المهرجانات المسرحية قبل وبعد التغيير
المهرجانات المسرحية قبل وبعد التغيير
طه رشيد
2020 / 11 / 6
الادب والفن
من البديهي ان المهرجانات المسرحية تعدّ تتويجا للاعمال الإبداعية خلال موسم معين، اذا ما استثنينا مهرجانات المسرح المدرسي والتي سبقت المهرجانات المسرحية الحالية سواء كانت محلية ام دولية.
بدأت المهرجانات الفنية في العراق مع اعتماد ثقافة ” النشاط المدرسي “، في ستينيات القرن الماضي، حيث راحت المدارس، بكل مستوياتها بتنظيم مهرجانات بمختلف الانشطة الرياضية والفنية ومنها المسرح حيث كانت تتنافس المدارس لتقديم اجمل الاعمال المسرحية والاوبريتات ( مسرح غنائي الى حد ما)، وكانت هذه المهرجانات محلية الطابع لا تخرج من حدود البلد المعين ( العراق نموذجا) .
ثم جاء الاحتفال بيوم المسرح العالمي في نهاية ستينيات القرن الماضي، الذي شكل نقلة نوعية في الحياة المسرحية العراقية للفرق المسرحية الاهلية بالدرجة الاولى وبدرجة اقل ل “فرقة المسرح القومي للتمثيل” الحكومية.
وكانت من انشط الفرق في هذا المجال فرقة المسرح الفني الحديث/ مسرح بغداد، وفرقة المسرح الشعبي وفرقة مسرح اليوم، وتضم هذه الفرق خيرة الاساتذة والمحترفين والهواة في فن المسرح. ثم جاءت المهرجانات المسرحية المركزية في مختلف العواصم العربية، وبالاخص بغداد ودمشق وتونس والقاهرة وبيروت، لتاتي الخطوة الثانية بخروج هذه المهرجانات من نطاقها المحلي الى مشاركاتها الدولية.. وبالنسبة للعراق كانت تلك المساهمات “مركزية” الطابع بحكم طبيعة النظام الشمولي السائد انذاك في مختلف الدول العربية. فكانت المساهمات تجري عن طريق المؤسسات الحكومية، ويندر ان تساهم فرقة مسرحية او فنية في اي مهرجان خارجي دون مرافقة ” مراقب امني” مهمته كتابة تقارير امنية تفصيلية عن نشاطات الوفد.
وجاء الانفراج وهبت نسائم الحرية في مطلع القرن الحالي بعد ان تم دفن ” مقص الرقيب” ومعه الرقيب في قبر الدكتاتوريات! وانفتحت ابواب الاقفاص لتحلق طيور الفنانين في سماء المهرجانات المختلفة التي اختفى بعضها وظهر بعض اخر.
وكانت النقلة النوعية في حياة المسرحيين العرب حين تم تاسيس ” الهيئة العربية للمسرح” عام 2007، من قبل حاكم كاتب واديب ومحب للمسرح الا وهو حاكم الشارقة الشيخ د. سلطان محمد القاسمي متخذا من شعار ” الرجال زائلون والمسرح باق” مبدأ لتطوير العملية المسرحية في كافة ارجاء الوطن العربي! وراحت الهيئة تقدم الدعم “غير المشروط” لكافة المسرحيين في العواصم العربية المختلفة بما فيها المسارح المدرسية باعتبارها المعين الذي لا ينضب لتزويد المسارح بطاقات فنية جديدة، وبالاضافة لجهود الهيئة بتاسيس مكتبة مسرحية مرموقة وطبع نتاجات المسرحيين العرب، عمدت الى اقامة ورشات وندوات ودورات في مختلف مفاصل الفن المسرحي. وكانت اخر خطوة لها هو انشاء “صندوق الضمان الصحي للمسرحيين العرب” الذي يعد خطوة مهمة في مساندة هذه الشريحة المغلوبة على امرها في اكثر من بلد عربي، غنيا كان ام فقيرا.
اما مهرجان المسرح العربي الذي اطلقته الهيئة العربية للمسرح عام 2008، وجعلت اقامته سنويا وبشكل دوري في العواصم العربية المختلفة ( بغداد هي اخر عاصمة لم يقم فيها المهرجان، وتم الاتفاق على ان تكون الدورة القادمة في بغداد، الا ان انتشار وباء كورونا حال دون ذلك على ما يبدو وما زلنا ننتظر الفرج).. أما الفرق الاساسي لهذه المهرجانات عن تلك التي تقام في تونس والقاهرة وغيرها من العواصم، فانها عربية خالصة بدون مشاركات اجنبية، ولاول مرة يتم الاهتمام بشكل جاد بالفنانين المغتربين في بقاع العالم المختلفة، كما ان الهيئة خصصت جائزة للنص المسرحي مما شجع كتاب المسرح العرب لبذل جهود اكبر في هذا المضمار وتوفير نصوص مسرحية عديدة بعد ان كنا نعاني من نقص حاد ” ازمة نص ” في هذا المجال الابداعي.
اخيرا لا بد من الإشارة الى ان اية عاصمة او مدينة تبادر لاقامة مهرجان مسرحي فهو خطوة في الاتجاه الصحيح شرط ان يكون الباب مفتوحا للجميع وان تتم الاختيارات على اساس ” العمل الابداعي الناجح” بالاعتماد على لجان أكاديمية رصينة يقع عليها مهمة الاختيارات، من اجل اغناء الحركة المسرحية العربية وتقدمها خطوة جديدة نحو الافضل.. *
* عن الحوار المتمدن….