قانون جرائم المعلوماتية العراقي
قانون جرائم المعلوماتية العراقي
قانون سيئ الصياغة وعقوبات غاشمة تخرق الحق في إجراءات التقاضي السليمة و تنتهك حرية التعبير
ملخص
الحكومة العراقية في سبيلها لسنّ ما تشير إليه بـ “قانون جرائم المعلوماتية” لتنظيم استخدام شبكات المعلومات وأجهزة الحاسوب والأجهزة والأنظمة الإليكترونية. كانت القراءة الأولى للقانون المقترح قد تمت أمام مجلس النواب العراقي يوم 27 يوليو/تموز 2011، ومن المتوقع أن تجرى القراءة الثانية قريبا بحلول يوليو/تموز 2012. وبينما تتم كتابة مسودته الأولى حاليا، ينتهك التشريع المقترح المعايير الدولية الحامية لإجراءات التقاضي السليمة وحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات.
يقول القانون المقترح في المادة 2 أنه يهدف إلى “توفير الحماية القانونية للاستخدام المشروع للحاسوب وشبكة المعلومات، ومعاقبة مرتكبي الأفعال التي تشكل اعتداءً على حقوق مستخدميها.” على وجه التحديد يوفر القانون عقوبات على استخدام أجهزة الحاسوب فيما له علاقة بالعديد من الأنشطة الممنوعة، مثل الاحتيال المالي والاختلاس (المادة 7) وغسيل الأموال (المادة 10) وتعطيل الشبكات (المادة 14) والمراقبة غير المشروعة (المادة 15 (أولاً) (ب) والمادة 16) والاعتداءات على الملكية الفكرية (المادة 21). ومع ذلك فإن هذا القانون لايقتصر في استهدافه على نطاق محدود، بالأحرى ستجرِّم أحكامه استخدام الحاسوب فيما يتصل بنطاق واسع من الأنشطة التي يتم تعريفها بشكل فضفاض – والكثير منها غير خاضع للقواعد حاليا – دون الرجوع إلى أي معايير محددة. وبالسماح للسلطات العراقية بمعاقبة الأفراد بهذه الطريقة؛ تبدو أحكام القانون متعارضة مع القانون الدولي والدستور العراقي، وإذا تم تطبيقها فسوف تشكل تقليصًا خطيرًا لحق العراقيين في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
على سبيل المثال تحدد المادة 3 مدة السجن المؤبد وغرامة كبيرة على كل من استخدم عمدًا أجهزة الحاسوب وشبكة المعلومات بقصد: “المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامتها أو مصالحها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية العليا.” أو “الاشتراك أو التفاوض أو الترويج أو التعاقد أو التعامل مع جهة معادية بأي شكل من الأشكال بقصد زعزعة الأمن والنظام العام أو تعريض البلاد للخطر.” كما نصَّت المادة 6 على السجن المؤبد وغرامة كبيرة لكل من استخدم أجهزة الحاسوب وشبكة المعلومات بغرض “إثارة النعرات المذهبية أو الطائفية أو الفتن أو تكدير الأمن أو النظام العام أو الإساءة إلى سمعة البلاد.” أو “نشر أو إذاعة وقائع كاذبة أو مضللة بقصد إضعاف الثقة بالنظام المالي الإليكتروني أو الأوراق التجارية والمالية الإليكترونية وما في حكمها أو الإضرار بالاقتصاد الوطني والثقة المالية للدولة.” وتحدد المادة 21 مدة حبس لا تقل عن سنة لـ “كل من اعتدى على أي من القيم والمبادئ الدينية أو الأخلاقية أو الأسرية أو الاجتماعية أو حرمة الحياة الخاصة عن طريق شبكة المعلومات أو أجهزة الحاسوب بأي شكل من الأشكال.” وتنص المادة 22 على عقوبة الحبس والغرامة “على كل من … أنشأ أو أدار أو ساعد على إنشاء موقع على شبكة المعلومات للترويج والتحريض على الفسق والفجور أو أية برامج أو معلومات أو صور أو أفلام مخلة بالحياء أو الآداب العامة أو دعا أو روَّج لها”.
نظرًا لغموض واتساع هذه الأحكام، وكذلك نظراً لقسوة العقوبة المقابلة للمخالفات، يمكن للسلطات أن تستخدم القانون لمعاقبة أي آراء يزعمون أنها تشكل تهديدًا لمصلحة حكومية أو دينية أو اجتماعية ما، أو لمنع الانتقادات القانونية أو الانتقادات السلمية للمسئولين أو السياسات الحكومية أو الدينية.
علاوة على ذلك تقدم الحكومة هذا القانون في الوقت الذي أصبح فيه استخدام الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية من قِبَل الصحفيين والنشطاء المدنيين ونشطاء حقوق الإنسان هامًا بشكل متزايد في العراق، خاصة في أعقاب الانتفاضات التي عمَّت العالم العربي. ونظرًا للدور الرئيسي لتكنولوجيا وأجهزة وشبكات المعلومات في الصحافة ونشر المعلومات والآراء؛ يشكل القانون المقترح تهديدًا جسيماً لوسائل الإعلام المستقلة والمبلغين عن المخالفات الحكومية والنشطاء السلميين.
إن قانون جرائم المعلوماتية المقترح يُعد جزءًا من نمط أوسع من القيود على الحريات الأساسية في العراق، وبخاصة حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات، وحرية التجمع. ففي مايو/أيار 2011 وافق مجلس الوزراء على مسودة قانون حرية التعبير عن الرأي والتجمع والتظاهر السلمي والذي يحتوي على أحكام تجرِّم التعبير السلمي بعقوبات تصل إلى السجن عشر سنوات.
منذ فبراير/شباط 2011 قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق هجمات عنيفة متكررة من قوات الأمن العراقية وعصابات تعمل بشكل واضح بدعم من الحكومة العراقية ضد متظاهرين سلميين يطالبون بحقوق الإنسان، وبخدمات أفضل، وبنهاية للفساد. على سبيل المثال أثناء مظاهرات عمت البلاد يوم 25 فبراير/شباط 2011 قتلت قوات الأمن 12 متظاهرا على الأقل في جميع أنحاء البلاد وأصابت أكثر من 100 آخرين. في هذا اليوم ضربت قوات الأمن العراقية الصحفيين والمتظاهرين العُزَّل، وحطمت آلات التصوير وصادرت بطاقات الذاكرة. وفي العاشر من يونيو/حزيران في بغداد قامت العصابات المدعومة من الحكومة والمسلحة بالهراوات الخشبية والسلاح الأبيض والمواسير الحديدية وأسلحة أخرى بضرب وطعن المتظاهرين السلميين، كما تحرشوا جنسيا بالمتظاهرات، فيما اكتفت قوات الأمن بالوقوف والمشاهدة، وأحيانا بالسخرية من الضحايا.
بناء على هذه الخلفية، تبدو مسودة قانون الجرائم المعلوماتية جزءا من جهد أوسع يهدف لقمع المعارضة السلمية عبر تجريم الأنشطة الشرعية والتي تشمل التشارك في المعلومات والتواصل مع الآخرين. ويجب على مجلس النواب العراقي أن يصر على أن تقوم الحكومة بمراجعة كبيرة لقانون جرائم المعلوماتية المقترح حتى يتوافق مع متطلبات القانون الدولي، ويجب على المجلس أن يرفض إقراره كقانون في صيغته الحالية. دون مراجعة جوهرية سيقوض التشريع المقترح بشكل حاد كلا من حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات#
# عن حقوق الإنسان…