الى متى يبقى الاقتصاد العراقي اقتصادا ريعيا استهلاكيا استيراديا ؟
الى متى يبقى الاقتصاد العراقي اقتصادا ريعيا استهلاكيا استيراديا ؟
عبد الهادي الشاوي
2021 / 9 / 29
الاقتصاد العراقي الحالي هو اقتصاد ريعي استهلاكي استيرادي بامتياز , حيث يعتمد كليا على بيع النفط الخام والذي يشكل نحو 95% من موارد الدولة, وذلك بسبب قصور التخطيط وضعف وسوء الادارة وغياب الرؤى العلمية الاقتصادية والاستراتيجية في تشغيل قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات وعدم تطوير السياحة بأنواعها الطبيعية والتاريخية والدينية التي يمكن ان تدر اموالا طائلة لخزينة الدولة . والذي حصل خلال السنوات منذ 2003 ولغاية الوقت الراهن هو الاعتماد الكلي على النفط الخام بالوقت الذي يعتبر فيه النفط ثروة طبيعية ناضبة والنفط لا يخص الفترة الحالية فقط وانما هو للأجيال القادمة ايضا والتي لها حق فيه .
كان يوجد في العراق انتاج زراعة يكفي حاجة البلد ويتم تصدير الفائض منه كالتمور والحنطة والشعير حيث كانت التمور العراقية ذات الجودة العالية تصدر بعد تصنيعها فقد احتل العراق فيما مضى المرتبة الاولى في العالم في انتاج التمور. اضافة الى ذلك هناك صناعات ذات مواصفات عالية الجودة كالسمنت العراقي المعروف عالميا بالإضافة الى صناعات القطاع الخاص كالأقمشة والبطانيات والمواد الكهربائية والعديد غيرها . وعندما قامت ثورة 14 تموز عام 1958 كان من اولى اهتمامها هو الزراعة والصناعة حيث شرعت قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 الذي حقق تطورا في المجال الزراعي والقضاء على استغلال الاقطاع للفلاحين . كما ان الثورة اتجهت نحو الصناعة فأنشأت المعامل الانتاجية في كافة محافظات العراق وشيدت دورا سكنية قرب تلك المعامل لمنتسبيها ولا زالت تلك الشركات شاهدة كمعامل البناء الجاهز في بغداد والبصرة ومعمل الورق في البصرة والعمارة ومعامل النسيج في الموصل والكوت ومعمل الزجاج في الرمادي , والتوسع في معامل السمنت والطابوق , بالإضافة الى معامل القطاع الخاص .
وخلال سبعينات القرن الماضي كانت معامل المبردات والثلاجات والمكيفات تسد حاجة البلد . وكذلك تم تشييد صناعة السيارات الانتاجية والزراعية. الا ان ما حصل بعد 2003 هو استهداف الزراعة والصناعة بصورة خاصة حيث اهملت وهمشت جميع الشركات الصناعية التابعة للقطاع العام وحتى القطاع الخاص وتم تحويل العراق الى سوق استهلاكي لمنتجات دول الجوار حيث اغرقت السوق العراقية بمختلف المنتجات الزراعية والصناعية من دول الجوار وخصوصا ايران وتركيا واصبح العراق بلد يستورد كل شيء حتى سلة غذائه.
ان هذه السياسة الاقتصادية المنفذة لتوجيهات صندوق النقد والبنك الدوليين قد دمرت الاقتصاد العراقي وساد الفساد المالي والاداري والاقتصادي والرشوة من اعلى المستويات الحاكمة . وارتفعت نسب البطالة في العراق لتصل بين 30 – 40 % من القوى العاملة المنتجة , كما ارتفعت نسب الفقر والفقر المدقع , وتحول المجتمع العراقي الى طبقتين متناقضتين : طبقة فقيرة تعاني الأزمات والمعيشة الصعبة وهي تمثل الأكثرية في المجتمع العراقي , وطبقة تمثل الأقلية والتي تتميز بثرائها الفاحش والمستحوذة على مغانم السلطة . لقد عملت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003 وحتى اليوم على تدمير الاقتصاد العراقي والانسان العراقي .
من سلبيات الاقتصاد الريعي في العراق هي :-
1) الاعتماد على مصدر واحد او ما يطلق عليه احادي الجانب .
2) اهمال الاقتصاد الانتاجي وعدم تطويره في الوقت الذي يكون فيه الاقتصاد الانتاجي متطور .
3) يساعد الاقتصاد الريعي على تخدير المواطن في البلد وعدم التطلع الى التطور .
4) الاعتماد على الأيدي العاملة الأجنبية دون الوطنية كما هو الحال في دول الخليج العربي وليبيا
5) قابل للانهيار عند تقلب الأسعار او انخفاضها كما حصل عند انخفاض اسعار النفط عدة مرات وكما يحصل هذه الأيام بسبب تأثير جائحة كورونا التي اجتاحت العالم وادت الى اخفاض اسعار النفط بشكل كبير وبالتالي تعرض اقتصاديات الدول التي تعتمد عليه كليا كالعراق الى أزمات مالية واقتصادية كبيرة .
والمطلوب هو التخلص من الاقتصاد الريعي والعمل الجاد والمسؤول على تنويع مصادر الدخل الوطني في العراق وتفعيل الزراعة والصناعة والتعدين والسياحة وغيرها من القطاعات الانتاجية اضافة الى السيطرة على الموارد المالية للمنافذ الحدودية وتفعيل الرسوم الجمركية وتفعيل الضرائب التصاعدية العادلة ومكافحة الفساد بكافة اشكاله والتخلص من نهج المحاصصة الطائفية الأثنية الذي هو أس البلاء في العراق .#
# عن الحوار المتمدن….