أيتام العراق .. حاضر مجحف ومستقبل مرعب
ياسر السالم
2011 / 4 / 3
وجع أخر شهدته بغداد السبت الماضي، حينما تظاهر ما يزيد عن اربعة الاف يتيم، للمطالبة بحقوقهم، بمناسبة يوم اليتيم العالمي، وتفعيل الفقرة /30/ من الدستور العراقي، والتي تنص على ان الايتام يجب ان يتمتعوا برعاية من قبل الدولة وأن ينظم ذلك بقانون.
أحصائيات منظمات المجتمع المدني تقول أن في العراق ما يزيد عن 4 ملايين يتيم حاليا، لا يحظى سوى 10 بالمائة منهم بالرعاية الان، فيما الاحصائيات الرسمية تذكر ان عدد الايتام في البلاد تجاوز المليونين يتيم بعد عام 2003.
ورغم فارق النصف بين الاحصائيتين، الا ان الرقم يبقى مرعباً، مهولاً، عصيباً ويثير القلق، ويقرع جرس الانذار تحسباً لمستقبل مجهول سيكون هؤلاء حاضرين فيه، فيما يبقى حاضرهم مع الاسف خارج حسابات المسؤولين في الحكومة والبرلمان.
ومن المستغرب أن هذه المناسبة – يوم اليتيم العالمي- مرت دون ان نسمع اي تصريح او تعليق من اية جهة مسؤولة، ولم نشهد اي نشاط يذكر ويحفظ ما تبقى من ماء وجه السلطة وفرقائها السياسيين في البلاد.
أليس أهمال هذه الشريحة الكبيرة أجهاض لمستقبل البلاد؟، أليس اهمال السلطة لهم شريك مع الارهاب في حاضر معاناتهم؟، اليس المستقبل القريب لهؤلاء هو التشرد، فيما لو زاد ظنك الموقف وبئس الحال؟. ليجعل منهم ماساة تتجول في شوارع مأساة، بحثاً عن لقمة عيش تسد فم الجوع، الذي يبتلع كل جميل في حياتهم، وهو الطفولة.
عشرات المشاهد تتكرر امامنا يومياً، لمشردين يجوبون كومة نفايات، رائحتها المسيئة لوجه الحضارة، تفوح دون تردد أو خشية، وحتى نفس الشعور يتكرر، الم، حزن، مرارة، لبراءة تضيع دونما طائل، واضطهاد للطفولة، وامتهان لأجساد لم تكتمل بعد.
وضعٌ يجر النفوس إلى اليأس، ملايين الأيتام اليوم، سيكونون مشردي في الغد، فيما لو استمر هذا التجاهل والاهمال، وسيتسكعون في مزابل النفايات، وبعد غد هم ذاتهم سيتسكعون في مزابل الجريمة.
ليس ذلك حكماً استباقياً مفعماً بالتشائم، انه الواقع سوداوي، وما لم يعالج بشكل ينسجم مع تطلعات المستقبل، فلن يكون هذا المستقبل سوى إنتاج للماضي والحاضر. *
* عن الحوار المتمدن