(اللامركزية الإدارية ودورها في تعزيز الديمقراطية والتنمية المحلية في العراق)
بلاغ حول أعمال الورشة التي نظمها مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية بعنوان (اللامركزية الإدارية ودورها في تعزيز الديمقراطية والتنمية المحلية في العراق)
أقام مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية يوم السبت الموافق 14 حزيران 2025 ورشةً تخصصية في مقر المركز بحضور نخبة من الباحثين والمختصين في القانون والاقتصاد وعدد من الشخصيات الاكاديمية، وممثلين عن عدد من النقابات والاتحادات المهنية.
أدارت الجلسة الدكتورة إقبال ناجي سعيد، التي رحبت بالحضور باسم المركز، وقدّمت مطالعة وافية حول مفهومي الدولة البسيطة ذات التنظيم المركزي والدولة المركبة التي تعتمد على العلاقة الفيدرالية ومبدأ اللامركزية الادارية، مستعرضةً الفروقات الجوهرية بينهما، لا سيما فيما يتعلق بالتحول نحو النظام الفيدرالي مع الأقاليم من جهة بعد التغيير في النظام السياسي لسنة 2003، ومبدأ اللامركزية في إدارة المحافظات غير المنتظمة في إقليم من جهة أخرى. وقد اعتمدت الجلسة في مضمونها العلمي على الورقة التي أعدها المركز: أبرز محاور الورقة: مقدمة تتناول الورقة تطور شكل الدولة الحديثة من نموذجها المركزي إلى أشكال أكثر مرونة، كالفيدرالية واللامركزية، مع التركيز على السياق العراقي بعد عام 2005 وما تضمنه الدستور من مبادئ تخص اللامركزية الإدارية والتشريعية والمالية.
تعريف اللامركزية وأبعادها تُعرَّف اللامركزية كنظام إداري وسياسي يقوم على نقل الصلاحيات من الحكومة المركزية إلى وحدات محلية، منتخبة أو مستقلة، بما يعزز المشاركة الشعبية ويرفع من كفاءة الإدارة المحلية.. أهداف اللامركزية تشمل تعزيز المشاركة، تحقيق العدالة في توزيع الموارد، رفع كفاءة الجهاز الإداري، وتحفيز التنمية المحلية. اللامركزية الإدارية في العراق: قراءة تاريخية وتشريعية استعرضت الورقة تاريخ التنظيم الإداري منذ تشكل الدولة العراقية وتوزيع السلطات والصلاحيات بين المركز والمحافظات، عبر النظم السياسية التي مر بها العراق واعتماد النظام المركزي الشديد ومن ثم الانتقال السريع الى الاعتماد على العلاقة الفيدرالية مع إقليم كوردستان ومبدا اللامركزية الإدارية في العلاقة مع المحافظات غير المنتظمة في إقليم. التحديات الحالية التي تواجه اللامركزية في العراق • تضارب الصلاحيات والقوانين • ضعف التنسيق بين المؤسسات الاتحادية والمحلية • تفشي الفساد وسوء الإدارة • تسييس العمل الإداري المحلي • ضعف الكوادر الإدارية في المحافظات • تباين التنمية بين المحافظات • مشكلات التمويل وعدم انتظام التخصيصات • غياب رؤية وطنية شاملة لتطبيق اللامركزية المداخلات والمقترحات: شهدت الورشة مجموعة غنية من المداخلات التي تناولت الثغرات العملية في تطبيق اللامركزية خلال أكثر من عشرين عاماً، وقد تم تقديم عدد من المقترحات والتوصيات المهمة، من أبرزها:
1. عدم وضوح الصلاحيات وتضارب القوانين:
2. التداخل بين قانون المحافظات (رقم 21 لسنة 2008) وقوانين وزارات اتحادية أدى إلى تنازع مستمر في الصلاحيات. 3. ضعف التنسيق المؤسسي:
4. الوزارات الاتحادية لم تلتزم بنقل الصلاحيات، مع غياب آليات فعالة للتنسيق.
5. الفساد وسوء الإدارة في المحافظات:
6. غياب الرقابة الفاعلة على الحكومات المحلية أدى إلى تفشي الفساد وهدر الموارد.
7. تسييس الإدارة المحلية:
8. استحواذ الأحزاب السياسية على المجالس المحلية حوّلها إلى أدوات حزبية.
9. ضعف القدرات الإدارية والفنية للمحافظات:
10. نقص الكفاءات والتخطيط أدى إلى إخفاقات في التنفيذ وتقديم الخدمات.
11. تباين التنمية بين المحافظات:
12. المحافظات غير المتصلة بالمركز أو التي تعاني من شح الموارد تعاني من تهميش واضح.
13. إشكاليات التمويل وعدم انتظام التخصيصات:
14. الاعتماد المفرط على المركز وعدم تمكين المحافظات مالياً يقوّض استقلالها.
15. غياب رؤية وطنية شاملة:
16. غياب استراتيجية موحدة لتطبيق اللامركزية أدى إلى نزعات مناطقية مقلقة.
17. الحاجة إلى تشريعات داعمة لتثبيت مبادئ اللامركزية وتعزيز البناء الديمقراطي المحلي:
o ضرورة تشريع قانون خاص باللامركزية يُحدد بوضوح العلاقة بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، وينظم توزيع الصلاحيات دون تنازع أو تضارب.
o أهمية تشريع قانون انتخاب مجالس الأقضية والنواحي، لما لهذه المجالس من دور حيوي في ترسيخ الديمقراطية المحلية، كونها تُشكل القاعدة الإدارية الأساسية للدولة، ومنها تنطلق التنمية المستدامة للطاقات البشرية.
o إلغاء هذه المجالس بموجب التعديل الثالث لقانون 21 لسنة 2008 خلّف فراغاً تمثيلياً خطيراً على المستوى المحلي، ينبغي معالجته تشريعياً. خلاصة وتوصيات عامة: أكدت الورشة أن اللامركزية ليست مجرد خيار إداري بل ضرورة سياسية ووطنية لضمان بناء دولة حديثة قائمة على المشاركة والمساءلة، وأن تجاوز إخفاقات التطبيق يتطلب: •
إعادة صياغة العلاقة بين المركز والمحافظات على أساس الشراكة لا التبعية.
• دعم الحكومات المحلية بالموارد والكفاءات والصلاحيات الكافية.
• تفعيل دور المواطن والمجتمع المدني في الرقابة والمساءلة.
• إصدار التشريعات اللازمة، خاصة تلك المتعلقة باللامركزية وانتخاب المجالس المحلية.
• بناء منظومة معلوماتية متكاملة لربط الإدارات المحلية بالمركز وتحقيق التكامل الوطني في الأداء.

