق القانون بين المستثمر العراقي والمستثمر الأجنبي، حيث جاء بالمادة أنفة الذكر وتحديدا في البند تاسعا- المستثمر العراقي وبينه بأنه : الشخص الحاصل على إجازة الاستثمار والذي يحمل الجنسية العراقيـة إذا كان شخصاً طبيعياً أو شخصاً معنوياً مسجلاً في العراق. وفي البند عاشرا من نفس المادة بين – المستثمر الأجنبي بأنه: الشخص الحاصل على إجازة الاستثمار والذي لا يحمل الجنسية العراقية إذا كان شخصاً طبيعياً أو شخصاً معنوياً مسجلاً في بلد أجنبي؛ فيتضح الفرق بين المستثمريًن بأن الأول حاصل على الجنسية العراقية والأخر يحمل جنسية بلد أجنبي، وكان الأجدر على المشرع إيراد تعريف واحد للمستثمر من دون تمييز وذكر الجنسية كون قانون الاستثمار يختص بجذب الأموال ولا أهمية للاعتبارات الأخرى بالنسبة للطرفين إلا من حيث الربح وتخصص النشاط وإسناد المشاريع ذات الطابع النوعي التي يعجز عن تنفيذها القطاع العام والمستثمر المحلي ذي الإمكانات المحدودة، وحسناً فعل قانون الاستثمار في إقليم كردستان العراق الذي عرف المستثمر في البند تاسعا من المادة (1) بأنه ( الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يستثمر أمواله في الإقليم وفق أحكام هذا القانون سواء كان وطنيا أم أجنبيا)، فمحل الاعتبار القانوني تكون للمال المستثمر على ارض البلد وليس للرابطة القانونية بين شخص المستثمر والدولة وهو ما جاء صحيحا وفق البند سابعا من قانون الاستثمار النافذ في الإقليم في موضع بيان تعريف المشروع الذي بينه ( أي نشاط اقتصادي أو مشروع استثماري يقيمه شخص طبيعي أو معنوي على ارض مخصصة له وبرأس مال وطني أو أجنبي تنطبق عليه أحكام هذا القانون والأنظمة والتعليمات الصادرة بمقتضاه). وبإمعان النظر نزولا في مواد قانون الاستثمار الاتحادي ستجد بصورة غير مباشرة مستثمر أخر ورد بشكل ضمني بين نصوص القانون،؛ لم توضحه بنود القانون بشكل مفصل من حيث صفته القانونية والمهنية والعلاقة بينه وبين المستثمر الوطني والأجنبي وكيفية تنظيمها وآلية حلوله داخل المشروع الاستثماري من ناحية مجالات الاستثمار التي يقوم بها، والأكثر غرابة في ذلك عندما نرى أن القانون قد اقر لهذا المستثمر الثانوي مزايا وضمانات قبل بيان مدى شرعية مسار عمله وقد سماه القانون المطور في مادة والمطور الثانوي في مادة أخرى تليها، وسنعرض للبند الثاني عشر من المادة (1) التي خصصت للمطور وعرفته ( كل شخص طبيعي أو معنوي حاصل على أجازة استثمار للمشاريع الإستراتيجية في قطاعي بناء المدن السكنية والمناطق الاستثمارية أو أي قطاع تنموي أخر تقع خارج التصميم الأساس تقترحه الهيئة ويوافق عليها مجلس الوزراء). ولدى قراءة المادة بصورة قانونية ومقارنتها مع المستثمر العراقي والأجنبي الذي عهد لهم القانون الاستثمار في العراق وفق أحكام هذا القانون من دون تحديد مجالات الاستثمار المذكورة سيكون ترتيب المطور هو الثالث في نصوص القانون والذي لم تنظم المادة القانونية غطاء قانوني لتواجده مع المستثمر الوطني والأجنبي، فضلا عما ورد من إسناد مهمة التخصص في بناء المدن السكنية والمناطق الاستثمارية، فيطرح السؤال ما هي مهمة المستثمر الوطني والأجنبي؟ الذي يستلزم منهم معالجة أولوية تسبق غيرها وهي المشاركة في القضاء على أزمة السكن الذي خص به هذا المطور وحده ولم يبين القانون ما هي إمكاناته وما هي المواصفات التي يمتلكها ليستقل وحده ببناء هذا القطاع الأهم على كل الأولويات في البلد والذي تزداد أزمة السكن سوءً كل يوم. ثم يأتي في البند الثالث عشر من المادة المذكورة دور – المطور الثانوي وبينه : كل شخص طبيعي أو معنوي تنتقل إليه ملكية جزء من المشروع الاستثماري لغرض تطويره ضمن مشاريع المدن السكنية الكبرى والمناطق الاستثمارية أو أي قطاع أخر تقترحه الهيئة ويوافق عليه مجلس الوزراء وفقا للتصميم الأساسي للمشروع). وفجأة يظهر هذا المطور الثانوي بعد المطور الأول بنفس صيغة الفقرة و بذات الغموض ليكتسب جزء من ملكية المشروع الذي أقامة المطور الأول لغرض تطويره! ضمن نفس القطاعات المذكورة بصورة عامة ودون أي تحديد لهذه القطاعات والمناطق الاستثمارية مع أضافه مهمات له من خلال ما يقترحه مجلس الوزراء، ومن دون أن يتم الإشارة إليها في القانون ولم يفرد القانون مادة يحدد فيها مجالات الاستثمار الذي تركه مطلقا للسلطة التقديرية للهيأة خلافا لقانون الاستثمار في الإقليم والذي حدد مجالات الاستثمار في المادة (2) من القانون وذكرها بحسب التسلسل التالي:
- الصناعات التحويلية والكهرباء والخدمات المرتبطة بهما
- الزراعة بشقيها النباتي والحيواني والخدمات المرتبطة بها
- الفنادق والمشاريع السياحية والترفيهية ومدن الألعاب
- الصحة والبيئة
- الأبحاث العلمية والتكنولوجيا، وتكنولوجيا المعلومات
- النقل والاتصالات الحديثة
- البنوك وشركات التأمين والمؤسسات المالية الأخرى
- مشاريع البنية التحتية ومنها، مشاريع البناء، الأعمار، الإسكان، الطرق والجسور، سكك الحديد، المطارات، الري والسدود
- المناطق الحرة والأسواق التجارية المعاصرة والخدمات الاستشارية المرتبطة بها
- التعليم بجميع مراحله في أطار السياسة التعليمية للإقليم
- أي مشروع في أي قطاع أخر يقرر المجلس الموافقة على شموله بأحكام هذا القانون
ويحسب هذا التفوق لقانون الإقليم على القانون الاتحادي في إضفاء مثل هذه الشفافية في نصوص القانون وتحديد المجالات التي بحاجة للاستثمار فيها وهو ما يشير ويدل على معرفة القائمين في الإقليم على الحاجة والأولوية التي تخضع لقانون الاستثمار والتي تعجز الدولة عن توفيرها في أجل قريب مما تكون الحاجة ملحة إلى خدمات المستثمر للبناء والإنشاء وهو ما أغفله القانون في الاتحاد ولم تحدده السلطتين التشريعية والتنفيذية كأولويات واحتياجات للمواطن والبلد الذي أصبح يفتقد مقومات الحياة الأساسية يوما بعد يوم، والواجب بيانه على ما ورد من تحديد للقطاعات في نصوص قانون الإقليم يشير إلى الجرأة والجدية في التزامات الإطراف المتعاقدة بين الحكومة والمستثمر وهو ما لاحظناه من نجاح خطة الاستثمار في الإقليم الذي أصبح خلال فترة قصيرة وجهة للمستثمرين العرب والأجانب وتحقيق نجاح في مجال الاستثمار فضلا عن كسب مصداقية المواطن في بغداد من خلال التملك في المشاريع الاستثمارية في الإقليم وانتقال الملكية باسم المشتري خلال فترة قصيرة وبأسعار مقبولة جدا خلافا للوضع الاستثماري في بغداد والمحافظات والذي تعًد فيه المشاريع الاستثمارية الناجحة. والجدير بالذكر أن ما ورد في نصوص قانون الاستثمار الاتحادي من تعدد صوري شكلي للمستثمرين تحت بندين المطور والمطور الثانوي لا وجود له في قانون الاستثمار في الإقليم واستقل بذلك قانون الاستثمار منفردا في الحكومة الاتحادية. وإما عن مزايا وضمانات المطور والمطور الثانوي فقد افرد له القانون نص المادة (10) الفقرات (ز) و (ح) وحيث منحت الفقرة ز- للمطور نقل ملكية جزء من المشروع الاستثماري بعد انجازه نسبة 40% من المشروع إلى المطور الثانوي وبموافقة الهيئة مانحة الأجازة، ولا يجوز للمطور الثانوي نقل ملكية المشروع الاستثماري إلا بعد انجاز كامل المشروع. بينما أجازت الفقرة ح- بأن يتمتع المطور الثانوي بمزايا هذا القانون ويخضع لالتزاماته من تاريخ حصوله على إجازة استثمار الجزء المنقول إليه من المشروع. وتأتي هذه الضمانات والمزايا مضافة إلى الضمانات والمزايا الأساسية التي منحها القانون للمستثمر العراقي والأجنبي، وهذا التعدد بالصفة والتداخل بتوزيع الأنشطة ما هو إلا انعكاس لإرادة منافع شخصية مبطنة وإيقاف عملية الاستثمار الحقيقية القائمة على ممارسته من خلال الأصول المعمول بها في قوانين الاستثمار عن طريق جذب رؤوس الأموال الأجنبية كافة وتحويلها إلى مرافق وأنشطة تجارية وليس التمييز ضمن نصوص القانون وإحلال بديل بمسميات أخرى. وكان الأجدر على واضعي القانون التعامل مع المطور والمطور الثانوي بشكل مستقل من خلال منحه نشاط تطوير القطاعات التجارية المتوقفة مثل أبنية الأسواق المركزية العائدة لوزارة التجارة واستغلالها وكذلك تطوير وتشغيل الطاقة الإنتاجية للمعامل والمصانع ونقل التكنولوجيا لها وإدخاله كشريك بالإنتاج والإرباح وليس بالتملك ونقل الملكية لمشاريع وأراضي حيوية. كما أن واضعي القانون ومن حيث المبدأ لا يمكن لهم التقرير بالتنازل عن أراضي الدولة بالنيابة عن الشعب وحقوق الأجيال المستقبلية في جميع الأوقات لأن ذلك يعد باطلا كون يمنح امتياز دون مقابل وعلى الورق فقط، ودليل ذلك ما بينته رئيسة هيأة الاستثمار من تلكؤ وتوقف ووهمية ألاف المشاريع الاستثمارية، وهذا ما يؤيد ضعف القانون عندما تتيح الفقرة (ز) من المادة (10) للمطور نقل ملكية جزء من المشروع بنسبة 40% إلى المطور الثانوي ولم تحقق هذه النسبة النصف ناهيك عن عدم التناسب بين قيمة الجزء المنقول ملكيته إلى المطور الثانوي ونسبة التكلفة المذكورة، وهذا ما يفسر أسباب التلكؤ ووهمية المشاريع الاستثمارية التي تجد أساسها في فقرات القانون الغامضة والذي ينقصه الشفافية والتوضيح ويزيد من ذلك الكرم الزائد في أعطاء الامتيازات والضمانات من دون المقارنة بجدوى المشروع وأهميته وحاجة الشعب إليه. ولم يراعي مجلس النواب عند تشريعه بأن تكون نصوص قانون الاستثمار واضحة وشفافة ومباشرة وان يتم تضمينها العبارات والمصطلحات بشكل لا يغلب معه الظن والاجتهاد والتفسير وان تكون عباراته واضحة ودقيقة وغير مرنة وشفافة ولا تكون فقراته حمالة أوجه لان ذلك وكما بينا رهن وتنازل عن ثروات البلد وحقوق أجياله القادمة التي اضمحلت وانكمشت وتقلصت بفعل التنافس على استحواذ مقدرات البلد بتصرف قانوني منشئه انحراف التشريع وسوء التطبيق والتنفيذ لينشئ لنا استثمار مشوه ليس له ملامح معروفة وكان على واضعي المشروع الاطلاع على قانون الاستثمار في الإقليم وصياغة القانون على ضوئه بدل إطلاق العنان لمخيلتهم وتشريع هكذا قانون. أخيرا يستلزم على المشرع إعادة النظر وتعديل القانون على ضوء معالجة الفوضى الحاصلة في مجال الاستثمار وإحكام نصوص القانون وتضمين مواده ما ينص على تطوير المنشآت القائمة للقطاع العام وليس نقل ملكيتها واستثمارها، وإنما من خلال المشاركة في إرباحها وسيقبل الجميع على ذلك لوجود قانون الموازنة الذي يلزم مؤسسات الدولة وشركات القطاع العام ذاتية التمويل بالشراء من الشركات الحكومية الذي منحها تفضيل وأولوية لتعظيم إيراداتها.